اندلعت قبل ثلاثة أيام اشتباكات مسلحة بين الجيش المالي ومقاتلين من الحركات الأزوادية وذلك في بلدة "بير" الواقعة شمال شرق مدينة تمبكتو بشمال مالي، وسط مخاوف من عودة الصراع المسلح بين حكومة باماكو والحركات الأزوادية.

وقالت "تنسيقية الحركات الأزوادية" إن قواتها تصدت لهجوم من جانب الجيش المالي وقوات فاغنر في بلدة بير الواقعة شمال شرق مدينة تمبكتو.



في المقابل تحدث الجيش المالي عن مقتل جندي وإصابة 4 آخرين خلال التصدي لمن وصفهم بإرهابيين هاجموا قواته المتجهة إلى مدينة بير قرب تمبكتو.

في غضون ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي "مينيسما" إصابة 3 من عناصرها بجروح، إثر وقوعهم في كمينين، أثناء انسحابها يوم الأحد من منطقة "بير" شمالي البلاد.

وكانت البعثة الأممية بمالي، قد أعلنت الأحد الماضي انسحابها المبكر من منطقة "بير" بعد أن كان مقررا انسحابها منها منتصف الشهر الجاري، مبررة ذلك بـ "تدهور الأمن بالمنطقة، والمخاطر الكبيرة التي يشكلها ذلك على قواتها".


ودعت البعثة الأممية الموجودة في مالي منذ العام 2013، مختلف الجهات الفاعلة المعنية إلى "الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يزيد من تعقيد العملية".

وقال القيادي بتنسيقية الحركات الأزوادية، محمد مولود رمضان، في تصريحات صحفية: إن "الهجوم الذي شنه الجيش المالي وقوات فاغنر على مدينة بير قرب تمبكتو يمثل خرقا لاتفاقية الجزائر للمصالحة، بين الحركات الأزوادية وحكومة باماكو".

واحتضنت الجزائر في 2014، مفاوضات بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية توجت بتوقيع اتفاق سلام في يونيو 2015، فيما عُرف بـ "مسار الجزائر".

مؤشرات عودة الصراع
ويرى متابعون أن الاشتباك الأخير ومغادرة ممثلي الحركات الأزوادية، العاصمة المالية باماكو، مؤشرات جدية على عودة الصراع المسلح بين هذه الحركات والحكومة المركزية في باماكو.

وفي هذا السياق قال الباحث الموريتاني المختص في الشأن الأفريقي، سيد أحمد ولد باب: إن عودة الصراع بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية باتت قريبة جدا في ظل حالة الاضطراب التي تعرفها المنطقة.

ولفت في تصريح لـ "عربي21" إلى أن منطقة الساحل الأفريقي خصوصا بوركينافاسو ومالي وأخيرا النيجر، يحكمها عسكريون أتوا إلى السلطة في انقلابات عسكرية، مضيفا أن انقلاب النيجر الأخير أدخل المنطقة برمتها في حالة من الاضطراب والتوتر.

وأضاف أن الاشتباكات الأخيرة بين القوات المالية مدعومة بقوات فاغنر الروسية، هي "مؤشر حقيقي على عودة الأزواديين للكفاح المسلح ضد حكومة باماكو"، بعد سنوات الهدوء أعقبت اتفاق الجزائر.

وأوضح أن مغادرة ممثلي الحركات الأزوادية للعاصمة باماكو، يعني أن هذه الحركات تخطط بالفعل للتصعيد ضد السلطات المالية، من أجل فرض الحكم الذاتي لإقليم أزواد، أو على الأقل تحقيق مكاسب تعزز موفقهم في أي مفاوضات في المستقبل.

وساطة متوقعة
وفي هذا السياق ذكرت وسائل إعلام موريتانية أن نواكشوط دخلت على خط الأزمة في مالي بغية وقف التصعيد المحتمل بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية.

ولم يستبعد الباحث المختص في الشأن الأفريقي، سيد أحمد ولد باب، في حديثه لـ"عربي21" أن تقوم الحكومة الموريتانية بوساطة لتهدئة الوضع، نظرا لخطورة أي تصعيد محتمل قرب حدودها في هذه الظرفية.


لكنه لفت إلى أن بعض القوى الأجنبية وعلى رأسها فرنسا، قد تكون سعيدة بحراك الأزواديين نظرا لأنه قد يربك الحكام العسكريين في باماكو، حيث بلغ التوتر ذروته بين باريس وباماكو بعد دعم العسكر في مالي لانقلاب النيجر.

ما هو إقليم أزواد؟
هو منطقة بشمال مالي محاذية للحدود مع موريتانيا، ويضم عدة مدن أبرزها مدينة تمبكتو التاريخية، بالإضافة إلى مدن، كيدال وغاو، ويتكون سكان الإقليم من عرقيات الطوارق (هم غالبية السكان) والعرب والفلان والسونغاي.

وتبلغ مساحة الإقليم 822 ألف كلم مربع أو ما يقارب 66% من مساحة مالي الكلية البالغة مليونا و240 ألف كلم مربع.

شكل الأزواديون سنة 1988 أول جبهة سياسية ذات نشاط عسكري عُرفت باسم "الحركة الشعبية لتحرير أزواد" إذ قادت تمردا عسكريا ضد باماكو سنة 1990 لكنها عانت بعد فترة قصيرة من أزمة داخلية انتهت بتفككها، وتحولها إلى عدة تشكيلات كان من أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير أزواد" و"الجيش الثوري لتحرير أزواد".

ومنذ التسعينات دخلت هذه الحركات في مواجهة دامية مع الجيش المالي، واستطاعت في كثير من الأحيان أن تسيطر على بعض المناطق.

وفي عام 2014 استضافت الجزائر محادثات سلام بين الحركات السياسية والعسكرية الأزوادية والحكومة المالية، تـُوجت باتفاق سلام وُقع بالتزامن في مدينتيْ الجزائر العاصمة وباماكو (عاصمة مالي) يوم 15 مايو 2015.

ونص الاتفاق على تخلي الأزواديين عن مطلب الانفصال عن مالي مقابل منحهم حكما ذاتيا موسع الصلاحيات، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني.

لكن الاشتباكات الأخيرة تضع هذا الاتفاق في مهب الريح، وتزيد التوتر في منطقة الساحل التي تعيش وضعا مضطربا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المالي بير فاغنر مالي بير فاغنر الصراع في مالي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش المالی فی مالی

إقرأ أيضاً:

نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟

نشر موقع " شيناري إيكونومتشي" تقريرا سلّط فيه الضوء على فشل النماذج الاقتصادية التقليدية "دي إس جي إي" في التنبؤ بالأزمات المالية، إذ تفترض أن البنوك المركزية تتحكم في المعروض النقدي، بينما الواقع يُظهر أن 90% من الأموال تُخلق عبر القروض البنكية الخاصة، ممّا يجعل النظام المالي أكثر هشاشة وأقل قدرة على الاستجابة للصدمات.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النماذج الاقتصادية التقليدية تفترض، وجود نظام نقدي تسيطر فيه البنوك المركزية بشكل كامل على عرض النقود من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإن هذه الفرضية ليس لها أي أساس من الصحة، إذ أن العرض النقدي الإجمالي اليوم هو بنسبة 90% نتيجة لنشاط الإقراض الذي تقوم به البنوك الخاصة، وهو مستقل تقريبًا عن البنك المركزي.



ومع ذلك، من خلال دمج النماذج الاقتصادية التقليدية مع المستجدات في مجال العملة المالية التي أنشأتها المبادرة الاقتصادية الإيطالية للإصلاح النظام النقدي مونيطا بوزيتيفا من خلال ساير (النظام المتكامل للادخار الحكومي)، سيأخذ النظام النقدي شكلًا مختلفًا جذريًا:

1- سيتم إنشاء النظام المتكامل للادخار الحكومي"ساير" مباشرة من قبل الدولة، دون أي ديون مرتبطة به. وهذا الإصدار النقدي سيؤدي تدريجيًا بمرور الوقت إلى تقليل آلية إنشاء النقود القائمة على الدين، والتي تميز النظام المصرفي الحالي.

2- لن يكون النظام المصرفي التقليدي بعد الآن هو الجهة التي تنشئ الغالبية العظمى من النقود الموجودة في النظام الاقتصادي من خلال الائتمان، بل سيعمل في منافسة مع ساير الذي يتم إنشاؤه من قبل الدولة.

وأوضح الموقع أنه لدمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية، سيكون من الضروري إعادة تصميم آلية الإصدار المباشر للنقود: إدخال عنصر "الدولة" كوكيل اقتصادي يقوم بإصدار النقود وفقًا لاحتياجات الاقتصاد، دون توليد ديون. ويتطلب ذلك إعادة صياغة معادلات عرض النقود بحيث تعكس الواقع بشكل أكثر دقة.



إن إعداد آلية إدارة لساير يتم تمثيلها كوحدة تنظم عرض النقود استنادًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل الرفاهية العادلة والمستدامة "بي إي إس"، ومستويات التوظيف، والتضخم، كي تعمل كأداة استقرار تلقائي.

وأشار الموقع أنه في النماذج الاقتصادية التقليدية، تعكس معادلات التوازن المالي للوكلاء الاقتصاديين (الأسر، الشركات، الدولة) التفاعلات بين الادخار والاستثمار والديون، ومع إدخال ساير ومونيطا بوزيتيفا سيتوجب إعادة النظر في هذه المعادلات مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:

1- التأثير على الدين العام: من خلال إصدار ساير، ستقوم الدولة تدريجيًا بتقليل إصدار السندات الحكومية في السوق، مما سيؤدي إلى تغيير جذري في ديناميكيات وإدارة الموازنة العامة.

2- إدخال متغير جديد عبر ساير:
يوفّر ساير آلية حقيقية لحماية الادخار الخاص، وفقًا لما ينص عليه الدستور الإيطالي في المادة 47، من خلال عزله عن التقلبات والمضاربات السوقية. هذا المتغير سيؤثر بشكل مباشر على قرارات الإنفاق العام وإعادة التوزيع، ليصبح عنصرًا أساسيًا في استقرار الاقتصاد.

في النماذج الجديدة للنماذج الاقتصادية التقليدية سيكون من الضروري تحليل التأثيرات التي ستنتج عن السياسات الاقتصادية الجديدة المستندة إلى عمل ساير، خاصة في حالة حدوث صدمات اقتصادية.
في الواقع، في حالة:

صدمة في الطلب: إذا حدث انخفاض في الطلب الكلي، يمكن لساير تنشيط استثمارات عامة جديدة لتحفيز الاقتصاد، مما يساهم في تخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمة.

سياسات مالية مضادة للدورات الاقتصادية: يتيح ساير اختبار سياسات مالية تلقائية تقلل من الحاجة إلى التدخلات الاستثنائية، مما يحسن سرعة الاستجابة الاقتصادية.

التحكم في التضخم والانكماش: يمكن ضبط عرض النقود مباشرة عبر ساير لدراسة تأثيره على التضخم واستقرار الأسعار، مما يوفر رؤى جديدة حول إدارة السياسة النقدية.

أزمة الائتمان: في حال حدوث انخفاض في الإقراض للقطاع الخاص، يمكن لساير أن يتيح تقديم قروض جديدة مباشرة به، أو استخدامه كضمان للحصول على تمويل من النظام المصرفي التقليدي.

وذكر الموقع أن دمج ساير في النماذج الاقتصادية التقليدية سيفتح المجال أمام عمليات محاكاة وسيناريوهات جديدة، يمكنها أن تُبرز الإمكانات الهائلة لهذه الأداة. فهي تتيح لكل دولة إمكانية اتباع سياسة اقتصادية مستقلة، بعيدًا عن القيود والتدخلات الخارجية.

من خلال ساير وتبنّي الرفاهية العادلة والمستدامة، سيصبح النظام الاقتصادي:

أكثر استقرارًا: حيث ستنخفض كمية الائتمان المصرفي داخل النظام، مما يقلل من مخاطر الأزمات المالية.

أكثر كفاءة من حيث النمو المتوازن والمستدام: وذلك بفضل تفضيل الإنفاق على الاستثمارات بدلًا من الإنفاق الذي يؤدي فقط إلى الاستهلاك أو المضاربات.

أكثر تجانسًا: إذ سيساهم في تصحيح الفجوات الاجتماعية الكبيرة التي تفاقمت خلال الأربعين عامًا الماضية، مما يجعل النمو الاقتصادي أكثر عدالة وشمولية.

وبذلك يُعد دمج النظام المتكامل للادخار الحكومي (ساير) في النماذج الاقتصادية التقليدية فرصة مثيرة لاستكشاف آثار نظام نقدي بديل قائم على مونيطا بوزيتيفا.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن هذا يتطلب مراجعة جذرية للأسس النظرية للنماذج الاقتصادية التقليدية وتكييف هياكلها بحيث تستوعب مفاهيم جوهرية، مثل الإصدار المباشر للنقود من قبل الدولة دون توليد ديون. ومع ذلك، فإن هذا الجهد سيفتح المجال لنقاش تقني معمّق حول الإمكانات الحقيقية للنقدية الضريبية وكيفية تفاعلها مع النظام الاقتصادي ككل.

مقالات مشابهة

  • اشتباكات متقطعة على الحدود السورية ـ اللبنانية.. وارتفاع عدد قتلى الجيش السوري
  • وصول طاقم جديد إلى محطة الفضاء الدولية تمهيداً لعودة رائدي فضاء العالقين
  • وصول طاقم جديد إلى محطة الفضاء الدولية تمهيدا لعودة رائدي فضاء عالقين
  • اشتباكات مسلحة بين قوات الدفاع السورية وحزب الله في ريف حمص
  • ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • خبير عسكري: الضربات الأمريكية تمهد لاحتمال استهداف إيران مستقبلًا
  • الجيش الإسرائيلي: هجوم بيت لاهيا استهدف أحد منفذي هجوم 7 أكتوبر
  • سوريا.. قتلى من الأمن إثر اشتباكات مع فلول الأسد في ريف حماه
  • الجيش الإسرائيلي يقتل 3 فلسطينيين ويعتقل 100 بالضفة الغربية