القدس المحتلة- بعد محاولات مضنية للحفاظ على الغرفة التي احتضنت لسنوات والدتهم فاطمة سالم، في الشق الغربي من حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، والمعروف فلسطينيا بـ"أرض النقاع"، أُجبر المقدسي إبراهيم سالم وأشقاؤه على هدم الغرفة الواقعة في حي يتهدد سكانه خطر الإخلاء من منازلهم لصالح المستوطنين.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إبراهيم سالم إن بلدية الاحتلال أخطرتهم بضرورة تنفيذ الهدم بأيديهم قبل وفاة والدتهم، لكنهم حاولوا الحفاظ على الغرفة لأنها مأوى أمهم الوحيد، وبعد وفاتها بستة أشهر اقتحمت شرطة الاحتلال مع طواقم من بلديتها المنزل وقالوا "إما أن تهدموا الغرفة بأنفسكم أو تدفعوا غرامة بقيمة 80 ألف شيكل" (الدولار يعادل 3.

7 شيكل).

استمرت محاولات الأبناء في الحفاظ على ما تبقى من رائحة والدتهم، لكن محاميهم أبلغهم أن الإجراء يندرج "في إطار الانتقام ولا مفر من الهدم".

وأضاف إبراهيم "رباط والدتي في منزلها وعدم استغنائها عنه ومقارعتها للمستوطنين على مدار سنوات سبّب لهم إزعاجا كبيرا فقرروا هدم المنزل".

إبراهيم سالم مع ابنته فاطمة على أنقاض المنزل الذي رابطت فيه والدته حتى وفاتها قبل أقل من عام (الجزيرة) هدم الذكريات

هُدمت الغرفة التي تضم مطبخا ومرحاضا صغيرا بعد مرور أقل من عام على وفاة فاطمة التي رحلت في ديسمبر/كانون الأول من عام 2023.

وعادت الجزيرة نت إلى الأرشيف وزيارتها إلى منزل فاطمة في آخر أيام عام 2021 بعد تسلمها أمرا بإخلاء منزلها لصالح المستوطنين.

كان البوح بالألم يُشعر هذه المسنة بضيق في صدرها، فتهرب من التفكير المفرط بالواقع المرّ إلى مطبخها الصغير في الغرفة ذاتها لتستكمل إعداد طبق "المقلوبة" الفلسطيني، وهو المطبخ الذي بات ركاما الآن بقوة الاحتلال.

وفي منزل عائلة سالم الذي رحلت عنه فاطمة، يعيش الآن أبناؤها الثلاثة وعائلاتهم في غرف قديمة متهالكة استأجرها جدهم لأمهم عام 1948 بعدما قرر الاستقرار في القدس.

ورأت عينا فاطمة النور في حي الشيخ جراح عام 1952، وعندما تقدم زوجها لخطبتها كان شرطها الوحيد أن ينتقل للعيش معها ووالديها لأنها تشعر بالغربة خارج هذا البيت.

وقالت فاطمة في حينه، للجزيرة نت، إن اليهود "يدّعون أنهم كانوا يعيشون في هذا المنزل قبل حرب عام 1948، وبعد اندلاعها فروا هاربين وجاء والدي وسكن في المكان، وبدأ بدفع الإيجارات "لدائرة حارس أملاك العدو" التابعة للحكومة الأردنية التي وقعت شرقي القدس تحت حكمها آنذاك".

توالت السنوات والتزمت العائلة بدفع الإيجار بشكل سنوي، ومع وقوع شرقي القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 بدأت "دائرة أملاك الغائبين" الإسرائيلية بجباية الإيجار من العائلة.

كانت جدران الغرفة التي أُجبر أبناء فاطمة على هدمها تعجُّ بإطارات الصور بأحجام وأشكال مختلفة، وكانت رائحة الأكلات الفلسطينية تفوح من مطبخها دائما، وكذلك رائحة القهوة التي دأبت على إعدادها صباح كل يوم لضيوفها وللمتضامنين مع سكان الحي.

الاحتلال ينتقم من المسنة المقدسية فاطمة سالم بعد وفاتها (الجزيرة) تزوير وسرقة

وبالإضافة إلى الاسم الفلسطيني المتداول بين السكان والمعروف بـ"أرض النقاع"، فإن المسمى المطلق على الشق الغربي من حي الشيخ جراح إسرائيليا هو "كُبّانية أم هارون"، وتدّعي الجمعيات الاستيطانية أن اليهود كانوا يقطنون في المنطقة قبل عام 1948، وأُخليت بقوة الاحتلال عائلتان من أصل 40 عائلة تعيش على مساحة نحو 10 دونمات (الدونم ألف متر).

وتعمّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير -عندما كان عضوا في الكنيست في شتاء عام 2022- نصب خيمة اعتبرها مكتبا برلمانيا أمام منزل فاطمة سالم، وكانت خيمته مقرا لاستفزاز المقدسيين ولإشعال المواجهات في الحي.

وحاول بن غفير والمستوطنون التضييق على فاطمة وأبنائها بكافة الوسائل لدفعهم للهجرة طوعا من منزلهم، خاصة بعد حصولهم على قرار قضائي بتجميد طردهم منه في فبراير/شباط من عام 2022.

وفي شهر يناير/كانون الثاني من عام 2023 عبثت آليات بلدية الاحتلال بأرض العائلة الواقعة أمام منزلها، وبعدها سُلّمت فاطمة أمرا بهدم منزلها في مارس/آذار من العام ذاته، ثم رحلت في نهاية العام بعدما اجتمعت الهموم عليها وأنهكت جسدها النحيل.

زحف استيطاني لا يتوقف في حي الشيخ جراح بالقدس (الجزيرة) زحف استيطاني

وفي حديث سابق للجزيرة نت، قال الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن إن القسم الغربي من حي الشيخ جراح يعاني من خطر الاستيطان تماما كما الشرقي، حيث يستهدف بتسعة مشاريع تتضمن بناء وحدات استيطانية وكُنس يهودية ومبانٍ عامة تتبع للحكومة الإسرائيلية.

وأضاف أن معاناة سكان الشطر الغربي من الحي بدأت عام 1967، حين وضعت المباني التي يقطنها السكان هناك تحت وصاية "حارس الأملاك العامة الإسرائيلي"، في هذا القسم الذي يقع في الحد الأقصى من حي الشيخ جراح على خط التماس الفاصل بين حدود عامي 1948 و1967، وتعود ملكيته لعائلتي حجازي ومعّو، اللتين خاضتا نزاعا طويلا في المحاكم الإسرائيلية لمحاولة إثبات ملكيتهما لهذه الأرض، حسب الباحث صب لبن.

وتابع "هناك العديد من الدلائل التي تثبت ملكية العائلتين للأرض، وتدعي إسرائيل أن اليهود يملكونها قبل عام 1948، لكن عائلات يهودية استأجرت منازل في الحي قديما وكانوا يدفعون الإيجار في المحاكم الشرعية بالقدس، وهذا مثبت، غير أن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل ذلك، ووضعت كافة السكان تحت خطر الإخلاء لصالح المستوطنين".

وأشار صب لبن إلى المحاولات المستمرة لـ"تطويب" الأراضي (تسجيلها في السجل العقاري) باسم المستوطنين، وهو ما تم فعليا لجزء منها، وسجلت بمسميات إسرائيلية مما يزيد القضية تعقيدا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الغربی من عام 1948 من عام

إقرأ أيضاً:

الشيخ نعيم قاسم: المستقبل في المنطقة هو للمقاومة والنصر حليفها

 

على العهد يا قدس

من جانبه أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنّ «المستقبل في المنطقة هو للمقاومة»، معرباً عن «الثقة بأنّ النصر هو حليفها»، وموضحاً أنّ «المقاومة حالياً تخوض معركةً، إلا أنّ المعركة لم تنتهِ».

وفي الكلمة التي ألقاها ضمن «منبر القدس»، في مناسبة يوم القدس العالمي، الذي يوافق يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، شدّد الشيخ قاسم على رفع شعار «على العهد يا قدس»، مشيراً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي «تفوّق بالإبادة لا القتال».

وأضاف أنّ «إسرائيل لم تتمكّن من شرعنة شبر واحد» من الأراضي التي تحتلها طوال 75 عاماً، وأنّ عملية «طوفان الأقصى» جاءت «لتبيّن أنّ العدو الإسرائيلي يعيش أزمة وجود».

كذلك، وجّه الأمين العام لحزب الله التحية إلى الشعب الفلسطيني، مؤكداً أنّه «قدّم نموذجاً أسطورياً، وشهداء قادة على طريق القدس، والكثير من أجل أن يبقى في أرضه».

وتابع أن هدف الاحتلال الإسرائيلي هو «تقسيم المنطقة والتحكّم بالشرق الأوسط، بالشكل الذي يريده، وتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وتهجير أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة، واحتلال أراضٍ من دول مجاورة».

وفيما يتعلّق بلبنان، أكد الشيخ قاسم أنّ المقاومة ساندت قطاع غزة، وأنّ الشعب اللبناني قدّم تضحيات كبيرة، أبرزها شهادة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، مجدّداً تأكيد فشل الاحتلال في تحقيق هدفه المتمثّل في إنهائها.

وأشار إلى أنّ الاحتلال «لم يتمكّن من الوصول إلى الليطاني»، موضحاً أنّ المرحلة الحالية مرتبطة بدور الدولة اللبنانية في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بحيث أكد «وجوب أن تقوم الدولة بمسؤوليتها في الوصول إلى الانسحاب وتحرير الأسرى».

 

مقالات مشابهة

  • فاطمة بنت هزاع بن زايد تلتقي فريق المتطوعات في مبادرة إفطار الصائم في جامع الشيخ خليفة الكبير في منطقة العين
  • كيف نزع ترامب القناع عن عملية التغليف التي يقوم بها الغرب في غزة؟
  • افتتاح 6 مساجد جديدة في كفر الشيخ | صور
  • افتتاح 6 مساجد جديدة في كفر الشيخ
  • «الشيخ خالد الجندي»: مصر البلد الوحيد في العالم التي سمعت كلام الله مباشرةً (فيديو)
  • الشيخ سالم جابر: خطبة الجمعة منبر التغيير والإصلاح المجتمعي
  • جامعة كفر الشيخ تعقد ندوة بعنوان "التحديات العالمية التي تواجه الأسرة المصرية"
  • التحديات العالمية التي تواجه الأسرة المصرية.. ندوة بجامعة كفر الشيخ
  • الشيخ نعيم قاسم: المستقبل في المنطقة هو للمقاومة والنصر حليفها
  • منظفة تستولي على 3 ملايير سنتيم من المجوهرات الذهبية من مسكن طبيبة بالعاصمة