جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@07:46:01 GMT

الأدب والسنع في المجتمعِ العُماني

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

الأدب والسنع في المجتمعِ العُماني

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

 

يتميز المجتمع العُماني بالتزامه الراسخ بالتقاليد العربية ذات الجذور والقيم والمبادئ الإسلامية، مما يجعله في مصاف المجتمعات المتقدمة من حيث الالتزام بالمنهج العربي والاسلامي الموروث، والذي عرف في الأوساط العُمانية بـ"السنع أوالأدب" الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من التراث العُماني العريق الذي توارثه العُمانيون عبر الأجيال، وهو مجموعة من الممارسات السلوكية والاجتماعية التي تهدف إلى  التربية على الاحترام والتقدير والإجلال للآخرين بغض النظر عن خلفياتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم المختلفة، ويتجلى ذلك من خلال أن يعيش الفرد الشعور بالتواضع والكرم والاحتشام وغيرها من قيم التقدير والاحترام  التي تنعكس في  فنون التعامل الإنساني مع الآخر في شتى المجالات الإنسانية والاجتماعية.

ومن تلك الجوانب الموروثة التي تعلمها الإنسان العُماني وحافظ عليها، ولا زال يغرسها في أبنائه الكرام، وهي تعد من التربية على التقاليد والقيم الأصيلة، وهنا نتعرض لذكر خمس منها لنقف على أهم الجوانب التي شكلت الشخصية العُمانية الفريدة، وهي كالاتي:

أولًا: تقاليد الترحيب وحسن الضيافة؛ إذ لا يزال العُمانيون يهتمون بكرم الضيافة ويعتبرونه واجبًا أسريًا واجتماعيًا، فهم يهتمون بإكرام الضيف ودعوته لتناول القهوة وأكل التمر وأنواع الأطعمة والأطباق الشعبية المختلفة، والجلوس مع الضيف بتواضع واجلال، حتى يشعر بأن البيت بيته وهو ليس بالإنسان الغريب بل هو بين أهله وناسه. ثانيًا: تقاليد اللباس الوطني: يحرص العُمانيون على ارتداء الثوب العُماني الموروث الذي يعكس الهوية العُمانية والتراث الخالد لأهل عُمان، كما تتمسك المرأة العُمانية بالثوب الموروث مثل الوقاية "الحجاب" واللباس الساتر، ويعتبر الحفاظ على الثوب التقليدي للمرأة والرجل من ابرز سمات الموروث العُماني الأصيل الذي يرمز إلى الاحتشام والعفة والسداد. ثالثًا: تقاليد الحكمة والحوار: يتميز العُمانيون باختيار الحديث الهادئ وتجنب رفع الصوت أثناء الحوارات والنقاشات المختلفة، لذا عُرفت الشخصية العُمانية بهدوئها وعدم تدخلها فيما لا يعنيها من حيث احترام خصوصيات الآخرين، وهو أمر عظيم يعد من سمات الشخصية العُمانية الذي لا يزال إلى يومنا هذا سمة غالبة عرف بها أهل عُمان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمان أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ". رابعًا: تقاليد الحفاظ على التراث الشعبي: إن من أهم الموارد التي يعتمد عليها الإنسان العُماني في تنشئته هو الحفاظ على تراثه المجيد، فقد عُرفت سلطنة عُمان منذ القدم بقلاعها، وفنونها الشعبية، وحرفها التقليدية، وأكلاتها الشعبية، فما أجملها من تقاليد عُمانية تشعر الفرد العُماني بالفخر لما ورثه من تراث شعبي من آبائه وأجداده الكرام، وكما قيل في المثل الشعبي: "الي ماله أول ماله تالي". خامسًا: تقاليد آداب الاستقبال والمجلس: يحرص الفرد العُماني الأصيل في جلسته وقيامه في مجالس الرجال أن يكون جلوسه وقيامه بشكل لائق يعكس أدبه واحترامه للآخرين بطريقة تُظهر معدنه واحترامه وتقديره لمن حوله بحيث يبرز للجميع أخلاقه وشخصيته العُمانية الفذة التي تربى عليها، متجنبًا الحركات العشوائية التي قد تحرجه وتحرج الجالسين معه، فتراه إذا جلس يجلس ويداه على ركبتيه، وإذا صافح صافح بكلتا يديه ضاغطًا برفق على يد من يصافحه لزيادة الود والاحترام والتقدير.

وقد ورد عن حفيد النبي الأكرم الإمام جعفر بن محمد الصادق قال: "إِنَّ اَلْمُؤْمِنَيْنِ إِذَا اِلْتَقَيَا فَتَصَافَحَا أَدْخَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَدَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، وَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَشَدِّهِمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا أَقْبَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِوَجْهِهِ عَلَيْهِمَا تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا اَلذُّنُوبُ كَمَا يَتَحَاتُّ اَلْوَرَقُ مِنَ اَلشَّجَرِ".

وأخيرًا.. ونحن نعيش الأيام النوفمبرية المباركة بمناسبة العيد الوطني الرابع والخمسين يجدر بنا جميعاً أن نحافظ على هذه التقاليد المتمثلة في الإرث العُماني الأصيل المستمد من هويتنا الإسلامية المباركة، وقيم ديننا الحنيف، فهو أمانة عظيمة بين أيدينا، يجب الحفاظ عليها بالتمسك بالتقاليد والقيم الأصيلة التي تعكس ما جبلت عليه الشخصية العُمانية من سمو أخلاقها ودماثتها وحسن استقبالها وتعاملها مع الآخرين.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ترجمة الأدب الأجنبي.. تميّز ثقافي فرنسي تسعى دور نشر للحفاظ عليه

باريس "أ.ف.ب": تبدو أربع دور نشر فرنسية واثقة بأن للأدب الأجنبي مستقبلا في فرنسا خارج نطاق الإنتاجات الأميركية الكبرى، وهذا ما دفعها، رغم كونها تتنافس عادة في ما بينها، إلى أن تتعاون راهنا من أجل الترويج للمؤلفين الذين يحتاجون إلى تسليط الضوء عليهم.

ولطالما تميّزت فرنسا إلى جانب ألمانيا، كونهما أكثر دولتين تترجمان كتبا كل سنة، بحسب بيانات اليونسكو (مع العلم أنّ هذه المعطيات لم يتم تحديثها منذ منتصف عام 2010، مما يمنع من إجراء مقارنات حديثة).

لكنّ فرنسا ليست بمنأى من ظاهرة واضحة في بلدان كثيرة تتمثل بانخفاض التنوع التحريري. ففي العام 2023، نُشرت 2735 رواية مترجمة من لغة أجنبية، أي أقل بنسبة 30% عمّا أنجز عام 2017.

ويقول رفاييل ليبرت من دار "ستوك" للنشر "خلال إحدى المراحل، اعتبرت مقالات صحافية كثيرة أنّ الأدب الأجنبي كان كارثة، وأنه انتهى. وقد انزعجنا من قراءة ذلك بدون اقتراح أي حل".

"حفاظ على الإيمان"

أجمعت دار نشره ودور "غراسيه" (تابعة لدار "أشيت ليفر")، "ألبان ميشيل" و"غاليمار"، والتي تنتمي إلى ثلاث مجموعات مختلفة، على فكرة تحالف ظرفي تحت اسم "دايّور إيه ديسي" D'ailleurs et d'ici.

لماذا هذه الدور الأربعة دون سواها؟ لأنّ هناك تقاربا بين الأشخاص الأربعة الذين أطلقوا المبادرة وآمنوا جميعا بهذا التميّز الثقافي الفرنسي.

تدافع دور نشرهم معا أمام الجمهور نفسه (من مكتبات وصحافيين وقراء) عن مؤلفين ومؤلفات تؤمن بهم ولكنهم يحتاجون إلى تسليط الضوء عليهم.

لدى دار "ستوك"، باعت الألمانية دورتيه هانسن نصف مليون نسخة في بلدها مع قصة مذهلة عن الحياة على جزيرة تضربها رياح بحر الشمال.

وقد اختارت "غراسيه" مع كتاب "بيتييه" Pitie لأندرو ماكميلان، و"غاليمار" مع "ج سوي فان" Je suis fan لشينا باتيل، شبابا بريطانيين.

يقول الخبير في الأدب الأميركي فرانسيس غيفار من دار "ألبان ميشيل" "من دون سمعة في البداية، يكون الأمر صعبا على جميع المؤلفين. في هذه المهنة، عليك أن تحافظ على الإيمان". ويدافع عن مجموعة قصص قصيرة عنوانها "لا فورم أيه لا كولور ديه سون" لكاتب أميركي غير معروف هو بن شاتوك.

هيمنة أميركية

أعطت المكتبة التي افتتحتها دار النشر هذه عام 2023 في شارع راسباي في باريس، لقسمها المخصص للادب الأجنبي اسم "الأدب المترجم"، في خطوة تريد عبرها القول إنّ هذه الأعمال ينبغي ألا تبدو غريبة أو بعيدة من القراء.

ليس وضع الأدب الأجنبي سيئا بشكل عام. فبحسب شركة "جي اف كيه"، بلغت إيراداته 447 مليون يورو (490 مليون دولار) في فرنسا عام 2024، "مع زيادة 9% في الحجم و11% في القيمة".

وقد ساهم في ذلك نجاح الأميركية فريدا مكفادين ("لا فام دو ميناج" La Femme de menage).

وأصبح "الأدب الأجنبي" مرادفا بشكل متزايد للروايات الناطقة بالانكليزية. ففي العام 2023، أصبحت الانكليزية لغة 75% من "الروايات وكتب الخيال الرومانسي المترجمة إلى الفرنسية"، وهي نسبة ظلت مستقرة على الأقل منذ عشر سنوات.

مقالات مشابهة

  • قائمة بالهواتف التي سيتوقف واتساب عن العمل عليها بداية من الشهر المقبل
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الشيخ الهجري: هناك أهمية للدور الرقابي الذي يقوم به المجتمع إلى جانب المؤسسات، في سبيل بناء وطن قوي ومتوازن
  • شرطة دبي تُكرم سائحة أعادت قطعة مجوهرات عثرت عليها
  • وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات الشخصية / أسماء
  • 376.4 مليون ريال صادرات عُمانية ومبيعات محلية مؤمَّن عليها لدى ""كريدت عُمان"
  • ترجمة الأدب الأجنبي.. تميّز ثقافي فرنسي تسعى دور نشر للحفاظ عليه
  • «الهجَّانة» يحيون تقاليد العيد في بادية تبوك على أنغام الهجيني
  • أول تعليق عُماني على الرسوم الجمركية الأمريكية ضد الصادرات العُمانية
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا