اليسار الفرنسي تاريخه وأبرز أحزابه وشخصياته
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
اليسار الفرنسي تيار فكري وسياسي يشير إلى القوى السياسية الشيوعية والاشتراكية والاجتماعية الديمقراطية في فرنسا، التي تهدف إلى تغيير النظام القائم، وتؤمن بسلطة الشعب، وتسعى لتحقيق مزيد من المساواة بين أفراد المجتمع.
يدعو اليسار الفرنسي إلى محاربة الرأسمالية وإعادة توزيع الثروة، ويهتم بقضايا عدة مثل تغير المناخ والتعامل مع المهاجرين أو اللاجئين، ويسعى لتعديل قوانين خاصة بقانون التقاعد ونظام الضرائب ورفع الحد الأدنى للأجور.
ولكثير من فصائل اليسار الفرنسي موقف واضح مؤيد للقضية الفلسطينية، وقد انتقدت تلك الفصائل بشدة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2023، ودعت إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وحظر بيع الأسلحة لإسرائيل.
نشأة اليسار الفرنسي وتطورهظهر مفهوم اليسار في أواخر القرن الثامن عشر بعد قيام الثورة الفرنسية، ففي عام 1789 عُقدت هيئة تشريعية سميت فيما بعد بالجمعية التأسيسية العامة، وضمت ثلاث طبقات من المجتمع، هي رجال الدين والنبلاء وطبقة البروليتاريا، التي كانت تمثل عامة الشعب من العمال والحرفيين.
وكان دور هذه الهيئة هو تنظيم الحكم ومناقشة حجم السلطات التي سوف يتمتع بها الملك حينها، واحتدّ النقاش فانقسم الجمع إلى تيارين أساسيين، أولهما تيار من المحافظين والموالين للملك ولسلطته الكاملة، يرفض الثورة ويريد الإبقاء على النظام الملكي، وكان يجلس على يمين الملك، وتيار آخر ينادي بالثورة وإنشاء جمهورية ويطالب بالمساواة بين كل طبقات المجتمع، وكان يجلس على يسار الملك.
بعدها بدأت الصحف الفرنسية تشير إلى التيارين بمصطلحي اليمين واليسار، ومع مرور الوقت أصبحت سمة التيار اليميني هي التقليد والإبقاء على تقاليد الحكم والكنيسة كما هي، وسمة التيار اليساري هي التقدم والتطور والإيمان بقيم الحداثة والديمقراطية والحرية والمساواة الاجتماعية.
أفكار كارل ماركس
شهد التياران تحولات كبيرة في القرنين التاسع عشر والعشرين. فقد ازدهرت فكرة اليسار في القرن التاسع عشر، وألهمت كتابات الكاتب والمفكر الألماني كارل ماركس فئات واسعة من الشباب الحالم بالعدل وبالتخلص من الرأسمالية في أوروبا، كما كان لها صدى قوي لدى الطبقة العاملة التي تشكو التهميش والاستغلال.
صاغ ماركس ومواطنه فريدريك إنجلز نظرية الاشتراكية، وهي نظرية فلسفية واقتصادية واجتماعية ذات طابع سياسي، وظهرت بعد الثورة الصناعية في أوروبا، بسبب نمو رأس المال وظهور المصانع على أنقاض النظام الإقطاعي، وهو ما جعل أصحاب رأس المال أكثر أموالا والعمال أكثر فقرا.
وتقوم النظرية على إشراك أفراد المجتمع كافة في جميع الملكيات وجعلها عامة، مثل إدارة الدولة والموارد ووسائل الإنتاج، ليصبح الهدف من إنتاج السلع والخدمات هو المنفعة العامة للشعب، ويمكن أيضا للأفراد الامتلاك ولكن ضمن جماعات من العامة وبشكل محدود، مقابل دفع ضرائب تصرفها الحكومة على الشعب لتوفير خدمات التعليم والصحة والمواصلات.
وجدت كتابات ماركس عن الشيوعية ورأس المال وتبشيره بمجتمع عادل ومتساو آذانا صاغية لدى الطبقة العاملة التي بدأت تنتظم في هيئات نقابية تدافع عن حقوق المستخدَمين في وجه أرباب العمل وأصحاب رأس المال، وبدأ الفكر اليساري يتشكل حول مجموعة قيم أبرزها العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والأخوة والتضامن والإنسانية.
الثورة البلشفيةومع بداية القرن العشرين عرف اليسار ازدهارا غير مسبوق مهدت له الثورة البلشفية، التي قادها في روسيا كل من فلاديمير لينين وليون تروتسكي ودعت إلى إقامة دولة اشتراكية تحقق المساواة بين فئات الشعب، وسمى البلاشفة دولتهم "".
وبعد موت لينين عام 1924 خلفه جوزيف ستالين، أحد الناشطين البارزين في حزب العمال الاشتراكي منذ بداياته.
في عهد ستالين عاشت الدولة نمطا جديدا من الحكم قائما على الأيديولوجية الحزبية والحكم الفردي، وقتل خصومه ومنافسيه من قيادات الصف الأول، وعلى رأسهم ليون تروتسكي.
وبعد إقصاء تروتسكي نشأ تيار سياسي وفكري سمى نفسه "التيار التروتسكي"، وكان يرى في أفكار الرجل التأويل الأسلم والتنزيل الأكثر أمانة لأفكار ماركس، ومن ثم شكل النواة الأولى لما عُرف فيما بعد بـ"أقصى اليسار".
فرنسا والحكم الجمهوري
بدأ الحكم الجمهوري في فرنسا بعد ثورة 1789 التي أطاحت بالملك لويس الـ16 وأنهت النظام الملكي. وتميزت فرنسا بتاريخها السياسي الحافل والمتقلب، فقد حكمت الفرنسيين بعد الثورة 3 ملكيات، وإمبراطوريتان، و15 دستورا، و5 جمهوريات.
تأسست الجمهورية الفرنسية الأولى (1792-1804) بعد الثورة، ودامت حتى 1804 عندما أعلن نابليون بونابارت فرنسا "إمبراطورية" وأصبح بذلك أول إمبراطور للبلاد بعد الثورة.
وبعد سقوط نابليون عام 1815، حكمت سلالة البوربون -الذين كانوا ملوك فرنسا قبل الثورة- فترة وجيزة حتى عام 1830. وبعد ذلك، تولت سلالة أورليانز السلطة تحت حكم الملك لويس فيليب الأول حتى ثورة فبراير/شباط 1848، التي أعادت القيم الجمهورية للبلاد.
وبدأت الجمهورية الثانية (1848-1852) بدستور جديد وبانتخاب لويس نابليون بونابرت (نابليون الثالث) رئيسا، ولكنها لم تدم، إذ انقلب بونابرت على الدستور عام 1851 وأعلن نفسه الإمبراطور نابليون الثالث، وأسس بذلك الإمبراطورية الثانية.
وبعد انهيار الإمبراطورية عام 1870 إثر الحرب مع بروسيا، قامت الجمهورية الفرنسية الثالثة (1870-1940) ولكنها انتهت عام 1940 حين هزم الألمان فرنسا وأجبروها على توقيع هدنة واحتلوا باريس وأقاموا نظام حكم جديدا.
وفي هذه الفترة، برز الجنرال شارل ديغول الذي عارض هو وزملاؤه الهدنة مع ألمانيا النازية، وبرزت مقدرته القيادية العسكرية، إذ جمع صفوف الجنود والضباط الفرنسيين لطرد الألمان مستعينا بالإنجليز الذين لجأ إلى أرضهم. ثم أصبح رئيسا لحكومة فرنسا في المنفى بدعم من قوى التحالف ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشرشل.
ومع استعادة السيطرة على باريس بعد هزيمة الألمان، ترأس ديغول الحكومة الانتقالية فيما بين 1944 و1946 ثم استقال بعد أن فشل في إقناع الأطراف السياسية بالنظام الرئاسي بدلا عن البرلماني، وتأسست الجمهورية الفرنسية الرابعة (1946-1958) بعد رحيله عن السلطة.
ولكن الجمهورية الرابعة عانت من محاولة التصدي للثورة الجزائرية عام 1954، ومن أزمات دستورية وسياسية، وأصبح استقرار البلاد الداخلي في خطر. ووسط ترويج مسؤولين فكرة وجوب تكليف ديغول بالسلطة، طلب رئيس الجمهورية آنذاك رينيه كوتي في 29 مايو/أيار 1958 من ديغول العودة إلى رئاسة الحكومة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1958، أسس ديغول الجمهورية الفرنسية الخامسة، وهي نظام الحكم الجمهوري السائد حاليا في فرنسا. وتشكلت الجمهورية الخامسة بدستور جديد منح صلاحيات كبيرة للرئيس، وأصبحت رئاسة الجمهورية مركز السلطة في الحكومة، وهو الدور الذي كان يشغله البرلمان عادة.
وكان ديغول قد اشترط مقابل عودته إلى الحكم إجراء تعديلات عميقة على الدستور، فبادر إلى وضع دستور جديد يقوي فصل السلطات ويعزز مكانة رئيس الجمهورية، وينص على انتخابه بالاقتراع العام المباشر.
أبرز المحطات في تاريخ اليسار الفرنسي
تعرف الحقبة السياسية الحالية في فرنسا بـ"الجمهورية الفرنسية الخامسة"، وكانت انتخابات الرئاسة في 21 ديسمبر/كانون الأول 1958 هي أول انتخابات رئاسية عرفتها البلاد، وكانت الانتخابات آنذاك تنظم على أساس نظام "المجمع الانتخابي"، إذ يشكل الهيئة الناخبة أعضاء المجالس التمثيلية بدءا بأعضاء ورؤساء المجالس البلدية وانتهاء بالبرلمان.
ولكي يفوز المرشح عليه الحصول على 50% أو أكثر من الأصوات، غير أن هذا النظام أُلغي بعد استفتاء 1962، واستُعيض عنه بالاقتراع المباشر في انتخابات 1965.
انتخابات 1958في الانتخابات الأولى عام 1958 خاض اليسار الفرنسي المعركة ضد ديغول بالمرشح الشيوعي جورج ماران، لكن ديغول فاز بغالبية ساحقة بلغت 78.51% من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل أقل بقليل من 13% لماران، وحاز مرشح ثالث هو ألبير شاتليه النسبة الباقية.
أنشأ الديغوليون اتحاد الجمهورية الجديدة، الذي أصبح أكبر مجموعة برلمانية، في حين وصل إلى البرلمان عدد صغير من النواب اليساريين. ويرجع ذلك إلى زيادة الانقسامات بين الأحزاب ذات الميول اليسارية بين المؤيدين والمعارضين للجمهورية الخامسة.
انتخابات 1965وهي أول انتخابات رئاسية مباشرة، بعد إلغاء نظام المجمع الانتخابي وتفعيل نظام الاقتراع المباشر. مثّل التيار اليساري وقتها المرشح الاشتراكي فرنسوا ميتران، الذي حصل في الدورة الأولى على 32% من الأصوات، متخلفا عن شارل ديغول -المرشح الأبرز لليمين والوسط- الذي حصل على 45%، واضطر إلى خوض جولة إعادة ضد ميتران.
وفي الجولة الثانية الحاسمة فاز ديغول بنسبة 55% مقابل 45% لميتران، وبدأ فترة رئاسية جديدة. وترشح في الجولة الأولى مرشح يساري ثان هو مارسيل باربو، لكنه لم يحصل على أكثر 1.15% من الأصوات.
انتخابات 1969أجريت هذه الانتخابات بعد استقالة الرئيس شارل ديغول (78 سنة)، الذي اقترح إجراء استفتاء على اللامركزية الحكومية وإصلاح مجلس الشيوخ. وفي الاستفتاء الذي جرى في 27 أبريل/نيسان 1969 رفض 53.5% من الناخبين التعديلات المقترحة. وبعد الإعلان عن النتائج، استقال ديغول من منصبه في ظهر اليوم التالي.
ولقد خاض اليسار هذه الانتخابات منقسما خلف مرشحين عدة، أبرزهم القيادي الشيوعي جاك دوكلو، وعمدة مدينة مرسيليا الاشتراكي غاستون دوفير، وزعيم الحزب الاشتراكي الموحد ميشال روكار، ومعهم الاشتراكي الراديكالي لوي دوكاتيل، واليساري التروتسكي آلان كريفين.
وبسبب تشتت اليسار وانقسامه خلف عدة مرشحين، عجز عن بلوغ الجولة الثانية التي حسمها المرشح الديغولي ورئيس الوزراء آنذاك جورج بومبيدو لمصلحته، متغلبًا على المرشح الوسطي آلان بوهير رئيس مجلس الشيوخ ورئيس الجمهورية بالوكالة (بحكم رئاسته مجلس الشيوخ) في حينه، بـ58.2% مقابل 41.8%. وتصدّر دوكلو مرشحي اليسار بحصوله في الجولة الأولى على 21.27%، محتلا الرتبة الثالثة خلف بوهير بفارق بسيط (أكثر بقليل من 2%).
انتخابات 1974
أجريت الانتخابات الرئاسية في فرنسا عام 1974 عقب وفاة الرئيس جورج بومبيدو. فعن اليسار خاض الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي وحركة اليساريين الراديكاليين حملة لصالح "البرنامج المشترك" الذي اتفقوا عليه عام 1972.
وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الفرنسي كان هو القوة الرئيسية لهذا الائتلاف (على الأقل من حيث الدعم الشعبي)، فقد اتحدت الهيئات الثلاث وراء ترشيح زعيم الحزب الاشتراكي فرانسوا ميتران.
اعتقد اتحاد اليسار أنه لا يمكنه الفوز بالانتخابات إذا قاده شيوعي في السباق الرئاسي، إذ كان التخويف من الشيوعية غالبا حجة يستخدمها اليمين الفرنسي للفوز بالانتخابات، فرفض حزبان تروتسكيان دعم ميتران والبرنامج المشترك، ورفض الحزب الديمقراطي الاجتماعي التحالف مع الحزب الشيوعي الفرنسي.
وكان بين أبرز مرشحي اليسار الآخرين، إلى جانب ميتران، كل من رينيه دومون، وآرليت لاغييه، وهي أول مرشحة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إضافة إلى التروتسكي آلان كريفين. وللمرة الأولى منذ بداية الجمهورية الخامسة عام 1958، كانت لدى اليسار فرصة جدية للفوز.
وفي المقابل، انقسم اليمين والوسط بين مرشحين قويين هما المرشح الديغولي جاك شابان دلماس رئيس الوزراء السابق (ورئيس مجلس النواب لاحقا) وعُمدة مدينة بوردو، ووزير المالية فاليري جيسكار ديستان زعيم تيار الوسط الجمهوري المستقل (يمين الوسط).
وتحت وقع بعض الفضائح التي أثارتها الصحافة الشعبية، أخفق شابان دلماس في تخطي الجولة الأولى، ولم يحصل إلا على 15.1% من الأصوات، واحتل المركز الثالث خلف فرنسوا ميتران (43.25%) وفاليري جيسكار ديستان (32.6%).
وفي المقابل، شهدت هذه الانتخابات إطلالة مرشح أقصى اليمين الفرنسي جان ماري لوبان، الذي حصل على أقل من 1% من الأصوات.
ولكن في الجولة الثانية، توحدت قوى اليمين والوسط، فاصطفت كلها خلف جيسكار ديستان وفاز على ميتران بفارق بسيط (50.8% مقابل 49.2%)؛ فدخل قصر الإليزيه.
انتخابات 1981
شهدت هذه الانتخابات تطوّرا مفصليا في الحياة السياسية المعاصرة لفرنسا في عهد الجمهورية الخامسة، إذ أصبح فرنسوا ميتران، زعيم الاشتراكيين واليسار الفعلي، أول رئيس يساري للجمهورية.
وفاز ميتران في الجولة الثانية بنسبة 51.76% من الأصوات مقابل 48.24% لمنافسه آنذاك الرئيس فاليري جيسكار ديستان.
وكان ميتران قد احتل المرتبة الثانية في الجولة الأولى خلف جيسكار ديستان (25.85% مقابل 28.32%)، وجاء ثالثا المرشح الديغولي جاك شيراك -عمدة باريس ورئيس الجمهورية لاحقا- الذي حصل على 18%، في حين حصل جورج مارشيه، الأمين العام للحزب الشيوعي (كان يومذاك ثاني أكبر الأحزاب الشيوعية في أوروبا بعد الحزب الشيوعي الإيطالي) على 15.35%.
وكان أبرز مرشحي اليسار الآخرين في هذه الانتخابات المرشح عن حزب البيئة بريس لالوند، والمرشحة عن أقصى اليسار آرليت لاغييه، ومرشح الراديكاليين الاشتراكيين ميشال كروبو.
استطاع اليمين استعادة الأغلبية البرلمانية عام 1986؛ مما اضطر ميتران إلى "التعايش" مع حكومة محافظة بقيادة جاك شيراك، زعيم حزب التجمع من أجل الجمهورية، فتولى شيراك مسؤولية السياسة الداخلية، وركز ميتران على الشؤون الخارجية وسياسة الدفاع.
وكانت حكومة شيراك تدعو إلى سياسات ليبرالية محافظة، من خلال إلغاء ضريبة التضامن على الثروات وبيع بعض الشركات العامة، وواجهت هذه السياسة معارضة من الحركات الاجتماعية بدعم من ميتران.
انتخابات 1988جدّد فرنسوا ميتران انتصاره في هذه الانتخابات مرشحا عن اليسار، وفاز بنسبة 54% متقدما على جاك شيراك الذي حصل على 46%.
واحتفظ ميتران بالرئاسة فترة ثانية، على الرغم من الانقسامات في المعسكر اليساري، ذلك أن القوى والحركات اليسارية قدمت مرشحين آخرين أبرزهم آندريه لاجوانيي (الحزب الشيوعي) وأنطوان ويشتير (حزب الخضر البيئي) وبيار جوكان (الحزب الاشتراكي الموحّد والرابطة الشيوعية الثورية) وآرليت لاغييه.
أما في معسكر اليمين والوسط، فتولّى جاك شيراك (رئيس الوزراء بين 1986 و1988) قيادة الديغوليين، واحتل بدعمهم الرتبة الثانية.
وكان المؤشر المقلق الذي حملته هذه الانتخابات هو التصاعد الكبير لأصوات أقصى اليمين، إذ حصل مرشحه جان ماري لوبان هذه المرة على نحو 14.4% من الأصوات، مقابل أقل من 1% في الانتخابات السابقة.
انتخابات 1995
في تلك الفترة ضعف اليسار بسبب الفضائح وخيبات الأمل بشأن رئاسة ميتران إلى جانب معدل البطالة الذي بلغ حوالي 10%. وظهرت الانقسامات في اليسار واليمين على حد سواء.
مثّل الاشتراكيين ليونيل جوسبان، وزير التعليم والرياضة السابق والأمين العام للحزب الاشتراكي (تولى رئاسة الوزراء لاحقا)، وسار الشيوعيون خلف مرشحهم روبرت هيو.
وفي المقابل، كان أبرز مرشحي اليمين الديغولي جاك شيراك ومنافسه إدوار بالادور (رئيس الوزراء بين 1993 و1995) الذي دعمه يمين الوسط، وجان ماري لوبان زعيم حزب الجبهة الوطنية (غير اسمه لاحقا إلى التجمع الوطني) المنتمي لأقصى اليمين.
ومع أن جوسبان تصدّر المتنافسين في الجولة الأولى بـ23.3% مقابل 20.84% لشيراك و18.58% لبالادور و15% للوبان، فإن الجولة الثانية الحاسمة أسفرت عن فوز شيراك بـ52.64% مقابل 47.36% لجوسبان، واستعاد اليمين الرئاسة.
هذه الانتخابات شهدت عمليًّا تراجعًا كبيرا في شعبية الشيوعيين؛ إذ حصل مرشحهم روبرت هيو على 8.64% فقط، في حين حصلت مرشحة أقصى اليسار آرليت لاغييه على نحو 5%، ومرشحة حزب البيئة دومينيك فوانييه على 3.3%.
انتخابات 2002في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأولى التي يشهدها القرن الـ21، انهار اليسار تقريبا، إذ عجز عن توصيل أي من مرشحيه إلى الجولة الثانية الحاسمة، في حين أكد أقصى اليمين حضوره من خلال مرشحه جان ماري لوبان، الذي حاز المرتبة الثانية في الجولة الأولى، بفارق بسيط نسبيا عن رئيس الجمهورية آنذاك جاك شيراك (16.86% مقابل 19.88%)، بينما جاء أبرز مرشحي اليسار ليونيل جوسبان (رئيس الوزراء بين 1997 و2002) ثالثا بفارق ضئيل خلف لوبان بنسبة 16.18%.
وفي ضوء نتائج المرحلة الأولى الكارثية لليسار، وبالأخص للحزب الشيوعي، اصطف اليساريون خلف شيراك لمنع فوز لوبان، ففاز شيراك بغالبية فاقت 82%، وأخفق لوبان في بلوغ نسبة 18%.
واستطاع شيراك الحصول على ولاية ثانية، تم تقليصها إلى خمس سنوات بدلا من سبع سنوات سابقا بموجب استفتاء عام 2000.
انتخابات 2007
خاضت انتخابات 2007 عن اليسار الوزيرة السابقة سيغولين رويال عن الحزب الاشتراكي، ونافسها مرشحون يساريون آخرون، أبرزهم ماري جورج بوفيه، الأمينة العامة للحزب الشيوعي.
أما في معسكر اليمين، فكان المرشح الأبرز نيكولا ساركوزي، وزير الداخلية ووزير المالية السابق، وجان ماري لوبان عن أقصى اليمين، وكذا المرشح اليميني المناوئ للتكامل الأوروبي فيليب دو فيلييه، وعن تيار يمين الوسط ترشح الوزير السابق فرنسوا بايرو.
ومثل كل من ساركوزي ورويال تغييرا جيليا بالنسبة لتاريخ فرنسا السياسي. إذ وُلدا كلاهما بعد الحرب العالمية الثانية.
تصدر ساركوزي الجولة الأولى بـ31.18%، مقابل 25.87% لرويال، وفي الجولة الثانية فاز بنحو 53% مقابل نحو 47% لمنافسته.
انتخابات 2012في هذه الانتخابات نهض اليسار من غفوته الطويلة واستعاد الحكم، لأول مرة بعد نهاية فترة ميتران الثانية عام 1995. وتصدر القيادي الاشتراكي فرنسوا هولاند المرشحين المتنافسين في الجولة الأولى متقدما على ساركوزي (28.63% مقابل 27.18%).
وكان أبرز مرشحي اليسار الآخرين في هذه الجولة جان لوك ميلانشون (نحو 11%)، الذي حل رابعا خلف مارين لوبان نحو (18%). وكان هناك من اليساريين "إيفا جولي" و"فيليب بوتو" و"ناتالي أرتو" من اليسار التروتسكي المتشدد.
وفي الجولة الثانية الحاسمة فاز هولاند بالرئاسة بعد حصوله على 51.64% مقابل 48.36% لساركوزي.
انتخابات 2017
كان الرئيس اليساري فرانسوا هولاند من الحزب الاشتراكي مؤهلا للترشح لولاية ثانية، لكنه أعلن في 1 ديسمبر/كانون الأول 2016 أنه لن يسعى لإعادة انتخابه، وذلك بسبب انخفاض معدلات التأييد له؛ مما جعله أول رئيس دولة في الجمهورية الخامسة لا يسعى لإعادة انتخابه.
ولم يحصل أي مرشح على الأغلبية في الجولة الأولى من تلك الانتخابات، فأجريت جولة الإعادة بين المرشحين الأولين إيمانويل ماكرون، ومارين لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية.
وكان ماكرون أصغر مرشح في السباق، وأسس في تلك الفترة حركة "إلى الأمام" (في أبريل/نيسان 2016) وقدم استقالته من الحكومة، ووصف نفسه بأنه "ليس من اليمين ولا من اليسار". وقد تحولت حركته فيما بعد إلى حزب سماه "حزب النهضة".
فاز ماكرون في الجولة الثانية بفارق كبير يزيد على 30٪ من الأصوات، وأعقبت الانتخابات الرئاسية انتخابات تشريعية يومي 11 و18 يونيو/حزيران 2017.
وكانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 2002 التي يصل فيها مرشح الجبهة الوطنية إلى الجولة الثانية، والمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي لم تتضمن فيها جولة الإعادة أي مرشح من الأحزاب التقليدية اليسارية.
وكان من مرشحي اليسار أيضا في هذه الجولة جان لوك ميلانشون عن حزب فرنسا الأبية، و بينوا هامون عن الحزب الاشتراكي وقد أيد ماكرون في الجولة الثانية، وناتالي آرثود عن لواء اتحاد العمال، والناشط اليساري الراديكالي فيليب بوتو.
انتخابات 2022استطاع ماكرون الفوز بولاية ثانية في هذه الانتخابات. ولم يفز أي من المرشحين بالأغلبية في الجولة الأولى، فأجريت الجولة الثانية من جديد بينه وبين مارين لوبان.
ففي الجولة الأولى، تقدم ماكرون بحصوله على 27.9% من الأصوات، وتلته لوبان بحصولها على 23.2%، ثم ميلانشون بـ22%، فـإريك زمور، المرشح عن حزب الاسترداد (أقصى اليمين) بحصوله على 7.1%.
وحصلت فاليري بيكريس من حزب الجمهوريين (حزب ساركوزي) على 4.8% من الأصوات، وآن هيدالغو -عمدة باريس ومرشحة الحزب الاشتراكي- على 1.8%.
وقد حصل كل من الحزبين الجمهوري والاشتراكي، اللذين كانا يعتبران الحزبين المهيمنين حتى عام 2017، على أسوأ نتائج لهما في تاريخ الانتخابات الرئاسية.
أما في الجولة الثانية، فقد تغلب ماكرون على لوبان بنسبة 58.5٪ من الأصوات مقابل 41.5٪ لها، بهامش أضيق من انتخابات 2017.
انتخابات 2024
في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/حزيران 2024 سجل أقصى اليمين تقدما كبيرا بعد فوزه بنحو 40% من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، فعاد الجدل بشأن الخوف من تصدره المشهد في أوروبا عامة وفرنسا خاصة.
وعقب إعلان نتائج الانتخابات الأوروبية أعلن ماكرون حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مؤكدا أن صعود القوميين ومن سماهم "الديماغوجيين" في أوروبا هو "مؤشر لخطر وشيك" على فرنسا وأوروبا.
شكل اليسار الفرنسي تحالفا سماه الجبهة الشعبية الوطنية لخوض الانتخابات المبكرة ومواجهة صعود أقصى اليمين، وجمع هذا التحالف بين الاشتراكيين والشيوعيين والمدافعين عن البيئة (حزب الخضر) وحزب فرنسا الأبية.
وعلى الرغم من أن تلك الأحزاب المشاركة في التحالف قد انتقد بعضها بعضا، وأن لديها بعض الاختلافات الرئيسية في أيديولوجيتها ونهجها، فإنها قررت تشكيل كتلة لإبعاد أقصى اليمين عن الحكومة.
جرت الانتخابات وتصدر أقصى اليمين بفارق كبير في الجولة الأولى، لكن نتائج الجولة الثانية أتت بعكس توقعات استطلاعات الرأي، إذ فازت الجبهة الشعبية بالمركز الأول وحصلت على 182 مقعدا في البرلمان، ووجد أقصى اليمين (التجمع الوطني) وحلفاؤه أنفسهم في الرتبة الثالثة بـ143 مقعدا، وتسبب حل الجمعية الوطنية في خسارة تيار ماكرون الأغلبية النسبية، إلا أنه تمكن من الاحتفاظ بـ168 مقعدا.
مواقف اليسار الفرنسي من المسلمينرغم عدم ثبات مواقف اليسار اتجاه المسلمين في فرنسا، فإنهم عبر التاريخ يجدون أريحية أكبر تحت حكمه، واستطاع اليسار بدوره إيجاد نقاط ومساحات مشتركة معهم، وتعاون الطرفان أكثر من مرة للإطاحة بمرشحي أقصى اليمين.
تراوحت ممارسات اليسار المشارك في البرلمان بين الاستنكار والامتناع والتذبذب في العديد من قضايا المسلمين، فمثلا كان له دور في استنكار قرار وزير التربية الفرنسي السابق غابرييل أتال بحظر ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية، وهو القرار الذي كان نتيجة ضغوط من أقصى اليمين، ورأى فيه اليسار الفرنسي تعديا على الحريات المدنية.
ووصف وقتها ميلانشون ما قام به رئيس الحكومة بأنه "حرب عبثية على الدين الإسلامي"، كما سخرت رئيسة الكتلة اليسارية في البرلمان الفرنسي ماتيلدا بانوت من القرار.
لكن رأي اليسار الفرنسي كان مغايرا في قضايا أخرى، فقد بارك جزء منه حل "التجمع المناهض للإسلاموفوبيا" بحجة مكافحة "الإسلام السياسي" الذي تحدث عنه ماكرون، كما حُلّت جمعية أخرى تدعى "التنسيق ضد العنصرية والإسلاموفوبيا"، دون أن يُحدث ذلك أية ضجة في صفوف التيار اليساري.
وكان قانون مكافحة "الانفصالية"، الذي سنه ماكرون بدعوى وجود "خطر وجودي على الجمهورية" محكا آخر لعلاقة اليسار بالمسلمين في فرنسا، فقد رفض حزب "فرنسا الأبية" بقوة هذا القانون بما يحمله من "وصم للمسلمين"، لكن عددا من الشخصيات اليسارية الأخرى امتنعت عن التصويت، على غرار الأمين العام للحزب الشيوعي فابيان روسيل، وكذلك وزيرة الشباب والرياضة السابقة، الشيوعية ماري جورج بوفيه، فضلا عن النواب الاشتراكيين.
أبرز الأحزاب اليسارية في فرنسا
يوجد في فرنسا حوالي 408 أحزاب سياسية، إلا أن جزءا قليلا منها هو الممثل في البرلمان بغرفتيه، ويتنوع الطيف السياسي بين اليمين والوسط واليسار، وتبرز بعض الأحزاب اليسارية بقوة، وأهمها:
الحزب الاشتراكي: ظهر أول مرة عام 1960 تحت اسم "الحزب الاشتراكي الموحد". تمحور برنامجه السياسي حول جمع اليسار، فضم تشكيلات مختلفة منه مع ميل إلى يسار الوسط، واتبع منهجا سياسيا يختلف عن الاشتراكية الستالينية، وكان لعقود أكبر حزب من يسار الوسط في فرنسا، ويُعد أحد أكبر حزبين في الجمهورية الخامسة الفرنسية إلى جانب الجمهوريين. وصل إلى السلطة أول مرة في انتخابات عام 1981 محققا بذلك أول تناوب مع اليمين في الجمهورية الخامسة، ثم عاد للسلطة في رئاسيات 2012.
الحزب الشيوعي الفرنسي: حزب يساري فرنسي، أنشئ عام 1920، ويعد ثالث أكبر حزب سياسي في فرنسا بعد حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية والحزب الاشتراكي. كان هو الحزب اليساري الأكبر في فرنسا في عدد من الانتخابات، من عام 1945 إلى عام 1960، قبل أن يتخلف عن الحزب الاشتراكي في السبعينيات من القرن العشرين، ومنذ ذلك الوقت خسر المزيد من النفوذ السياسي أمام الاشتراكيين.
حزب فرنسا الأبية: حزب سياسي فرنسي ينتمي لتيار يسار الوسط، وهو من أكبر الأحزاب المعارضة، ومناهض للرأسمالية ومدافع عن البيئة، شعاره "المستقبل المشترك"، تأسس في فبراير/شباط 2016 تمهيدا للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017 ودعم ترشيح جان لوك ميلانشون.
عارض قوانين التقاعد والهجرة، وطالب بإدماج المهاجرين. وسبّب له موقفه الرافض لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ودعوته إلى وقف الحرب والمطالبة بسلام منصف للفلسطينيين مشاكل داخلية وأخرى مع حلفائه، وعرّضه لهجوم شديد من وسائل الإعلام الفرنسية.
حزب البيئة (الخضر): حزب سياسي تشكل عام 2010، ينتمي إلى يسار الوسط، وهو يعطي الأولوية للقضايا البيئية، ويهتم بنظافة الطاقة ويدعو إلى التخلص التدريجي من الطاقة النووية. وهو عضو في حزب الخضر الأوروبي.
النضال العمالي: حزب شيوعي تروتسكي فرنسي، ينتمي لتيار أقصى اليسار. ترجع أصوله إلى عام 1939. وقد ترشحت المتحدثة باسم الحزب "آرليت لاغييه" لكل الانتخابات الرئاسية التي أقيمت منذ عام 1974 إلى عام 2008.
الحزب الجديد المناهض للرأسمالية: حزب سياسي من أقصى اليسار، تأسس في فبراير/شباط 2009. انطلق بـ9200 عضو، وكان يهدف إلى توحيد الحركات المتفرقة لليسار الراديكالي الفرنسي، وجذْب ناشطين جدد. يسعى الحزب لبناء منظور اشتراكي ديمقراطي جديد للقرن الحادي والعشرين.
حزب اليسار الراديكالي: حزب سياسي فرنسي يُنسب ليسار الوسط، وهو حزب جمهوري وعلماني، تأسس عام 1972، وعرف بتسميات متعددة، منها "حركة الراديكاليين اليساريين" من عام 1973 حتى عام 1994.
أبرز رموز وشخصيات اليسار الفرنسي
فرنسوا ميتران: أشهر السياسيين اليساريين الفرنسين، شغل منصب رئيس الجمهورية الفرنسية لولايتين متتاليتين من 1981 إلى 1995. وهو ينتمي للحزب الاشتراكي الفرنسي.
ليونيل جوسبان: سياسي اشتراكي فرنسي، تولى رئاسة الوزراء من 1997 إلى 2002 وترشّح للانتخابات الرئاسية في السنة نفسها، إلا أنه لم يصل إلى الجولة الثانية، إذ أحرز جان ماري لوبان المركز الثاني وراء جاك شيراك؛ مما فاجأ جميع المراقبين آنذاك. وقد أعلن جوسبان بعدها تقاعده النهائي عن الحياة السياسية.
آرليت لاغييه: سياسية يسارية فرنسية. كانت المتحدثة باسم حزب العمال الفرنسي والزعيمة الأكثر شهرة والمرشحة الرئاسية للحزب من عام 1974 إلى عام 2008.
فرنسوا هولاند: سياسي ورجل دولة فرنسي يساري. وهو الرئيس السابع للجمهورية الفرنسية من 2012 حتى 2017. ترأس قيادة الحزب الاشتراكي الفرنسي من 1997 إلى 2008. كما كان عمدة مدينة تول من 2001 إلى 2008 ونائبا في البرلمان عن الدائرة الأولى من كوريز التي يترأس فيها المجلس العام منذ 2008.
جان لوك ميلانشون: صحفي وسياسي يساري فرنسي، بدأ حياته صحفيا ومدققا لغويا، ثم انخرط في السياسية وأصبح أصغر عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي عام 1986، وترشح باسم حزب "فرنسا الأبية" للانتخابات الرئاسية عدة مرات، وانتخب لمناصب تشريعية إقليمية ووطنية وأوروبية مختلفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانتخابات الرئاسیة الجمهوریة الفرنسیة الجمهوریة الخامسة فی الجولة الثانیة فی هذه الانتخابات فی الجولة الأولى الحزب الاشتراکی الیسار الفرنسی رئیس الجمهوریة للحزب الشیوعی فی الانتخابات رئیس الوزراء فرنسا الأبیة الذی حصل على أقصى الیمین أقصى الیسار فی البرلمان مجلس الشیوخ بعد الثورة یسار الوسط من الأصوات حزب سیاسی الأولى من فی أوروبا فی فرنسا إلى عام فی حین
إقرأ أيضاً:
ألمانيا.. اليمين المتطرف يطالب بإعادة النظر في الانتماء للناتو
أعلن الرئيس المشارك لحزب البديل من أجل ألمانيا (يمين متطرف) تينو كروبالا أن على برلين إعادة النظر في انتمائها للحلف الأطلسي إن لم يأخذ التحالف العسكري الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، بالاعتبار مصالح الدول الأوروبية "بما في ذلك مصالح روسيا".
وقال كروبالا متحدثاً لصحيفة "فيلت" إن "أوروبا أرغمت على تطبيق مصالح الولايات المتحدة، إننا نرفض ذلك".
وتابع "الحلف الأطلسي ليس في الوقت الحاضر تحالفاً دفاعياً. على مجموعة دفاعية أن تقبل وتحترم مصالح جميع الدول الأوروبية، بما فيها مصالح روسيا".
وتابع "إن لم يكن بمقدور الحلف الأطلسي ضمان ذلك، فعلى ألمانيا أن تتساءل إلى أي مدى لا يزال هذا التحالف مفيداً لنا؟"
ويحظى الحزب اليميني المتطرف بـ18-19% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي التي أجريت قبل انتخابات مبكرة يتوقع تنظيمها في 23 فبراير (شباط)، بعد التصويت على مذكرة بحجب الثقة الإثنين ستقود على الأرجح إلى حل مجلس النواب.
وأطلق المستشار أولاف شولتس بنفسه آلية حل البرلمان بتقديمه طلب التصويت على مذكرة حجب الثقة بعد سقوط ائتلافه الحكومي في نوفمبر (تشرين الثاني).
وتبقى حظوظ "البديل من أجل ألمانيا" في تشكيل حكومة ضئيلة جداً إذ استبعدت الأحزاب المتبقية أي تعاون مع الحزب اليميني المتطرف.
لكن الحزب قد يحقق نجاحات انتخابية ملفتة بعد انتصاره في تورينغن، إحدى مناطق ألمانيا السوفياتية سابقاً.
وانتقد الحزب بشدة الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا داعياً إلى حل سريع للحرب التي باشرتها روسيا في فبراير (شباط) 2022.
وقال كروبالا "على الحكومة الألمانية أن تصل أخيرا إلى حد يجعلها تريد وضع حد للحرب".
واعتبر أن "روسيا ربحت هذه الحرب. والواقع تغلب على الذين يدعون أنهم يريدون جعل أوكرانيا قادرة على الانتصار في الحرب".