يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
قرأت أبياتاً راقت لي يقول الشاعر فيها:
يا ليتني لم أقل أفٍ لها أبدا
وليتني لم أرق دمعاً لعينيها
وليتني عشت مملوكاً لخدمتها
أذلُ عزة نفسي عند نعليها
وليتني لم أنم نوم الخلي وقد
جافى لأجلي لذيذ النوم عينيها
وليتني كنت جبراً عند دمعتها
أعطي لها ما تمنت من أمانيها
وليتني عندما كانت تقبلني
سرقت رائحة الجنّات من فيها
وليتني عندما كانت تهدهدني
بقيت طفلاً تداريني بكفيها
أُمي وأحسب أني حين ألفظها
لاشئ في هذه الدنيا يساويها
كم من الأبناء والبنات يقولون بعد رحيل والديهم يا ليتنا لم نجرحهم ولم نعاندهم ولم نقسوعليهم أو نهجرهم؟
كم من الأبناء والبنات زجوا بوالديهم في دور المسنين، وتخلوا عن رعايتهم، واتخذوا مشاغل الحياة عذراً؟
كم قالوا لوالديهم (أف)، والله عزّ وجلّ وهو من قرن طاعته بطاعة الوالدين، يقول: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ـ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ـ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).
هذه الآيات فيها من الدروس في التعامل، ما يجعلنا نكثر من الاستغفار على تقصيرنا في حق والدينا في حين أننا نحسب أنفسنا من البارين (بشهادتهم). فالوالدين بحور للعطاء يمتدحوننا ويثنون علينا ويشكرون خدماتنا رحم الله الأموات منهم وحفظ الأحياء. تخيلوا لا تقل لهما أف والأجيال اليوم يتأففون من والديهم ومعلميهم وكل الكبار بلا استثناء ( هداهم الله) يتبرمون ويتذمرون ويغضبون لا تستوقفهم كلمة ( أف ) وفداحتها بحق الوالدين، الأم والأب محبتهما في نفوسنا عظيمة وإيذاؤهما كبيرة من الكبائر، ومن أراد الخير لنفسه في الدنيا والآخرة، فليخفض لهما جناح الذل من الرحمة ويعود زوجته وأبناءه يرون منه ذلك ويعلمهم أن مسكن والديه داخل عينيه وقلبه وعلى رأسه قبل حياته.
الاعتناء بالوالدين مهمة دينية وأخلاقية وإنسانية، التنازل عنها والتقصير فيها جريمة. كل الآباء والأمهات يستحقون الرعاية والاهتمام حتى وهم أقوياء ولديهم اسطول من الخدم إذ لا يعادل حنان إبن أو إبنة فاهتمام الأبناء بوالديهم شيء مختلف، وأثره النفسي عميق. فما بالكم بالمحتاجين منهم، ومن كبروا في السن، وأنهكهم العجز؟ يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : (رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه قالوا من يا رسول الله قال من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما عند الكبر فلم يدخل الجنة)، ما أكثر ما نشاهد كبار السن وحيدين في المستشفيات، والمناسبات، وعندهم من الأبناء كثير، للأسف يتهاونون في صحبة والديهم في هذه المشاوي، معتمدين على سائقين وغيرهم!
مهما بذل الأبناء من خدمة لوالديهم، ومن محبة وتقدير، فلن يبلغوا معشار ما قدموه لهم. الوالدين يقدمون، ودعواتهم تسابق خدماتهم، وقد يقصرون في عبادتهم، ويضحون براحتهم، ويؤثرون على أنفسهم في سبيل فلذات أكبادهم، فهل يستحق هذا العطاء الجحود أو اللامبالاة؟ وأصعب لحظات الندم، وعذاب الضمير، عند الفقد والرحيل الأبدي من الدنيا.
وجود الوالدين نعمة جليلة، فاغتنموها وأملأوا حياتهم بحضوركم وحضور أبنائكم وبناتكم وتواجدكم حولهم ذلك أنهم يفرحون بمقدمكم وهو لهم دواء، وغيابكم داء، ومع ذلك، عند اللقاء يبتسمون، لا يعاتبون على تأخير، أو تقصير ولو عاتبوا حق لهم. بيوتهم ملاذ آمن للأحفاد عند السفر أو قضاء مهمة. ومحطة استراحة أسبوعية من أعباء الحياة. أياديهم ممتدة بالعطايا دون منةٍ أو حساب، وحبهم وبشاشتهم تخفي ما يسببه الأحفاد من إزعاج. كيف بأولئك العاقين (والعياذ بالله) لما سئل ابن عباس رضي الله عنه ما هو العقوق، قال: (أن تنفض كمك في حضرة والديك من العقوق) لكم أن تتخيلوا هذا المشهد فكيف بمن يرفع يديه وصوته وهو يكلم والديه؟ كيف بمن يقاطعهم؟ كيف بمن يتجرأ على الله وعليهم بالإساءة إليهم وإيذائهم؟ لا تقبلوا في والديكم وليكونوا خطاً أحمراً ولا تقدموا أحداً عليهم وافتخروا بهم وبما قدموا لكم،، سارعوا لمداواة جراحهم قبل رحيلهم، امسحوا دموعهم فليس أقسى عند الله من دمعة أم أو أب يسيلها عقوق ابن أو بنت ودمتم.
(اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها فخراً وعشقاً)
almethag@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
جامعة القناة تعزز القيم الأسرية ببرنامج تدريبي بعنوان "تجديد الاهتمام والحفاظ على بر الوالدين في العصر الحالي"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أطلقت جامعة قناة السويس برنامجا تدريبيا توعويا بعنوان "تجديد الاهتمام والحفاظ على بر الوالدين في العصر الحالي"، بالتعاون بين إدارة تدريب أفراد المجتمع، وبيت العائلة المصرية فرع الإسماعيلية، ومركز الجامعة لذوي الهمم، وذلك بمقر المركز.
جاء ذلك تحت رعاية الدكتور ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس، وفي إطار التعاون الفعّال بين قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بإشراف الدكتور دينا أبو المعاطي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وقطاع شئون التعليم والطلاب بإشراف عام الدكتور محمد عبد النعيم نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس.
طلاب وأولياء أموراستهدف البرنامج ثلاثين طالبًا وطالبة وعددًا من أولياء الأمور، وشارك في تقديمه نخبة من الرموز الدينية والفكرية، حيث ألقى فضيلة الشيخ محمد عبد الرؤوف، عضو بيت العائلة المصرية، كلمة نيابة عن فضيلة الشيخ أشرف محمد السعيد، مدير بيت العائلة المصرية فرع الإسماعيلية ومدير منطقة الوعظ، تحدث فيها عن أهمية بر الوالدين في الإسلام، وكيفية الحفاظ عليه في مختلف مراحل الحياة، مؤكدًا أن البر لا ينتهي بوفاة الوالدين، بل يستمر بالدعاء لهما والاستغفار، وإنفاذ عهدهما، وصلة الأرحام المرتبطة بهما، وإكرام أصدقائهما.
كما قدّم القمص بنيامين مزيد بساده، كاهن بمطرانية الأقباط الأرثوذكس بالإسماعيلية وعضو بيت العائلة المصرية، رؤية من المنظور المسيحي حول مكانة الوالدين، مستشهدًا بالوصايا العشر في العهد القديم، حيث تأتي الوصية الخامسة بالتأكيد على ضرورة إكرام الأب والأم، وأن من لا يعتني بأهل بيته يُعد من أشر الناس بحسب تعاليم العهد الجديد، مؤكدًا أن الحفاظ على بر الوالدين يجلب البركة في الحياة.
جاءت الفعالية بإشراف الدكتور محمود الضبع عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية وشارك بها الدكتور سامح عباس، مدير مركز ذوي الهمم بجامعة قناة السويس، والدكتور أحمد جاد، نائب مدير المركز، والأستاذ الدكتور عبد المعبود عبد الرسول، رئيس قسم الدراسات السكانية.
هذا واصطحب الدكتور سامح عباس المحاضرين في جولة تفقدية داخل المركز، تم خلالها التعريف بغرف المحاضرات، والمكتبة التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب المطبوعة بطريقة برايل، وحجرة الحاسب الآلي المجهزة ببرنامج خاص لتحويل ملفات الوورد إلى صيغة مقروءة بطريقة برايل، بما يعكس اهتمام الجامعة بتوفير بيئة تعليمية دامجة لذوي الهمم.
ترسخ بر الوالدينتناول البرنامج التدريبي عددًا من المحاور التي ترسخ مفاهيم بر الوالدين، منها كيفية الإحسان إليهما في الحياة وبعد الوفاة، والتعبير عن الاحترام لهما بالاهتمام والرعاية، وتقديم الهدايا، وإظهار المحبة واللطف، والحرص على احترام آرائهما وخفض الصوت أثناء الحديث معهما. كما تم التطرق إلى أساليب تقديم النصح لهما برفق، والاستعانة بمصادر دعوية هادئة للتأثير الإيجابي، مع التأكيد على أهمية الدعاء والاستعانة بالله في توجيههما للخير.
نظم للبرنامج التدريبي المهندسة وفاء إمام مدير عام الإدارة العامة للمشروعات البيئة والأستاذ أحمد رمضان مدير إدارة تدريب أفراد المجتمع.
يأتي تنفيذ هذا البرنامج في سياق رؤية جامعة قناة السويس لنشر القيم الأخلاقية والروحية وتعزيز التماسك الأسري في ظل التحديات المجتمعية المعاصرة، تأكيدًا على دور الجامعة كمؤسسة تعليمية ومسؤوليتها الاجتماعية في بناء الوعي وتعميق الانتماء للأسرة والمجتمع.