القرعان يكتب: حديث الملك لا يعتريه أدنى لبس
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
صراحة نيوز – ماجد القرعان
بصراحته المعهودة وحرصه الشديد الدائم على سلامة الوطن ومواطنيه وتعظيم المنجزات الوطنية جاء حديث جلالة الملك خلال لقاءه رئيس وأعضاء مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان ليضع النقاط على الحروف التائهة في أمر قانون الجرائم الالكترونية الذي اثار جدلا واسعا جراء غياب التنسيق والحوارات المسبقة بين كافة المؤسسات وأصحاب الرأي والخبرة والمشورة والذي بتقديري لو حصل لما كان ذلك التشابك الذي يُعتبر ظاهرة صحية في المجتمعات التي تنشد الأمن والإستقرار الركيزة الأساس للتنمية والحياة الفضلى .
الخلاف على القانون والإختلاف بالرأي الذي رافق اجراءات شرعنة المشروع له اسبابه ومسبباته والتي يتصدرها عامل الثقة الذي يشكوا منه الجميع ويُقره راسمي السياسات ومتخذي القرارت في الدولة وكذلك سرعة التعامل مع المشروع الذي تمت احالته لمجلس النواب قبل يوم واحد من عقد الدورة الإستثنائية دونما نشره على موقع ديوان التشريع والرأي كما هو معتاد بالنسبة لكافة مشاريع القوانين وتمت مناقشته واقراره من قبل مجلس الأمة بغرفتيه النواب والأعيان وسط احتجاجات على آليات الحوار التي وصفها كثيرون بالشكلية لتسدل الستارة عليه بمصادقة جلالة الملك استنادا لصلاحياته الدستورية .
من المؤكد ان جُل الأردنيين مع قانون مجود يحمي الجميع من الانفلات الإلكتروني الذي فرضه عالم القرية الصغيرة والتطور المتسارع للفضاء الالكتروني والذي سمح لضعفاء الأنفس من التمادي والتطاول على الأخرين استفزازا وابتزازا واساءات لا تعد ولا تحصى فالجميع وكما قال جلالته خلال اللقاء متفقون على ضرورة مواجهة الإساءات التي تخالف الأخلاق والقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
ومن المؤكد ايضا ان مشروع القانون سار ضمن القنوات التشريعية وهو أمر لا خلاف عليه لكن المسؤولية في المخرجات تقع على عاتق الذين استهانوا في عملية المشاركة بالإنتخابات النيابية على وجه الخصوص والذين لهم اسبابهم ودوافعهم سواء اختلفنا ام اتفقنا عليها .
حديث جلالته امام رئيس واعضاء مجلس أمناء المركز الوطني بدد التخوف الذي رافق مراحل اقرار القانون فيما يتعلق بالحريات التي كفلها الدستور لجميع الأردنيين والذي يشمل حرية النقد والتعبير وتوفير المناخات الصحية للسلطة الرابعة ( الصحافة ) التي تُعتبر سلاح الدولة حين أكد جلالته بمفردات لا يعتريها أي لبس وقال ” مكافحة الجرائم الإلكترونية يجب ألا تكون على حساب حق الأردنيين في التعبير عن رأيهم او انتقاد السياسات العامة ” مشددا جلالته ان الأردن ملتزم بالتعددية السياسية والإعلامية وهو ليس دولة تعسفية ولن يكون أبدا … وتاريخنا يشهد على ذلك .
وما زاد في طمأنة جلالته اشارته الواضحة لأهمية مراجعة قانون ضمان الحصول على المعلومات الذي بصورته الحالية يُعتبر سببا رئيسيا وراء انتشار الأشاعات ومعيقا لعمل السلطة الرابعة التي تحتاج للمعلومة الدقيقة والواضحة في وقتها لكي لا تقع في غياهب التضليل والإثارة وسوء الفهم والتقدير فكان توجيه جلالته صارما للحكومة لتعمل على مراجعة هذا القانون لضمان حصول الجميع على المعلومات الصحيحة والدقيقة وبشكل سريع والذي يسهم في الرد على الإشاعات والأخبار الكاذبة.
بعد حديث جلالة الملك حامي الدستور وضامن سيادة القانون باتت الكرة الآن في ملعب الحكومة وكافة السلطات لتبدأ بخطوات من شأنها تجسير فجوة الثقة مع المواطنين وسرعة تنفيذ توجيهات جلالة الملك لشرعنة قانون حضاري لضمان الحصول على المعلومات الى جانب تكليف فريق مختص من الخبراء لمراجعة بنود قانون الجرائم الالكترونية فما تقدم من توجيهات تُعتبر متطلبات رئيسية وأساسية ليمضي الأردن نحو تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري الشغل الشاغل لجلالته منذ تسلم سلطاته الدستورية.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام عربي ودولي مال وأعمال اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام أقلام عربي ودولي مال وأعمال اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة جلالة الملک
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: محاكمة حميدتي بين قانونين
بدأت محكمة الإرهاب في مدينة بورتسودان، الأحد محاكمة قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان “دقلو” وشقيقه عبد الرحيم دقلو وآخرين، غيابيًا بتهمة التورط في اغتيال والي غرب دارفور. وطالبت النيابة العامة، في وقت سابق، وقبل تسليم الدعوى إلى المحكمة، حميدتي وشقيقيه ونائب الوالي تجاني الطاهر كرشوم وآخرين، بالمثول أمامها حيث أعلنتهم متهمين هاربين. وقرر قاضي محكمة الإرهاب المأمون الخواض، استمرار جلسات المحاكمة، لسماع المتحري والمبلّغ على أن يمثل الشهود للإدلاء بشهادتهم في الجلسات القادمة.
في هذه الجلسات، قدّم النائب العام الفاتح طيفور خطبة الادعاء في أولى جلسات المحكمة، مشيرًا إلى أن القضية تشمل كافة البُنى التي بُنيت عليها الدعوى. وقال طيفور الذي بدأ عليه التأثر، إن القضية تكشف وقائع خيانة من قوات كان من المفترض أن تحمي البلاد. بدأ ذلك الهجوم الشرس على مطار مروي شمالي السودان، تلاه الهجوم على مقر رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
اغتيل والي غرب دارفور خميس أبكر في 14 يونيو 2023، بعد وقت وجيز من اعتقاله بواسطة مليشيا الدعم السريع التي اقتادته إلى مقرها بحضور قائدها في الولاية عبد الرحمن جمعة بارك الله، قبل أن تظهر مقاطع فيديو توثق مقتل الوالي والتمثيل بجثته. وقبلها، كانت قناة “الحدث” قد وثقت اقتحام مقر إقامته، وأفاد النائب العام بأن الدعم السريع اعتقلت الوالي المقتول وحرسه، بمشاركة جمعة بارك الله وتجاني كرشوم، واقتادته إلى مقرها ثم تمت تصفيته وسحل جثته.
وتتضمن القضية، التي تشمل 16 شخصًا، اتهامات بالتورط في اغتيال خميس ومخالفة 12 مادة من القانون الجنائي، منها المادة 186 الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى مخالفات لقانون مكافحة الإرهاب. كما تم تسمية قائد الدعم السريع متهمًا أول، وشقيقه عبد الرحيم متهمًا ثانيًا، بينما تم تسمية شقيق آخر يُدعى القوني، الذي يشغل منصب مسؤول المشتريات في الدعم السريع، متهمًا ثالثًا.
ومن بين المتهمين كذلك عبد الرحمن جمعة بارك الله والطاهر كرشوم الذي كان نائبًا لخميس أبكر، وبعد اغتياله انفرد بحكم الولاية التي سرعان ما سيطرت عليها المليشيا ، وعيّنت كرشوم رئيسًا للإدارة المدنية، حيث لا يزال يشغل المنصب. وتصل العقوبة في حال الإدانة إلى الإعدام.
إن محاكمة هذه الأسماء البارزة تمثل اختبارًا حاسمًا للعدالة السودانية ومدى قدرتها على مواجهة هذه الجرائم. ولكن يبقى التساؤل قائماً: هل ستكون هذه المحاكمة بداية لفتح ملفات أخرى شائكة مثل الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين في السريحة والهلالية وود النورة وغيرها، أم ستكون مجرد حلقة إضافية في مسلسل الإفلات من العقاب؟
وبحسب مواثيق القانون الدولي، اتفاقيات جنيف لعام 1949، فإن الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين تُعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستوجب المساءلة الجنائية الفردية، بما في ذلك بحق قادة المليشيا المسلحة.
بالرغم من هذه الإجراءات يظل هناك سؤال محوريا لماذا لا يُحاكم حميدتي وشقيقه وفقًا لقانون القوات المسلحة السودانية بدلا عن القانون الجنائي ؟ في جوهر الأمر، ما قام به محمد حمدان دقلو وقوات الدعم السريع بقيادته، هو انقلاب عسكري صريح على الدولة ومؤسساتها الدستورية، ومحاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة، وهو فعل ينطبق تمامًا على توصيف “الخيانة العظمى” والتمرد المسلّح” في قانون القوات المسلحة السودانية.
لكن عدم محاكمته حتى الآن بموجب هذا القانون يرتبط ربما بعدة عوامل متداخلة: أولاها أن الصفة القانونية لهذه القوات : رغم تبعيتها الشكلية للجيش بموجب قانون الدعم السريع لعام 2017، إلا أنها تمتعت بهامش استقلال تنظيمي وعملياتي، ما أدى إلى تضارب قانوني بشأن مرجعيتها الفعلية، وهو ما تستغله بعض الجهات لتبرير عدم إخضاع قادتها لقانون القوات المسلحة.
كذلك الفراغ الدستوري والمؤسسي: منذ التغير في 2019 وما تلاه من اضطرابات، دخل السودان في حالة سيولة قانونية ودستورية، جعلت من الصعب تفعيل مواد محاسبة الانقلابين التقليدية، خاصة مع غياب برلمان شرعي ومحكمة دستورية عليا فاعلة.
كذاك الحسابات السياسية الإقليمية والدولية: البعض يرى أن هناك تردّدًا دوليًا في تصنيف ما جرى كانقلاب رسمي، رغم وضوح الوقائع، وذلك لتجنّب تصعيد سياسي أو فتح جبهات قانونية. لذلك محاولة احتواء الجريمة ضمن الإطار الجنائي المدني: خطوة مهمة لكنها قد تُبقي الجريمة في حيز “الانتهاكات”، لا في حيز “الخيانة العسكرية والانقلاب” .
إن محاكمة حميدتي بقانون القوات المسلحة لا تعني فقط تصنيف أفعاله كخيانة عظمى، بل تعني أيضًا الاعتراف رسميًا بأن ما حدث كان انقلابًا مسلحًا مكتمل الأركان، ما يستدعي موقفًا سياسيًا وقانونيًا حاسمًا من الدولة السودانية.
اليوم، يقف السودان على أعتاب مفترق مهم: إما أن تُسهم هذه المحاكمة في استعادة الثقة في مؤسساته العدلية، أو أن تتحول إلى حلقة جديدة في مسلسل الإفلات من العقاب. ولئن كان النائب العام قد تعهّد بأن “سيف العدالة سيطال كل هارب”، فإن الشعب السوداني، وخصوصًا أهل دارفور، لا ينتظرون مجرد وعود، بل تطبيقًا صارمًا للقانون، واعترافًا صريحًا بالحقوق.
إن الصمت الدولي حيال هذه الجريمة لن يكون إلا ترخيصًا مستترًا بمزيد من القتل والانتهاكات، في بلد أنهكته الحرب، وتحتاج مؤسساته المدنية والعدلية إلى الدعم ، وبناء مستقبل مختلف، تُصان فيه كرامة الإنسان، ويُحتكم فيه للقانون . وكما قال الفيلسوف بليز باسكال: “العدالة دون قوة عاجزة، والقوة دون عدالة طغيان”.
هذا وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة إذا كانت المواثيق الدولية قد رسّخت الحق في المحاسبة كضمان أساسي لعدم تكرار الجرائم، فإن الواقع الميداني في السودان يشير إلى قيام العدالة وسط سطوة القوة الغاشمة المطلوبة لأنصاف الضحايا. وما بين هذا القيام المنصف وذاك الطغيان، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بإرادة حقيقية تضع الإنسان أولًا، وتعيد بناء الدولة على أسس من القانون والعدالة والكرامة.. لأجل استدامة السلام وترسيخ مبدأ العدالة.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 23 أبريل 2025 م