لجريدة عمان:
2025-03-31@17:56:44 GMT

وسائل التواصل والهوية والمواطنة

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

أرّقت قضية الأخلاق دولًا كثيرة واجتهدت لتحصين شبابها، ومنها اليابان على سبيل المثال التي أصدرت وثيقة توجيهات جعلت تعلّم العادات الحميدة التي كانت سائدة في اليابان قبل نحو ثلاثة قرون، مادةً أساسيةً في المدارس، عازية قرارها إلى وجود علاقة بين تراجع مستوى الأخلاق لدى طلاب المدارس الابتدائية وبين تزايد معدلات الجريمة بين الأحداث.

ولم تترك الوثيقة شيئًا إلا وتناولته، إذ تتضمن المادة الجديدة التركيز على تعليم الأطفال أدق التفاصيل، مثل طريقة المشي، ومستوى الصوت، ودرجة الانحناء عند التحية التي تزداد وفقًا للمكانة الاجتماعية للشخص الآخر، وصولًا إلى الكلمات التي يجب اختيارها عند مخاطبة الآخرين، كلّ حسب عمره؛ ولا يمكن اعتبار أنّ هذه التفاصيل أمورٌ ثانوية، فهي تمثل أساسيات التعامل بين أفراد المجتمع، وستؤتي ثمارها بعد حين.وقريبًا من اليابان، نشرت وزارة التعليم الصينية خططًا «لتنمية الرجولة» لدى الطلاب الذكور، في أعقاب تحذير من أحد كبار المستشارين السياسيين في الصين من أنّ الأمة تعاني من «أزمة رجولة» وطنية، حيث قدّم المستشار الصيني سي زيفو مقترحًا لتنمية الرجولة في الجيل الصيني الجديد، معتبرًا أنّ معالجة هذه القضية مسألة تتعلق بالأمن القومي الصيني، ومحذرًا من أنّ «تأنيث الأولاد الصينيين يهدد بقاء الصين وتنميتها».

لا يخفى أنّ توجهًا كهذا هو توجه وطني، ردًا على الأفكار والمقترحات الغربية الهدامة التي تريد تمييع الشباب؛ فالمخططون في الصين يعلمون أنّ تدمير أيّ أمة يعتمد اعتمادًا كليًّا على تدمير الأخلاق وتمييع الشباب، فيما نجد أنّ بعض الدول العربية - وشبابها مستهدف - استقبلت الأمر بشبه ترحاب.

في تصوري أنّ وزارة التربية والتعليم العُمانية وُفّقت في استحداث منهج خاص بتعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة ضمن خطتها الدراسية، ابتداء من العام الدراسي الحالي؛ لأنّ المنهج يهدف - حسب بيان الوزارة - إلى تعزيز المحافظة على الهوية الوطنية العُمانية والمبادئ والقيم الإسلامية؛ وما أحوجنا إلى ذلك الآن، وقد شهد العالم تطورات مذهلة وسريعة أصبحت فيه وسائل الاتصالات مؤثرة جدًا، وبيدها أن توجّه الشباب الوجهة التي تريدها، خاصة إذا لم يكونوا محصّنين دينيًّا وأخلاقيًّا ووطنيًّا. ولا يمكن أن نقارن فكر الشباب الحالي بفكر جيلهم السابق عندما كانوا في العمر نفسه، لأنّ المتاح الآن من المعلومات والتواصل والاختراقات، لم يكن ليخطر على خيال الجيل السابق، وهذا بدوره يستدعي أن تواجه الحكومة - أي حكومة في العالم - التحديات مواجهةً عصريةً تتماشى مع التطور الحاصل في العالم.

والمحافظة على الهوية الوطنية والمبادئ والقيم الإسلامية، تتطلب أن تهتم وزارة التربية والتعليم بتخصيص مادة للأخلاق، مهمتُها المحافظة على الجيل الجديد من الانجرار وراء كلِّ ما هو مفسد للأخلاق ومضر بالوطن، فإذا كانت الأوطان تُبنى بالعلم، فإننا نحتاج إلى كثير من الأخلاق الفاضلة، حتى يبقى المجتمع سليمًا معافى من العاهات التي عصفت بالأمم الأخرى، فمن يتابع ردود بعض الشباب على مواقع التواصل، يعلم أيَّ منحدر انحدرنا إليه، لدرجة أن يشك المرء في حقيقة هؤلاء هل هم فعلًا عُمانيون؟ ففي سبيل البحث عن حضور في مواقع التواصل فقد الكثيرون أخلاقهم، وتصوّر البعض أنهم قادة مؤثرون، بالمقاطع التي يصورونها والتي تسيء للوطن ولا تُصلح شيئًا، لأنّ ضررها أكبر من نفعها.

وبما أنّ وسائل الاتصال من الأمور الحديثة، لا بد من دراسة الوضع ووضع الحلول المناسبة قبل أن يستفحل الأمر ويكون العلاج صعبًا، «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإنْ هم ذهبت أخلاقُهم ذهبوا» كما قال أحمد شوقي؛ فهذه الوسائل أصبحت حقيقة ولا يمكن إغفالها، ولكن يجب التعامل معها بخطط توافقها، وليس أدل على أهميتها الآن من كلام قاله أحد مديري «جوجل» عند افتتاح مكتب الشركة في جنوب شرق آسيا بقوله: «عندما تتعاملون مع الإنترنت، فلا شيء في حياتكم يبقى كما كان. كلّ شيء سيتغيّر ولن تستطيعوا العودة إلى الوراء، فتغير طريقة الحياة تأتي معه تغيرات متنوعة في التواصل الاجتماعي والسلوك والتصرفات الفردية»، وهو كلام صحيح يمكن قياسه إلى الواقع، وكيف تغيرت المجتمعات بعد انطلاق الإنترنت. ولكن يبقى أنّ أسباب الانحدار الأخلاقي كثيرة، إلا أنّ وسائل الاتصالات وما فعلته في تغيير المجتمعات تبقى هي الأبرز. فمن أبرز ما أفرزته هو الكراهية، وذلك نتيجة إحساس البعض بانعدام المسؤولية عند استعمالها، ونشأ من جراء ذلك ما عُرف بـ«الذباب الإلكتروني»، الذي نشط في الهجوم على دول وأشخاص ومجتمعات دينية أو سياسية ومذاهب إسلامية، وتسبب في إثارة الفتن والحقد والبغضاء، سواء على المستوى الشخصي أو الجماعي. وقد نال عُمانَ منها الكثير بسبب مواقفها المشرّفة واستقلال قرارها، وقد يكون قرار وزارة التربية والتعليم بتعليم النشء مفاهيم الوطنية طريقًا صحيحًا لتخليصه من تلك الآفات، وسدًا منيعًا لعدم الانجرار وراء الحرية الزائفة، لأنّ الهجمة على عُمان شرسة، ولن تقف أبدًا، إذ أنها أمام كلِّ موقف تتجدّد، وخير دليل هو ردود فعل البعض من الموقف العُماني من أحداث غزة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

100 مركز شباب بأسيوط تستعد لاستقبال المصلين في العيد بالتعاون مع الأوقاف

نفذت وزارة الشباب والرياضة، بتوجيهات من الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، استعداداتها لاستقبال المصلين والمترددين على مراكز الشباب خلال عيد الفطر المبارك لعام 2025، حيث خصصت 100 مركز شباب ونادٍ بمحافظة أسيوط لاستقبال المواطنين، بالتنسيق مع وزارة الأوقاف.

وتشمل الاستعدادات تجهيز الساحات لاستقبال المصلين وفق الضوابط المعتمدة، وتنظيم دخولهم بمشاركة فرق المتطوعين من مشروع "شباب يدير شباب - YLY" وأندية التطوع، لضمان سهولة الحركة داخل المراكز.

كما وجه وزير الشباب والرياضة بفتح مراكز الشباب مجاناً أمام المواطنين طوال أيام العيد، ضمن مبادرة "العيد أحلى بمراكز الشباب"، التي تهدف إلى توفير بيئة ترفيهية وثقافية متكاملة.

وتتضمن الفعاليات الترفيهية تنظيم أنشطة رياضية وألعاب للأطفال، إلى جانب إتاحة الملاعب، وحمامات السباحة، وصالات البلياردو وتنس الطاولة، بهدف إدخال البهجة على الجميع.

وتأتي هذه المبادرة في إطار حرص وزارة الشباب والرياضة على تعزيز دور مراكز الشباب كمراكز خدمة مجتمعية تسهم في توفير أنشطة متنوعة لجميع الفئات.

مقالات مشابهة

  • أستاذة أرفود التي تعرضت لهجوم همجي بين الحياة والموت
  • وزارة الرياضة تستعد لاستقبال المصلين في 190 مركز شباب بالمنيا خلال عيد الفطر
  • من هي الجهة التي وجهت بقطع تغذية الجيش وعرقلة صرف مرتباتهم.؟
  • استعدادات مكثفة لاستقبال المصلين في استاد الطور الرياضي
  • 100 مركز شباب بأسيوط تستعد لاستقبال المصلين في العيد بالتعاون مع الأوقاف
  • السعودية.. تكهنات حول جنسية المرأة التي صفعت رجل أمن في الحرم مع استمرار التفاعل
  • استعدادات بمختلف المحافظات لاستقبال المواطنين لأداء صلاة عيد
  • سفارة السودان بالقاهرة تنوه إلى خطورة انتشار الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة باستبدال العملة السودانية
  • الخارجية اليمنية تؤكد متابعتها للدبلوماسي العنسي بعد سنتين من حصاره بحي سكني بالخرطوم
  • البطريرك المسكوني برثلماوس الأول عضواً في أكاديمية الأخلاق والعلوم السياسية الفرنسية