حزب الله والمسوّدة الأميركية: تناغم بين الميدان والمسار الديبلوماسي
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": يظهر "حزب الله" برودة حيال مسوّدة الورقة الأميركية الرامية إلى تكريس هدنة في الجنوب والتي وصلت إلى الحزب عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري إذ تعامل معها الحزب بطريقة "التقيّة"، فلا احتفى بها ولا سارع إلى كشف بنودها ونقاطها (الـ15) مقدّمة لرفضها.
وبناءً على ذلك ومع مرور أربعة أيام على تسليم الورقة إلى جهات محددة في بيروت، بدا الحزب كأنه غائب عن الصورة على رغم أنه المعني الأول والذي على كلمته يتوقف مسار التفاوض الديبلوماسي الذي انطلق أخيراً، واستطراداً يتوقف عليه مسار المواجهات العسكرية.
الأمر الأساس الذي شاء الحزب أن يسلط الأضواء عليه هو أن هذا الحراك الديبلوماسي هو "حراك جدي" هذه المرة. وفي معرض ذلك يقول أحد وزيري الحزب في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم إن "ثمة ورقة مكتوبة قُدّمت للمرة الأولى، وهذا التطور يشير إلى الجدية". وإن كان بيرم اكتفى بهذا القدر من الكلام عن الورقة ولم يشأ أن يفتح سجالاً حول مضامينها، فإن مصدراً إعلامياً وثيق الصلة بالحزب أكد من جهته أيضاً أن التفاوض غير المباشر لوقف النار جدي لكنه استدرك قائلاً "إن النقاش حول هذه المسوّدة يحتاج إلى وقت لا يمكن حصره بأيام قليلة، وإلى جانب الأخذ والرد حول الورقة – المسودة ثمة تفاوض بالنار".
وهكذا وإن كان المصدر يفصح عن ارتياح الحزب المبدئي لظهور الورقة فإنه يلفت إلى أمرين:
- الأول أنه غير معني بكل ما قيل سابقاً عن جولات تفاوض جرت وكان محورها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين وذكر أنها تمخضت عن ورقة قيل إنها صارت وديعة عند أوساط لبنانية رسمية، وقيل أيضاً إن هذه الورقة هي عينها التي استند إليها اللقاء الثلاثي الذي انعقد في عين التينة بعد وقت قصير على اغتيال الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله .
الثاني أن الحزب شاء بعد الضجة التي رافقت وصول المسوّدة الأميركية أن يوحي لجمهوره بأن عليه ألا يفرط في الرهان على تلك الورقة بل أن تظل عينه على الميدان وأن يبقى رهانه الأكبر عليه حيث تُرسى "معادلات لا تفضي إلى التعامل مع الحزب كقوة مهزومة أو على شفير الهزيمة، بل إنه قوة ما زال لديها أوراق ومفاجآت".
واقع الحال هذا راسخ في خطاب الحزب، ففي أي حوار مع أي من رموز الحزب يسارع إلى الإسهاب في الحديث عن "التطورات الميدانية التي تحققت أخيراً لمصلحة الحزب" وجعلت إسرائيل كما قال نائب الحزب حسن عز الدين تتراجع عن كثير من الشروط التي كانت تسعى إلى فرضها وهي تصبّ في خانة "تسريح الجهاز العسكري للحزب من جهة وإبقاء الجنوب واستتباعاً لبنان كله تحت العين الإسرائيلية الراصدة، ما يشكل انتهاكاً فاضحاً للسيادة اللبنانية أو بما يكرّس احتلالاً مقنّعاً للجنوب".
وخلص عز الدين إلى "أننا في الوقت الذي نتعاطى فيه إيجاباً مع المساعي الديبلوماسية فإن ما يهمنا أن نثبت عملياً أن معادلة الميدان لا تعطي العدوّ حق ادّعاء النصر وفرض شروطه التي في جملتها تنتقص من السيادة".
باختصار، يحاول الحزب وهو لا يرفض الورقة الأميركية، أن يرسّخ معادلة تقوم على التناغم بين الميدان والمسار الديبلوماسي، وتلك معادلة صعبة جداً ومكلفة، والسؤال: هل ينجح؟
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية وجنبلاط الى دمشق قريبا!
ما استحقاق الانتخابات الرئاسية في التاسع من الشهر المقبل يتصدر الاهتمام من زوايا عدة تفتقد إلى وحدة الرؤية. وأتت إطلالة الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم السبت الماضي لتؤكد استمر التباعد في المواقف الداخلية على كل الصعد تقريباً.
واشارت الأنباء في نهاية الأسبوع الماضي الى زياراتين مرتقبتين لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط لدمشق للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (الشيخ أبو محمد الجولاني). وهذا التطور يفتح الأفق أمام زيارات أخرى .
وقالت أوساط بارزة في المعارضة ان الأمين العام لـ "الحزب" يقول "إن "الحزب" هو من يضع الأجندة السياسية في البلد" من خلال روزنامة العمل التي تتضمن أربعة عناوين وهي: تنفيذ القرار 1701 جنوب الليطاني فقط، إعادة الإعمار، الانتخابات الرئاسية والحوار.
أضافت هذه الأوساط ل "نداء الوطن"ان على "حزب الله" أن يعلم أنه ليس من يضع الأجندة في لبنان. وعندما كان يضعها سابقاً تسبب بالحروب والكوارث التي كانت وبالاً لا مثيل له على لبنان".
وتابعت: "من الآن فصاعداً سيضع أجندات العمل الذين يلتزمون تطبيق الدستور وتالياً اتفاق الطائف والقرارات الدولية1701
و 1559 و1680".
ولفتت إلى أنه منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه "الحزب" لم يعد سلاح الأخير موجوداً. كما لم يعد هناك أي حوار مع "حزب الله". ومن سيدير الحوار رئيس الجمهورية المقبل لن يكون له أية علاقة بالاستراتجية الدفاعية. فالمرحلة الماضية التي كانت تتطلب هذه الاستراتيجية قد ولّت إلى غير رجعة".
واعتبرت الأوساط نفسها أن كلمة قاسم هي الأولى بعد سقوط النظام السوري وأتت لكي يقول إن سلاحه باقٍ لكن قاسم يعلم أن اتفاق وقف إطلاق النار ما كان ليوقع لو لم يستسلم "الحزب" وعلى الرغم من معرفة قاسم أن شيئا اسمه مقاومة لم يعد موجوداٍ لكنه مع ذلك يريد الإبقاء على هذا العنوان ولو لفظياً كعنوان قوة له".
وخلصت هذه الأوساط إلى القول: "إنه منطق خطير بكل خلفيته. وإذا كنا مختلفين على قراءة نص وقف إطلاق النار والـ 1701 واتفاق الطائف فهناك مشكلة. وخطورة المشكلة أننا نذهب إلى انتخابات رئاسية ومن ثم نعود إلى السرديات السابقة نفسها ما يعني أن رئيس الجمهورية المقبل سيكون مكبلاً ومثله رئيس الحكومة الجديد ونعود بعد ذلك إلى دوامة البيانات الوزارية".
وكتبت" الاخبار": يبدو أن حزب الله دخل مرحلة جديدة على مستويات عدة. ويعكس خطاب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أول من أمس، جانباً من هذه المرحلة، من دون أن يعني ذلك تغييراً في الثوابت أو الأهداف.
جمهور المقاومة، كما الحلفاء والأعداء، الذين يراقبون باهتمام ما يقوله الشيخ قاسم، بدأوا يتعايشون مع تغيير، ويبدو أن الشيخ قاسم نفسه يساعد الجمهور والحلفاء والأعداء على التكيّف مع المرحلة الجديدة. ولذلك، شكّل خطاب السبت نقطة انطلاقة جديدة، تعكس جانباً من آلية التفكير لدى قيادة حزب الله.
قد يكون مستغرباً للبعض أن قاسم دخل مباشرة في معالجة القضايا التي يعدّها الحزب مفصليّة في هذه المرحلة. وهو عالجها بطريقة مباشرة، ومدروسة، ولم يفتح المجال أمام أي نوع من الإطالات، وربما كان عملياً بصورة كبيرة، وليس ناقصاً للعواطف كما يفترض كثيرون. لكن الخطاب كان مناسبة ليعرف جمهور الحزب والآخرون مركز الاهتمام الآن، ولو أن قاسم لم يكن، في خطاب السبت، في وارد الإجابة عن كل الأسئلة التي تطرح اليوم، سواء بما خص المصير النهائي لاتفاق وقف إطلاق النار، أو الآلية التفصيلية الخاصة بعملية إعادة الإعمار، أو الموقف من تفاصيل كثيرة تتعلق بالحدث السوري الكبير.