يمانيون:
2024-12-18@09:57:30 GMT

روحُ الشهادة وفجرُ الخَلاص

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

روحُ الشهادة وفجرُ الخَلاص

عبدالكريم الوشلي

لامس العدوُّ الهجينُ المركَّبُ -الصهيوني الأمريكي- بكل إمْكَاناته الهائلة وضخامةِ احتشاده العالمي والإقليمي المتواطئ وهول مجازره وإبادته المصبوب على المدنيين أرواحًا ومقوماتِ حياة.. لامس أعلى السقوف في كُـلّ هذا الإجرام والدموية والتوحش التدميري بأفتك الأسلحة وأقوى العتاد، ولم يُفض به كُـلّ ذلك سوى إلى المزيد من الانحدار إلى هاوية لا مفر له منها من السقوط والحاصل الصِّفري بمقياس أهدافه وغاياته الاستراتيجية، وما يسميه “إنجازاتٍ” لا يتعدى كونَه جُماعًا تكتيكيًّا هزيلًا هشًّا يُدرِجُه تحتَ ذلك العدوان وهو نوعٌ من خداع الذات والأدوات والجمهور المستغفَـل!؛ لأَنَّ قتلَ الأطفال والنساء والمدنيين وتدميرَ المنازل وحصرَ بنك الأهداف في الأعيان ومقومات الحياة المدنية والإنسانية التي تحرم كُـلّ شرائع وقوانين الأرض والسماء استهدافها لا يمكن صرفُه في بازار النصر الحقيقي بكل معانيه ومعاييره الاستراتيجية والعسكرية؛ فما بالك بالمنظور الإنساني والأخلاقي والقانوني؟!

في عين هذا المنظور تحديدًا يتعرّى العدوّ ويبدو واضحَ الخسارة والإفلاس ومحاصَرًا بواقع لا يُحسد عليه أمام استماتة الأبطال الذين أجادوا وما زالوا أشرفَ صور الثبات والصمود في وجه العدوّ في كُـلّ جبهات مواجهته ومقاومته، بدءًا من لبنان ومقاومته الإسلامية الفتية المتنامية كَمًّا وكَيفًا ومُرورًا بغزة وفعلها الجهادي المقاوم المتصاعد والعصي على الكسر رغم هول الظروف التي يتحَرّك في ظلها، وهذا شأن المقاومة الإسلامية في العراق وليس انتهاءً باليمن، حَيثُ الموقف الجهادي الملتحم ببقية الجبهات أخذ في المزيد من القوة والفتوة والعنفوان ونوعية ضرباته ومفاعيله البالغة الإيلام للعدوان الصهيوني الهجين ورأسه الأمريكي تحديدًا بشراكاته الغربية الأطلسية والدولية وأدواته الإقليمية المتواطئة، ومصاديقُ هذه الخواص الواضحة في فعل وأثرِ الدور اليمني في هذه المواجهة المصيرية تزخر بها حتى تصريحاتُ واعترافات قادة ومسؤولي البنى والهياكل العسكرية والأمنية ومراكز البحث والتحليل وقادة القطع العسكرية المتسكعة هنا وهناك للعدو الأمريكي نفسه وشريكه الغربي، والتي سارع الكثير منها للفرار مشيعًا بالخوف والذعر؛ وما أمرُ روزفلت وأيزنهاور وغيرهما وأخيرًا وليس بآخر إبراهام لنكولن التي كانت الصفعة اليمنية القاسية لها بين العينين.

. عنا ببعيد!

هذا هو شأنُ وواقعُ المواجَهة مع هؤلاء الأعداء ومشروعهم الاحتلالي الغاصب وهجمتهم الدموية البالغة ذروة ذرواتها اليوم على أمتنا.. وفيه الكثير الواضح والذي لا لبس فيه من محفزات اليقين من أن المآل النهائي والمؤدَّى الحتمي لكل ما يجري هو لصالحنا، لصالح هذه الأُمَّــة المظلومة ومجاهديها الميامين ومقاوميها الأبرار والروحِ الإيمانية الصُّلبة الكامنة في صميم هُويتها ووجودها، تغذِّيها أنفاسُ العطاء والبذل الأسمى والأسخى والشهادة، وما أدراكَ ما الشهادةُ وأيَّةُ طاقة محركة لأقوى وأقوم وأنبل وأوعدِ مواكب السير نحو مستقبل العزة والحرية والكرامة لهذه الأُمَّــة وشعوبها المظلومة؟

وفي مناسبة الذكرى السنوية للشهيد التي نعيشُها في يمن الإيمان والتحرُّر والاستقلال، يمن الصبر والصمود والجهاد الملتحم -بكل طاقته- بأحرار أمته ومجاهديها في كُـلّ جبهاتهم على طريق القدس.. تتشكَّلُ أبهى الملامح لذلك المعنى السامِقِ للشهادة، وهو يرفرفُ في آفاقِ الذكرى قائلًا للشعب المضحي المجاهد: هذا هو معراجُك الأكيدُ نحو معالي المجد والسؤدد والخَلاصِ من ليل الطُّغاة والمعتدين، والمعنى ذاته يحُطُّ جليًّا واضحًا في مستقر وعي كُـلّ حر مجاهد مستبصِر من أبناء هذه الأُمَّــة التي طال بها أمدُ النزيف والمعاناة والأحزان، وآن لها أن تعانقَ فجرَ الخلاص، وقريبًا بإذن الله يكون ذلك.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

عقد إمتحانات الشهادة الثانوية.. رؤية من منظور الحد من مخاطر الكوارث

كتب د. محمد عبد الحميد استاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية

ربما يشكل فهم تناول عقد امتحانات الشهادة السودانية من منظور إدارة مخاطر الكوارث والحد منها لغير المختصين،  ذلك لأن عقد الإمتحانات قد تبدو من الوهلة الأولى قرار إداري تختص به الدوائر المعنية بالتعليم. في حين أن  عقد الإمتحانات في ظل حرب مشتعلة الأوار وبالكيفية التي تدور بها منذ أكثر من عام ونصف، يجعل مثل هذا القرار رهين وبأعلى درجة بأهل الإختصاص في إدارة مخاطر الكوارث والحد منها.

على عموم الأمر، تُصنف الحرب في علم ادارة مخاطر الكوارث كخطر كوارث من صنع الإنسان Man made Hazard، والمعروف في دراسات الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها أن الأخطار من صنع الإنسان أشد فتكاً من الأخطار الطبيعية المتطرفة كالزلازل والأعاصير والفيضانات... فالحرب الدائرة الآن وبحسب توصيف قائد الجيش أنها (عبثية)، وهي بالفعل كذلك، ليست فقط من ناحية الدوافع والأهداف، وإنما من ناحية الإستهداف، فهي تتسم بشكل كبير بنوعٍ من العمه البصيرة Blindness وعدم التمييز بين المحاربين والمدنيين، وهي بهذا التوصيف تشكل بالنسبة للسكان مصدر للمخاطر لا يمكن التكيف معه.. ولفائدة القارئ فإنه يتوجب تعريف المخاطر Risks  فهي في علم دراسات الكوارث  (حالة غير يقينية تنبع من إحتمال أو خسائر اقتصادية، إجتماعية،  وبيئية قابلة للإدارة والتحكم يلعب فيها الإنسان دوراً حاسماً، في زمن محدد وهي ناتجة  عن  واحد او أكثر  من  خطر إضافة لعنصر القدرة ضفعاً وقوةً.)  ما يمكن إستخلاصه من التعريف أنها "إحتمالية"  وهي بذلك خاضعة لعملية تنبؤ بالتقييم وقراءة ما يمكن أن يحدث، والمخاطر بصفة عامة ليست ذاتية الوجود، بمعنى إنها لا تتحقق إلا بوجود خطر Hazard والخطر في هذه الحالة هو الحرب.. والمخاطر المرتبطة به هنا متعددة ومخيفة وعالية،  فهي تترواح بين الموت، فقدان المأوى، النزوح بكل ما يستبطن من عدم استقرار، فقد وسائل سبل كسب المعيشة، ودمار البنى التحتية. لذلك يمكن القول أن مخاطر الحرب الموجودة هي  عميقة وممتدة Intensive &  extensive بمعنى أنه حتى لو هرب المدنيون من دائرة الخطر ونزوحوا فكون حالهم نازحين يعتبر جزء من مخاطر الحرب، وكلما يستتبع ذلك من حالات عدم استقرار نفسي وإجتماعي واقتصادي وحتى أمني. هذا فضلاً عما تحدثه من مخاطر على  منشآتهم و بنياتهم التحتية كالمستشفيات والمدارس والمصانع والطرق والجسور والمطارات وكافة سبل المواصلات وسلاسل الإمداد... فالحرب في السودان فشلت في أن تبتعد عن المدنيين،  فهي في حالة عمه بصيرة عفوي و متعمّد، وصلت لمساكن المدنيين وطالت كل الأعيان التي تسهل حياتهم.. ولم تستطع أي جهة أن تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم. فأكبر المخاطر المرتبطة بالحرب صارت القذائف العشوائية التي تتساقط على أسقف منازل المواطنين وتقتلهم أفراداً وجماعات.

خلاصة القول في هذا الجانب أن خطر الحرب وما ترتب عليها من مخاطر يبدو واقعاً معاشاً وأصبح جزء من حياة الناس اليومية وهم يعانون في نفس الوقت صعوبات حقيقية في التكيف مع هذا الواقع المؤلم.

مهما يكن من أمر، وبالنظر لقطاع التعليم من منظور إدارة مخاطر الكوارث يمكن تقرير أنه القطاع الوحيد الذي ينقطع تماماً أثناء الكوارث لا سيما الحروب، لأنه كقطاع حساس جداً للنزاعات المسلحة  لذلك جاء إعلان أوسلو في العام 2015 لتأكيد ضرورة استقراره وإبعاد مؤسساته - المدارس  والجامعات  - عن مجريات الحروب..  في هذا الصدد يمكن الزعم بأن سقوط دانة واحدة أو هجوم بطائرة مسيرة مثلاً  على أي مركز امتحانات من شأنه أن يحول عقد الإمتحانات لحالة حداد وطني يؤثر ليس فقط على نفسية الطلاب الممتحنين، بل على مجمل وجدان الأمة.. لذلك فإن قرار عقد الإمتحانات في هذا الظرف ومن منظور إدارة مخاطر الكوارث ينطوي على مخاطر غير مقبولة. ويصير بالتالي قراراً غير حكيم. هذا من الناحية الفنية من منظور علم إدارة مخاطر الكوارث... أما من الناحية السياسية فإن حدث بضخامة  عقد إمتحانات قومية يظل رهين بمستوى تفهم أطراف الحرب لأهمية الموضوع والتزامهم بضرورة وقف القتال أثناء سير الإمتحانات (هذا هو السبيل الوحيد لجعل المخاطر في أدنى مستوياتها) وتيسير كافة السبل اللازمة لجعل الطلاب مهيئين على مستوى التحصيل الأكاديمي ولديهم الإستعداد النفسي والذهني واللوجستي لخوض معمعة الامتحانات، ولكي يتم ذلك لابد أن تتوافر كافة الضمانات العسكرية والأخلاقية بضرورة تهيئة المناخ المواتي لعقد هذا الحدث.. ولتحقيق ذلك فإنه يظل من اللازم عقد تفاهمات بين الأطراف المتحاربة. بوقف إطلاق  النار أولاً ثم ضمان إشراك شركاء العملية التعليمية بمن فيهم المنظمات الأممية المعنية بهذا الأمر مثل اليونسيف  UNICEF ومنظمة انقذوا الأطفال    Save the Children ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC وتفعيل التزام السودان من جانب المتحاربين بإعلان أوسلو 2015 والمعروف أيضاً ب (Safe School Declaration) الذي وقع عليه السودان.

يجب إعادة التأكيد أن إعلان عقد الإمتحانات في واقع كارثة الحرب ليس قراراً إدارياً تعليمياً،  أو يتوقف على تقرير عسكري بإمكانية تأمين الإمتحانات، بل هو قرار يُتخذ بعد عملية شاملة لتقييم المخاطر Risk assessment  لتحديد  مستوى المخاطر الناتجة عن خطر الحرب.

يمكن القول في المجمل أن السودان يمكن أن يقدم تجربة فريدة للعالم يتوافق فيها أطراف الحرب على وقف شامل لإطلاق النار مراقب دولياً يكون مدخلاً لممارسة رشيدة تجعل المخاطر في الحدود الدنيا تؤمن للطلاب أجواء مواتية للتحصيل والإمتحان. ولذويهم ضمانات على سلامة أبنائهم. وإلا ستكون الإمتحانات فرصة لفرد العضلات قد تنتهي بمأساة تتناثر فيها الأشلاء ويصعب أن تُلملم فيها الآثار النفسية في أغوار غضة يُرجى منها أن تبنى وطناُ أثخنتْ جراحاته الحربُ وغَوّرتها.

د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • بعائد 27.5%.. تفاصيل شهادات البنك الأهلي 2024
  • تعطيل الدراسة لجميع المراحل الدراسية بولاية كسلا
  • قرار بـ”إيقاف الدراسة” في جميع مدارس ولاية الخرطوم
  • أردول : على الحكومة إعادة تقييم قضية انعقاد امتحانات الشهادة السودانية
  • تنفيذي الدلنج يقف على إستعدادات الشهادة الثانوية
  • تدشين المبادرة الوطنية لإنقاذ الشهادة السودانية
  • مع قرب 2025.. أعلى 5 شهادات ادخار في البنوك المصرية (عائد 39%)
  • متحدث الدفاع المدني في غزة: المجازرُ التي ارتكبها الكيانُ الصهيونيُّ في غزةَ لم يحدُثْ مثلُها في القرن الـ 21
  • تعليم الفيوم تستعد لامتحانات الشهادة الإعدادية
  • عقد إمتحانات الشهادة الثانوية.. رؤية من منظور الحد من مخاطر الكوارث