مالك بن نبي: التأهيل الإنساني والاجتماعي هو مفتاح صنع الحضارة
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
حينما نقول بأن اللحاق الحضاري ممكن إذا ما توفر الإنسان المؤهل والمنظومة الاجتماعية والإدارية المناسبة لبناء الحضارة عبر تحويل اهتمامنا من تكديس منتجات الحضارة القائمة إلى تقليدها ثم صناعة مثلها أو أفضل منها، يُطرح سؤال البون الشاسع بين المستوى الذي عليه الحضارة الغربية وحالة التخلف التي تعرفها مجتمعاتنا العربية الإسلامية.
لقد تناول الأستاذ مالك بن نبي هذا التحدي وهونه بتنبيه قرائه إلى حالة التسارع الحضاري التي باتت تتيحه تطورات العلوم الطبيعية وأثرها على الدراسات الاجتماعية وضرب في هذا الإطار مثالا يتعلق بـ"الكيمياء الحيوية" و"الديناميكية الخاصة"، وكيف أصبح الفرق مذهلا بين الفترة الزمنية التي يأخذها تحلل نصف غرام من الأورانيوم في حالته الطبيعية والتي يأخذها بفعل التطور العلمي في المخبر، وضرب أمثلة في الحياة الاجتماعية بالدول التي كانت في طريق صناعة نهضتها في أواخر الأربعينيات، مثل اليابان وروسيا والصين، حينما خطط قادتها للتعامل مع المنتجات الحضارية بمنطق البناء، لا بمنطق التكديس.
وقد بينت الأيام كيف صنعت المعجزة اليابانية من ركام الدمار الذي حل بها في الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلى قمة تطورها عام 1973، وكيف صارت في وقت سريع حالة بارزة في ريادة الحضارة العصرية، وكذلك كيف انتقلت الصين من كونها دولة من أفقر دول العالم في الستينيات إلى مصنع العالم وأكبر قوة علمية واقتصادية تنافس الولايات الأميركية المتحدة في الريادة، وهي التي لم تبدأ خطتها النهضوية الحاسمة إلا في منتصف السبعينيات، وللأسف الشديد لم يعش الأستاذ مالك بن نبي ليرى أن ثمة دولا مسلمة وضعت رجلها في طريق النهضة الحضارية، وفق معايير التسارع التي تحدث عنها، منها إندونيسيا وتركيا وماليزيا وباكستان وإيران.
إن التفاعلات التي أنشأتها حركة الإصلاح في العالم الإسلامي والتجارب والمحاولات التي تظهر هنا وهناك مهما كانت معوقاتها، وتعثرها في الزمن والمكان، هي كما يقول مالك بن نبي "بادرة الحضارة" أو بلغة علم الإلهيات (مرحلة إرهاص)، يوجه فيها العالم الإسلامي جهوده الاجتماعية، هادفا إلى تحصيل حضارة.
إن سبب صعوبات العبور الحضاري هو أن النموذج الذي تريده الأمة ليس نموذج الحضارة الغربية الرأسمالية المادية المهيمن، الذي تسير عليه كل الأمم في هذا الكون، حتى تلك الأمم التي تنافس الغرب على الريادة، بل إن الدول الإسلامية الناهضة التي أشرنا إليها أعلاه، هي ذاتها لم تبلور نموذجا حضاريا إسلاميا خاصا بالأمة يساهم في إنقاذ العالم من ظلم وفساد الحضارة الغربية المهيمنة، فكل النهاض الملحوظ في الأمم غير الغربية ليس انبعاث حضارات جديدة، وإنما هي نسخ أخرى صاعدة للحضارة الغربية.
غير أن ما حققته بعض الدول الإسلامية ضمن مسار الحضارة الغربية هي خطوات جيدة نحو صناعة القوة وضمان السيادة، بما يعطي الحرية والإمكان لبلورة النماذج التي تزرع فيها روح الحضارة الإسلامية لاحقا، لكي تكون استئنافا فعليا للحضارة الإسلامية.
إن بناء الحضارة مسار، وليس تحولا جذريا في وقت محدد من الأوقات، يبين الأستاذ مالك بن نبي ذلك بقوله إن "القاعدة في علم الاجتماع ليست -كنظيرتها في علم الرياضة- حدا فاصلا بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، ولكنها مجرد توجيه عام يمكن به تجنب الأغلاط الفاحشة، إذ لا يمكن أن يوجد حد دقيق بين حضارة تتكون وبين حضارة تكونت فعلا". ومما يؤكد قول بن نبي أن الحضارة الإسلامية الأولى لم تصنع نموذجها المتميز فورا بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة، فقد بقيت اللغات الفارسية واليونانية والقبطية هي لغة العلم و بقي الدينار البيزنطي عملة التعامل إلى عهد عبد الملك بن مروان عام 74 هجريا.
وإنما المأمول أن التحول في الاستئناف المرتقب يكون أسرع من ذلك بفعل التطور العلمي المذهل كما بيناه سابقا. ومهما يكن التحول الحضاري سريعا أو متثاقلا، فإنه لن يسمى حضارة إسلامية إن لم تكن روحه الإسلام، مثلما بينه العالم الجليل الفاضل بن عاشور في كتابه الرائع "روح الحضارة الإسلامية" أو مثلما أكده الأستاذ مالك بن نبي في قوله: "وإنه لتفكير سديد ذلك الذي يرى أن تكوين الحضارة بوصفها ظاهرة اجتماعية إنما يكون في الظروف والشروط نفسها التي ولدت فيها الحضارة الأولى، عن عقيدة قوية، ولسان يستمد من سحر القرآن تأثيره، ليذكر الناس بحضارة الإسلام في عصوره الزاهرة"، وكذلك وفق ما قال الإمام مالك بن أنس قبله "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
لم يشأ مالك بن نبي أن يترك الحديث عن نشوء الحضارة ضمن التوجيهات والأبعاد العقائدية فحسب، بل أبدع نموذجا علميا ذاع صيته وأصبح من الأفكار الأساسية التي عرف بها، انطلاقا من فكرة "البناء بدل التكديس"، وهو أن أي منتج حضاري -وضرب مثال المصباح- إنما يصنع من جهد إنسان يحسن استعمال مكونات التراب ضمن فترة زمنية يعرف فيه قيمة الوقت ويتقن استغلاله، لتكون الحضارة في المجمل= إنسان + تراب + وقت. ولا يمكن حسب هذا النموذج، ووفق ما يراه بن نبي، أن تحل مشكلة الحضارة ما لم تحل مشكلة الإنسان الذي هو محور الحضارة، ومشكلة الوقت الذي هو حيز الحضارة، ومشكلة التراب الذي فيه المكونات المادية لمنتجات الحضارة.
غير أن بن نبي يسأل بعد وضعه هذه المعادلة: لماذا لا تصنع الحضارة تلقائيا بالرغم من أن العناصر الثلاثة المذكورة متوفرة لدى كل الشعوب وفي كل وقت، فيجيب بضرب مثال تكوين الماء، من حيث إنه لا يمكن أن يتكون الماء تلقائيا من الهيدروجين والأكسجين الموجودين في الطبيعة منفصلين، ما لم يتدخل في المعادلة مركب ما، ويقيس على ذلك أن للحضارة مركبا خاصا بها هو الذي يحدث التفاعل بين الإنسان والتراب والوقت لكي تنشأ الحضارة، ويتمثل هذا المركب في الفكرة الدينية التي رافقت دائما تركيب الحضارة خلال التاريخ. سنفحص هذه العناصر أكثر في الحلقات المقبلة بحول الله.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحضارة الغربیة
إقرأ أيضاً:
عرض سلسلة أم الدنيا لسوسن بدر على cbc في هذا الموعد
أعلنت قناة cbc، عن عرضها لسلسة أم الدنيا الوثائقي للنجمة سوسن بدر، وذلك من خلال نشر بوستر تشويقي للسلسلة عبر حسابها على "فيسبوك".
شاهد.. سوسن بدر تبهر حضور مهرجان القاهرة السينمائي بإطلالة محتشمة
ونشرت الصفحة الخاصة بالقناة البوسترات ك، وعلقت عليها :"أسرار التاريخ المصري وحضارتنا العظيمة اللي غيرت العالم في أم الدنيا من السبت إلى الأربعاء الساعة 7 مساءً على قناة CBC
ام الدنيا
سلسلة أم الدنيا بطولة سوسن بدر، وإخراج ورؤية محمود رشاد، مدير تصوير بسام إبراهيم، وعرض منها حتى الأن جزئين عبر منصة watch it الإلكترونية، حيث تسرد السلسلة بإطار تشويقي وإنساني بسيط وملم بتاريخ مصر الطويل منذ بدايته وحتى العصر الحديث.
مخرج سلسلة أم الدنيا
ومن جانبه أكد المخرج محمود رشاد مخرج سلسلة وثائقية "أم الدنيا"، أن فكرة موضوع الهوية مهم للغاية لتوعية المواطنين واختيار النجمة سوسن بدر لأداء السلسلة وأنها كانت أول اختيار بالنسبة له لأنها مثقفة جدًا وتضيف للموضوع وهي قريبة من الناس بكل الطبقات.
وأضاف محمود رشاد، أن سوسن بدر تتميز بمصداقية مع الجمهور وعشرة مع الناس وتقدم معلومة علمية بحتة وممكن تكون المعلومة معقدة ولكن وجودها سهل توصيل المعلومة وهنا فكرة اختيار الفنان لتبسيط توصيل المعلومة والفكرة.
نقل المومياوات الملكية في مصروكانت قد شاركت الفنانة سوسن بدر في الحدث التاريخي الكبير الخاص بنقل المومياوات الملكية في مصر، الذي جرى في 3 أبريل 2021، حيث تم نقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري في ميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط.
إطلالة سوسن بدر في الحدث التاريخي الكبير الخاص بنقل المومياوات الملكية في مصر
وكانت سوسن بدر واحدة من الشخصيات العامة التي شاركت في الاحتفالات المصاحبة لهذا الحدث، وخلال الحدث تميزت بإطلالة فرعونية رائعة تناسب المناسبة، حيث ارتدت زيًا مستوحى من الحضارة المصرية القديمة، مما أضاف إلى الأجواء الاحتفالية وزاد من جمالية وروعة الحدث.
وكان لهذا الحدث التاريخي صدى واسع ولاقى استحسانًا كبيرًا على المستويين المحلي والعالمي، حيث أبرز عظمة الحضارة المصرية القديمة وأهمية التراث الثقافي المصري.
أعمال سوسن بدر التاريخية
قدمت الفنانة سوسن بدر العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية التي تناولت التاريخ المصري والإسلامي والعربي، ومن أبرزها:_
مسلسل "أبو العلا البشري": قامت بدور "زهرة"، الذي كان له تأثير كبير في مسيرتها الفنية.
مسلسل "الملحمة": يتناول قصة تاريخية حول الصراع بين القبائل.
مسلسل "أم كلثوم": جسدت دور أم كلثوم في إحدى مراحل حياتها، مما أضاف لها بريقًا خاصًا.
مسلسل "مملوك في الحارة": يتناول فترة المماليك في مصر.
مسلسل "الملك فاروق": شاركت في هذا العمل الذي يتناول حياة الملك فاروق.
فيلم "إسكندرية كمان وكمان": من إخراج يوسف شاهين، والذي يعتبر من الأفلام التاريخية المهمة في السينما المصرية.
فيلم "الناصر صلاح الدين": حيث شاركت في فيلم تاريخي عن صلاح الدين الأيوبي.
مسلسل "رحيم": يتناول قضايا اجتماعية وتاريخية معاصرة.
هذه الأعمال تعكس قدرة سوسن بدر على تجسيد الشخصيات التاريخية بمهارة عالية، وقد ساهمت في تعزيز مكانتها كواحدة من أبرز الممثلات في مصر والعالم العربي.
تصريحات سوسن بدر عن ملامحها الفرعونية
تحدثت الفنانة سوسن بدر، خلال العديد من اللقاءات عن ملامحها الفرعونية وكيف أنها تشعر بالفخر لارتباطها بالحضارة المصرية القديمة. من أبرز تصريحاتها:
اعتزازها بالملامح الفرعونية: في مقابلات تلفزيونية وصحفية عديدة، أكدت سوسن بدر أنها فخورة بملامحها الفرعونية وأنها تجد فيها ارتباطًا بجذور الحضارة المصرية القديمة.
اللقب "نفرتيتي السينما المصرية": أعربت سوسن بدر عن سعادتها بهذا اللقب، مشيرة إلى أنه يحمل قيمة تاريخية كبيرة ويمثل جزءًا من التراث الثقافي المصري.
جلسات التصوير بالزي الفرعوني: تحدثت سوسن بدر عن تجربتها في جلسات التصوير بالزي الفرعوني وكيف أنها كانت تجربة مميزة أعادت إحياء روح الحضارة المصرية القديمة.
دور الفراعنة في تعزيز الهوية المصرية: أكدت سوسن بدر في تصريحاتها أن ملامحها الفرعونية تساعد في تعزيز الهوية المصرية وتذكير الجمهور بجمال وتاريخ الحضارة المصرية القديمة.
المشاركة في نقل المومياوات الملكية: عبرت عن فخرها بالمشاركة في هذا الحدث التاريخي، مؤكدة أن هذا الحدث يبرز عظمة الحضارة المصرية ويعزز من قيمة التراث الثقافي المصري.
وعكست التصريحات اعتزاز الفنانة سوسن بدر الكبير بملامحها الفرعونية وإحساسها بالانتماء العميق للحضارة المصرية القديمة، مما يضيف إلى جاذبيتها وتأثيرها كفنانة.
سوسن بدرتعرف على سوسن بدرهي فنانة مصرية بارزة تُعرف بملامحها الفرعونية الفريدة ومهاراتها التمثيلية الرائعة، وُلدت في 25 سبتمبر 1957 باسم سوزان أحمد بدر الدين، وبدأت مسيرتها الفنية في أواخر السبعينيات.
قدمت خلال مسيرتها الفنية العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية التي حظيت بشعبية كبيرة وأشاد بها النقاد.
درست في المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت منه.
بدأت مسيرتها الفنية بأدوار صغيرة، وسرعان ما أثبتت موهبتها وقدرتها على تجسيد شخصيات متنوعة.
أبرز أعمالها في السينما
شاركت في العديد من الأفلام مثل "سلام يا صاحبي"، "حب في الزنزانة"، و"إسكندرية كمان وكمان".
أهم أعمالها في التلفزيون
قدمت أدوارًا بارزة في مسلسلات مثل "أم كلثوم"، "المال والبنون"، "أبو العلا البشري"، "أبو العروسة"، و"حرب أهلية".
الجوائز والتكريمات
حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات على مدار مسيرتها الفنية، منها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
شاركت الفنانة سوسن بدر، في مسلسل "حدوتة منسية" وشاركها البطولة كلًا من :عبير صبري، أحمد فهيم، محمود حجازي، هشام إسماعيل، وطارق صبري، ريم سامي، نانسي صلاح، محمد علي رزق، أحمد صيام، أمير صلاح الدين، دعاء حكم، هلا السعيد، ومن تأليف محمود حمدان، وإخراج محمد محيى الدين.