الأسبوع:
2025-01-18@01:01:12 GMT

إدانة موثقة

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

إدانة موثقة

أدان ولى العهد السعودى الأمير "محمد بن سلمان" الإجراءات التى اتخذتها إسرائيل مؤخرا فى قطاع غزة، ووصفها بأنها إبادة جماعية، وجاء هذا فى أحد أشد الانتقادات العلنية التى وجهها مسؤول سعودي لإسرائيل منذ بداية الحرب. فقد أدان ما قامت به إسرائيل من هجمات على كل من غزة ولبنان، وعلى مواقع إيرانية وذلك خلال كلمته التى ألقاها فى مؤتمر القمة العربية والإسلامية الذى عقد مؤخرا فى الرياض.

غير أن انتقادات ولى العهد السعودى كانت بمثابة الضوء الأخضر الذى حدا بزعماء حاضرين فى القمة إلى الانضمام إليه فى إدانته لإسرائيل على ما قامت به مؤخرا من غارات على كل من قطاع غزة ولبنان، بل وإلى الانضمام إليه فى دعوته إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

فى الوقت نفسه حذر وزير الخارجية السعودى من أن عدم توقف الحرب فى غزة يمثل فشلا للمجتمع الدولي، متهما إسرائيل بالتسبب فى المجاعة بالمنطقة. وجاء تحذيره لكى يكشف الوجه القبيح للمجتمع الدولي الذى التزم الصمت، ولم يحرك ساكنا إزاء جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، فبدا غير عابئ بما يحدث. ولهذا بادر الأمير " فيصل بن فرحان آل سعود" بكشف المستور قائلا: "لقد فشل المجتمع الدولى فى الإنهاء الفوري للصراع، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي".

ولا شك أن الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل على حماس كانت حملة جائرة لتدمير حماس، حيث قتل خلالها أكثر من 43 ألفا وأربعمائة فلسطيني فى غزة. وخلص تقرير صادر من مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 70% من الضحايا الذين تم التحقق منهم على مدى ستة أشهر فى غزة كانوا من النساء والأطفال. كما أدان القادة فى القمة العربية والإسلامية ما وصفوه بالهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد موظفى الأمم المتحدة ومرافقها.

الجدير بالذكر أن الكنيست كان قد أقر فى الشهر الماضى مشروع قانون لحظر وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين " الأونروا" من العمل فى إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة متهما المنظمة بالتواطؤ مع حماس. وفى الوقت نفسه أعربت العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عن القلق الشديد بشأن هذه الخطوة التي تحد من قدرة الوكالة على نقل المساعدات إلى قطاع غزة.

أما انعقاد القمة العربية والإسلامية، فلقد جاء على خلفية عودة " دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض بعد نجاحه مؤخرا فى الانتخابات الأمريكية. ولا شك أن قادة الخليج يدركون قرب " ترامب" من إسرائيل، ولهذا فهم يريدون منه استخدام نفوذه وشغفه بإبرام الاتفاقات لضمان إنهاء الصراعات فى هذه المنطقة لا سيما وقد صرح " ترامب" قبل جولة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة ــ والتى خرج منها ظافرا ــ بأنه جاء من أجل إنهاء الصراعات المحتدمة فى العالم تتصدرها الصراعات فى الشرق الأوسط.

فى المملكة العربية السعودية ينظر إلى الرئيس " ترامب" بصورة أكثر إيجابية من "جو بايدن"، إلا أن سجله فى الشرق الأوسط سيظل ملتبسا. فالعالم الإسلامي لا ينسى له موقفه من القدس، وهو الموقف الذى أسعد إسرائيل وأغضب العالم الإسلامى وذلك عندما اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى، وكذلك دعمه لإسرائيل فى ضمها لمرتفعات الجولان. كما نجح "ترامب" فى إرساء اتفاقيات " إبراهام فى عام 2020، بموجبها أقامت الإمارات والبحرين والمغرب علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، كما وافقت السودان أيضا على إجراء مماثل. وجاء عنوان افتتاحية إحدى الصحف السعودية الرائدة "عصر جديد من الأمل.. عودة ترامب.. ووعد الاستقرار". ولا شك أن الجميع يأملون أن تكون عودة "ترامب" إلى رئاسة الولايات المتحدة عودة حميدة ينقشع من جرائها الغبار عن المنطقة، ويسود السلام والاستقرار.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

غطرسة القوة الأمريكية

«غطرسة القوة» تعبير انتقاه بعناية بابا الفاتيكان قبل بضعة أشهر لوصف ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من إبادة وحشية ضد المدنيين العزّل في غزة، وهو ما عاد ليؤكّده مؤخرا حين دان مقتل الأطفال هناك خاصة أولئك الذين جعلهم الاحتلال يموتون بردا وجوعا.

غطرسة القوة التي أسرفت فيها إسرائيل وعلت فيها علوا كبيرا منذ أكثر من خمسة عشر شهرا لا تبدو بعيدة أبدا عن غطرسة القوة التي تجاوزت فيها الولايات المتحدة هذه الأسابيع كل حد، بل هي من علّمتها ذلك في الحقيقة، فعلى منوالها تنسج وبحماية ظهرها تستقوي. الغطرسة الأمريكية ليست جديدة أبدا، فقد خبرها العالم في أحداث عدة، لكنها بلغت مؤخرا من العنجهية درجة غير معهودة وذلك على ثلاثة مستويات على الأقل:

الأول: تخويف العالم بموعد دخول ترامب البيت الأبيض، وهو تخويف يشبه في تبسيطه السخيف تخويف أطفال بشبح خرافي إن هم تمادوا في طيشهم، أو حتى إن هم تمردوا عن موعد خلودهم اليومي إلى النوم. وقد نال الفلسطينيون من هذا التهديد نصيب الأسد، أو بالأحرى نصيب الجحيم الذي سيفتح في وجوههم ووجوه المنطقة برمتها إن لم يتم إطلاق سراح الأسرى والمختطفين الإسرائيليين قبل العشرين من الشهر الحالي.

أي جحيم هذا الذي أبقاه نتنياهو لترامب حتى يبتز به ضحايا عدوانه الذي لم يقصّر بايدن في دعمه بكل أنواع السلاح والدعم المالي؟!!. لم يقف الأمر هنا، بل صار على لبنان هو الآخر أن يختار رئيسه قبل قدوم ترامب، ولو أن ذلك جاء في مصلحة اللبنانيين الذين كان عليهم أن يسارعوا بسد الشغور في قصر بعبدا قبل أن يأتي أي كان ليهدّدهم أو يحذّرهم في العلن أو في الغرف المغلقة.

الثاني: الحديث السهل والمرسل عن رغبة الولايات المتحدة في ضم دول أخرى مستقلة. ما قاله ترامب عن كندا وغرينلاند وقناة بنما بدا صادما ومستفزا فالرجل يفترض أنه يتحدث عن دول مستقلة وقائمة الذات، لها مؤسساتها وحكوماتها وعلمها ونشيدها الرسمي وجواز سفرها وعضويتها في الأمم المتحدة. أكثر من ذلك، لم يستبعد الرجل القيام بتحرك عسكري بشأن قناة بنما وغرينلاند اللذين «نحتاج إليهما من أجل الأمن الاقتصادي» وفق تعبيره.

كلام ما كان ليمر دون ردود فعل من كل هذه الجهات فرئيس حكومة غرينلاند ميوتي إيجيدي اضطر للتصريح بأن الجزيرة «ليست للبيع» وأن الأمر متروك لشعبها فهو من يقرر مستقبلها. أما رئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو فلم يجد ما يصف به تصريحات ترامب سوى بكونها «تكتيكا» لصرف الانتباه عن تأثير الرسوم الجمركية التي يخطط الرئيس الأمريكي المنتخب لفرضها على الواردات الكندية، مؤكدا أنه «لا يوجد أي احتمال على الإطلاق» لأن تصبح بلاده جزءا من الولايات المتحدة، متعهدا أنه سيفرض تدابير مضادة إذا نفذ ترامب تهديداته. أما وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز ـ آشا فقال إن سيادة بلاده «ليست قابلة للتفاوض» مشدّدا على أنّ القناة «أعيدت إلى غير رجعة».

وقد بلغت درجة الاستفزاز في هذا السياق أن سافر ابن ترامب لزيارة غرينلاند بصفته «مواطنا أمريكيا» لا غير (!!) ودخل الملياردير إيلون ماسك، المؤيد الأهوج لترامب، على الخط بمماحكات بذيئة مع رئيس وزراء كندا.

الثالث: التشريع الأخير للكونغرس المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أقرّه مجلس النواب ردا على إصدار المحكمة مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه السابق. كان واضحا للغاية أن فرض عقوبات على «أي جهد للتحقيق أو اعتقال أو احتجاز أو محاكمة أي شخص محم من الولايات المتحدة وحلفائها» بما يشتمل العقوبات حظر المعاملات العقارية الأمريكية وحظر وإلغاء التأشيرات ما كان يهدف سوى حماية الجرائم الإسرائيلية ومن يقف وراءها، وما التنصيص على «حلفاء واشنطن من خارج الحلف الأطلسي» بحشر دول من هنا وهناك سوى تضليل لم يضلل أحدا.

لم تكتف واشنطن بما كانت فرضته إدارة ترامب في ولايته الأولى من عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في 2020، ردا على تحقيقات في مزاعم جرائم حرب بأفغانستان، منها التعذيب على يد مواطنين أمريكيين، بل مضت إلى هذه الخطوة الأخيرة لتكريس نفسها، وربيبتها المدلّلة، فوق القانون الدولي بما يشكّل ضربة في الصميم لما صمّمته هي نفسها مع حلفائها المنتصرين في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

إن السعي الفج إلى تقويض المحكمة الجنائية الدولية لا يعني سوى دفع العالم نحو قانون الغاب، حتى يسوده قانون القوة لا قوة القانون، ما يفتح المجال لاحقا بطبيعة الحال أمام دول أخرى لسلك نفس النهج، ولا عذر وقتها لواشنطن وكل الساكتين عن فعلتها للاحتجاج أو التذمر بعد هذه السابقة المعيبة.

تٌحدث الولايات المتحدة حاليا كل هذه الجلبة، وتثير حفيظة وحنق القريب والبعيد، في وقت تتقدم فيه دول كبرى بهدوء وحكمة وأولها الصين، وهنا الفرق تحديدا بين قوة صاعدة وأخرى تطل المؤشرات الأولى لبداية أفولها.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • في ذكرى انعقادها.. القمة العربية الثالثة نقطة تحول في تاريخ الأمة.. السفير رضا حسن: إنشاء منظمة التحرير أبرز نتائجها
  • انقسام أمريكى حول اليمن
  • ترامب يؤكد ضرورة تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس قبل تنصيبه
  • تنصيب الإمبراطور
  • محاكاة بمستشفيات إسرائيل استعدادا لاستقبال الأسرى
  • الأمم المتحدة: إدخال المساعدات إلى غزة مرهون بسماح إسرائيل
  • لبنان.. إسرائيل تفجر منازل بـ«عيتا الشعب» ومستقبل «اليونيفيل» على جدول أعمال «ترامب»
  • رئيس وزراء العراق: 63 مليار دولار إجمالي الاستثمارات العربية والأجنبية بالبلاد
  • كيف تصدّع الهلال الشيعي الإيراني مؤخراً؟
  • غطرسة القوة الأمريكية