حينما يأتى الصيف يذهب المصريون إلى الشواطئ، لكن «وجيه صبحى باقى» كانت له وجهة أخرى؛ حيث ذهب عكس الاتجاه وقادته قدماه إلى البرارى (الصحراء)، حينما قرر فى أواخر أغسطس 1986 أن يترك العالم ويلجأ للبحث عن خلاص نفسه فى قلالى (مساكن) دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، واهباً نفسه ليكون راهباً فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، باعداً نفسه عن زخرف الدنيا وزينتها، حيث اشتغل فى بداية خدمته بالدير فى المطبخ، حيث كان يعد الطعام للزوار، ثم الصيدلية، حيث كان يعالج الرهبان والزوار على حد سواء.

عامان كاملان قضاهما «الأخ وجيه»، كما كان ينادى عليه بالدير، فى خدمة من يطرقون أبوابه طلباً للسلام، وكأنه يُثبت أن حبه لله يتجاوز الرغبات الشخصية، ويتجسد فى خدمة الآخرين بحب وتفانٍ، فلم يكن الدير بالنسبة له محطة هروب، بل بداية رحلة طويلة مكتوبة له فى القدر من قبل أن يولد.

وفى 31 يوليو 1988، خلع «وجيه» ثوب طالب الرهبنة، ليرسم راهباً بيد البابا شنودة الثالث ليرتدى ذلك الثوب الأسود الخاص بالرهبان باسم الراهب «ثيؤدور الأنبا بيشوى» الذى معناه «عطية الله أو هدية الله»، ليبدأ عهداً جديداً وحياة من التفرغ لله، إلا أنه سرعان ما رقى إلى رتبة القس فى 23 ديسمبر 1989، ثم اختير للخدمة فى إيبارشية البحيرة بدمنهور، المدينة التى شهدت طفولته، ليعود إليها بروح جديدة، لم تكن مجرد عودة، بل عودة بخبرة الصحراء وحكمة ومزيد من المحبة.

فى عام 1997، وبينما كانت الكنيسة تحتفل بعيد العنصرة، رُسم أسقفاً عاماً باسم «الأنبا تواضروس»، الذى يعنى أيضاً عطية الله، وكأنها رسالة تأكيد على كونه هدية من الله لكنيسته وشعبه، وليكون سنداً للأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، فى مسئوليته، ويكون مسئولاً عن القطاع الصحراوى فى الإيبارشية، قبل أن يدرس التعليم المسيحى والإدارة بسنغافورة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عطية الله

إقرأ أيضاً:

سوريا.. وما بعدها

لا صوت يعلو فوق صوت أحداث سوريا، فجأة وبدون مقدمات تتجه كل أنظار الناس نحو دمشق، بين مؤيد لما يحدث، وبين متخوف مما هو قادم. دارت أيام الأسبوع، ولكن تظل الحقيقة الثابتة أن سوريا هي مجرد حلقة في مسلسل أزمات الشرق الأوسط التي لا تنتهي. لن تكون سوريا آخر حلقة، ولكن مَن يعبثون بهذه المنطقة سيواصلون دائمًا إثارةَ المزيد من العواصف حتى لا تهدأ ابدًا، المهم هو ضمان أمن وبقاء دولة الكيان المحتل بعيدة عن كل هذا الصخب المفتعل.

سقط الجيش السوري الوطني في أيام معدودة وبقي الدرس الأعظم هو: كيف تحافظ الدول على قوة وثبات جيوشها بالدعم والاستعداد والتدريب مهما كلفها ذلك، ففي النهاية لن يدافع عن الأرض والعِرض إلا جيش وطني مدرَّب ومسلَّح بأحدث تقنيات العصر. من هنا جاءت ثقة الناس في مصر الحبيبة وهم يتابعون ما يحدث هناك، لسنا مثل أحد، لسنا دولةً طائفيةً أو أصحاب مذاهب متناحرة، نحن شعبٌ واحدٌ وسنظل هكذا دائمًا، جيش من الشعب، وشعب قادر في أي لحظة على أن يتحول عن بكرة أبيه إلى جيش للدفاع عن الوطن.

في منطقة صاخبة بالأحداث بشكل متسارع الوتيرة ليس لدى الناس سوى خيار واحد هو الاصطفاف خلف الراية الواحدة، والحفاظ على وحدة الصف، ودعم المؤسسات الوطنية وتركها تؤدي وظائفها التي أُسست من أجلها بعيدًا عن الشائعات ونقل الأخبار المغلوطة، فالدول في زماننا هذا تسقط من داخلها بفعل التداول غير الواعي للأخبار التي يتم دسُّها كالسُّم في العسل حتى يفقد الناس يقينهم وثقتهم بأنفسهم. ليس اليوم كالأمس. وليست سوريا نهايةَ المطاف. فلينتبه كل عاشق لهذا الوطن، فنحن في حرب وجود وبقاء. حفظ الله أرضَ مصر الطاهرة وشعبَها الأبيَّ وجيشَها البطل. حفظ الله الوطن.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس: الكنيسة دربت 2000 شخص على بعض الحرف وريادة الأعمال.. فيديو
  • تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-12-2024 في محافظة البحيرة
  • محمود سعد عن نبيل الحلفاوى: كان مريض سرطان من الدرجة الرابعة ورسم خريطة لمقبرته
  • رسامة قمامصة وتخريج دفعات جديدة في العيد الـ53 لتأسيس إيبارشية البحيرة
  • رسامة قمامصة وتخريج دفعات جديدة في العيد الـ 53 لتأسيس إيبارشية البحيرة
  • سيامة قمص جديد في فيلادلفيا على يد نيافة الأنبا كاراس
  • معمودية 10 أطفال جدد في بوليڤيا على يد نيافة الأنبا يوسف
  • ابراهيم الموسوي: العدو لا يقيم وزنا للقرارات الدولية ويعتبر نفسه فوق القانون والمحاسبة
  • سوريا.. وما بعدها
  • لو أقام إبليس دولة وسماها (الدولة الشيطانية) يجوز التفاوض معها