رؤية السلطان وحتمية التنفيذ
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
◄ ينبغي علينا في الغرفة السعي لتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات لتكون أكثر سلاسة وشفافية
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
قبل أيام، تفضل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- بلقاء غير عادي مع رجال الأعمال ورواد الأعمال العُمانيين، في جلسة امتدت لأكثر من 3 ساعات، أُتيح للحضور الحديث بحرية عن تحديات القطاع الخاص، واقتراح حلول نابضة بالإبداع والشجاعة، ولعل ما يميز هذا اللقاء التاريخي هو تجاوب جلالته- أعزه الله- بتوجيهات واضحة حول كيفية مواجهة تلك التحديات، وإشارته إلى ضرورة المضي قدمًا في بناء اقتصاد أكثر مرونة وتنوعًا.
اليوم.. يتبادر السؤال الجوهري إلى أذهان الكثيرين حول تنفيذ توجيهات جلالة السلطان على أرض الواقع، وما إذا كان يتعين على غرفة تجارة وصناعة عُمان أن تتولى قيادة هذا التنفيذ؟
غرفة تجارة وصناعة عُمان ليست مجرد كيان اقتصادي؛ إنها حلقة الوصل بين الحكومة والقطاع الخاص، وركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية. وكوني جزءًا من هذا المجتمع الاقتصادي، أرى أن الغرفة عليها أن تتحمل دورًا قياديًا في ترجمة توجيهات جلالته إلى خطوات عملية ملموسة، فنحن أمام مسؤولية تتطلب منا العمل بلا توقف لتعزيز الشراكات الاقتصادية وخلق بيئة تمكِّن رواد الأعمال العُمانيين من تحقيق تطلعاتهم.
وفي عام 2022، ساهم القطاع الخاص العُماني بنسبة تقارب 70% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وفقًا لبيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، مما يعكس أهميته في بناء اقتصاد متنوع ،ولكي نتمكن من تعزيز هذه النسبة، على الغرفة أن تتبنى دور الوسيط النشط الذي يسعى للتقريب بين رؤية الحكومة وطموحات القطاع الخاص، يشمل ذلك التنسيق مع الجهات الرسمية، وتبسيط الإجراءات، وتطوير التشريعات لتكون مرنة ومتوافقة مع متطلبات السوق، ما يساهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص ودعمه لمبادرات التنمية المستدامة.
إضافة إلى ذلك، يجب علينا توجيه اهتمام خاص نحو الشباب، حيث إن أكثر من 40% من سكان عُمان تقل أعمارهم عن 30 عامًا. وتمكين هؤلاء الشباب عبر برامج تدريبية وتوجيهية مبتكرة يعزز مستقبلنا فالاستثمار في الجيل القادم ليس مجرد استثمار في الأفراد؛ إنه استثمار في مستقبل الوطن بأكمله.
أما على صعيد التحديات، فإن البيروقراطية والإجراءات المعقدة تمثل عقبة حقيقية للكثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة. تشير الأرقام إلى أن هذه المشاريع تمثل حوالي 90% من إجمالي الشركات المسجلة في عُمان، ولكن ما زالت تجد صعوبة في الحصول على التمويل والدعم اللازمين للنمو. لهذا، ينبغي علينا في الغرفة السعي لتحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات لتكون أكثر سلاسة وشفافية؛ مما يعزز الثقة بين المستثمرين والجهات التنظيمية.
كما إنني أرى ضرورة إطلاق حملات توعوية تعزز من إدراك المجتمع بأهمية القطاع الخاص في تحقيق التنمية. النجاح هنا يعتمد على خلق وعي مجتمعي يعرض نجاحات القطاع ويسلط الضوء على مبادرات تُحدث فرقًا حقيقيًا.
وفيما يتعلق بتقييم أثر المبادرات، لا يمكننا الاكتفاء بإطلاق المشاريع دون مراقبة فاعليتها. لذا، أرى أن الغرفة بحاجة إلى تشكيل فرق عمل متخصصة ولجان مراقبة تتولى متابعة التقدم وتقييم أثر كل خطوة. من هنا، نستطيع أن نطور ونحسّن بشكل مستمر ونبني أساسًا قويًا لتحقيق الأهداف.
صحيحٌ أن مسؤوليات الغرفة عديدة ومُعقَّدة، لكنني أؤمن أن التحديات ليست سوى محطات لتقييم قدرتنا على الإنجاز. الدعم السامي الذي وفره جلالة السلطان- نصره الله- يُشجِّعنا جميعًا على مواجهة هذه التحديات بروح التحدي والإصرار، ليس فقط لتحقيق النجاحات الفردية، ولكن لبناء اقتصاد أكثر استدامة وشمولية.
إنَّ الرؤية الواضحة من لدن جلالة السلطان المفدّى، نحو تعزيز دور القطاع الخاص، تتطلب مِنَّا جميعًا العمل بجدية وإصرار وغرفة تجارة وصناعة عُمان، بوجودنا جميعًا، تقف الآن أمام فرصة حقيقية لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس؛ مما يُسهم في بناء عُمان التي نحلم بها جميعًا، ويدفعنا نحو مستقبل يُحقق طموحات الأجيال القادمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الاستثمار: قطاع التعدين يؤدي دورًا حيويًا في التغلب على التحديات وزيادة استكشاف المعادن
أكد معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، أن قطاع التعدين يؤدي دورًا حيويًا في التغلب على التحديات الكبيرة، ويسهم في استخراج المعادن من أعماق الأرض، مشددًا على أهمية تكامل الجهود البشرية والتقنيات الرأسمالية لاستكشاف المعادن الموجودة في قشرة الأرض وما تحتها، مما يسهم في زيادة الطلب على هذه الموارد.
وبين خلال مشاركته اليوم في جلسة حوارية حول كيفية زيادة الاستثمار في سلاسل الإمداد للمعادن، ضمن أعمال النسخة الرابعة لمؤتمر التعدين الدولي، أن إعادة التدوير تعد مصدرًا مهمًا للمعادن، مما يساعد في تعويض الموارد الأساسية المستخرجة من الأرض، مؤكدًا ضرورة بناء شراكات إستراتيجية لنشر الموارد المناسبة من رؤوس الأموال التي تعد عنصرًا محوريًا لتلبية الاحتياجات الأساسية لهذا القطاع.
وقال: “عند الوصول إلى المناطق الهشة للتعدين، يجب أن يتم ذلك بعناية فائقة وحرص شديد، ويتطلب استثمارات كبيرة تسهم في تسريع كفاءة عمليات التعدين، وتسعى الدول إلى تنفيذ عمليات المعالجة للموارد الطبيعية داخل أراضيها، ومالكي هذه الموارد والمعادن المهمة يحثون على المزيد من المعالجة للمعادن الخام في بلدانهم”.
ونوه معاليه بأهمية التقنية التي أتاحت القدرة على استكشاف أبعاد جديدة لم تُعرف من قبل حيث توجد أشياء معروفة وأخرى غير معروفة، بالإضافة إلى أشياء مجهولة وغير معلومة، ومع تقدم الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الاستشعار بالأقمار الاصطناعية، والاستكشاف الجوي، تشكل هذه العوامل مجتمعة فترة مثيرة للاهتمام في مجال التعدين.
اقرأ أيضاًالمملكةتزامنًا مع فعاليات مؤتمر مستقبل التعدين بالرياض.. “المساحة الجيولوجية” تطلق حزم بيانات جديدة
وحول ارتباط الصناعة بأسواق المال، أشار إلى كيفية حركة الأموال فيها حيث كان لدى المستثمرين اهتمامات محددة في قطاعات معينة في أمريكا الشمالية، وأوروبا، ودول مجموعة السبع، مفيدًا بأن الشركات العامة للتعدين في الغرب، وشركات القطاع العام في المملكة والصين، تؤدي دورًا كبيرًا، حيث تشهد هذه الشركات استثمارات من صناديق الثروة السيادية، التي تستثمر بدورها في قطاع التعدين.
وأشار إلى أن هناك توقعات قوية بشأن مستقبل هذا القطاع، وأن الاستثمارات تتوجه إلى الشركات المؤسسية وكذلك الأفراد، مستشهدًا بأداء شركات مثل شركة التعدين العربية السعودية “معادن”، التي حققت نتائج ملحوظة عند استغلال رؤوس الأموال بشكل جيد.
وأكد الفالح أن صندوق الاستثمارات العامة قد بدأ بدور استثماري مهم في أسواق رأس المال، حيث انضم إلى شركة معادن لإنشاء “منارة”، وهي ذراع استثماري تهدف إلى إطلاق موارد جديدة قد لا تكون متاحة في المملكة، وهذا التعاون يسهم في تحسين سلاسل الإمداد، التي تحتاجها جميع القطاعات، عادًا الشراكات الإستراتيجية واحدة من أكبر اهتمامات العمل في هذا المجال، مشددًا على أهمية التعاون المنهجي لتحقيق الأهداف المشتركة.