قال الباحثان سايمون هندرسون وديفيد شينكر إن "الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يريد ثلاثة أشياء رئيسية مقابل اتفاقية تطبيع محتملة مع إسرائيل، وهي ضمانات أمنية أمريكية، ومعدات وتكنولوجيا عسكرية أمريكية متطورة، ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني".

هندرسون وشينكر اعتبرا، في تحليل بـ"معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني" (WINEP) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الطلب الثالث قد يكو هو الأكثر تحديا لواشنطن؛ لأنه يتضمن الوصول إلى تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم التي يمكن استخدامها لإنتاج متفجرات نووية"، ما يخلق حيرة وتساؤلات في كل من واشنطن وتل أبيب وطهران.

وأضافا أن "التمسك بمثل هذه الصفقة من شأنه أن يخلق "أرامكو النووية"، مما يحاكي التورط التاريخي لشركات النفط الأمريكية في ثلاثينيات القرن الماضي والذي أدى في النهاية إلى امتلاك السعوديين بالكامل لأكبر شركة نفط في العالم".

والسعودية لا تربط بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وترهن الأمر بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وبشدة، ترغب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إقامة علاقات مع السعودية؛ نظرا لمكانتها البارزة في العالمين العربي والإسلامي، بما قد يفتح أبواب التطبيع مع دول أخرى كثيرة، وكذلك القدرات الاقتصادي الضخمة للدولة الخليجية الثرية والغنية بالنفط.

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: لا نعارض تطوير السعودية برنامجا نوويا من أجل التطبيع

طهران.. عتبة نووية

ومحذرين من طموح السعودية، قال هندرسون وشينكر: "بالتأكيد تتذكر واشنطن تصريحات ولي العهد النووية في مقابلة 2018 مع برنامج 60 دقيقة، حين قال: "لا تريد السعودية امتلاك أي قنبلة نووية، ولكن إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".

وتابعا: "قد يعتبر البعض هذا تعليقا مرتجلا وليس بيانا للسياسة، لكن المقابلة كانت مسجلة مسبقا وجاءت خلال رحلة مهمة إلى واشنطن هي الأولى له بعد تعيينه وريثا للعرش".

وتقول عواصم خليجية وإقليمية وغربية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب ووانشطن، إن طهران تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تشدد إيران على أن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

وأعطى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد، إشارة إلى ما تريده المملكة في المجال النووي، إذ قال في وقت سابق إنها ترغب في "دورة الوقود النووي بأكملها، بما يتضمن إنتاج الكعكة الصفراء، منخفضة اليورانيوم المخصب، وتصنيع الوقود النووي لاستخدامنا الوطني وبالطبع للتصدير"، كما أضاف هندرسون وشينكر.

واعتبرا أن "العبارة التي يحتمل أن تكون مزعجة "دورة الوقود النووي الكاملة" تشير إلى أن المملكة تريد إعادة معالجة الوقود المستهلك، والذي يمكن أن يولد البلوتونيوم المتفجر كمنتج جانبي".

وزادا بأنه "من المستبعد جدا أن يقبل محمد بن سلمان أي اتفاق يمنح المملكة أقل مما اعترفت به واشنطن لإيران في الاتفاق النووي لعام 2015، وقد تركزت المناقشات الأمريكية السعودية على برنامج التخصيب الضخم الخاص بإيران، والذي يُفترض أنه يهدف إلى تزويد المفاعلات المدنية بالوقود، ولكن تم تحديده بوضوح على أنه برنامج عسكري".

وأردفا أن "معظم المراقبين يعتقدون أن طهران الآن على أعتاب كونها دولة مسلحة نوويا، إذا يمكنها بسرعة تخصيب مخزونها الكبير من المواد الانشطارية لإنتاج خمس قنابل نووية، على الرغم من أنها قد تحتاج شهورا أو حتى سنوات لإتقان آلية الانفجار الداخلي المطلوبة أو الرأس الحربي الصاروخي أو أي نظام توصيل آخر".

وبوساطة الصين، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى 7 سنوات من القطيعة بين بلدين أجج تنافسهما على النفوذ العديد من الصراعات في المنطقة، ويعتقد مراقبون أن مصالحتهما كانت بدافع الضرورة ولن تدوم طويلا.

اقرأ أيضاً

في واشنطن وتل أبيب والرياض.. عقبات أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل

تل أبيب.. غموض

ويوجد اعتبار آخر، وفقا هندرسون وشينكر، وهو إسرائيل، التي "لم تبلور حكومتها بعد وجهة نظر موحدة وموثوقة بشأن برنامج سعودي للطاقة النووية".

وأضافا أنه "في يونيو/ حزيلران الماضي، أعرب وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس في الأمم المتحدة عن معارضته لمثل هذا البرنامج، لكن بعد بضعة أشهر، قلل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي من أهمية المخاطر المحتملة".

ولفتا إلى أن "إسرائيل عارضت اقتراح الأردن لبناء محطة للطاقة النووية في 2009 بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. ولا شك أن إنشاء مفاعل على ساحل البحر الأحمر في السعودية، بعيدا عن إيران ولكن في نطاق صواريخ شركاء طهران الحوثيين في اليمن، من شأنه أن يولد مخاوف مماثلة".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية ضخمة لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية.

اقرأ أيضاً

للتطبيع ثمن.. ما المطلوب من أمريكا والسعودية وإسرائيل وفلسطين؟

واشنطن.. موقف صعب

هندرسون وشينكر قالا إن "مطالب التخصيب السعودية تضع إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن في موقف صعب أيضا، فلطالما حظرت واشنطن التخصيب عند التفاوض على تعاون نووي مدني مع دول المنطقة، وهو ما فعلته مع الإمارات والأردن، لكن كانت هناك استثناءات مثل الهند".

وتابعا أن "الاحتمالات الإقليمية المتغيرة للعبة السلام الإسرائيلي-السعودي، والمخاوف من أن الرياض قد تبحث في مكان آخر عن برنامجها النووي إذا لم تساعدها واشنطن، وهو ما يعني ضمانات أقل، يمكن أن تدفع إدارة بايدن نحو نظرة أكثر مرونة بشأن التخصيب".

و"يُعتقد على نطاق واسع أن مصر والسعودية وتركيا والإمارات لديها القاعدة التكنولوجية لمثل هذه الجهود أو الوصول إليها، في حين أن روسيا والصين وربما حتى فرنسا قد تقدم لتلك الدول مساعدة إضافية، فمثلا وقَّعت باريس مع الرياض في يوليو/ تموز الماضي اتفاقية تعاون نووي"، وفقا لما ختم به هندرسون وشينكر.

اقرأ أيضاً

لـ4 أسباب.. امتلاك السعودية لسلاح نووي لا ينبغي أن يقلق أمريكا

المصدر | سايمون هندرسون وديفيد شينكر/ معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية برنامج نووي الولايات المتحدة إسرائيل تطبيع إيران اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعيّن مقرباً من نتانياهو والجمهوريين سفيراً لدى واشنطن

أعلنت إسرائيل، الأحد، موافقتها على تعيين يحيئيل ليتر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو سفيراً لها لدى الولايات المتحدة.

ويأتي إعلان إسرائيل بعد اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المحافظ المتشدد مايك هكابي ليكون سفيراً لبلاده لدى إسرائيل.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "وافقت الحكومة بالإجماع على تعيين الدكتور يحيئيل ليتر سفيراً لدى الولايات المتحدة".
وليتر، المقرب من الحزب الجمهوري الأمريكي، كان أحد قادة مجلس المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة "يشع" في تسعينات القرن الفائت. هل يقود ترامب "صفقة الرهائن" على طريقة ريغان 1981؟ - موقع 24يعلق أهالي الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون آمالهم على نجاح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في إنجاح اتفاق في غزة بأسرع وقت، وتحقيق ما فشل فيه الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن. وهو أيضاً عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو ويعمل حالياً مستشاراً استراتيجياً لمراكز أبحاث إسرائيلية.
وقتل ابن ليتر ويدعى "موسى" في قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وسيتولى ليتر منصبه الجديد بعد تنصيب ترامب العام المقبل، خلفاً للسفير مايك هرتسوغ شقيق الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي تم تعيينه في العام 2021.
وينظر إلى ليتر على أنه أحد أشد المنتقدين لسياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وانتقد في يناير (كانون الثاني) في مقابلة مع قناة "توف" الإسرائيلية الخاصة "الضغوط الأمريكية" خلال الحرب على غزة.
ورحبت إسرائيل هذا الشهر بترشيح مايك هكابي وخصوصًا أنه من أشد المؤيدين لحكومة نتانياهو.
وكان هكابي في العام 2017 بين من حضروا مشروع توسعة مستوطنة معاليه أدوميم، إحدى أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تطالب إسرائيل بكبح عنف المستوطنين بالضفة الغربية
  • أمريكا: نأمل في اتفاق بشأن لبنان وننتظر موافقة إسرائيل وحزب الله
  • إسرائيل ولبنان يتفقان على شروط إنهاء الصراع
  • الشتاء قادم في أوروبا.. وتقلب أسعار الطاقة آت أيضا
  • واشنطن تحذر إسرائيل بشأن وقف أوامر الاعتقال ضد مستوطنين
  • ابنه قتل في غزة.. تعرف على سفير إسرائيل الجديد لدى واشنطن
  • إسرائيل تعيّن مقرباً من نتانياهو والجمهوريين سفيراً لدى واشنطن
  • مواجهة عسكرية محتملة.. الحلف النووي الروسي الصيني يهدد هيمنة واشنطن دولياً
  • مظاهرات في عواصم ومدن عالمية تنديداً بالعدوان على قطاع غزة ولبنان
  • روسيا والتصعيد النووي: هل يفرض بوتين معادلة معقدة على ترامب؟