الإمارات تؤمن القمح لمصر لمدة 5 سنوات.. ما المقابل الذي ستقدمه القاهرة؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
وقعت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارتي المالية والتعاون الدولي، وهيئة السلع التموينية، الاثنين، اتفاقا مع "صندوق أبوظبي للتنمية"، لتمويل واردات القمح للبلد العربي الأفريقي الذي يقطنه أكثر من 105 ملايين نسمة، بقيمة 500 مليون دولار.
شركة "الظاهرة" الإماراتية، من جانبها أبرمت مع مكتب أبوظبي للصادرات "أدكس"، ذراع تمويل الصادرات لصندوق أبوظبي للتنمية، اتفاقية شراكة مدتها 5 سنوات تبدأ من 2023، لتزويد مصر بقمح مستورد عالي الجودة، بقيمة 100 مليون دولار سنويا، بقيمة إجمالية نصف مليار دولار.
وتزرع الشركة الإماراتية، مقرها أبوظبي نحو 70 ألف فدان في مصر منها مزرعة توشكي التي تبلغ مساحتها 37400 فدان بجنوب البلاد، وتعد أكبر قطاع خاص منتج للقمح والذرة بمصر، وتوفر 85 بالمئة من إنتاج مزارعها بالسوق المصرية.
من جانبه، قال وزير التموين علي المصيلحي، إن الاتفاقية "تتماشى مع أهدافنا الاستراتيجية وتقدم لنا الدعم في توفير حزمة متكاملة لشراء قمح عالي الجودة بتكلفة قليلة مع شروط دفع ميسرة".
ووفق نشرة "إنتبرايز"، فإن هذا أكثر مما توقعه المصيلحي، بحديثه لوكالة "بلومبيرغ" الشهر الماضي، حيث دارت المباحثات حينها عن تمويل واردات القمح بقرض قيمته 400 مليون دولار.
مصر التي كان يطلق عليها لقب سلة غلال العالم القديم، تستهلك نحو 25 مليون طن قمح سنويا، تنتج منه أراضي الدلتا والوادي حوالي 12 مليون طن يكفي البلاد 6 شهور، وتستورد الباقي من 16 منشأ أهمها روسيا، وأوكرانيا، ورومانيا، وأستراليا، وفرنسا، وليتوانيا، وكندا، والصين.
"ما الشروط والمقابل؟"
وفي قراءتها لأهمية هذا الاتفاق ومدى قدرته على تأمين حاجة مصر مدة 5 سنوات من القمح، وعدم الضغط على رصيد البلاد من العملات الصعبة، قالت الأكاديمية المصرية الدكتور علياء المهدي: "أفضل الاعتماد على أنفسنا وليس على غيرنا في توفير غذائنا".
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، وفي حديثها لـ"عربي21"، تساءلت قائلة: "في الحقيقة لا اعرف لماذا لم تكتف مصر ذاتيا من القمح؟"، مضيفة: "ولا أعرف ما المقابل الذي ستدفعه مصر للإمارات لتوفير القمح".
لفتت إلى أن "الشروط التي ستوفر الإمارات بناء عليها احتياجاتنا من القمح غير معروفة لنا، ولكي نستطيع تقييم الصفة لابد من معرفة شروط الأمر وملابساته وتبعاته".
"أزمات خارجية"
ويأتي اتفاق الحكومة المصرية والصندوق الإماراتي في ظل حاجة البلاد الشديدة لتأمين احتياجاتها من القمح في ظل أزمات عالمية وأخرى محلية.
تتمثل الأولى في الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت شباط/ فبراير 2022، بين أكبر مصدري الحبوب بالعالم، ما أثر على أسعار القمح وتوافره وغيره من السلع.
ثاني الأزمات الدولية خروج موسكو من اتفاقية تصدير الحبوب مع كييف، 17 تموز/ يوليو الماضي، ما يمنع أوكرانيا من توصيل محاصيلها إلى البلدان المستوردة ومنها مصر، التي لم تكن ضمن 6 دول أفريقية تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصدير الحبوب إليها مجانا.
أما ثالث الأزمات العالمية، يتمثل في احتمال تضاعف أزمة إتاحة السلع الغذائية عالميا بفعل تفاقم التأثير الضار لموجة "النينيو" شديدة الحرارة على المحاصيل الزراعية، وبالتالي ضعف الإنتاج وارتفاع أسعارها وتضرر الدول الفقيرة وبينها مصر.
ورابعا، يأتي قرار الهند بحظر صادرات الأرز الأبيض، في زيادة الضغوط على أسواق القمح والأرز المحلية في الأشهر المقبلة، حسبما قالت المحللة الأولى في ستاندرد أند بورز جلوبال ياسمين غوزي في منشور على لينكد إن.
"أزمات داخلية"
وتتمثل الأزمات الداخلية، في عجز القاهرة عن توفير العملات الصعبة لاستيراد السلع الاستراتيجية كالقمح والذرة والزيوت والأرز والوقود، بالتزامن مع تراجع قيمة عملتها المحلية لأكثر من النصف منذ ربيع العام الماضي، بجانب تفاقم ضغوط خدمة ديون خارجية تعدت 165 مليار دولار بنهاية الربع الأول من 2023.
وفي أيار/ مايو الماضي، أكدت وكالة "رويترز"، على لسان مسؤولين حكوميين وتجارا ومستوردين أن الحكومة المصرية ثاني أكبر مستورد للقمح بالعالم قررت تأجيل سداد ثمن وارداتها من القمح منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بفعل أزمة شح الدولار.
وأشارت الوكالة الإنجليزية لوجود شحنات قمح مازالت بالسفن والموانئ المصرية تحتاج لدفع ثمنها بالعملة الأمريكية، وأنه بفعل أزمة شح الدولار هناك 11 شحنة لم تدفع القاهرة ثمنها، بجانب الحاجة لفتح خطابات اعتماد لـ8 شحنات أخرى.
وتواصل الحكومة المصرية في الشهور الأخيرة تقديم طلباتها لمؤسسات التمويل الدولية للحصول على تمويل لشحنات القمح وبينها البنك الدولي، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
ووفق ما نقله موقع "البورصة"، المحلي، 13 أب/ أغسطس الجاري، فإن الحكومة المصرية تدرس استيراد القمح من رومانيا بنظام الصفقات المتكافئة، وهي إحدى الأنظمة التجارية لتبادل الدول سلعا مقابل سلع، لتأمين مخزونها من الحبوب ورفع الضغط على رصيد العملة الأجنبية.
واشترت هيئة السلع التموينية الشهر الماضي 360 ألف طن قمح، من بينها 60 ألف طن قمح روماني، والباقي من ورسيا بأسعار تراوحت بين 249 و250 دولارا للطن فيما مولت الصفقة المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
"اتفاق هام.. ولكن"
وفي تقديره لأهمية الاتفاق، ومدى اعتباره حلا عاجلا لأزمة توريد الغذاء ونقص الدولار بالبلاد، يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، في حديثه لـ"عربي21"، أن له أهمية كبيرة.
وقال إن "اتفاق مصر مع الإمارات أو مكتب أبوظبي للصادرات لتوفير القمح أو ما قيمته من 100 مليون دولار من القمح بشكل سنوي مدة 5 سنوات، بلاشك يقلل الضغوط على طلب العملة الصعبة للوفاء بالاحتياجات الضرورية للحكومة المصرية وفي مقدمتها القمح".
وأضاف أنه "على الجانب الآخر يمكن النظر في هذا الاتفاق كأن به نوع من المساعدة من أبوظبي للقاهرة دون أن يكون هناك اعتراض من المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي".
وأوضح أنه "بهذا الشكل ستكون المسألة أمامهم صفقة تجارية بحتة يتولى مكتب أبوظبي للصادرات شراء القمح من الأسواق العالمية ثم إعادة بيعه لمصر طبقا لآلية دفع يتم الاتفاق عليها، أي أنه عمل تجاري بحت، وبذلك تضمن مصر توفير جزء من احتياجاتها من القمح بشكل مستمر وطبقا لآليات دفع لا ترهقها".
وعن الطريقة التي ستحصل بها الشركة والصندوق الإماراتي على حقوقهما مقابل توريد القمح لمصر، يعتقد وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، أنه "سيكون هناك اتفاق ولكنه ميسر، بحيث تحصل الإمارات أو صندوق أبوظبي على الحقوق المترتبة على توريد القمح طبقا لآليات قد يتم الاتفاق عليها ولا تكون مسببة لمشاكل أو ضغوط لمصر".
وأضاف: "واضح أن الدول العربية تساعد مصر لتوفير الاحتياجات الأساسية والغذاء للمصريين"، مشيرا إلى أهمية "توفير الغذاء للشعوب"، متوقعا وجود "رغبة عربية بهذا"، لافتا إلى أنه "في ظل الظروف العالمية الحالية هناك صعوبة لعودة المساعدات المباشرة".
وأكد أن "المسألة ليست تجارية بحتة وكما قلنا بها نوع من المساعدة، خاصة وأن مصر تسند لصندوق أبوظبي مهمة توفير القمح بنسبة ليست كبيرة، ونتحدث عن 100 مليار دولار بشكل سنوي من واردات مصر من القمح التي تتجاوز 3 مليار دولار".
ولهذا يرى الخبير المصري أن "طريقة الوفاء أو حصول الإمارات على حقوقها مقابل تلك الصفقة سيتم الاتفاق عليه بشكل كامل ومفصل بما يضمن للصندوق والشركة الإماراتيتين حقوقهما، وبما يضمن عدم الضغط على الاقتصاد والجنيه المصريين".
وعن تبعات هذا الاتفاق، ومدى وجود انعكاسات سلبية قادمة محتملة كأن يزيد حجم الديون الخارجية وبالتالي خدمة الدين، أكد عبدالمطلب، أن الاتفاق بالفعل يزيد من حجم الديون، برغم رؤيته السابقة بأنه بالصفقة نوع من المساعدة والتيسيرات المقدمة لمصر.
وقال إنه "في النهاية نوع من أنواع الدين، ومن المؤكد أن يتبعه رسوم وفوائد، وهي أمور غير واضحة حتى الآن، لكنه يزيد رصيد وأعباء الدين على مصر".
"لهذا يفشل الاكتفاء"
وفي تقديره لأسباب عجز مصر عن الاكتفاء من القمح كسلعة استراتيجية لأكثر من 105 ملايين مصري رغم إعلانها عن مشروعات زراعية عملاقة مثل استصلاح 1.5 مليون فدان، والدلتا الجديدة، وغيرها، أكد الخبير المصري أن "الاكتفاء الذاتي من القمح موضوع كبير وفيه جزء من مسؤولية السلطة عبر التاريخ".
وأضاف: "ربما من عهد الرئيس جمال عبدالناصر (1956- 1970)، حيث أبدت أمريكا وكندا وفقا للقانون الأمريكي (رقم 480) والخاص بفائض الأغذية استعدادهما لتقديم القمح لمصر بالمجان لعشرات السنين مقابل عدم التوسع بزراعته، ما يعني أن المسألة بالنسبة لهم حياة أو موت برغم العداء بين الأمريكان ونظام ناصر".
وأكد عبد المطلب، أنه "وحتى هذه اللحظة هناك أصحاب مصالح وبعض النافذين عبر العصور في مصر والعديد من الدول بينهم ترابط مصالح يبررون عدم الرغبة في الاكتفاء الذاتي من القمح وزيادة المساحة المحصولية المزروعة بدعوى أن تكلفة إنتاجه أعلى من تكلفة استيراده".
وأعرب عن أسفه من أن "مسألة الاكتفاء الذاتي من القمح غير مطروحة على الإطلاق، وتثار بأوقات الأزمة ومع انتهائها يتم دفن الحديث وغلق الملف".
وعند تدشين رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2015، مشروع زراعة مليون ونصف فدان في 8 محافظات مصرية بالتعاون مع الجيش كان الهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وتغطية 80 بالمئة من احتياجات القمح ذاتيا بحلول عام 2018، وفق تصريح وزير الزراعة عصام فايد، حينها، وهو ما لم يحدث.
"خبر مزعج"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت الصفقة غضب بعض السياسيين والكتاب والمتابعين، الذين اعتبروها قرضا جديدا يزيد من أعباء البلاد.
وقال السفير المصري محمد مرسي، عبر صفحته بـ"فيسبوك": "أزعجني الخبر، وزادني دهشة وانزعاجا تعليقات وزرائنا عليه"، في إشارة إلى إشادتهم بالاتفاق.
بينما ذهب الكاتب شريف حلمي، والمتابعة صفاء عز عبر صفحاتهم بـ"فيسبوك"، إلى التوقع أن يكون القمح الذي ستورده الشركة الإماراتية إلى مصر مزروع من الأساس في أرض مصر.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، عبر "فيسبوك": إنه "من المحتمل أن يتم شراء القمح من مزارع الإمارات"، ومع ذلك اعتبر نوار، أن بالصفقة "تسهيلات أمرت بها القيادة الإماراتية لمساعدة مصر على توفير رغيف الخبز للمواطنين"، مشيرا إلى أن "شروط الاتفاق بالكامل لم يتم إعلانها".
"أرقام خبز المصريين"
ووفق بيانات مجلس الوزراء المصري مطلع أيار/ مايو الجاري، فإن الحكومة تقوم بصرف رغيف الخبز المدعم لـ71 مليون مصري على بطاقات التموين بـ 5 قروش.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إن جملة ما تنتجه مصر من الخبز يوميا، حوالي 275 مليون رغيف، وأن المصريين يستهلكون نحو 100 مليار رغيف سنويا.
ومطلع أيار/ مايو الجاري، أكد مساعد وزير التموين إبراهيم عشماوي، أن منظومة الخبز هي الأكبر بالدولة، وأن الرغيف يكلف الحكومة 90 قرشا ويباع للمواطن بـ5 قروش، وأنها تدعم الخبز بـ92 مليار جنيه نحو (3 مليارات دولار).
وقال وزير المالية محمد معيط، لموقع "الشرق بلومبيرغ في حزيران/ يونيو الماضي، إن واردات القمح ستكلف موازنة العام الحالي 3 مليارات دولار، إذا ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المصرية القمح الإماراتية مصر الإمارات قمح إتفاق سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاکتفاء الذاتی من الحکومة المصریة ملیون دولار ملیار دولار من القمح القمح من قمح من نوع من
إقرأ أيضاً:
الخطة المصرية واعدة لغزة ولدور القاهرة
سلطت أستاذة العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا الأمريكية ليزا أندرسون، الضوء على المبادرة الطموحة التي طرحتها مصر لإعادة إعمار غزة، إلى جانب الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية لهذه الخطوة.
تسعى القاهرة إلى مواجهة السياسات الإسرائيلية القائمة على التهجير القسري
وكشفت مصر في 4 مارس (آذار) 2024 عن خطتها لإعادة إعمار القطاع، مع التأكيد على بقاء الفلسطينيين في أراضيهم، وذلك رداً على مقترحات بديلة، مثل تلك التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تضمنت إخلاء غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".وتتضمن الخطة المصرية، التي تمتد 5 سنوات بميزانية تقدر بحوالي 53 مليار دولار، تطوير البنية التحتية، وإنشاء ميناء تجاري، ومناطق صناعية، ومطار، وفنادق شاطئية. ورغم الرفض الإسرائيلي القاطع للخطة، فقد حظيت بدعم عدة دول عربية وغربية، مما عزز مكانة مصر كلاعب رئيس في تحديد مستقبل غزة. إعادة تموضع مصر استراتيجياً
وقالت ليزا أندرسون، شغلت منصب رئيسة الجامعة الأمريكية في القاهرة 2011-2015، في مقالها المطول بموقع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إن الحرب في غزة تتيح لمصر فرصة لاستعادة دورها القيادي في العالم العربي. فعلى مدار عقود، نأت مصر بنفسها عن التورط المباشر في شؤون غزة.
Cairo’s plan to rebuild Gaza may be an opportunity for Egypt to diversify its portfolio of patrons away from the dependence on the crisis rents that have kept it tethered to American support, writes Lisa Anderson. https://t.co/10uEot6Hpr
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) March 15, 2025وجاءت حرب غزة لتعيد مصر إلى دائرة الضوء في المنطقة. ومن خلال قيادة جهود إعادة الإعمار، تسعى القاهرة إلى مواجهة السياسات الإسرائيلية القائمة على التهجير القسري، مع تأمين الدعم المالي الدولي لتعزيز استقرار اقتصادها المتأزم.
التحديات والمناورات السياسية رغم طموحها، تواجه الخطة المصرية تحديات كبيرة، فقد رفضتها الحكومة اليمينية في إسرائيل، التي تصر على إفراغ غزة من سكانها. كما كان رد الفعل الأمريكي متبايناً؛ إذ رفض ترامب الخطة في البداية، لكن بعض المسؤولين، مثل المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، اعتبروها خطوة بنّاءة.كما أن عدم تحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والإدارة الأمريكية بسرعة لحل سياسي طويل الأمد يزيد من تعقيد تنفيذ الخطة، ومع ذلك، فإن قدرة مصر على تقديم رؤية واقعية عززت مكانتها كلاعب محوري في المناقشات الدبلوماسية الإقليمية.
الدوافع المصرية للخطة
وأشارت الكاتبة إلى أن مصر تسعى إلى إحباط مخطط ترامب لتحويل غزة إلى مشروع عقاري استثماري، مع الحفاظ على مطلب إقامة دولة فلسطينية.
With its ambitious proposal for postwar Gaza, Cairo is seeking to redeem the vexed legacy of the 1978 Camp David Accords, writes Lisa Anderson. https://t.co/10uEot6Hpr
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) March 16, 2025ويعتمد نجاح المبادرة المصرية على قدرتها على حشد الدعم الدولي. فقد سعت القاهرة إلى الحصول على تأييد من قوى رئيسة مثل السعودية والصين وتركيا لتمويل جهود إعادة الإعمار.
وأصرت الحكومة المصرية على أن تطوير غزة لا يستلزم تهجير سكانها، مما عزز من مصداقيتها كبديل للسياسات الإسرائيلية.
وعززت مشاريع الرئيس السيسي الكبرى، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، من قدرة مصر على إدارة مشروعات البنية التحتية الضخمة.
تجنب أخطاء الماضي وترى الكاتبة أن مشاركة أطراف إقليمية مثل الأردن وقطر والسعودية أمر ضروري لمنح أي اتفاق بشأن غزة شرعية عربية واسعة.ورغم الرفض الإسرائيلي والأمريكي الأولي، فإن الخطة المصرية اكتسبت زخماً؛ إذ تقترح الخطة تشكيل بعثة مساعدة إدارية بقيادة فلسطينية، مع ترك تفاصيل الحكم المستقبلي لغزة مفتوحة للمفاوضات.
هذه الصياغة المرنة منحت مصر مجالاً للمناورة الدبلوماسية، كما أن التصريحات الأمريكية الأخيرة التي وصفت الخطة بأنها "تتمتع بالكثير من المزايا" تعكس استعداد واشنطن للنظر في عناصرها. مصر كوسيط إقليمي وخلصت الكاتبة إلى أن الخطة المصرية المقترحة تمثل رؤية لمستقبل غزة تقوم على رفض التهجير القسري وتعزيز السيادة الفلسطينية. ومن خلال تقديم بديل واقعي للسياسات الإسرائيلية، رسّخت مصر موقعها كفاعل رئيس في تحديد مستقبل الأراضي الفلسطينية.
وفي حال نجاح الخطة، فقد تخرج مصر من الأزمة كقوة استقرار إقليمية، مستعيدةً مكانتها القيادية في الدبلوماسية العربية.