في موسم الرياض.. المقدسات تُهان
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
فاطمة عبدالإله الشامي
في الوقت الذي تعاني فيه غزة من أفظع أنواع العنف والاعتداء، حَيثُ تُذبح الأرواح من الوريد إلى الوريد، ويتعرض المدنيون للأذى بشكل يومي، نجد أن الفعاليات في المملكة العربية السعوديّة، في موسم الرياض، تثير الكثير من الاستياء والغضب.
إن استقدام الراقصات والفنانين لإحياء حفلات ترفيهية في وقت تُعاني فيه شعوب من ويلات الحروب والجرائم يُظهر تباينًا صارخًا بين الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون وبين مظاهر الاحتفال التي تفتقر إلى الحساسية والمشاعر الإنسانية.
هذه الفعاليات، التي تُظهر حياةً من الترف والسعادة، تتجاهل تمامًا الألم الذي يعتصر قلوب الأُمهات الثكالى والأطفال الذين فقدوا أسرهم.
إن هذا التناقض الحاد يُعبر عن عدم الوعي بالواقع المأساوي الذي تعيشه الأُمَّــة الإسلامية، ويخاطب قضايا تُعتبر جوهرية في صميم الهوية الإسلامية والإنسانية، في الوقت الذي يُستقبل فيه الفنانون والراقصات في حفلات صاخبة، تُنسى المعاناة التي يعيشها إخواننا في غزة، حَيثُ يتعرضون للقصف والتهجير، ويُعانون من نقص حاد في المواد الأَسَاسية، مثل الغذاء والدواء.
تتجلى مظاهر الاستهزاء بالمقدسات والرموز الدينية في هذا السياق، حَيثُ يتم استغلال الكعبة، رمز الوحدة الروحية والاجتماعية، في فعاليات تُعتبر بعيدة كُـلّ البعد عن الروحانية والتفكر، أن استخدام الرموز الدينية في سياقات ترفيهية، خَاصَّة في ظل الظروف المأساوية التي تعاني منها فلسطين، يُعتبر استهزاءً بمعاناة الآخرين وعجزًا عن التعاطف مع القضايا الإنسانية، ومن المؤلم أن يُنظر إلى الكعبة، التي تشكل قبلة المسلمين، كخلفية لفعاليات تُفقدها هيبتها وتُقلل من شأنها.
هذا النوع من الفعاليات لا يُظهر فقط قلة احترام للقيم الإسلامية، بل يُعزز أَيْـضًا من مشاعر الانقسام بين المجتمعات، يُظهر أن هناك فصلًا كَبيرًا بين ما يُفترض أن تمثله المملكة كداعم رئيسي لقضايا الأُمَّــة الإسلامية، وبين ما يُمارس في بعض الفعاليات التي تُعبر عن انفتاح غير مدروس أَو غير واعٍ بتبعاته، أن استغلال المقدسات لأغراض ترفيهية، بينما تُعاني شعوب من الظلم والاحتلال، يُعد بمثابة إهانة لكل من يؤمن بأن الإنسانية تتطلب التعاطف والتضامن.
إن الاحتفالات التي تُقام في هذا السياق لا تعبر فقط عن تجاهل فاضح للمعاناة الإنسانية، بل تعكس أَيْـضًا انعدام الوعي بالواجبات الدينية والأخلاقية تجاه إخواننا في فلسطين، يجب أن نفهم أن الفرح الذي يأتي في وقت تعاني فيه شعوب من الأزمات ليس فرحًا حقيقيًّا، بل هو نوع من الانفصال عن الواقع، ورفض للإنسانية التي تجمعنا، أن الترفيه في ظل هذه الظروف يُعتبر استهزاءً بالمقدسات وقيم الإنسانية، علاوة على ذلك، عندما يُنظر إلى هذه الفعاليات من قبل الجماهير، قد يُفسر ذلك على أنه عدم احترام لمشاعر الملايين من المسلمين الذين يعتبرون الكعبة رمزًا مقدسًا.
إن الرقص والاحتفال حول مجسم الكعبة المشرفة الذي صنعه صانعوا الترفيه في موسم الرياض في ظل هذه الظروف يثير تساؤلات حول مدى الإيمان الذي يتدهور ومستوى الوعي اللاموجود بالقضايا الإنسانية، ومدى قدرة المجتمع على التعاطف مع أُولئك الذين يُعانون، ويجب أن نكون واعين بأن المملكة قد استفزت ملايين المسلمين بهذا التصرف المُشين.
كما أن هذه الفعاليات، عندما تأتي في وقت يُحاصر فيه الفلسطينيون ويُقتلون بوحشية، تُظهر بشكل صارخ انعدام التعاطف مع الألم الذي يعيشه الآخرون.
إن الرقص والاحتفال في ظل هذه الظروف يُعتبر بمثابة إهانة للضحايا الذين يُقتلون يوميًّا من قبل الاحتلال الصهيوني، وللأسر التي تُشرد، وللأطفال الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم، أن هذه الصورة تُعزز من مشاعر الإحباط والغضب في نفوس الكثيرين، خَاصَّة عندما يُنظر إلى هذه الفعاليات على أنها احتفاء بالفرح بينما تُغفل معاناة الآخرين.
إن الواجب الأخلاقي والديني يقتضي أن نكون متضامنين مع إخواننا في المحن، وأن نُظهر التعاطف مع الذين يُعانون من الظلم، إن الفرح الذي يأتي على حساب معاناة الآخرين ليس فرحًا حقيقيًّا بل استهزاء بمعاناتهم، بل هو نوع من الانفصال عن الواقع، ورفض للإنسانية التي تجمعنا، يجب أن نعمل جميعًا على استنكار هذا الفعل وتعزيز قيم التعاطف والتضامن، وأن نكون صوتًا لمن لا صوت لهم، خَاصَّة في أوقات الأزمات.
في عالم اليوم، حَيثُ تتداخل القضايا الإنسانية مع القيم الثقافية والدينية، يصبح من الضروري أن نتبنى مواقف تعكس إنسانيتنا وتضامننا مع الآخرين، يجب على الجميع أن يستنكر ويدين هذا الفعل الذي قد مسّ بمقدساتنا الإسلامية، وعلينا تعزيز قيم التعاون والتعاطف، يجب أن نحرص على أن تكون الفعاليات التي تُقام في أي مكان تعكس القضايا التي تهم الناس، وأن تُظهر تضامنًا حقيقيًّا مع من يُعانون.
إن المقدسات والأماكن الإسلامية يجب أن تُحترم وأن تُستخدم لتعزيز القيم الروحية والإنسانية، وليس لتكون أدوات للتسلية والترفيه والاستهزاء، أن الكعبة، ورموز الإيمان، تستحق منا جميعًا الاحترام والتقدير، ويجب أن نظل متضامنين مع كُـلّ من يعاني، سواء في غزة أَو في أي مكان آخر في العالم، أن التعاطف مع المعاناة الإنسانية هو ما يعكس إنسانيتنا، وهو ما يجعلنا نتجاوز حدود الثقافة والعرق والدين لنقف جميعًا معًا في وجه الظلم.
إن العالم اليوم بحاجة ماسة إلى قيم التعاطف والإنسانية، ويجب أن نكون جزءًا من هذا التغيير، علينا أن ندرك أن الفرح الحقيقي لا يأتي إلا عندما نكون قادرين على مشاركة آلام الآخرين، وعندما نُظهر أننا نُقدّر الحياة ونُحترم معاناة الآخرين.
إن هذه القيم هي ما يجعلنا بشرًا، وهي ما يُعزز من وحدتنا كأمة واحدة، ويُسهم في بناء عالم أفضل للجميع، ولتعلم المملكة أنها قد سببت على نفسها ومن يقف خلفها بهذا الاستهزاء وسلطت عليها غضب الله وغضب الناس.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذه الفعالیات التعاطف مع أن نکون ی عانون الذین ی یجب أن التی ت الذی ی
إقرأ أيضاً:
للمرة الأولى.. أنتوني هوبكنز يقدم عرضاً موسيقياً حياً في موسم الرياض
للمرة الأولى، يحتضن موسم الرياض، عرضاً موسيقاً حياً لنجم السينما العالمية أنتوني هوبكنز، ضمن فعاليات نسخته الخامسة لعام 2024.
وفي حدث فني مرتقب، يقدم السير أنتوني هوبكنز، الحائز على جائزتي أوسكار والمرشح لها 6 مرات، مقطوعة موسيقية خاصة لموسم الرياض، يستعد لها النجم العالمي منذ عدة شهور، في تجربة موسيقية هي الأولى من نوعها للفارس الإنجليزي والفنان الويلزي المخضرم، ليضفي البهجة والسعادة في قلوب محبيه وجمهوره، كما زرعها في أذهانهم بفضل أدواره المركبة والصارمة والمرعبة والدموية أحياناً.
وأعلن تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية، أن النجم العالمي هوبكنز سيشارك قريباً في ليلة موسيقية تاريخية بالرياض.
وقال آل الشيخ، في حسابه على منصة إكس: "للتاريخ، ليلة ليست كباقي الليالي، مع الأسطورة الخالدة أنتوني هوبكنز في موسم الرياض قريباً".
وأرفق في منشوره حديثاً مصوراً لأنتوني هوبكنز.
للتاريخ ليله ليست كباقي الليالي مع الاسطوره الخالده Anthony Hopkins في موسم الرياض قريباً ... ????❤️???????????????? pic.twitter.com/WfKOAkiMEU
— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) November 17, 2024 ألحان هوبكنزويتمتع هوبكنز أيضاً بذاكرة سمعية استثنائية، بفضل أذنه الموسيقية وبراعته في التلحين، ففي عام 1986 أصدر أغنية منفردة بعنوان "نجم بعيد" بلغت المرتبة 75 في تصنيف الأغاني المنفردة للمملكة المتحدة، كما لحن مقطوعة موسيقية ضمن ألبوم أندري ريو عام 1964، فضلاً عن إصداره ألبوماً موسيقياً كلاسيكياً عام 2012، بعنوان "الملحن".
جائزة الإنجاز مدى الحياة
وكُرم هوبكنز بجائزة "الإنجاز مدى الحياة" خلال حفل توزيع جوائز صناع الترفيه "Joy awards"، الذي عقد، مطلع العام الحالي، في الرياض، بحضور عدد كبير من نجوم الفن العالمي والعربي، وعرضت لقطات من أبرز أعماله التي حفرت في أذهان المشاهد العربي والعالمي.
Thank you #JoyAwards for honoring me with the Lifetime Achievement Award.
We depart this beautiful city with gratitude for the kindness and generosity bestowed upon us. @Turki_alalshikh #RiyadhSeason pic.twitter.com/Th445dkEJB
فخلال 6 عقود من حياته المهنية في المسرح والتلفزيون والسينما، جسد هوبكنز أدوار شخصيات حقيقية، أبرزها ملك إنجلترا "ريتشارد قلب الأسد"، ورئيس الوزراء البريطاني "ديفيد لويد جورج"، وريئسان أمريكيان، هما جون كوينسي آدامز، وريتشارد نيكسون، والبابا بندكت السادس عشر، ورئيس الوزراء إسحاق رابين، وأدولف هتلر، وتشارلز ديكنز، وبابلو بيكاسو، وألفريد هيتشكوك.
أعظم ممثل في جيلهكانت بدايات هوبكنز، الذي وصفه ريتشارد أتينبورو، مخرج 5 أفلام له، بأنه "أعظم ممثل في جيله"، على المسرح، إذ يدين بالفضل في اكتشافه إلى عبقري التمثيل الخالد لورانس أوليفييه الذي دعاه للانضمام إلى المسرح الملكي الوطني في عام 1965 بعد سنوات من تخرجه في الكلية الملكية الويلزية للموسيقى والدراما.
وبديلاً لأستاذه أوليفييه، لعب هوبكنز عام 1967 دور البطولة في مسرحية "رقصة الموت" لأغسطس ستريندبرغ، ليحقق نجاحاً مذهلاً، وفي العام التالي 1968 حقق شهرة واسعة بفضل دوره ريتشارد قلب الأسد في فيلم "الأسد في الشتاء" الذي حظي من خلاله بأول ترشيح لجائزة بافتا كأفضل ممثل مساعد، لتبدأ رحلة نجاحه في السينمائي، جنباً إلى جنب مع المسرح.
بجانب فيلم "صمت الحملان"، الذي توج بفضله بجائزة الأوسكار عام 1991، قبل أن يفوز بها مرة أخرى عن دوره في فيلم "ذي فاذر"، لدى هوبكنز أدواراً متميزة، مثل "سحر" 1978، و"الرجل الفيل" 1980، و"نهاية هوارد" 1992، و"بقايا اليوم" 1993، و"الحافة" 1997، و"أميستاد"، و"تيتوس" 1999، و"كسر" 2007، و"ثور" بأجزائه الثلاثة في 2011 و2013 و2017، و"المتحولون: آخر فارس" 2017، و"البابوان" 2019، وفيلم "الأب" 2020، الذي أصبح هوبكنز بفضله أكبر شخص يفوز بجائزة أوسكار كأفضل ممثل، بالإضافة للأعمال المتلفزة مثل "الملك لير"، ومسلسل الخيال العلمي "وست وورلد"، وغيرها العديد.