أحمد عمر هاشم: عالم اليوم يشهد انحرافًا صارخًا عن القيم الإنسانية
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن مؤتمر «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية»، يبرز دور الأزهر الشريف في إعادة صياغة الحوار الحضاري البناء المستند إلى تعاليم الإسلام السمحة التي يقوم عليها الحوار الراقي، والتي تسهم في تحقيق العدالة والمساواة بين جميع البشر على اختلاف شرائعهم وألوانهم وأجناسهم، مؤكدا أن الحضارة الإسلامية التي أرسى دعائمها النبي صلى الله عليه وسلم، قامت على أساس الحوار الفكري البناء، وانطلقت برسالة سامية تقوم على العدل والإنصاف، من خلال الحوار الراقي، بعيدًا عن التشدق والتعصب الأهوج.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء، خلال المؤتمر الدولي الرابع لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، والذي جاء بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف، باعتباره مؤسسة عالمية، له رسالة سامية، يحثنا جميعاً أن نتحمل مسؤوليتنا، وأن نعمل جاهدين على تنمية الوعي، وتصحيح المسار، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، في كل الميادين وكل الساحات.
وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم، أن العالم اليوم يشهد انحرافًا صارخًا عن القيم الإنسانية التي أرسى دعائمها الإسلام، مما يستدعي منا جميعًا العودة إلى جذورنا الإسلامية الأصيلة، لنستلهم منها قيم التسامح والعدل والرحمة التي تميزت بها حضارتنا، وعلينا أن نذكر العالم أن الإسلام دين سلام، سيما وأن كلمة السلام ليست كلمة عابرة؛ وإنما هي خارطة طريق لبناء مجتمعات عادلة قائمة على التآخي والمحبة بين أفرادها، حيث يتعاون الجميع لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة، بدل من أن نورثهم الصراعات والخلافات.
وبيّن «هاشم»، أن أبشع صور الانحراف الحضاري للإنسانية، في عصرها الحديث، ما يحدث على أرض فلسطين من مجازر وإبادة جماعية، تمارس كل يوم في حق الأبرياء، والسبب فيها هي أن عدونا لا يعرف الحوار ولا يريد السلام، وإنما هو عدو متعطش للدماء، وسيحاسب التاريخ كل من صم آذانه، وأعمى عينه عن هذه الوحشية التي تنهش كل يوم في جسد الأبرياء، ولم يتخذ خطوة لوقفها، قائلا: "نقول لإخواننا المجاهدين في فلسطين عليكم بالصمود والثبات لأنكم تواجهون عدوا لا يعرف لغة الحوار، وأعلموا أن العاقبة للمتقين».
وطالب عضو هيئة كبار العلماء، بضرورة أن يكون هذا المؤتمر نقطة انطلاق لتصحيح أوضاع فسدت في المجتمعات، لأن الحضارة الإسلامية حضارة عمل وإنتاج، لا حضارة كسل وفتور، وأن نرفع نتائج هذا المؤتمر وتوصياته للمسؤولين في الداخل والخارج، حتى تعلم الدول التي تتشدق بالديمقراطية، وتتيقن أن الحوار العادل والمنصف هو السبيل الوحيد لحل المشكلات التي تواجه الحضارة الإنسانية التي لطختها يد الصهاينة بدماء الأبرياء.
وتنظم كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر هذا المؤتمر، انطلاقا من إيمانها الراسخ بضرورة مناقشة التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه العالم الإسلامي، والسعي صياغة منهج فكري منضبط، لتعزيز سبل الحوار الحضاري الذي يتناسب مع دعوة الإسلام ويتماشى مع منهجه الوسطي، لترميم جسور التواصل الثقافي والاجتماعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور أحمد عمر هاشم القيم الإنسانية الحضارة الإنسانية الأزهر الدعوة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
هل الدولة الإسلامية دينية أم مدنية؟ كتاب جديد يقارن بين الأسس الشرعية والغربية
مع النقلة الفكرية التي شهدها العالم الإسلامي على مستوى الأفراد والدول، برزت دعوات متزايدة إلى تقليد نظام الحكم في الغرب، متأثرة بانبهار المغلوب بنمط حياة الغالب وثقافته.
ومع هذه التغيرات، ظهرت رغبة لدى البعض في الفصل بين الشريعة الإسلامية والحكم، حيث زعم دعاة هذا الاتجاه أن جميع أزمات المسلمين المعاصرة، من الاستبداد السياسي إلى الضعف الاقتصادي، ستُحل بتحول دولنا إلى دول مدنية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أندرو مارش "حول الديمقراطية المسلمة".. تأملات في فكر راشد الغنوشيlist 2 of 2ما الذي جرى لليابان بعد أن اكتشفت الإسلام؟end of listثم تعالت تلك الصيحات مع ثورات الربيع العربي حيث كثر الحديث عن مصطلح الدولة المدنية، وكثر الجدل حولها، وفي خضم تلك الصراعات الفكرية والسياسية كان الجدل بشأن الدولة الإسلامية التي يُطمح إليها وهل هي مدنية أم دينية؟ وعن التأصيل الشرعي لمفهوم المدنية، ثم كان سؤال: هل كون الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع يجعل منها دولة دينية بالمفهوم الغربي.
وكانت هذه التساؤلات منطلق الباحث محمود محمد جميل الكسَّر في كتابه "الدولة المدنية في ميزان السياسة الشرعية والفكر الغربي" وهو رسالة ماجستير حديثة الصدور عن دار اليمان. وقد أعدها الباحث، وهو سوري مقيم بالسعودية، في اختصاص القضاء والسياسة الشرعية بجامعة المدينة العالمية في ماليزيا.
ويستعرض الكتاب الجدل الواسع حول مصطلح الدولة المدنية وتداوله ما بين مفهومه الإسلامي ومفهومه في الفكر الغربي وتفسيره للقضايا المعاصرة تفسيرًا يتبنى أن لا دولة مدنية من دون علمانية، مع محاولات المروجين له من أبناء جلدتنا تنحية الشريعة الإسلامية بوصفها مرجعية عليا للدولة.
إعلان مفهوم الدولة المدنية في الإسلاماتّبع الباحث المنهج الاستقرائي والمنهج المقارن بتتبع مظان الحديث عن الدولة المدنية واستقراء كتب العلماء في هذا الموضوع، ثم اتبع المنهج التحليلي بتحليل المادة العلمية التي جمعها، وتبيين الآراء الواردة فيها ومقارنتها ساعيًا إلى مقاربة مفهوم المدنية في الشريعة الإسلامية.
ويحاول الكاتب الإجابة عن أسئلة أساسية حول مفهوم الدولة ونظرياتها، وطرق نشأة المجتمع المدني في الإسلام والغرب وعن العلاقة بين الدولة والإسلام، وموقف الشريعة الإسلامية من مؤسسات المجتمع المدني.
كما يناقش العلاقة بين مفهوم الدولة المدنية وقضايا الفكر الغربي، مع محاولته أن يؤصل شرعيا لتلك القضايا المعاصرة، وعن قضية الشريعة الإسلامية وسيادتها في الدولة المدنية، وموقفها من النظام الدولي المعاصر.
وتتلخص أدبيات البحث في وصف حقيقة مصطلح الدولة المدنية ومضمونه ومدى تأثيره على المجتمع الإسلامي، وفي مناقشة القضايا المتعلقة بالدولة المدنية وموقف المعارضين لها، وإيضاح نقاط التباين والتوافق بين الطرفين.
وفي محاولة تنقية مصطلحاتنا مما علق بها من شوائب بحسن نية أو بسوء نية، فالكاتب يؤكد أن الادعاء بأن الدولة الإسلامية دينية بمفهومها الغربي دعوى مجردة من الأساس العلمي الصحيح، يحدوها إما الجهل بالإسلام ودولته وإما الخبث لغايات ومآرب معروفة.
ويؤكد في ذلك كله أن الخطاب الإسلامي يجب أن يكون معتدلًا نابعا من روح الإسلام ومبادئ الشريعة، لا من فتاوى سياسية تختلف بحسب متطلبات أحداث الواقع ومكاسبه السياسية.
عرض الكتابوالكتاب يقع في 251 صفحة من غير قوائم الفهارس، تتوزع على مقدمة و4 فصول وخاتمة.
وفي المقدمة بيّن المؤلف أسئلة البحث وأهدافه وأهميته ووصف أدبياته ومنهجيته في العمل وإجراءاته.
الفصل الأول: الدولة ونشأتهاوالفصل الأول فصل معرفي تأسيسي وسمه الكاتب بـ"الدولة ونشأتها" وفيه 3 مباحث:
إعلان أولها: مفهوم الدولة في التاريخ، وتحدث فيه عن الدولة في الفكر الإسلامي، وعنها في الفكر الغربي، وعنها في المفهوم السياسي والقانوني. ثانيها: نظريات نشأة الدولة، وفيه استعراض للنظرية الدينية الثيوقراطية والنظرية الاجتماعية والنظرية الطبيعية والنظرية القانونية ونظرية الحق الإلهي. ثالثها: نشأة المجتمع المدني في الإسلام والغرب ومكوناته وخصائصه. الفصل الثاني: الدولة والإسلام والعلاقة بينهماووسم الكاتب الفصل الثاني بـ"الدولة والإسلام والعلاقة بينهما" وفيه 6 مباحث: أولها: موقف الإسلام من إقامة الدولة.
ثانيها: وظائف ومميزات الدولة في الإسلام.
ثالثها: الشورى والديمقراطية والفرق بينهما.
رابعها: أهم الأسس والأحكام لنظام الحكم في الإسلام، ومن مرتكزات نظام الحكم في الدولة الإسلامية التي سُلِّط عليها الضوء: الحاكمية لله، العدل والمساواة، الطاعة والحريات وحقوق الإنسان.
خامسها: موقف الشريعة الإسلامية من مؤسسات المجتمع المدني، وفيه حديث عن مؤسسات المجتمع المدني بين المصالح والمفاسد والضوابط، وعن حكم المشاركة في مؤسسات المجتمع الغربي.
سادسها: وثيقة المدينة، وعلاقتها بأسس الدولة المدنية، وابتدأ فيه الكاتب بالتحقيق في صحة الوثيقة، ثم ناقش المفاهيم والأسس المدنية في الوثيقة ومظاهر مدنية الدولة في الإسلام.
الفصل الثالث: الدولة الدينية والمدنية في المفهوم الغربي والإسلاميووسم الفصل الثالث بـ"الدولة الدينية والدولة المدنية في المفهوم الغربي والإسلامي" وفيه 5 مباحث:
أولها: مفهوم الدولة الدينية والدولة المدنية والعلاقة بينهما.
ثانيها: العلاقة بين مفهوم الدولة المدنية وقضايا الفكر الغربي، وفيه إيضاحات لمفاهيم أساسية منها مفهوم الدين، ومفهوم المواطنة، ومفهوم العلمانية، وفصل الدين عن السياسة، وفصل الدين عن الدولة.
إعلانثالثها: التأصيل الشرعي للدولة المدنية في الفكر الإسلامي، وبيّن فيه أهمية فقه الواقع في الدولة المدنية، وأهمية فقه الأولويات والموازنات في الدولة المدنية، وتحدث عن تغير الأحكام بتغير الزمان، وعن التأصيل الشرعي للدولة المدنية.
رابعها: موقف الشريعة الإسلامية من بعض القضايا المعاصرة في الدولة المدنية. ومن ذلك التعددية السياسية وتأسيس الأحزاب، ومشاركة المرأة في المناصب السياسية، والأقليات الدينية والدستور ومرجعية الشريعة.
خامسها: تطبيق الشريعة الإسلامية في الدولة المدنية، وفيه حديث حول الإشكالات والجدل حول المصطلح، ومصادر التطبيق، ومعوقات التطبيق، وشُبهات تطبيق الشريعة الإسلامية.
الفصل الرابع: أثر الشريعة الإسلامية وسيادتها في الدولة المدنيةووسم الكاتب الفصل الرابع بـ"أثر الشريعة الإسلامية وسيادتها في الدولة المدنية" وفيه 3 مباحث:
أولها: المبادئ الأساسية للفرد والمجتمع التي قررتها الشريعة.
ثانيها: موقف الشريعة الإسلامية من النظام الدولي المعاصر، وفيه نقاش لقضية الاختلاف حول مفهومي السلم والحرب، والتباين في مفهوم السيادة، وتحديات الدولة الإسلامية في ظل نظام الدولة المدنية.
ثالثها: نماذج لحكم الإسلاميين في ظل الدولة المدنية.
والكتاب يهدف لبلوغ جملة من الأهداف الأساسية، منها بيان أن الدولة في الإسلام ليست دينية بالمفهوم الغربي العلماني، فهي خالية من القداسة والكهانة، مع الرد على أصحاب الفكر الغربي الذين يصفون الدولة الإسلامية بالثيوقراطية.
ومنها إيضاح الغايات والمصالح من خلال المقارنة بين قضايا الدولة المدنية في مفهومها الإسلامي والغربي، وإبراز محاسن الشريعة الإسلامية وقدرتها على مراعاة الحاجات البشرية، والموازنة بين المصالح والمفاسد، ومواجهة المستجدات الطارئة بما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية.
إعلانويهدف الكتاب أيضا إلى بيان إمكانية أن تكون الدولة مدنية في ظل شريعة إسلامية ومجتمع إسلامي، وإيضاح حقيقتها وأركانها وخصائصها وموقف فقهاء الشريعة الإسلامية منها، ومحاولة الوصول إلى حكم موضوعي حول مدى اتفاق أو اختلاف مصطلح الدولة المدنية مع الشريعة الإسلامية.
ومن الأهداف البارزة للكتاب إيضاح المسائل المتعلقة بالدولة المدنية في تطبيقها للشريعة الإسلامية، والتحديات التي ستواجهها أمام النظام الدولي في تطبيق تلك الأحكام التي ستتعارض مع القوانين الدولية.
ومما يحسب للكاتب تتبعه الأصولَ التاريخية والجذور الفكرية لمفهوم المدنية، ووضعه له في السياق التاريخي المعرفي لحركة المجتمع الإسلامي، مع ما ينشأ عنه من ارتباطات بقضايا أخرى.
فالكتاب محاولة لتحليل مفهوم الدولة المدنية وفهم أبعاد التبشير بالنموذج الغربي وتكريسه في عصر العولمة، مع محاولة تنقية مصطلحاتنا مما علق بها من شوائب، وتقديم فكر يراعي حاجات العصر مع المحافظة على الأصالة والجذور.