الجارديان: تغير المناخ يتسبب في موجات حارة قاتلة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، أن الدراسات الحديثة أثبتت أن التغير الحالي في المناخ الذي يشهده العالم تسبب على مدار السنوات القليلة الماضية في موجات حارة قاتلة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية.
وأشارت الصحيفة، في مقال للكاتب ديميان كارنجتون، إلى أن كوكب الأرض تعرض في فترات سابقة لما يقرب من 24 موجة حارة، موضحة أن العديد من الأدلة يشير إلى أن الاحتباس الحراري الذي تسبب فيه السلوك البشري يفاقم من تلك الأزمة.
وأضاف المقال، أن الموجات الحارة التي ضربت العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم تسببت في وفاة الكثيرين في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، موضحا أن استخدام الإنسان للوقود الأحفوري يشكل أحد أهم أسباب تكرار تلك الموجات الحارة على نحو غير مسبوق.
ولفت إلى أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الاحتباس الحراري أدى إلى تفاقم العواقب الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن تلك الموجات الحارة تسببت في مقتل الملايين خاصة من كبار السن وحديثي الولادة.
وأشار المقال، إلى أن الدراسات العلمية أثبتت كذلك أن أزمة المناخ تسببت في العديد من الكوارث الطبيعية وتكرار حدوث الفيضانات والعواصف وظواهر الجفاف وحرائق الغابات في العديد من المناطق على مستوى العالم.
وأوضح أن أعصار ماريا تسبب في مقتل ما يقرب من 3.700 شخص في بورتو ريكو عام 2017 بينما تسبب إعصار إداي في نزوح ما يقرب من 13، 000 شخص عن ديارهم في موزمبيق عام 2019، مضيفا كذلك أن إعصار "هارفي " تسبب في إغراق ما بين 30-50 بالمائة من العقارات في الولايات المتحدة عام 2017.
وأوضحت الصحيفة، أن كوكب الأرض يتجه إلى المزيد من ارتفاع درجات الحرارة، مما دفع العلماء وخبراء المناخ إلى التحذير من عواقب الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، موضحا أن تلك الأوضاع المناخية التي تدعو للقلق دفعت العلماء إلى توجيه الدعوة للمشاركين في قمة المناخ "كوب29" المنعقدة في أذربيجان للعمل على تقليص انبعاثات الكربون وتوفير التمويل اللازم لحماية المجتمعات التي تتعرض للآثار القاتلة لتغير المناخ.
ويستعرض المقال، رأي خبيرة الأرصاد الجوية والعضوة في جامعة إمبيريال لندن جويس كيموتاي حيث تقول إنه لا يجب على خبراء المناخ رسم صورة قاتمة عن عواقب ارتفاع درجة حرارة الأرض أو المبالغة في تأثيرها على دول العالم، إلا أنه في الوقت نفسه يجب عدم تجاهل أن الدور الذي يلعبه تغير المناخ في الارتفاع الحاد لدرجات حرارة الأرض وأن استمرار تلك الأوضاع يدعو للقلق حيث أن أزمة المناخ لا تفرق بين دولة وأخرى ولكنها تضرب جميع أرجاء الكرة الأرضية.
وأشار المقال في الختام إلى مطالبة كيموتاي بزيادة التمويل اللازم لحماية المجتمعات التي تتعرض للآثار السلبية لتغير المناخ مثل الفيضانات والأعاصير وموجات الحر الشديدة.
اقرأ أيضاًمدبولي: الدول الإفريقية توجه 5% من ناتجها الإجمالي للتعامل مع تغير المناخ
بث مباشر.. مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الطارئة بشأن تغير المناخ
على هامش «COP29».. مدبولي يبحث مع عدد من رؤساء الدول والحكومات مكافحة التغير المناخي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أمريكا الشمالية أوروبا الاحتباس الحراري سيا تغیر المناخ العدید من تسبب فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكثر من 98% لإمدادات العالم في زيت الزيتون تواجه تهديدا بيئيا غير مسبوق.. مصر تمتلك فرصة ذهبية
يواجه زيت الزيتون، وهو عنصر أساسي في ثقافة ومأكولات منطقة البحر الأبيض المتوسط، تهديدًا بيئيًا غير مسبوق.
كشفت دراسة علمية جديدة نشرت هذا الشهر في مجلة “اتصالات الأرض والبيئة” أن تزايد شح المياه والانخفاض المتوقع في النشاط الشمسي قد يقوصان بشدة إنتاج الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تُشكّل موطنًا لأكثر من 98% من إمدادات العالم.
استخدم البحث، الذي قاده فريق دولي من العلماء، سجلات حبوب اللقاح الأحفورية على مدى 8000 عام لإعادة بناء تاريخ إنتاجية أشجار الزيتون ودراسة العوامل طويلة المدى التي تؤثر على الغلة.
وتشير النتائج إلى أن التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار والإشعاع الشمسي ستُضعف من قدرة بساتين الزيتون على الصمود، لا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مما يُشكل تحديات خطيرة للمزارعين والاقتصادات التي تعتمد على زراعة الزيتون.
تركز معظم الدراسات على تقلبات المناخ قصيرة المدى. ما نُظهره هو وجود إيقاعات مناخية طويلة المدى – بما في ذلك الدورات الشمسية – شكّلت إنتاجية الزيتون على مدى آلاف السنين. يقول الباحث الرئيسي صموئيل لوترباشر، عالم المناخ بجامعة غيسن في ألمانيا: “هذه الدورات تتعرض الآن للاضطراب”.
بساتين الزيتون على الحافة
حددت الدراسة ثلاثة عوامل مناخية رئيسية تؤثر على إنتاجية أشجار الزيتون: التمثيل الضوئي، وتوافر المياه، والإشعاع الشمسي. تُحدد هذه العوامل مجتمعةً قدرة الأشجار على الإزهار وحمل الثمار.
وقد وجد الباحثون أن فترات الجفاف وانخفاض النشاط الشمسي التاريخية ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بانخفاض حاد في حبوب لقاح الزيتون، والتي تُستخدم كمقياس لمحصول الثمار.
بالاعتماد على بيانات من مختلف أنحاء البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك سوريا وفلسطين وتركيا واليونان وإيطاليا وإسبانيا، وضع الفريق نماذج لتأثيرات المناخ السابقة وتوقعها مستقبلًا.
وكانت النتائج صادمة: فمع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير أنماط هطول الأمطار، من المرجح أن تواجه أشجار الزيتون إجهادًا مائيًا متزايدًا، لا سيما خلال المراحل الحساسة كالتزهير والإثمار.
ومما يزيد من القلق، تحذر الدراسة من أن الشمس قد تدخل مرحلة جديدة من “الحد الأدنى الكبير للنشاط الشمسي” – وهي فترة مطولة من انخفاض الإشعاع الشمسي، وقد تزامن آخر حدث من هذا القبيل، وهو الحد الأدنى لموندر في القرن السابع عشر، مع العصر الجليدي الصغير، وهو فترة من التبريد العالمي واضطرابات زراعية.
سيؤدي انخفاض النشاط الشمسي إلى انخفاض الطاقة المتاحة لعملية التمثيل الضوئي، مما يؤثر سلبًا على إنتاجية الزيتون. هذا المزيج من الضغوطات البيئية – الجفاف وقلة ضوء الشمس – يُحدث ما يُطلق عليه الباحثون “عاصفة مثالية” قد تُدمر زراعة الزيتون في جميع أنحاء المنطقة.
أزمة ثقافية واقتصادية في طور التكوين
تمتد الآثار إلى ما هو أبعد من الزراعة، فزيت الزيتون ليس مجرد ركيزة غذائية، بل هو أيضًا شريان حياة اقتصادي في دول مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان وتونس. ووفقًا للمجلس الدولي للزيتون، تعتمد أكثر من 6.7 مليون أسرة على زراعة الزيتون في معيشتها.
رغم أن مصر لم تصنف بعد ضمن كبار المنتجين، إلا أنها وسّعت زراعة الزيتون في السنوات الأخيرة، لا سيما في مناطق استصلاح الصحراء. مع ذلك، يُحذّر الخبراء من أن هذه الاستراتيجية قد تُعرّض للخطر إذا ازداد شحّ الموارد المائية في ظلّ تغيُّر المناخ.
البحث يؤكد على ضرورة تكييف ممارساتنا الزراعية”، وفي مصر، تقع العديد من مزارع الزيتون الجديدة في أراضٍ هامشية تُشكل فيها كفاءة استخدام المياه تحديًا بالفعل، إذا أصبح المناخ أكثر جفافًا وانخفضت الإشعاعات الشمسية، فستتأثر المحاصيل ما لم نُغير طريقة إدارة الري والحفاظ على صحة التربة.
تحث الدراسة على إعادة النظر جذريًا في إدارة بساتين الزيتون. ومن أهم توصياتها: الاستثمار في أصناف مقاومة للجفاف، وتعزيز استراتيجيات الاحتفاظ برطوبة التربة، وإعادة تقييم المناطق التي يمكن زراعة الزيتون فيها مستقبلًا.
ساعة المناخ تدق
يأتي هذا البحث في ظلّ تزايد الاضطرابات المناخية، ففي منطقة البحر الأبيض المتوسط، بدأت موجات الحرّ الشديدة وتغيّر أنماط هطول الأمطار بالتأثير على غلة المحاصيل. في عام ٢٠٢٣، عانت إسبانيا، إحدى أكبر منتجي زيت الزيتون في العالم، من انخفاض إنتاجها بنسبة ٥٠٪ بسبب الجفاف الشديد.
قالت إينيس ألفاريز، المؤلفة المشاركة في الدراسة من جامعة جيان بإسبانيا: “هذا ليس مجرد تحذير من المستقبل البعيد، فنحن نشهد بالفعل آثار تغير المناخ على بساتين الزيتون، ما تضيفه دراستنا هو فهم أعمق للدورات الطبيعية التي دعمت إنتاج الزيتون لآلاف السنين، وكيف تُخلّ هذه الدورات بتوازنها”.
ويؤكد المؤلفون على أن السياسات الوطنية والإقليمية يجب أن تدعم بشكل عاجل الاستخدام المستدام للمياه، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لحماية مستقبل إنتاج الزيتون.
بالنسبة لمصر، التي تسعى لأن تصبح مركزًا مستقبليًا لإنتاج زيت الزيتون وتصديره، قد تكون هذه لحظة محورية لتبني الزراعة الذكية مناخيًا.
وبينما تُشير أشجار الزيتون في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط بهدوء إلى محنة، فإن الرسالة واضحة: الذهب السائل للمنطقة في خطر، والوقت ينفد.