الشهداء .. صانعو التحولات العظيمة
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
يذهبون لمقابلة الموت بنفوس راضية مطمئنة ينصرون قضايا أمتهم ويواجهون الإجرام والطاغوت والطغيان موقنين ومؤمنين أن الثمن قد يكون إراقة دمائهم وهم بذلك يتميزون عن الآخرين بصدق إيمانهم ، آمنوا بالله وانطلقوا في سبيل إعلاء كلمته سبحانه بيعاً وشراء مع الله قال تعالى((إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ، ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ))التوبة -111-.
فالثمن الجنة في مقابل مواجهة الإجرام والطغيان وهو فوز عظيم لأن المشتري هو الله واهب الحياة وموجدها ،ويؤكد هذا المعنى الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام حينما قال: (إن نفوسكم غالية فلا تبيعوها بغير الجنة).
فبذل النفس رخيصة في سبيل الله والتضحية تحقق رضى الله والفوز بالجنة وتثبت صحة الإيمان واليقين ، وبها يتمايز المؤمنون من المنافقين وغيرهم.
الشهداء يؤمنون بالله حق الإيمان وهو سبحانه وتعالى يخبرنا أنهم أحياء وأنهم يرزقون وهي كرامة لا يدركها أحد مهما قدم من الأعمال قال تعالى ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون )) آل عمران-169- وهم أحياء بيننا كنماذج وقدوات للفداء والتضحية قال تعالى((ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون))البقرة-159-.
الشهداء هم أكرم الأمة لأنهم يجودون بدماءهم من أجلها “وهم أبطالها ورجالها الذين يدحرون الباطل ويخزون الإجرام وبتضحياتهم تُحمى الأوطان ويُذل الطغاة والمستكبرون، وصفهم رب العزة والجلال انهم صادقون في إيمانهم ووعدهم بقوله((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا))الاحزاب-111- هم الرجال المؤمنون من دون الآخرين لانهم جمعوا بين تمام الإيمان وصدق اليقين والاعتماد والتوكل على الله.
إن خاف الناس من المجرمين والطغاة والمستبدين فجبنوا عن الموت هم لا يخافون إلا الله ولا يرهبون الموت ومن خاف من الله خاف منه كل شيء .
اشتروا انفسهم من ربهم وخالقهم إيمانا به وتصديقا لوعده وثقة برسالاته ورسُله وآخرهم خاتم الأنبياء والمرسلين القائل صلى الله عليه وآله وسلم((افضل الشهداء من سفك دمه وعقر جواده))في سبيل إعلاء كلمة الله وابتغاء ما عنده ، ولذلك فكل جراح أصابتهم صغيرة أو كبيرة لونها ليست كالوان الآخرين ولا ريحتها كريحتهم قال صلى الله عليه وآله وسلم ((من جُرح جرحا في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه ريح المسك ولونه لون الزعفران عليه طابع الشهداء ومن سأل الله الشهادة مخلصا أعطاه الله أجر شهيد وان مات على فراشه)) .
والإخلاص لا يعني التمني الكاذب الذي قد ينهزم عند ادنى مواجهة بل انه يعني الاستعداد اليقيني الدائم لبذل النفس وإراقة الدماء في سبيل الله ومواجهة الإجرام والطغيان.
الشهداء يقدمون دماءهم رخيصة لوأد الظلم والجور والطغيان ونشر قيم الخير والعدل والإيمان وذلك مصداقا لحديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ((سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله)) ، أمره بالعدل ونهاه عن الظلم والجور والطغيان وقدم دمه فداء للحق فينال رتبة الشهداء لكن ما نشاهده اليوم من إجرام وانتهاك لدين الله هو بسبب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الشهداء يقدمون أرواحهم ويسفكون دماءهم من اجل الله وفي سبيل الله يدافعون عن أوطانهم ويتصدون للإجرام ويصونون الأرض والعرض من أن يدنسها المجرمون والظالمون والطغاة ، ولذلك لما سُئل الرسول الأعظم عن افضل الشهداء قال (الذين أن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يُقتلوا ، أولئك ينطلقون في الغرف العُلا من الجنة ويضحك اليهم ربهم واذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه) ، أي يولون وجوههم شطر العدو لا يلتفتون إلى منافق أو خائن أو عميل ،ولا إلى أي عرض من أعراض الدنيا.
وفي ذكرى الشهداء نستذكر بعضا من تلك المعاني العظيمة التي ضحوا من أجلها ونستخلص العبر والعظات وكما قال الشاعر:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم _ أن التشبه بالكرام فلاح
تضحيات الشهداء في الماضي أنهت الشرك وأقامت العدل وحطمت عبادة الأصنام والأوثان التي كانت تعبد من دون الله .
وفي الحاضر نجد الأمم التي تجاهد وتقدم الشهداء تصون كرامتها من الامتهان وأعراضها من الانتهاك ودينها من التدنيس والواقع العربي خير شاهد حينما تراخت عن جهاد اليهود والنصارى احُتلت الأرض وانتُهكت الأعراض واغتُصبت فلسطين ودُنس المسجد الأقصى على مرأى العالم وسمعه.
شهداؤنا عظماؤنا قارعوا الظلم والطغيان وواجهوا الإجرام في البر والبحر والجو وكانوا سندا وعونا لمناصرة قضايا الأمة ، ومن ذلك مظلومية الأشقاء في فلسطين ولبنان وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية متمثلين في ذلك بمقولة الشهيد القائد حسين بن بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه : (الأمة التي لا تخاف الموت لا يبق شيء بيد أعدائها يخوفونها به ).وهي مسيرة تهتدي بالقرآن وتجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله ولا تخشى في الله لومة لائم.
إن خاف الناس من الإجرام الصهيوني الصليبي وخضعوا للذل والمهانة بسبب الحرص على متاع زائل فان المسيرة تسعى لتحقيق رضوان الله غاية ومقصداً ، فعذاب الله اكبر مما يخوفون الأعداء منه وذلك هو الفارق بين من يشتري نفسه ويبيعها لله رب العزة والجلال ومن يشتري رضا اليهود والنصارى فيعمل على الانسلاخ من ملة الإسلام ، يقنن الشرك وينشر المفاسد كما يفعل بن سلمان وبن زايد عندما يحاربون الإسلام ويدعمون الإجرام والفسوق.
بتضحيات الشهداء انهارت المشاريع الإجرامية التي أريد تطبيقها كما فعل الاحتلال السعودي الإماراتي في المناطق التي سيطر عليها في بعض المحافظات اليمنية تنفيذا لرغبات الحلف اليهودي النصراني ، وبفضل دماء الشهداء رُفعت راية العزة و الكرامة وتواصلت مسيرة نصرة المستضعفين ولن تتوقف حتى يتم إزالة الإجرام والظلم والطغيان .
واذا كانوا يراهنون على الاستعانة باليهود والنصارى لتكريس الانسلاخ عن الدين ونشر الرذيلة والخذلان ومحاربة الإسلام عقيدة وشريعة فان عطاء الشهداء لن يتوقف حتى يتم القضاء على الإجرام وشروره .
الشهادة والجهاد عنوان العزة والكرامة لهذه الأمة وترك الجهاد سبب لشيوع العذاب والذل والمهانة ، قال صلى الله عليه وآله وسلم :(ما ترك قوم الجهاد إلا عمّهم الله بالعذاب) .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في وداع القادة العظماء.. دماء الشهداء ترسم الطريق إلى القدس
بدماء الشهداء يُرسم الطريق إلى القدس، وبعزيمة المقاومين يُعبد السبيل نحو النصر المحتوم. اليوم، إذ نودع القادة المجاهدين الأمينين العامين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، لا نرثيهم كما يُرثى الراحلون، بل نزفّهم كما يُزف الأبطال. رجالٌ لم تغرهم الدنيا، ولم يهن عزمهم أمام أعتى الطغاة، بل كانوا نورًا في ليل الأمة، ومشاعل تقود إلى الحرية.
ارتقى السيدان نصر الله وصفي الدين، لكن عزيمتهم لم ترتقِ إلا إلى قمة المجد، حيث لا مكان للانكسار، ولا موطئ للخنوع. هذه الدماء الطاهرة ليست خسارة، بل زلزال يهز كيان العدو، يوقظه من وهم انتصاراته الزائفة، ويذكّره بأن المقاومة لا تموت، بل تتجدد، تتعاظم، وتزداد شراسة في مواجهة الظلم والاحتلال.
من دم الشهيد الشيخ راغب حرب إلى السيد عباس الموسوي، ومن دماء كل شهداء المقاومة إلى اليوم، لم يكن هذا الطريق إلا محفوفًا بالتضحيات، لكنه كان دائمًا طريقًا واحدًا، واضحًا، مستقيمًا… الطريق إلى القدس. هذا الطريق لم يكن يومًا خيارًا، بل كان قدرًا مكتوبًا على جباه المقاومين، محفورًا في وجدان الأمة، متوّجًا بالدم، وممهورًا بوصايا الشهداء.
اليوم، إذ يغادرنا القادة الأمينين العامين، نسمع أصواتهم تتردد في كل ميدان، في كل ساحة، في كل بيت من بيوت الأحرار: القدس لنا… فلسطين لن تكون إلا حرة… المقاومة مستمرة حتى زوال إسرائيل. لم يكن رحيلهم إلا بدايةً جديدةً للمقاومة، نداءً لكل حرّ، صرخةً لكل مؤمنٍ بالحق، أن هذه القضية ليست مجرد شعار، بل عهدٌ لا ينكسر، معركةٌ لا تتوقف، وثأرٌ لا يسقط بالتقادم.
أيها العدو، إن كنت تظن أن باغتيال القادة تُطفئ جذوة المقاومة، فأنت واهم. من دم السيد حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ستنبت ألف راية، ألف مقاوم، ألف مقاتل يرفع البندقية ويكمل المسير. هذا الدم، الذي خضب أرضنا، سيبقى لعنةً عليك، نارًا تلاحقك، حتى تدفع الثمن كاملًا، حتى تندحر من أرضنا، حتى ترتفع رايات الحق فوق القدس، حتى يتحقق الوعد الصادق، وعد التحرير والنصر الكبير.
لقد رحل القادة جسدًا، لكنهم تركوا خلفهم نهجًا لا يُهزم، وإرثًا لا يُمحى، ورايةً لن تسقط حتى يرفعها الأحرار فوق أسوار الأقصى. لا عزاء للعدو، فهذه الدماء ليست إلا وقودًا للمعركة القادمة، المعركة التي ستُعيد للأمة مجدها، وتكسر قيد فلسطين، وتعلن فجرًا جديدًا لا مكان فيه للاحتلال، ولا وجود فيه للظالمين.
ومن اليمن، تلك الأرض التي لا يعرف أهلها إلا العزيمة والإباء، ومن بين ثنايا الجبال الوعرة، نرسل رسالة عزّ وفخر إلى كل شرفاء الأمة. من هنا، من ساحة البطولة، نؤكد أن دماء نصر الله وصفي الدين هي دماؤنا، ومعركتنا واحدة. إن اليمن يقف جنبًا إلى جنب مع المقاومة في لبنان وفلسطين، وأهدافنا واحدة: تحرير الأرض، وكسر قيد الظلم.
تحت قيادة القائد الحكيم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، نحن ثابتون في طريق المقاومة. إن السيد عبدالملك، الذي يقودنا بكل حكمة وعزم، هو نموذجٌ حي للثبات والصمود، يحمل راية الدفاع عن الحق والعدالة في كل ميدان، وكل ساحة. من خلاله، نستمد قوتنا وعزيمتنا في مواجهة التحديات، ونعاهد الله أن نبقى على العهد، نبذل أرواحنا رخيصة في سبيل تحرير القدس وفلسطين.
إنّ رسالة اليمن اليوم، وهي توأم القيم والعزة مع لبنان وفلسطين، هي رسالة ثابتة: نحن معكم حتى تحرير القدس، وسنبقى إلى جانبكم مهما تكالبت الظروف، مهما كانت التضحيات. سنحمل راية المقاومة من هنا، من يمن الإباء، حتى تتحقق الأهداف ويُرفع علم الحق فوق أسوار القدس.
إلى القدس نمضي… على درب الشهداء… وبعهد المقاومة… حتى النصر.