لجريدة عمان:
2025-01-18@22:52:22 GMT

عيدنا الوطني بين نهضتنا الحديثة والمتجددة

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

لا شك أن الاحتفال اليوم الثامن عشر من نوفمبر، بذكرى عيدنا الوطني الرابع والخمسين، يجسّد النهضة العمانية التي عمّت كل أرجاء بلادنا، وتزداد حراكًا ونشاطًا في مسيرتها المتجددة، التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لتواكب كل ما من شأنه رفعة هذا الوطن العزيز ورقي شعبه، وهذه المسيرة -كما أشرنا- تتسم بالتوازن بين التطلع لكل ماهو جديد في هذا العصر من علوم ووسائل، وبين التمسك بالهوية الوطنية وقيم المواطنة الثابتة.

وقد أكدت النهضة الحديثة والمتجددة على أهمية التفاعل مع العصر مع الحفاظ على الإرث التاريخي الذي يعد الرصيد الإيجابي الذي نعتز به بلادنا، لكونه الاستمداد المعنوي لحركة النهضة ومعطياتها الحديثة، وهذا التوازن القويم هو أساس نجاح التوجهات النهضوية العمانية وتماسكها في مواجهة التحديات والتغيرات، التي جرت وستجري في عالم اليوم، من تقلبات عصفت بأمم وشعوب كثيرة، أخذت المنهج الأحادي الشمولي، ونبذت القيم، فكان مصيرها متحف التاريخ. فمنهجية التوازن بين التفاعل مع العصر والحفاظ على القيم والثوابت والإرث التاريخي جعلت النهوض العماني، يمشي في تدرج محسوب وسير مرسوم بلا منغصات أو انحدارات تقّوض ما تم إنجازه واستلهامه من التقدم والتحضر، ليضاف إلى هذا البناء التماسك القومي، ولذلك فإن النهضة العمانية، لم تعرف الثنائيات المتناقضة كما وجدت بعض الأمم كالتناقض بين الأصالة والمعاصرة.. بين القديم والحديث.. بين الثابت والمتغير.. بين التراث والعصر، هذا الالتئام عزز هذه النهضة، وأعطاها مداها واتساعها وقوى بنيانها لتكون أكثر استيعابًا لمنجزات الحضارة وفي نفس الوقت أقدر استلهامًا لقيم التراث وخاصة التراث الحي في وجدان الأمة.

وقد أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ وفقه الله ـ في خطابه في العيد الوطني الخمسين على هذا التوجه الذي سارت عليه نهضتنا الحديثة والمتجددة، وقال جلالته في خطابه: إنها تمكنت من بناءِ نهضةٍ عصريةٍ جعلت الإنسان محور اهتمامها، وقد شَكّلَ إرثُنَا التاريخي العريق، ودورُنَا الحضاري والإنساني الأساسَ المتين لإرساء عملية التنميةِ التي شملتْ كافةَ ربوعِ السلطنةِ على اتساعِ رُقعَتِها الجغرافيةِ لتصلَ منجزاتُها لكلِّ أسرةٍ ولكلِّ مواطنٍ حيثُما كانَ على هذه الأرضِ الطيبة ورسّخَتْ قواعدَ دولةِ المؤسساتِ والقانون، التي سيكونُ العملُ على استكمالِها وتمكينِها، من ملامح ِالمرحلةِ القادمةِ بإذن ِالله. وسنواصلُ استلهامَ جوهرِ المبادئِ والقيمِ ذاتـِها، في إرساءِ مرحلةٍ جديدةٍ، تسيرُ فيها بلادُنا العزيزةُ -بعون ِالله- بخطىً واثقةٍ نحوَ المكانةِ المرموقةِ، التي نصبو إليها جميعًا مكرّسينَ كافةَ مواردِنا، وإمكانياتِنا؛ للوصولِ إليها، وسنحافظُ على مصالحِنا الوطنيةِ باعتبارِها أهمَّ ثوابتِ المرحلةِ القادمةِ التي حددتْ مساراتِها وأهدافـَها «رؤيةُ عُمان 2040» سعيًا إلى إحداثِ تحولاتٍ نوعيةٍ في كافة مجالاتِ الحياةِ، مجسدةً الإرادةَ الوطنيةَ الجامعة». فدعوة النهضة العمانية هي دعوة إلى التفاعل مع العصر والدعوة إلى استلهام التراث واستيعابه لا تعني العودة إليه بالمعنى الزمني، وإنما تعني الأخذ بنمط حضاري يمدنا بالقوة والمعرفة وقادر على تحقيق تطلعات الأمة وطموحاتها.. فالعودة إلى الماضي لا تعني الهروب من مسؤوليات الحاضر وتحدياته.. وإنما هي عملية واعية لتحقيق الوجود؛ لأن التاريخ هو الذي يمتطي صهوة الحاضر وعدته، وأن المجموعة البشرية التي تنفصل عن تاريخها، فإنها تقوم بعملية بتر قسري لشعورها النفسي والثقافي والاجتماعي وسيفضي هذا البتر إلى الاستلاب والاغتراب الحضاري. والتوازن الذي حققته النهضة العمانية كان أكثر اتساقا مع الذات، وأقوى ارتباطا مع الواقع؛ لأن هذه المعادلة العقلانية المتوازنة جمعت بين الثوابت والمتغيرات.

والنجاح الباهر الذي حققته الحضارة العربية الإسلامية في أوج ازدهارها قبل قرون، كان العامل الأول في هذه المكانة العالمية والانتشار العظيم لمنهجها العلمي والقيمي هو توازنها الدقيق بين معايير القيم ونوازع الابتكار والتفوق، وبين ما يتم أخذه من الآخر وما يتم تركه وإهماله، وقد عمدت إلى الوسطية والاعتدال والتوازن، ولذلك عمد الإسلام إلى إقامة مفهوم كامل للحضارة بطريقة متوازنة قوامه الحركة المادية والمعنوية، وفي نفس الوقت الإحاطة بالقيم والأخلاق، واتسمت هذه الحضارة بالسماحة والإنسانية والعالمية، واستخلصت كل ما كان في تراث الأمم والحضارات القديمة، فصهرت الجوانب الصالحة منه في بوتقتها، واحتفظت بخصوصيتها وتراثها الأصيل كسياج من المؤثرات غير الذاتية، وهذه كلها معطيات إيجابية شددت عليها النهضة العمانية الحديثة، واعتبرت أن التوازن والتدرج المحسوب سمة من سمات التقدم الإيجابي بعيدًا عن حرق المراحل أو القفز على الواقع وثوابته.

فالثوابت، كما يقول المفكر العربي أنور الجندي «إطار والمتغيرات حركة داخلة، وهذا يعني وحدة الأصل وتعدد الصور، فمثلًا الكون في صورته العامة وإطاره الواسع ثابت لكنه ـ بقدرته سبحانه ـ دائب الحركة بين ليل ونهار، شمس وقمر، صيف وشتاء وهكذا فترابط الثبات بالحركة في منهج المعرفة الإسلامي قانون أصيل شأنه شأن قانون التكامل والوسطية والتوازن، وهذا الثبات ليس بمثابة الجمود أو التوقف، لكنه بمثابة علامة الطريق التي تحول دون الوقوع في التيه، وفي مجال الفكر يكون هذا الإطار عاصمًا من التخلف أو الانحراف، وهو معين على تنوع المضامين الفكرية داخلًا عصرًا بعد عصر، فلا تزال الأمة قادرة على حمل رسالتها، وحماية أمانتها، فإذا ذهب الثبات تحطم الإطار وفقد الرباط الذي يجمع بين الأمس والغد، هذا الإطار الثابت يتمثل في مجموعة القيم التي يقوم عليها بناء الأمة والذي تستمده من عقائدها وأخلاقها وذاتيتها وطوابعها المتفردة». وينبغي من هذه المنطلقات أن تكون للنهضة صلتها بالماضي من منطلق الاستلهام لا التجاوز أو القفز على مضامينه النيّرة التي يمكن أن تجسد تطلعات الأمم في استخراج الكثير من العبر والإضافات التي أنجزها الأسلاف، وكانت خير معين لهم في نهضتهم السالفة، وما حققوه من إنجازات، وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة التمييز بين غاية النهضة ومضمونها، وما يقتضيه من الالتحام بالآخر وبين منابع النهضة وحسها التاريخي، أي مرتكزات قوتها الأساسية، وهو الجانب المتعلق بالهوية والتراث.

فعندما انطلقت النهضة العمانية الحديثة في عُمان رسمت الملامح الأساسية لهذا التحرك نحو المستقبل بظلال الحاضر، ووازنت بين ما يجب أخذه وما يجب تركه، بين الأخذ بتكنولوجيا العصر والعناية برصيد التراث، مع التفاعل مع الحضارات الإنسانية وفق المصالح المشتركة، وبين الاستمساك بالخصوصية والهوية الذاتية، والأهم أن تكون المصلحة العامة، هي المعايير في تنفيذ كل السياسات التي تنفذها الجهات المعنية، بتطبيق الخطط والبرامج، فهذه المنجزات هي ملك لعمان كلها، والأمانة والإخلاص، تتطلب الحفاظ على الإنجازات التي تحققت في كل المجالات والمسارات، بما فيها المنجزات التي تحققت في نهضتها عُمان الحديثة، أو التي تحققت وستتحقق في نهضتها المتجددة، وأن تكون التطبيقات لهذه المهام الموكلة لجهات الاختصاص في غاية الدقة والأمانة، وأن تكون عُمان هي الهدف والمسعى لكل إنجاز تحقق ويتحقق على هذه أرضها الطيبة. فتحية للقائد العظيم في هذا اليوم الوطني المجيد، وتحية للشعب العماني محور هذه النهضة ومحركها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النهضة العمانیة التفاعل مع أن تکون

إقرأ أيضاً:

مشكلة تسريب الزيت في السيارات الحديثة

أميرة خالد

تعتبر مشكلة تسريب الزيت أحد أبرز المشكلات التي قد تواجه أصحاب السيارات، تلف حساس الكولو، وهو جزء أساسي في نظام إدارة المحرك.

حساس الكولو هو جهاز استشعار يتم تركيبه في السيارات الحديثة، لمراقبة مستويات ضغط الزيت في المحرك، فإذا كان هناك نقص في ضغط الزيت أو زيادة غير طبيعية، يقوم الحساس بتنبيه النظام الإلكتروني في السيارة لاتخاذ الإجراءات المناسبة مثل إضاءة تحذير في لوحة العدادات.

يعد هذا الحساس من الأجزاء الحيوية التي تساهم في حماية المحرك من الأضرار الناتجة عن نقص الزيت أو تسريبه، وعندما يتعرض للتلف، قد لا يتمكن من قياس الضغط بشكل صحيح، ما يؤدي إلى ظهور مشكلات متعددة في النظام.

تحدث الكثير من المشاكل نتيجة لتلف حساس الكولو منها:

تسريب الزيت بشكل غير طبيعي، قد يفشل النظام في الكشف عن مختلفة في المحرك، مثل الجوانات أو الأختام التالفة، مما يتسبب في فقدان الزيت بشكل مستمر.

زيادة استهلاك الوقود، قد يؤدي ذلك إلى تغيير كيفية توزيع الزيت على الأجزاء المتحركة في محرك السيارة، مما يؤثر سلبًا على الكفاءة في استهلاك الوقود، قد تلاحظ زيادة غير مبررة في استهلاك الوقود.

إضاءة مؤشر تحذير الزيت، قد يضيء مؤشر الزيت في لوحة العدادات، حتى وإن كانت مستويات الزيت في الواقع سليمة، هذا يشير إلى أن هناك خللاً في حساس الكولو وأنه لا يمكنه قياس الضغط بدقة.

أداء المحرك غير المستقر، يمكن أن يتسبب ذلك في حدوث مشاكل في أداء المحرك مثل تذبذب السرعة أو فقدان القدرة على التسارع، يحدث ذلك بسبب أن المحرك لا يحصل على الكميات الصحيحة من الزيت لتزييت الأجزاء المتحركة.

هناك عدد من العلامات الأخرى التي تشير إلى تلف حساس الكولو أو وجود خلل في نظام ضغط الزيت، منها:

ارتفاع درجة حرارة المحرك، إذا كان الحساس لا يعمل بشكل صحيح، فقد يتسبب ذلك في عدم توزيع الزيت بشكل كافٍ، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المحرك.

مؤشر الزيت في لوحة العدادات يضيء بشكل مستمر، حتى بعد التأكد من وجود الزيت في مستويات طبيعية، قد يظل مؤشر الزيت مضاءً. هذه علامة شائعة على وجود مشكلة في حساس الكولو.

الاهتزازات أو الصوت الغريب من المحرك، يمكن أن يشير ذلك إلى أن المحرك يعاني من نقص في الزيت نتيجة لعدم القدرة على توصيل الزيت إلى الأجزاء المتحركة بسبب تلف الحساس.

فقدان المحرك القوة والعزم، نتيجة عدم تزييت الأجزاء الداخلية بشكل جيد، مما يؤدي إلى انخفاض الأداء بشكل ملحوظ.

يُنصح باتباع بعض الإرشادات الوقائية لحماية سيارتك من المشاكل المتعلقة بتسريب الزيت وتلف حساس الكولو، ومنها: إجراء الصيانة الدورية، التحقق من الزيت بانتظام، استخدام زيت محرك مناسب

يعد حساس الكولو جزءًا أساسيًا في نظام المحرك يساعد في حماية المحرك من الأضرار الناتجة عن نقص الزيت أو التسريب، لذا من المهم مراقبة علامات تلف الحساس والتفاعل معها فورًا لتجنب التسبب في مشاكل أكبر في المحرك. من خلال إجراء الصيانة المنتظمة واختيار الزيت المناسب، يمكن للمالكين الحفاظ على أداء سياراتهم بكفاءة عالية.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: لابد من توافر إرادة سياسية لدى إثيوبيا للتوصل لاتفاق بشأن سد النهضة|فيديو
  • محمد مأمون الشناوي.. شيخ الأزهر الـ32 ورائد النهضة العلمية
  • جولة ميدانية لوزير الكهرباء بمحطة توليد عتاقة البخارية.. صور
  • نقيب المهندسين: مصر أولت اهتماما كبيرا بملف الطاقة الجديدة والمتجددة
  • النهضة يتغلب على صحم في مسابقة الكأس الغالية
  • مشكلة تسريب الزيت في السيارات الحديثة
  • مسيرة النهضة والتنمية بلوى
  • دماء داخل البيوت.. الجرائم الأسرية عرض مستمر.. خبراء: من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمعات الحديثة وغياب الأدوار الثقافية والتربوية سبب رئيسي
  • النهضة وصحم يقصان شريط مباريات ربع نهائي أغلى الكؤوس.. غدا
  • عودة الكباش السياسي..وسيناريوهات تُعيدنا الى العهد السابق!!