عربي21:
2025-04-26@04:11:51 GMT

أيّ رسالة عربيّة للأفارقة؟

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

حين أسّس ميشيل عفلق "حزب البعث العربيّ"، نسب إلى "الأمّة العربيّة الواحدة" رسالة وصفها بأنّها خالدة. عقول كثيرة حارت في تفسير معنى تلك الرسالة، ولماذا من بين سائر شعوب الأرض سوف تكون للعرب وحدهم رسالة.

مؤسّس البعث، على عادته، لم يقدّم إجابات واضحة، لكنّه غالباً ما كان يقرن الرسالة تلك بـ "الانقلاب".

وهو لم يقصد بالضرورة الانقلاب العسكريّ، أو أنّ هذا ما قاله، زاعماً أنّ هدفه هو الانقلاب الشامل "في الحياة العربيّة". بيد أنّ العبارة الإنشائيّة والفضفاضة هذه ما لبثت أن وجدت ترجمتها الفعليّة الوحيدة في الانقلاب العسكريّ. فمنذ أواسط الخمسينات والضبّاط البعثيّون في سوريّا هم أنشط الانقلابيّين وأنجحهم، إن في تنفيذ الانقلاب أو في تغيير اسمه وتسميته "ثورة". وفي عام واحد، هو 1963، وبفاصل شهر واحد لا أكثر، استولى ضبّاط حزب البعث، عبر انقلابين عسكريّين، على العراق وسوريّا.

وبالفعل، وكما أظهرت عقود ما بعد الاستقلالات العربيّة، لم تكن الرسالة العتيدة سوى الانقلاب العسكريّ الذي أطاح أنظمة مدنيّة في غير بلد عربيّ. والحال أنّه من بين الأحداث اللعينة الكثيرة التي نزلت بالعالم العربيّ، يبقى هذا الانقلاب ألْعَنَها بإطلاق. فهو الذي كانت له اليد الطولى في تأسيس الكوارث والهزائم اللاحقة وفي إشاعة السلوك والوعي الأمنيّين، كما في تدمير المجتمعات المدنيّة وما كان متوافراً من حرّيّات في السياسة والاجتماع والمهن والثقافة والتعبير.

وكان ما ضاعف قوّةَ السمّ في الانقلاب العسكريّ عاملان، داخليّ وخارجيّ. أمّا الداخليّ فهو البُعد الطائفيّ أو الإثنيّ الضامر الذي أقام في كثير من أعمال الاستيلاء العسكريّ على السلطة التي عرفتها بلدان ذات نسيج اجتماعيّ مُهَلهَل. وأمّا الخارجيّ فهو اقترانه بتمدّد سوفياتيّ بدأ في الخمسينات وتعدّى بلدان "الكتلة الاشتراكيّة" التي كانت قد ولدت قبل عقد واحد. هكذا علّم أبناءُ ستالين الأنظمة الانقلابيّة في العالم العربيّ فنوناً وتقنيّات في الرقابة والقمع، وفي مصادرة الحياتين العامّة والخاصّة، فضلاً عن نشر وعي حربيّ سببه أنّ بلدان الكتلة المذكورة لا تملك سوى السلاح سلعةً للتصدير الخارجيّ.

ولئن صحّ أنّ الأنظمة التي أطيحت لم تكن من الصنف الذي يُدافَع عنه دائماً، صحّ أيضاً أنّها لم تكن من الصنف الذي يسدّ باب المستقبل كلّيّاً ويصادر الحياة العامّة على النحو الذي يفعله النظام العسكريّ – الأمنيّ. إلى ذلك فالتركة الكولونياليّة البشعة، التي استمرّ بعضها فاعلاً، ومعها تنافس الدول الكبرى على مناطق النفوذ، تضامنا مع درجة التطوّر الاجتماعيّ في المستعمرات السابقة، ومع ضعف تقاليدها السياسيّة وكهولتها الثقافيّة، بحيث غدا من الصعب (إلاّ في التحليل التآمريّ) ردّ قصور الأنظمة المدنيّة إلى عامل خارجيّ أوحد.

ورغم حصول ما حصل، لا يزال معظم الفكر السياسيّ العربيّ يتعامل مع الانقلاب العسكريّ بكثير من الودّ، إن لم يكن التمجيد، فيما بعضٌ غير قليل من النقد الذي بات يوجَّه إليه يأتي مشوباً باللطف وبقدر من السخاء وتوفير الأعذار.

واليوم إذ تكرّ سبحة الانقلابات العسكريّة مجدّداً في القارّة الأفريقيّة، فينقلب على نظامه عسكر النيجر بعدما انقلب عسكر مالي وبوركينا فاسو، لا تزال أصوات عربيّة كثيرة تُهدي الأفارقة رسالة الانقلاب العسكريّ. وبدل تنبيههم إلى ما حلّ بنا من جرّاء هذا الانقلاب ذاته، ومناشدتهم أن لا يكرّروا تجربتنا المُرّة التي لم نتعافَ من آثارها حتّى اليوم، نرى بعضنا يحتفل، في 2023، بما سبق أن احتفل به انقلابيّونا قبل عشرات السنوات: كسر الخضوع والتبعيّة للغرب، بناء مستقبل وطنيّ مشرق، إحداث استقلال حقيقيّ، تصفية للطبقة الرجعيّة القديمة...، وغير ذلك من شعارات كثيراً ما اختبرها الواقع فتبدّت ترّهات قاتلة. وبدل تحذير الأفارقة من اصطباغ الانقلاب العسكريّ بمقدّمات إثنيّة وجهويّة مستترة، كما بتمدّد روسيّ ترمز إليه، هذه المرّة، ميليشيا فاغنر، إذا بهذا البعض منّا يهلّل لعلامات الأصالة والتحرّر التي تنطوي عليها المغامرات العسكريّة الأخيرة. أمّا الغرق في ثقافة الدم ومستنقعات الثأر والانتقام من رئيس سابق أو من معارضين للانقلاب فهو أيضاً سبب للاستبشار بمستقبل مضيء ينتظر الأفارقة ويحاكي المستقبل المضيء الذي غنمناه!

إنّ الرسالة الوحيدة التي تستحقّ الاحترام هي بالضبط ما يعاكس رسالة عفلق الشهيرة، أي أن نقول، نحن العرب، لسوانا: تعلّموا ممّا حلّ بنا حين استولت علينا أوهام كبرى كان أهمّها وهم امتلاكنا رسالة محمولة على جناح القوّة والعنف. وكم سيكون مفيداً أن يقال كلام كهذا لسبعين مليون أفريقيّ في البلدان الثلاثة، النيجر ومالي وبوركينا فاسو، يُساقون راهناً من أوضاع سيّئة لكنْ قابلة للتغيير والإصلاح التدريجيّين إلى أوضاع مطلقة السوء ومطلقة الانسداد في الوقت عينه.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب البعث النيجر النيجر أفريقيا الوطن العربي حزب البعث مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانقلاب العسکری ة التی

إقرأ أيضاً:

احذر: هجوم تصيّد ذكي يخدع Gmail.. ويهدد ملايين الحسابات حول العالم

صورة تعبيرية (مواقع)

في تطور مثير وصفه خبراء الأمن السيبراني بأنه "واحد من أخطر أساليب التصيّد الاحتيالي على الإطلاق"، نجح قراصنة في اختراق درع الثقة الذي تحتمي به رسائل Gmail، مستخدمين أدوات "جوجل" ذاتها لخداع المستخدمين وسرقة بياناتهم الشخصية.

 

اقرأ أيضاً طبق قاتل: هل الإندومي يحمل بذور السرطان في توابله؟ 23 أبريل، 2025 صفقة البحر الأحمر.. السفير الأمريكي يفجّر مفاجأة بشأن التسوية الشاملة في اليمن 23 أبريل، 2025

كيف بدأ الهجوم؟

العملية بدأت برسالة تصل من بريد يبدو حقيقيًا تمامًا:

[email protected]

الرسالة تتجاوز كل فلاتر الأمان وتظهر في صندوق الوارد دون تحذير، بل تُعرض ضمن نفس سلسلة المحادثات الرسمية التي تُرسلها Google عادةً!

 

خدعة "المرسل الموثوق":

وفقًا للخبير "نيك جونسون" من مشروع ENS، فإن الرسالة المزوّرة تستخدم توقيع DKIM الأصلي الخاص بجوجل، ما يجعل Gmail يعتقد أنها آمنة. الأسوأ؟ أن الرابط الموجود داخلها يقود المستخدم إلى موقع مزيف مستضاف على Google Sites – أي على نطاق رسمي من جوجل نفسها!

 

القراصنة يتقمصون هيئة قانونية:

الرسالة الاحتيالية توحي بأنها صادرة عن جهة قانونية، تطلب من المستخدم "الاطلاع على مستندات قضية عاجلة" عبر رابط يبدو رسميًا. عند الضغط، يُنقل الضحية إلى صفحة مقلّدة بشكل احترافي لواجهة الدعم الفني في Google، تطلب تسجيل الدخول أو تحميل ملفات... وهنا يتم سرقة بياناته بالكامل.

 

لماذا هذا الهجوم خطير جدًا؟:

الرسالة تحمل توقيع DKIM حقيقي

تصل من عنوان حقيقي تابع لجوجل

تتجاوز جميع الفلاتر الأمنية

تُعرض وكأنها ردّ رسمي من Gmail نفسه!

 

جوجل تتحرك سريعًا... ولكن بعد فوات الأوان؟:

أكّدت جوجل أنها أغلقت المسار المُستغل في الهجوم، وأوصت المستخدمين باستخدام التحقق الثنائي و"مفاتيح المرور" لمنع الوقوع في الفخ. لكن ما زال الخبراء يحذّرون من أن الاعتماد على الثقة التلقائية في أسماء المرسلين بات غير كافٍ.

 

تكتيكات جديدة تظهر في الأفق:

هذا الهجوم ليس الوحيد. شركات أمنية رصدت ارتفاعًا حادًا في استخدام ملفات SVG – وهي ملفات صور تُخبّئ بداخلها شيفرات خبيثة بلغة JavaScript تؤدي لصفحات تسجيل دخول مزيّفة لمايكروسوفت وجوجل.

 

خلاصة صادمة:

رسالة من جوجل قد لا تكون من جوجل حقًا...

وفي عالم تتداخل فيه الثقة بالتكنولوجيا مع خُبث القراصنة، باتت النقرة الواحدة قد تكلّفك كل شيء.

مقالات مشابهة

  • حسام موافى ينصح أحد الشباب بهذا الأمر قبل الإقبال على الزواج..ماذا قال؟
  • حسام موافى ينصح شابا يحب فتاة ويعلم أنها لن تنجب .. ماذا قال؟
  • روسيا: مستعدون لإبرام اتفاق لحل النزاع العسكري مع أوكرانيا
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • احذر: هجوم تصيّد ذكي يخدع Gmail.. ويهدد ملايين الحسابات حول العالم
  • أزمة داخل مجلس ممثلي اليهود في بريطانيا بسبب رسالة تنتقد العدوان على غزة
  • رسالة أخيرة من أم تحتضر تكشف هوية قاتلها
  • هجوم يستهدف 1.8 مليار مستخدم لـ"جيميل"
  • هيئة يهودية بريطانية تفتح تحقيقا في رسالة تنتقد الحرب على غزة
  • ما أسباب وتداعيات محاولات الانقلاب المتكررة في بوركينافاسو؟