17 نوفمبر خلال 9 أعوام.. 76 شهيدًا وجريحًا في قصف لطيران العدوان السعوديّ على مناطق يمنية
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تعمَّدَ العدوانُ السعوديّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 17 نوفمبر خلال الأعوام، 2015م، 2016م، و2017م، ارتكابَ جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق اليمنيين.
وأسفرت غاراتُ العدوّ في مثل هذا اليوم خلال 9 سنوات مضت عن 43 شهيدًا، وأكثر من 33 جريحًا، بينهم نساء وأطفال، وتدمير المنازل، والمحال التجارة والسيارات، وأضرار واسعة في الممتلكات وخسائر بالملايين.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
17 نوفمبر 2015.. 4 شهداء وجرحى في قصف سعوديّ على أحياء سكنية بتعز:
في السابع عشر من نوفمبر عام 2015م، أضاف العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمةَ حرب إلى سِجِلِّ جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفًا بغاراته الوحشية أحياءَ سكنية بمديريتَي صالة وماوية، أسفرت عن شهيد و3 جرحى، وتدمير للمنازل، وأضرار واسعة في الممتلكات، وحالة من الخوف والهلع في نفوس الأطفال والنساء.
غارات العدوان حوَّلت سكونَ الحياة وتناغمها المعتاد إلى جحيم من الرعب، ودماء وجراح وبكاء ودموع ودمار ونيران ودخان وغبار، وخروج عشرات الأسر من منازلها؛ خشيةَ استهدافها بغارات لاحقة، وأصوات الضحايا وصرخاتهم المستنجدة بخفوت من بين الدمار، وتوافد الرجال إلى أماكن الغارات لرفع الأنقاض وإسعاف الجرحى، وتقديم المواساة، معبرين عن سخطهم العارم جراء الغارات المعادية وما تخلفه من تدمير يومي بحق أبناء الشعب اليمني ومنازلهم.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل امتدت إلى أن مرتزِقة العدوان يستهدفون المسعفين بالدبابات والقذائف المدفعية، كما يقول أحد المواطنين: “يا أخي نحن ننتشل الجثث ونسعف الجرحى من تحت الأنقاض، ومرتزِقة العدوان يصبون علينا نيرانهم، بضرب دبابات، من جبل العروس، وهذه منازل ليس فيها أية ثكنات عسكرية”.
17 نوفمبر 2016.. 51 شهيدًا وجريحًا في إبادة جماعية بغارات العدوان على سوق بتعز:
وفي اليوم ذاته من العام 2016م، ارتكب العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية ضد الإنسانية، بغارات وحشية استهدفت المتسوقين والباعة، في سوق جولة سوفتيل أثناء ذروة الزحمة في مدينة تعز.
أسفرت الغارات عن 24 شهيدًا و27 جريحًا، ودمار واسع في المحلات التجارية وممتلكات الأهالي، وموجة ذعر وهلع في مشهد مأساوي، ومجزرة مروعة.
وقبل تحليق طيران العدوان على سماء مدينة تعز كانت الحركة في ذروتها والباعة والمتسوقون يتفاوضون ويحملون البضائع، ويعدون النقود، بابتسامة بهيجة، والأبناء مع آبائهم يشترون الحلوى والألعاب، وفي لحظة سماع أصوات الطيران المخترق لصخب حركة التسوق، بدأ الجميع بالنظر نحو السماء، ومنهم من بادر بالهرب أَو الانبطاح هنا أَو هناك، ولكن دون جدوى، أمام غارات مدمّـرة سفكت الدماء وأزهقت الأرواح وبعثرت الأشلاء والأجساد والبضائع والجدران والسيارات، وحوّلت السوق إلى محرقة جماعية تتصاعد منه أعمدة الدخان والغبار وألسنة اللهب، وأصوات وصرخات خافتة من تحت الأنقاض، ومعها رائحة الموت والبارود، في مجزرة وحشية، يندى لها جبين الإنسانية، هزت الشعب اليمني بمشهد مأساوي يدمي القلوب، ويحرِّكُ الضمائرَ والدماء المتقدة لمواجهة العدوّ في الجبهات.
تهرع فرق الإنقاذ إلى المكان فيما تتواصل الغارات والتحليق؛ ما أعاق تلبية صرخات المستنجدين، وأطال نزيف الدماء، وضاعف عدد الشهداء والجرحى، وعمّق المأساة، وفوّت فرص النجاة، وما أن أكمل طيران العدوّ إلقاءَ حمولته القاتلة، بدأ الناجون برفع الأنقاضِ وانتشال الجثث وإسعاف الجرحى، وتجميع الأشلاء، في أكياس وعلى ما بقي من الملابس، هنا جسد دون رأس وآخر مشطور نصفين، وأقدام وأذرعة وسيقان لا يدرك لأية جثة تعود، والدماء مختلطة بالبضائع والدقيق والخضار والفواكه، المحترقة.
أهالي وذوو المتسوقين والباعة فور سماعهم أصداء الجريمة، أُصيبوا بالذعر والصدمة، وارتفع بكاء الأطفال ونواح النساء والأُمهات، واستشاط الغضب حمية الرجال والشباب، المتحَرّكين جموعًا إلى مكان الجريمة بسيارتهم ودراجاتهم النارية، وسيرًا على الأقدام؛ للبحث عن معيليهم، وأبنائهم وإخوانهم، وتفقد من نجا، فمنهم من عاد بنعش قريبه، ومنهم من تحَرّك للبحث عنه جريح في إحدى المستشفيات، ومنهم من عاد ببعض أشلاء منقوصة من جسد أبيه أَو أخيه.. ومنهم من يبحث بين الدمار عن أعضاء مفقودة، أَو جثة كاملة، وهو يتمتم بحسبنا الله ونعم والوكيل وعيناه تسكبان دموع الأسى والفراق المفجع.
نساء وأطفال في الأحياء والقرى المجاورة، كانوا ليلة البارحة مسرورين فرحين بأن هذا اليوم هو يوم الحصول على الاحتياجات والطلبات الأَسَاسية والكمالية والهدايا والحلوى، وكان من المفروض استقبالها، لكنهم للأسف يستقبلون نعوش أهاليهم بقلوب مكلومة ووجوه حزينة، وأجساد مرتعشة، وأصوات مبحوحة من شدة البكاء؛ فهؤلاء أطفال فقدوا أباهم، ونساء فقدن أزواجهن، وآباء وأُمهات فقدوا أبناءهم، وجار فقد جاره، ورحم فقدت رحمها، لتبدأ التعازي.
أحد الجرحى يقول: “كنت في الدكان أبيع موادَّ غذائية وأول ما سمعت صوت الطيران وجدت نفسي بين الدمار والخراب والدماء والجثث، الطيران يقتل الكل، وأدعوا كُـلّ أبناء الشعب اليمني إلى توحيد الصفوف، ونبذ الحزبية ومواجهة العدوان المجرم”.
17 نوفمبر 2017.. 17 شهيدًا في جريمة حرب لغارات العدوان على متسوقين بحجّـة:
وفي اليوم ذاته من العام 2017م، ارتكب العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة حرب تضاف إلى جرائمه الوحشية، مستهدفًا بغارات طيرانه الحربي محلًا تجاريًّا أثناء تجمع المواطنين للتسوق في منطقة الجر بمديرية عبس، في محافظة حجّـة.
أسفرت الغارات عن 17 شهيدًا، وتدمير المحل بشكل كامل، وخسائر مالية بالملايين في سيارات ومحال الأهالي، وترويع المتسوقين، والمارين، وأهالي المناطق المجاورة، ونساء وأطفال الضحايا، ومضاعفة معانتهم، وتفاقم أوضاعهم المعيشية.
هنا الجثث والأشلاء والدماء والدمار، وحالة الرعب، والخوف والبكاء والدموع في صفوف المنقذين والمسعفين؛ فهذا ينتشل أخاه وذاك يجمع أشلاء رفيقه، وآخر يلتقطُ جزءًا من قدم ابنه الذي رمته الغارة على بُعد أمتار من مكان المحل الذي دمّـر على رؤوس مالكه، وعماله، وزبائنه.
تُدفَنُ جُثَثُ الشهداء مخلفين وراءهم عائلات بلا معيل، وأطفالًا يتامى، ونساء يتحملن مشقة الحياة وإعالة أطفالهن، وأُمهات وآباءً فقدوا فلذات أكبادهم.
يقول أحد المنقذين: “ما ذنب هؤلاء بينهم أطفال أبرياء.. عدوان مجرم يستهدف المحلات والمواطنين، بدون حق، لا فيهم مقاتلون، ولا عسكر، الكثير من الجثث تفحمت، جمعناها فوق الطرابيل أشلاء، وهذا دكان المواطن يوسف راجح، استشهد فيه أخوه وخاله”.
17 نوفمبر 2017.. جرح طفل وتضرر عددٍ من المنازل بـ 3 غارات عدوانية على همدان صنعاء:
وفي السابع عشر من نوفمبر، عام 2017م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، المدنيين والأعيان المدنية في مديرية همدان، بمحافظة صنعاء، بـ 3 غارات وحشية مباشرة. أسفرت عن جرح طفل وتضرر عددٍ من المنازل، وترويع النساء والأطفال، ونزوح وحرمان عشرات الأسر من مآويها، وتفاقم الأوضاع المعيشية، في جريمة حرب مكتملة الأركان.
قبل الغارات كان الأهالي يعيشون لحظاتهم المعتادة من العمل والنشاط الدؤوب، والأطفال سعداء، والأُمهات يعملن في منازلهن، وفي لحظة يحلّق طيران العدوان على سماء همدان، ويقلب المشهد بـ 3 غارات مدمّـرة، خلقت الرعب والخوف في نفوس الأهالي، ومشاهد الدخان والدمار، وصرخات الأطفال والنساء، وأسر بكاملها تبحث عن مأوى آخر بعد أن خسرت منزلها، وفقدت أمنها في منطقة جعلها العدوان على قائمة أولويات أهدافه.
الطفل الجريح مضرج بالدماء وأمه تنوح مترقبة استشهاده، ووالده ينتشله بحرقة حنان نحو أقرب المشافي، والأهالي يتوافدون لتفقد أسرهم ومنازلهم، في مشهد أثار سخطَ الرجال والشباب، ودفعهم للنفير العام والتوجّـه نحو جبهات الجهاد المقدس والمواجهة المباشرة ضد جيش العدوّ ومرتزِقته.
المنازل لم تعد صالحة للسكن، سقوفُها مدمّـرة ونوافذها متساقطة، وأثاثها مليء بالدمار، وأمن سكانها لم يعد إلى النفوس، بل بات المشهد كابوسًا مرعبًا يلاحق الأطفال والنساء في نومهم.
يقول أخو الطفل الجريح: “هذه شظية الصاروخ، في حوش المنزل بعد أن تشققت الجدران وانهدَّت الغُرَف، وسالت الدماء، ونحن نستنكر هذه الجرائم في بيت أنعم، وندعو الشعب اليمني إلى النفير العام ورفد الجبهات؛ لأَنَّ العدوَّ ما يفهم غير لغة القوة، وهذه التضحيات تهون مقابل صمودنا ومواجهتنا للعدوان”.
17 نوفمبر 2017.. شهيدة وجرح طفلتها وزوجها بقصف مدفعي للعدوان على صعدة
وفي اليوم ذاته 17 نوفمبر 2017م، ارتكب العدوان السعوديّ الأمريكي جريمة حرب، جديدة، في قصف مدفعي على منازل المواطنين، في منطقة الغور بمديرية غمر الحدودية بمحافظة صعدة.
أسفر القصف عن استشهاد امرأة وجرح طفلتها وزوجها، وتضرر المنازل، والممتلكات، ونزوح عشرات الأسر نحو المجهول، وبث الرعب والخوف في نفوس النساء والأطفال، ومضاعفة معاناتهم، وتفاقم الأوضاع المعيشية.
قبل القصف كانت إحدى الأسر اليمني، تعيش في منزلها الآمن بمحافظة صعدة الحدودية، كالعادة، وفي لحظة سمعت انفجارات المدفعية، هنا وهناك، واخترقت إحدى القذائف سقف المنزل لتقع على جسد امرأة، أزهقت روحها على الفور، وجرحت طفلتها التي كانت تحتضنها، وزوجها النائم بأمان، وفزع الأهالي على صراخ وبكاء الجرحى، وخروج النساء بأطفالهن من تحت أسقف المنازل للبحث عن مكان آمن.
هرع الأهالي إلى منزل الأسرة التي فقدت أحد أعضائها، وأسعفوا الجرحى، مودعين الشهيدة في لحظاتها الأخيرة، بدموع غزيرة، فقدت عزيزة، وبات أطفالها أيتامًا كالعصافير بدون أم، وزوجها الجريح بين أمل الشفاء ويأسه.
يقول الجريح زوج الشهيدة: “زوجتي لا تزال مفقودة تحت الأنقاض، وجرحت أنا وهذه الطفلة، ونحمد الله على كُـلّ حال، يريدون أن يبيدوا الناس، أطفال ونساء، العدوان لا يفرّق بين امرأة ولا رجل، يريد إنهاء الشعب بأكمله”.
هذه الجريمة التي هزَّت أهالي مديرية غمر، واحدةٌ من آلاف جرائم العدوان بحق الشعب اليمني المتواصلة منذ 9 أعوام، أفقدت الشعوبَ الأملَ بالمنظومة الدولية والمجتمع الدولي، وكشفت مدى حاجة المجتمع البشري لثورة تحرّرية، من قوى الهيمنة والاستكبار التي تفتك بالشعوب وتبيد الملايين دون حسيب أَو رقيب.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العدوان السعودی طیران العدوان الشعب الیمنی العدوان على طیران العدو جریمة حرب ومنهم من شهید ا
إقرأ أيضاً:
بعد 9 أعوام على صدوره وبعد سقوط الأسد.. هل يصلح القرار 2254 كأساس لمستقبل سوريا؟!
في أوج الممارسات الاجرامية التي قام بها جزار سوريا المخلوع بشار الأسد، مستعينا بحلفائه الإقليميين والدوليين لإبادة شعبه وتدمير مدنه وتهجير أكثر من نصف سكان سوريا، أصدر مجلس الأمن قبل 9 أعوام في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015 القرار رقم 2254، والذي طالب جميع الأطراف بالتوقف فورا عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، وحث القرار جميع الدول الأعضاء على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار، وطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين (النظام والمعارضة) للدخول في مفاوضات رسمية في أوائل كانون الثاني/ يناير 2016.
وأقر القرار باستثناء مجموعات اعتبرها "إرهابية"، بما في ذلك تنظيم الدولة وجبهة النصرة. وسمح القرار باستمرار ما وصفها بالأعمال الهجومية والدفاعية ضد هذه المجموعات، وأقر آلية لمراقبة وقف إطلاق النار. وأقر إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهرا.
وكما اتضح خلال الأعوام التسعة أن الصياغات المطاطة والملغومة التي صيغ بها القرار انتهت لعجز المجتمع الدولي عن تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المدنيين في سوريا، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل وشرعت لنظام بشار الأسد ممارسة الانتهاكات من تدمير المدن باستخدام البراميل المتفجرة والطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية باعتبارها إجراءات لمحاربة الارهاب!!
اتضح خلال الأعوام التسعة أن الصياغات المطاطة والملغومة التي صيغ بها القرار انتهت لعجز المجتمع الدولي عن تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المدنيين في سوريا، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل وشرعت لنظام بشار الأسد ممارسة الانتهاكات من تدمير المدن باستخدام البراميل المتفجرة والطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية باعتبارها إجراءات لمحاربة الارهاب!!
وفشلت كل المبادرات السياسية ومنها مسار آستانة واجتماعات جنيف وغيرها من أجل الاتفاق على أساس دستوري واتفاق سياسي في ظل تعنت نظام المخلوع بشار الذي اطمأن للدعم الخارجي الذي كان يستعين به لقمع شعبه، بعد أن منح القواعد العسكرية والتسهيلات الضخمة لروسيا، التي أسبغت الحماية لنظامه، عسكريا ودوليا، واستخدمت حق النقض الفيتو في مجلس الأمن 17 مرة على الأقل لحماية نظام بشار الأسد ومنع مساءلته على جرائمه ومنها استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، حتى بعد أن أدانت تقارير الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية نظام الأسد، في آب/ أغسطس 2016، لاستخدامه الأسلحة الكيماوية (قنابل الكلور) على بلدة "تلمنس" في نيسان/ أبريل 2014 و"سرمين" في آذار/ مارس 2015، ما أدى لاستشهاد 1450 مدنيا، بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة، وإصابة آلاف آخرين.
كما أدان تحقيق آخر للأمم المتحدة في 27 كانون الثاني/ يناير 2023 استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين في هجوم السابع من نيسان/ أبريل 2018 في دوما على مشارف دمشق، والذي أسفر عن مقتل 43 مدنيا.
واليوم وبعد أن انتصر الشعب السوري على واحد من أكثر الأنظمة وحشية وفسادا في العالم، ونال حريته، بعد هروب بشار وكبار مجرميه، بعد أن قدم الشعب أكثر من 600 ألف شهيد خلال الـ14 عاما الأخيرة، ونزوح أو لجوء 13 مليون مواطن من ديارهم بعد أن هُدمت مدنهم وقراهم.
يأتي البعض الآن ليضع قرار مجلس الأمن 2254 الذي عجزوا عن تنفيذه، كمسمار جحا للتدخل الدولي في مستقبل الشعب السوري، الذي لديه قلق حقيقي يتعلق بوحدة التراب السوري، ومخاوف تتعلق بتقسيم سوريا أو السماح بتأسيس كيانات مسلحة داخل التراب السوري. وكلها مشاريع لها من يدعمها خارجيا، وهي أمور بالتأكيد لن تجد قبولا من الغالبية العظمى من الشعب الذين يريدون توحيد البلاد والسيطرة على كل موارد الدولة السورية.
هذا القرار بصيغته القديمة تجاوزه الزمن، ويحتاج لإعادة النظر فيه على ضوء ما تأكد من أن الصراع كان مع الشعب السوري التواق للحرية والرافض للظلم وليس مع جماعات وصفت ظلما بالإرهابية، كما ورد في متن القرار، بل إن العالم يكتشف يوميا حجم الإرهاب الذي كان مصدره نظام المخلوع بشار الأسد الذي لم يترك جريمة لم يرتكبها في حق شعبه بل وشعوب المنطقة والعالم، ومنها ما يتم كشفه من معامل للمواد المخدرة التي كان يصدرها لجميع الدول.
على من يحاولون الآن التدخل في شئون سوريا وفرض الوصاية عليها بزعم تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 أن يحاسبوا أنفسهم أين كانوا طوال الأعوام الـ14 الأخيرة وكيف كانت مواقفهم وانحيازاتهم، ومنذ متى تذكروا حقوق السوريين الذين سحقهم نظام بشار في سوريا!
وعلى ضوء ما تحقق في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعد سقوط نطام الطاغية بشار الأسد، لا يمكن الاعتداد بهذا القرار.
سوريا الجديدة تحتاج لتضمد جراحها بمساعدة كل أصدقائها بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بعض الدول، بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بعد أن أصبح الباب مفتوحا الآن للكشف عنها ومحاسبة مرتكبيها في إطار نظام للعدالة الانتقالية يزاوج بين المحاسبة والعفو ويجبر الأضرار ويكشف حقائق كل الانتهاكات، ويعمق المصالحة الوطنية التي رأيناها تتجلى في الاحتفالات الواسعة في كل المدن السورية بالحرية وسقوط النظام الطائفي الذي حكم سوريا بالحديد والنار.
بالتأكيد يحتاج أصدقاء سوريا للاطمئنان على أن سوريا الجديدة ستتسع لكل أبنائها على أساس المواطنة بدون إقصاء لفكر او طائفة، وبالتأكيد سوريا تحتاج لبعض الوقت لمعالجة القضايا العاجلة، ومنها إعادة تأسيس المؤسسات التي انهار بعضها لارتباطها بأفراد وليس بالوطن.
وهذا لا يقلل من حق الشعب السوري أيضا في اختيار نظامه السياسي، وكتابة دستوره وانتخاب حكامه بدون وصاية عليهم، في إطار الالتزام بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
وقد عبر الثوار مؤخرا عن رغبتهم بالفعل في بناء دولة قانون تتسع لكل السوريين، وبدأ المهاجرون بالفعل بالعودة لديارهم، وصدرت تطمينات لكل الطوائف الدينية والإثنية والسياسية، وهذه بدايات جيدة تحتاج للبناء عليها.
وعلى من يحاولون الآن التدخل في شئون سوريا وفرض الوصاية عليها بزعم تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 أن يحاسبوا أنفسهم أين كانوا طوال الأعوام الـ14 الأخيرة وكيف كانت مواقفهم وانحيازاتهم، ومنذ متى تذكروا حقوق السوريين الذين سحقهم نظام بشار في سوريا!