خسائر فادحة يتكبدها المزارعون.. هل الإنتاج الزراعي مُهدد؟
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
لم ترحم الحرب قطاعات لبنان، بل كانت عاصفة هوجاء اجتاحت كل مفاصل الحياة، تاركة وراءها آلامًا وجروحًا يصعب تضميدها. لم تكتفِ بتدمير البنية التحتية، بل فرضت على الناس عبئًا ثقيلًا من التحديات اليومية التي لا تُطاق. في قلب هذا الخراب، كان المزارع اللبناني هو الأشد تأثرًا، فهو الذي يعاني ليس فقط من ويلات الحرب، بل أيضًا من أزمة اقتصادية خانقة.
قدّر البنك الدولي أضرار القطاع الزراعي في لبنان بـ 124 مليون دولار بين 27 أيلول الماضي حتى الأسبوع الثالث من تشرين الأول 2024. وأشار إلى أن تراكم الخسائر منذ بداية العمليات العسكرية انطلاقاً من لبنان في تشرين الأول 2023، بلغت 1.1 مليار دولار ناتجة من تراكم الأضرار على الأراضي والمزارعين، ولا سيّما التدمير الذي أصاب المنشآت الزراعية كالبيوت البلاستيكية، والمزارع.
خسائر ضخمة، توقف في الصادرات وتكاليف باهظة
بالطبع حجم الضرر الذي شهدته الأراضي الزراعية ضخم، لكن رئيس تجمع المزارعين والفلاحين، إبراهيم الترشيشي يوضح
لـ"لبنان 24"، أنّه "من الصعب في الوقت الراهن تحديد أو تقدير حجم الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية نتيجة الحرب، وذلك لأنّ الأضرار تتفاوت وتتفاقم يومًا بعد يوم، ومن المبكر للغاية تحديد حجمها النهائي قبل أن تنتهي الحرب. لكنّ ما يمكن الجزم به هو أن منطقتي البقاع الأوسط والشمالي هما من أكثر المناطق تضررًا بعد الجنوب، حيث تعرّضتا للحرق نتيجة القنابل الفسفورية."
وأشار إلى أن "المزارعين هم الخاسرون الأكبر من هذه الحرب، إذ يواجهون تحديات كبيرة في العناية بأراضيهم. فالعديد منهم يشاهد محاصيله تذبل أمام عينيه دون أن يتمكن من الوصول إليها لريّها أو حصادها أو توفير المياه اللازمة لها. وفي حال تمكن من الوصول إلى أرضه، يواجه صعوبة في تأمين العمال الذين يحتاجهم للعمل، وعندما يوافق بعضهم على المجيء، تكون أجورهم مرتفعة جدًا، تصل إلى ثلاثة أضعاف ما يمكن أن يحققه المزارع من محصوله."
والقطاع الزراعي يحتاج إلى رعاية يومية دقيقة، وإذا غاب المزارع عن أرضه لمدة أسبوع أو عشرة أيام، فإن الإنتاج يتأثر بشكل كبير نتيجة غياب العناية المستمرة به، مما يؤدي إلى تدهور جودة المحصول بسبب نقص المياه والأسمدة والعلاج اللازم. كما أنّ تكاليف الإنتاج ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث تضاعفت أسعار الأسمدة والبذور. والطقس "زاد الطين بلة"، إذ شهدت المنطقة درجات حرارة منخفضة جداً، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من المزروعات في منطقة البقاع.
وعن المشاكل التي يعاني منها المزارع جراء الحرب، أكد الترشيشي لـ "لبنان 24" أنّها "متعددة ومعقدة. أولاً، أسعار المزروعات وصلت إلى أدنى مستوياتها، مما جعلها لا تغطي حتى نصف تكلفة الإنتاج. ثانيًا، توقفت صادرات العديد من المحاصيل التي كانت تُرسل إلى سوريا، نتيجة للضربات الإسرائيلية على المعابر الحدودية مثل معبر المصنع، مما يعني أنه لم يتم تصدير أي كمية من الإنتاج حتى الآن. ثالثًا، الشحنات التي تمكنت من التصدير، تكبدت تكاليف نقل مرتفعة جداً، حيث ارتفعت تكلفة النقل بنحو 2000 دولار لكل شحنة. والأمر الأكثر تعقيدًا هو أن الشحنات التي كانت تستغرق ثلاث ساعات للوصول من شتورة إلى دمشق، أصبحت الآن تحتاج إلى حوالي 48 ساعة، رابعًأ، حالة الحيرة والتساؤلات التي يواجهها المزارع حول مستقبل الزراعة في منطقة البقاع".
أمّا بالنسبة للحل، فإعتبر الترشيشي أنّه "يكمن في بذل جهود لفتح المعابر وتسهيل حركة الترانزيت عبره، مما سيمكن لبنان من الوصول إلى كافة الدول العربية بسهولة"، متمنياً على "الدول العربية تسهيل إجراءات تصدير المنتجات اللبنانية، خصوصًا في ظل عدم توفر الطرق البحرية كما كانت سابقًا، حيث أصبحت الرحلات البحرية متقطعة وغير منتظمة."
وفي رده على سؤال عن إمكانية حدوث نقص في الأسواق إذا استمرت الحرب، أوضح الترشيشي أن "الوضع الحالي لا يشير إلى أزمة في الإنتاج، حيث إن موسم البقاع يقترب من نهايته، ويتجه القطاع الزراعي بشكل كبير نحو منطقة عكار، التي تلعب دوراً مهماً في تلبية احتياجات المواطنين من المنتجات الزراعية".
سهل عكار يمد لبنان بالغذاء وخطة طوارئ لرفع الإنتاج
بدوره، شرح رئيس نقابة مزارعي الخضر في عكار خضر الميدا لـ "لبنان 24"، أنّ " سهل عكار يمتلك القدرة على تأمين حوالي 70% من احتياجات الشعب اللبناني من الغذاء، وفي بعض الأصناف يمكن أن يصل إلى 100%، وذلك حسب كمية المحاصيل المزروعة من تلك الأصناف. ومع ذلك، يعتمد السوق على مبدأ العرض والطلب، لأن هناك نقصًا في التنظيم عند زراعة الأصناف المختلفة".
وعن الخطة المتبعة للفترة المقبلة، كشف الميدا أنّه " قبل أقل من شهر، تم عقد اجتماع مع وزير الزراعة في غرفة التجارة بطرابلس، حيث تمّ تشكيل لجنة طوارئ لمتابعة وضع الزراعة والمزارعين". موضحًا أنّ "الهدف من هذه اللجنة هو دعم وتشجيع المزارعين وزيادة الإنتاج الزراعي من مختلف الأصناف، بما يساهم في تلبية احتياجات أكبر عدد من المواطنين. ونحن الآن بدأنا تنفيذ هذه الخطة، وقد تم توجيه جميع المزارعين للتركيز على تكثيف وزيادة زراعة الأصناف المطلوبة لتلبية احتياجات السوق المحلية".
ويبقى السؤال، بين الخسائر الفادحة وتكلفة الإنتاج المرتفعة، هل سيتمكن المزارع من الاستمرار؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لبنان 24
إقرأ أيضاً:
كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
(CNN)-- مع تمزق العلاقة المشحونة منذ فترة طويلة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، كان السؤال الذي ظل عالقًا بين حلفاء الرجلين هو ما إذا كانت المعركة ستبدد الآمال في التوصل إلى سلام بوساطة أمريكية؟
وفي رسالة غاضبة على منصته للتواصل الاجتماعي، وصف ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات"، وألقى باللوم عليه في تسليح الولايات المتحدة بقوة لإنفاق مئات المليارات من الدولارات "لخوض حرب لا يمكن الفوز بها".
وتحول الأمر إلى سلسلة من الاستهزاءات استمرت طوال اليوم، والتي ضخَّمها ترامب خلال خطاب ألقاه ليلة الأربعاء في ميامي، حيث أعلن: "من الأفضل لزيلينسكي أن يتحرك بشكل أسرع، وإلا لن يبقى له وطن".
وكان كلا الاتهامين بمثابة تكرار لنقاط حديث موسكو المليئة بالسخرية حول الحرب والرئيس الأوكراني، الذي أعلن الأحكام العرفية في بداية الغزو الروسي، الأمر الذي حال دون إجراء انتخابات مقررة.
لم يكن منشور ترامب هجومًا معزولًا، فلسنوات، كان ترامب ينظر إلى زيلينسكي بتشكك، وشكك في قراراته، وفي لحظة خلال أول إجراءات عزل ترامب، ضغط عليه لفتح تحقيق مع منافسه آنذاك جو بايدن، وقال ترامب ليلة الأربعاء: "لو كانت إدارة (بايدن) قد استمرت لعام آخر، لكنتم في حرب عالمية ثالثة ولن يحدث ذلك الآن".
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، كان مساعدو ترامب يراقبون عن كثب تصريحات زيلينسكي العامة، وخاصة انتقاداته للولايات المتحدة لاستبعاد أوكرانيا من المحادثات مع المسؤولين الروس في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، مع تصاعد الانفعالات.
وقالت المصادر إن إحباطهم كان يتزايد قبل يوم الأربعاء، لكن الأمر تفاقم بعد أن قال زيلينسكي للصحفيين في مكتبه في كييف إن ترامب يعيش في "شبكة من المعلومات المضللة".
وقال مسؤول يسافر مع ترامب إن الرئيس أخبر مساعديه الذين كانوا معه في فلوريدا بشكل خاص أنه يريد الرد مباشرة، وألقى هذا الصاروخ الدبلوماسي في طريقه إلى نادي الغولف الخاص به في ميامي، مع استمرار توسع تصريحاته العامة في مؤتمر الاستثمار الذي رعاه صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية التي استضافت محادثات في وقت سابق من الأسبوع بين مسؤولين أمريكيين وروس.
وقال مسؤال آخر في البيت الأبيض لشبكة CNN "إنه إحباط.. هناك شعور قوي ومشروع بأن هذه الحرب الوحشية يجب أن تتوقف وأن هذا المسار يتضاءل بسبب خلال تصريحات زيلينسكي العامة".
ومع ذلك، فمن وجهة نظر زيلينسكي، فإن نهاية الحرب التي يتصورها ترامب تبدو مشابهة إلى حد كبير لما كانت تطالب به روسيا، وبالفعل، استبعد أعضاء في إدارة ترامب عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي وقالوا إن القوات الأمريكية لن تساعد في ضمان أمن أوكرانيا عندما تنتهي الحرب، ولهذه الأسباب، يقول زيلينسكي إنه لا يستطيع إلا أن يتكلم.
ولعدة أشهر، سعى زيلينسكي بعناية إلى تجنب حدوث قطيعة كاملة مع نظيره الجديد في واشنطن، وقام بترتيب اجتماع في الأسابيع التي سبقت انتخابات العام الماضي بهدف تهدئة بعض شكوك مرشح الحزب الجمهوري آنذاك حول تورط الولايات المتحدة في الحرب.
وظهر الرجال في بداية المناقشة في برج ترامب في مانهاتن لإظهار رغبتهم في الانسجام. وقال ترامب إن لديه "علاقة جيدة للغاية" مع الرئيس الأوكراني، لكنه يتمتع أيضًا "بعلاقة جيدة جدًا" مع خصمه في موسكو، فلاديمير بوتين، فقاطعه زيلينسكي قائلاً: "آمل أن تكون لدينا المزيد من العلاقات الجيدة"، ليجيب ترامب: "لكن، كما تعلمون، يتطلب الأمر شخصين لرقصة التانغو".