بوابة الوفد:
2024-12-18@08:13:35 GMT

أناس يتطهرون!

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

علَّمنا التاريخ أن الضَّعف والهَوان، «محنة مرحلية» تطال جميع الأمم، ولذلك لا نتصور أن هناك هوانًا وضعفًا أعظم وأشد مما نحن عليه الآن، في ظل ما نعيشه من مأساة حقيقية على كافة المستويات، بعد أن تم استدراجنا إلى «تشويه متعمَّد»، من الإساءة للدين وللإنسانية.

 في فترات السقوط والتردي، تتراكم مظاهر تغييب العقول، بشكل ممنهَج، من خلال السطو على وعي الناس وفطرتهم السَّوِيَّة، بواسطة بعض الأدعياء المتاجرين باسم الدين، الذين «طفحوا» على «الدعوة»، وتصدروا جزءًا كبيرًا من المشهد الديني، على مدار عقود.

 

على مدار 13 شهرًا، كانت «فتاوى» هؤلاء «السطحيين» ـ التي صدَّروها، بحق شهداء المقاومة الشرفاء، وادعائهم امتلاك منح صكوك الجنة والنار ـ مستهجَنة ومستفزة، ومثيرة للشفقة، لكن أحدهم خرج علينا، قبل أيام، في «مجلس علم» بفتوى لا محل لها من «النظافة»! يقول «فضيلته» نَصًّا: «يوم القيامة في القبر إذا لم تتنزَّه من بولك تُعَذَّب، لكن إذا جهلت أمور فلسطين لن تُعَذَّب.. ولو سألنا هؤلاء الذين يشتغلون بقضية فلسطين كيف تتنزَّه من بولك؟ والله لا يعرف»! يضيف: «التنزُّه من البول عند الفقهاء فيه أمران، الأول أن تحرص ألا يصل البول إلى جسمك أو ملابسك، والثاني إن وصل إلى الملابس تبادر إلى تطهيره، وإذا لم تعرف هاتين الفقرتين، فأنت تُعَذَّب في قبرك، لكن إذا ما عرفت مخططات الأعداء وفقه الواقع وما يحصل للأمة، لن يسألك الله تعالى عن ذلك»!! انتهت فتوى «الشيخ المدخلي»، التي نعتقد أنها تحتاج إلى ردٍّ «طاهر»، خصوصًا أنه لا يجوز الاستهزاء أو الاستهانة أو الاستخفاف بأيٍّ من تفاصيل الطهارة التي أمرنا بها الشرع الحنيف.. لكن السؤال: ما علاقة ذلك بالاهتمام بأمور المسلمين المستضعَفين؟ «الشيخ الجامي» لا يريد أن نهتم بشأن فلسطين، بل إنه يفضل ـ حسب فتواه ـ تنظيف المسالك البولية والتنزُّه من البول، على الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأرض والعرض، والذَّود عن الأوطان وحماية المقدسات، والانتصار لدماء المظلومين! ذلك «الشيخ الجامي المدخلي» يرى أن المرابطين بالقدس والأقصى، والمجاهدين المقاومين في غزة يخرجون من المراحيض من غير طهارة، فأنَّى له معرفة ذلك، وهل دخل في ملابسهم ليكتشف ذلك بنفسه، وهل يعلم أن كثيرًا منهم من حفظة القرآن الكريم، ويقيمون الصلاة؟ للأسف، منذ ظهور التيار «المدخلي الجامي»، ثم بروز دوره في العام 1991، لإحداث توازن مع ما يُعرف بـ«تيار الصحوة»، وهم ينطلقون في طرحهم من مركزية تعريف أنفسهم على أنهم الممثلون الحصريون لـ«السلفية»، ليصفهم البعض بـ«أهل الجرح بلا تعديل»! أخيرًا.. نحن بالفعل أمام ضحالة فِكر وواقع بائس ومرير، فيما يتعلق بالفتاوى، لكن رغم هذا العبث والهراء، إلا أننا على يقين، بأن الصراع الأزلي بين الحق والباطل، سينتصر فيه الحق دائمًا، ويتحقق العدل، لتستقيم الحياة، وكما يُقال: «الحق لا يُعرف بالرجال، وإنما يُعرف الرجال بالحق، فاعرف الحق تعرف أهله». فصل الخطاب: يقول «المتنبي»: «أغاية الدين أن تحفوا شواربكم.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»

 [email protected] 

كلمات مفتاحية: المدخلية الجامية, تيار الصحوة, السلفية, الوهابية, محمود زاهر, المتاجرون بالدين, فتاوى شاذة, علماء السلطة, عذاب القبر, تجديد الخطاب الديني

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مراجعات محمود زاهر التاريخ

إقرأ أيضاً:

كريم خالد عبد العزيز يكتب: فن إدارة ردود الأفعال.. بين الحق والسمو الإنساني

ردود أفعالنا ما هي إلا استجابة عصبية على أفعال الآخرين معنا، وانعكاس لمشاعرنا وتصوراتنا وتجاربنا .... رد الفعل يعتبر أمرًا طبيعيًا وصحيًا للإنسان، لأن الجمادات هي التي لا ترد ولا تعطي أي استجابة .... لكن هناك أوقات نتجاهل فيها الإساءة، ونسْمو بإنسانيتنا وأخلاقنا، ونرتقي ونترفع عن الرد، ولكن هذا لا يعني أن عدم الرد بشكل دائم شيء طبيعي .... يجب أن نعرف جيدًا متى نرد ومتى نتجاهل.

حق الرد مشروع لأي إنسان، وكيفية الرد وتوقيته أيضًا .... قد تكون ردات أفعالنا عنيفة وقاسية في بعض الأحيان، وقد نُلام من الغير على ذلك .... ولكن الغير لا يعرف ما الذي نتعرض له من فعل أولاً لنرد بهذا الرد .... وللأسف الشديد، الإنسان الهادئ قد يتخلى عن هدوئه عندما يكون المناخ المحيط به والأشخاص غير هادئين .... هذا لا يعني أنه يغير من طبيعته، وإنما قد يغير تصرفاته وردود أفعاله ليتلاءم مع المواقف التي يتعرض لها.

التجاهل سلاح ذو حدين .... قد يكون التجاهل إيجابيًا عندما يشعر المسيء إلينا بعدم قيمته، فيضغط عليه تجاهلنا ليتراجع عن فعله السلبي، وقد يكون التجاهل سلبيًا عندما يشعر الغير أننا عاجزون عن الرد، فيتمادى ويزيد من أفعاله السلبية معنا .... وهذا الأمر يتوقف على شخصية الشخص المسيء نفسه أو الشخص الذي نستخدم معه التجاهل .... هناك من يخجل ويعتبر تجاهلنا اعتراضًا، فيتراجع، وهناك من يسيء الفهم ويعتبر تجاهلنا عجزًا عن الرد، فيتمادى .... وهنا يجب أن نميز جيدًا بين الأشخاص ونعي متى نتجاهل ومتى نرد.

من الناحية الدينية، حدّد لنا القرآن الكريم ثلاث خيارات لرد الإساءة، وترك لنا حرية الاختيار بينها، وعلى حسب اختيارنا يكون الجزاء والثواب من الله:
(الخيار الأول): أن نرد الإساءة بالإحسان، وأن نحول العدو إلى صديق حميم، وهذا الخيار رغم صعوبته، إلا أنه يُعدّ الأسمى والأرقى عند الله، ويعتبر قمة السمو الروحي والإنساني: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34).
(الخيار الثاني): أن نسكت عن الإساءة وأن نتجاهل الرد، ولكن نفوض أمرنا لله، فهو يرد بدلًا عنا، وهذا الخيار أقل درجة من الأول في الثواب: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (غافر: 44).
(الخيار الثالث): وهذا الخيار بعيد عن التعاملات الإنسانية ويتماشى مع الدول في الحروب، وهو قائم على مبدأ رد الفعل بشرط عدم المبادرة بالإعتداء : "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة: 190).

علينا أن نزن الأمور بحكمة، وأن نحلل المواقف التي نتعرض لها من إساءة، لكي نعرف متى نرد ومتى نتجاهل حسب المواقف والظروف التي نواجهها .... وأن نضع في عين الاعتبار العدل والرحمة والسمو الإنساني والأخلاقي الذي يجعلنا نتحكم في ردات فعلنا، ويمنحنا ثوابًا عند الله كلما ارتقينا وترفعنا بإنسانيتنا.

مقالات مشابهة

  • “لقاء الأربعاء”
  • حبس البول قد يكون له مخاطر صحية خطيرة.. ما هي؟
  • الحياة لمن عاشها بعقل.. خمس يطمسن خمس
  • جبهة الدفاع عن الحق في الإضراب تدشن معركة الاحتجاج بوقفة أمام البرلمان 
  • خطابُ القائدِ وجدانٌ ثائرٌ، ورسالةٌ للعالمين
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: فن إدارة ردود الأفعال.. بين الحق والسمو الإنساني
  • ترامب قد لا يستطيع إلغاء حق الجنسية بالولادة.. ولكن
  • مختص يحذّر من أضرار خطيرة لاحتباس البول في المثانة| تفاصيل
  • محمد بن راشد: عندما ينشر البعض اليأس في منطقتنا.. ننشر نحن التفاؤل والأمل
  • أضرار كبيرة للجسم وراء احتباس البول