موقع 24:
2024-12-18@15:56:59 GMT

عودة هوكستين... وعودة الدولة

تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT

عودة هوكستين... وعودة الدولة

وظيفةُ البيتِ أنْ يحميَكَ مع أطفَالِكَ. وأنْ يَردَّ الأمطارَ والعَواصفَ والمخاوفَ. وأنْ يحتضنَ أحلامَهم ويحرس ضحكاتِهم وذكرياتهم. وأن يذهبوا إلى المدرسة ويعودوا إليه. وأن يخفيَ تواضعَ العيش والوجبات.

إنّه وطنك في الوطن. لكنّك بالغت في الطمأنينة. عادتِ الحرب وهي دائماً تعود. وسقفُ البيت هشٌّ كسقف الوطن.

ويطلّ أفيخاي أدرعي ويوجّه إليك إنذاراً صريحاً؛ تغادر أو يطحنك الركام. تتحوّل نازحاً أو جثة. وأدرعي المتكئ على التَّرسانة الرهيبة ينفّذ تهديداته. لا تتأخر آلةُ القتل الإسرائيلية في الوصول. ذكاء اصطناعي وقذائف أمريكية. ولا يبقَى أمامك إلا مراكزُ الإيواء لانتظار عودة آموس هوكستين. هذه قصتنا منذ عقود. الطائرةُ إسرائيلية والمبعوثُ أمريكي، فإلى أين المفر؟
من حسن الحظ أنّ جروحَ العقدين الماضيين لم تقتلع من نفوس اللبنانيين بقايا مشاعر التضامن الوطني والإنساني، على رغم التدهور الواضح في العلاقات بين الجزر اللبنانية. غالبية الجزر لا تخفي معارضتها لـ«وحدة الساحات». وترى أنَّ السلاح «يجب أن يكونَ بيد القوى الشرعية وحدها ومثله قرار الحرب والسلم». وأنَّ «جبهة الإسناد لم تنقذ غزة وقادت لبنان إلى الوضع الحاضر». وأن «نوايا إسرائيل العدوانية لا تخفى على أحد، لكن علينا عدم توفير الذرائع». وأن «وحدة الساحات أكبر من قدرة لبنان على الاحتمال والأمر نفسُه بالنسبة إلى الدور الإقليمي لـ(حزب الله)».
يعرفُ اللبناني العادي ما يعرفه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، ومفاده أنَّ الرقمَ الوحيد الذي يمكن الاتصال به هو رقم هوكستين الذي رفضنَا نصائحه قبل شهور. لا أوهام في هذه المسألة. هوكستين ليس مندوبَ جمعيةٍ خيرية أو هيئة إغاثة. إنَّه موفد الإدارة الأمريكية التي سارعت إلى التَّصدي لمفاعيل «طوفان الأقصى» ودانت منذ اليوم الأول «جبهة الإسناد». ويعرف أنَّ أمريكا تشارك إسرائيل في هدف تفكيك «وحدة الساحات» وفي إخراج جبهةِ جنوب لبنان من النزاع العسكري مع إسرائيل. يعرف اللبناني ذلك، لكن لا خيار أمامه غير معبر هوكستين.
في موازاة ذلك وسَّعت إسرائيل حربَها التدميرية. هدفُها واضح. تدفيع بيئةِ «حزب الله» ثمناً رهيباً ردّاً على احتضانها الحزب و«وحدة الساحات» و«جبهة الإسناد». تريد إسرائيل إغراقَ هذه البيئة في الركام وقلق النزوح وتوتراته. وإغراق هذا المكوّنِ يعني بالضرورة إغراقَ لبنان برمّته. لا قدرة لمكوّن لبناني على الاستقالة ممَّا يلحق بمكوّن آخر. مصائرُ اللبنانيين متشابكة مهما تباعدت مفرداتُ قواميسهم. دفعت إسرائيل أكثرَ من مليون لبناني إلى النزوح. دمَّرت المدن والقرى وكأنَّها تريد تدميرَ البيئة برمتها. وثمة من يعتقد أنَّ الخطة الإسرائيلية ترمي إلى إعادةِ إشعال النار داخل البيت اللبناني نفسه، ودفع اللبنانيين إلى التقاتل في «اليوم التالي» تحت ركامِ بلادهم.
ينتظر لبنانُ هوكستين في وقتٍ ينتظر العالم بأسره انتقالَ المقاليد في البيت الأبيض إلى يد دونالد ترمب بعد شهرين. مصير مهمة المبعوث الأمريكي لا ينفصل عن الحديث الدائر عمَّا سيكون عليه وضعُ إيران في عهد ترمب الثاني. وإذا صح ما نُشر حديثاً عن أن ترمب سيستهل عهده بإعادة تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني يصعب توقع أن تسهل طهران عملية إنهاء قدرة الحزب على إطلاق الرسائل مع القذائف من جنوب لبنان. وليس ثمة شكٌّ في أنَّ موافقة الحزب على تطبيق القرار 1701 وبصورة جدية تحتاج إلى موافقة إيرانية. وقد تكون المسألة أكثر تعقيداً. إدارة ترمب لا تبدو مستعدة للتفاوض مع إيران حول الملف النووي فقط كما فعلت إدارة باراك أوباما. واضح أنها تريد مفاوضات تشمل أيضاً قضية «الأذرع الإيرانية».
يحتاج لبنان إلى وقفٍ سريع لإطلاق النَّار لقطعِ الطريق على خطر الانهيار الكامل. لا يستطيع احتمال عواقبِ تبادل جديد للضربات بين إيرانَ وإسرائيل خصوصاً مع تلويح حكومة بنيامين نتنياهو بتوسيع بنك الأهداف على الأرض الإيرانية ليشمل قطاعات بالغة الحساسية. لا بد إذن من هوكستين الذي يملك حتى الساعة مفتاحاً وحيداً هو التطبيق الجدي للقرار 1701.
تطبيق القرار 1701 شديد الأهمية لكنَّه لا يكفي لإنقاذ لبنان. سمع المسؤولون اللبنانيون من أكثر من طرف دولي أنَّ إعادة الإعمار في لبنان تشترط قيام دولة لبنانية طبيعية. وأنَّ العالم لن يقدم مساعدات ستتبخّر مفاعيلها في حرب مقبلة. وهذا يعني أنَّ اللبنانيين يجدون أنفسَهم أمام ضرورة اتخاذ قرارات جريئة بل مؤلمة. أول قرار هو التسليم بعودة القرار إلى يد الدولة اللبنانية ومؤسساتها. وهذا يعني بوضوح الرجوع من زمن الساحة إلى زمن الدولة. وأن يرجع اللبنانيون إلى اتفاق الطائف وانتظام عمل المؤسسات. يستطيع هوكستين وقفَ النَّار في جنوب لبنان لكنَّ ترميمَ البيت اللبناني يستلزم العودة إلى لقاء اللبنانيين في المؤسسات وتخطي مرارات المرحلة السابقة. وفي هذا السياق فإنَّ «حزب الله» الذي أصيب في قيادته وبيئته مدعو إلى اتخاذ «قرارات مؤلمة».
الفترة التي تفصلنا عن تسلُّمِ ترمب مهامَّه شديدةُ الخطورة. والوحشية الإسرائيلية بلا حدود أو روادع. لا بدَّ من هوكستين. ولا بدَّ من «قرارات مؤلمة». اتخاذ القرارات المؤلمة اليوم أفضل من اتخاذها بعد الانهيار الكامل. عودة هوكستين لا تكفي. لا بدَّ أيضاً من عودة الدولة. وحدها الدولة تستطيع تضميدَ جروح المكوّن المستهدف حالياً وتضميد مخاوف كل المكوّنات.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله وحدة الساحات

إقرأ أيضاً:

وزير دفاع إسرائيل: نحن في أقرب وقت للتوصل إلى صفقة تبادل منذ الصفقة السابقة

قال ‏وزير دفاع إسرائيل يسرائيل كاتس: “نحن في أقرب وقت للتوصل إلى صفقة تبادل منذ الصفقة السابقة”.

وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.

وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.

وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.

هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو... إسرائيل تزعم تدمير مقرّ قيادة لـحزب الله في الجنوب
  • يخصُّ لبنان.. هدف يجمع إسرائيل وسوريا الجديدة!
  • العدو الصهيوني يواصل عدوانه على لبنان ويمنع عودة النازحين للجنوب
  • البيت الأبيض: إسرائيل وحماس تقتربان من اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
  • لبنان يؤكد أهمية التقيد بإجراءات وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • وزير دفاع إسرائيل: نحن في أقرب وقت للتوصل إلى صفقة تبادل منذ الصفقة السابقة
  • جهاد الأطرش مكرماً: تمنيت عودة اذاعة وتلفزيون لبنان شمسا تشرق على مجتمعنا
  • صمود وعودة بعد 17 عاما من السجن في سوريا
  • ترمب في رسالة لنتنياهو :وضعكم الدولي (إسرائيل) صعب .. تقرير عبري يكشف تفاصيل الرسالة
  • سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران