عندما يتحول العمل إلى إدمان
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
لقد استمعت مؤخرًا إلى حلقة من بودكاست “The Journal” تناولت قصة مأساوية عن موظف مصرفي شاب توفي إثر سكتة دماغية ناجمة عن ضغط العمل المفرط، بعد أن عمل لأكثر من 100 ساعة أسبوعيًا على مشروع اندماج بقيمة 2 مليار دولار. أحدثت وفاته صدمة في مكان عمله، خاصة بين زملائه الذين يعانون أيضًا من ساعات عمل طويلة، على الرغم من سياسات الشركة التي تحظر ذلك.
في خضم المنافسة الشرسة، يجد الموظفون أنفسهم مضطرين لساعات عمل إضافية، يحرمون أنفسهم من الراحة والوقت الشخصي، في سباق محموم لتلبية مطالب العملاء المتوزعين عبر قارات العالم. بالنسبة لهم، مجرد التفكير في تأجيل طلب العميل ليوم الإثنين هو ضرب من الخيال. في حالتنا هذه، كان الضحية يعمل في قطاع مالي حرج، حيث غالبًا ما يكون إثبات الجدارة مرادفًا للتضحية بالصحة والرفاهية في سبيل إظهار التفاني والولاء للشركة. وللأسف، في اليوم التالي لإبرام صفقة الاندماج، انهار الشاب تحت وطأة الإجهاد المفرط.
هذه المأساة ليست حالة فردية، ففي حين تفرض بعض الشركات قيودًا صارمة على ساعات العمل المفرطة، غالبًا ما يتجاوز الموظفون هذه الحدود، مدفوعين برغبة جامحة في التفوق على التوقعات أو منافسة زملائهم. في مقالاتي السابقة، سلطت الضوء على أساليب أصحاب العمل في استغلال موظفيهم ودفعهم للعمل لساعات طويلة من خلال التهديدات المبطنة والضغوط النفسية. ولكن ماذا عن الحالات التي يكون فيها الدافع للعمل المفرط نابعًا من داخل الموظف نفسه؟ ما الذي يدفع المرء إلى تجاوز حدوده، حتى لو كان ذلك على حساب صحته وسلامته؟
لقد التقيت بالعديد من الشباب الطموحين الذين يضعون العمل فوق كل اعتبار، حتى على حساب صحتهم وعلاقاتهم الأسرية وحياتهم الشخصية. يعتقدون أن تحقيق أحلامهم يتطلب منهم أن يكونوا في حالة استعداد دائم، متاحين ومنتجين على مدار الساعة. إنهم يربطون قيمتهم الذاتية بإنجازاتهم، ويعتبرون أنفسهم لا غنى عنهم، ويخشون أن يؤدي أخذ قسط من الراحة إلى فوات الفرص أو التراجع عن المنافسة. ولكن، هل يستحق الأمر كل هذه التضحيات؟
إن هذا السعي الحثيث نحو التميز، على الرغم من أنه يحظى بالثناء في مجتمعاتنا في كثير من الأحيان، إلا أنه يحمل في طياته مخاطر جسيمة. فالإرهاق الجسدي والنفسي الناجم عن العمل المفرط المزمن، يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من المشاكل الصحية، بدءًا من القلق والاكتئاب، وصولاً إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، بل وحتى الموت المبكر. كما أن الإجهاد الذهني المصاحب للضغط المستمر لتحقيق الأداء المتميز، يمكن أن يترك الأفراد في حالة من الإنهاك، ويؤدي إلى انقطاعهم عن أحبائهم، ويجعلهم يشعرون بالفراغ وعدم تحقيق أي إنجاز أو سعادة خارج نطاق العمل.
في مجتمعنا، تتجذَّر أسطورة مفادها أن النجاح لا يتحقق إلا بالعمل الدؤوب المتواصل. نحن محاطون بقصص رواد الأعمال الذين يستيقظون فجرًا، والمدراء الذين يضحون بعطلات نهاية الأسبوع، والمهنيين الذين لا يفارقون مكاتبهم حتى لتناول الطعام. لكن هذه الرواية تتجاهل تمامًا الحاجة الماسة إلى التوازن بين العمل والراحة، وبين الطموح والرفاهية الشخصية.
علينا أن نكسر قيود ثقافة تمجيد العمل المفرط. لا ينبغي أن يكون النجاح على حساب صحة الفرد، أو سعادته. من الضروري أن نزرع ثقافة جديدة، ثقافة لا تعتبر فيها فترات الراحة وتحديد الحدود الشخصية، والعناية بالصحة النفسية، علامات ضعف، بل أسسًا لا غنى عنها لتحقيق النجاح المستدام على المدى البعيد.
يجب أن يتحمل أصحاب العمل مسؤولية تطبيق سياسات تضمن التوازن بين العمل والحياة، ولكن على الموظفين أيضًا أن يدركوا حقهم في وضع حدود واضحة. إن بيئة العمل الصحية هي تلك التي يشعر فيها الموظفون بالقدرة على رفض الطلبات غير المعقولة دون خوف من العواقب. يتطلب هذا التغيير تحولًا مجتمعيًا أعمق، حيث نعيد النظر في مفهوم النجاح، ونعي أن “رب قليل أنفع من كثير”.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
الادمان والعنف المدرسى وطرق المواجهة فى ندوة لمركز النيل للإعلام بأسيوط
نظم مركز النيل للإعلام بأسيوط اليوم الثلاثاء ندوة تحت عنوان الإدمان والعنف المدرسى وطرق المواجهة بمقر مدرسة ناصر الثانوية العسكرية بنين بأسيوط
واستهدفت الندوة إلقاء الضوء على أسباب لجوء بعض الشباب للإدمان، التعرف على الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة على الإدمان والتعريف بطرق الوقاية من الإدمان
وبدأ الندوة بكلمات إفتتاحية من عمرى كامل عبد الرحمن عامر مدير عام إدارة مدرسة ناصر الثانوية العسكرية بنين بأسيوط وسحر حسين محمد مدير مركز النيل للإعلام بأسيوط مؤكدين على أهمية المبادرة التوعويةلا للعنف المدرسى فى الحد من جميع اشكال وصور العنف والتوعية بطرق العلاج
وحاضر فى الندوة نادى سيد على عبد الدايم مستشار صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى بأسيوط التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وكانت اهم النقاط التى أكد عليها هى ما يلى مفهوم الإدمان،انواعه محمود مثل إدمان القراءة ومذموم مثل إدمان المخدرات، كل متعاطى مخدرات لا بد ان يكون مدمنا لكن ليس كل مدخن متعاطى مخدرات، التدخين من اقوى مداخل الإدمان، مراحل الإدمان: التجريب، التعاطى والادمان،أسبابه: رفاق السوء، التفكك الأسرى، ضعف الوازع الدينى، وجود مشاكل نفسية، غياب الرقابة الأبوية على الأبناء والاستخدام السيء لوسائل التكنولوجيا الحديثة وتقليد النماذج السيئة فيها.
وحذر عبد الدايم من انواع المخدرات المنتشرة مثل الحشيش ومشتقاته، الاستروكس،الفودو،الشادو بودر والشابو،الفيل الأزرق،الترامادول وسكوبلامين أو نفس الشيطان ومخاطرها على أعضاء الجسد خاصة المخ، القلب،الكبد، الأعصاب وملامح الوجه
ونوه عبد الدايم إلى الآثار الاخرى المترتبة على إدمان المخدرات بصفة عامة النفسية، الجسدية،الاجتماعية والاقتصادية
واوضح عبد الدايم أن المدمن هو مريض يتم علاجه ويمكن شفاؤه تماما فى مستشفى متخصصة وأكد على أهمية دور المؤسسات التربوية فى مواجهة ظاهرة الإدمان من خلال التوعية بأضراره الجسيمة
وفى ختام اللقاء تم إجراء حوار مفتوح بين الطلبة والمحاضر انهالت فيه التساؤلات والاستفسارات والمداخلات حول موضوع اللقاء وتم الإجابة عليها بكل وضوح وشفافية
وتم التأكيد على أهمية دور الشباب فى حمل الرسائل الإيجابية لتوعية اقرانهم وباقى فئات المجتمع من مخاطر إدمان المخدرات.