تطور ملموس في المنظومة القضائية لتحقيق العدالة ومواكبة التغيرات العالمية
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
◄ خطة استراتيجية لتوطين أفضل الممارسات العالمية في القضاء والتحكيم
◄ تطوير التشريعات والإجراءات القضائية ومواءمتها مع تقنيات المستقبل
◄ تداول 156 ألف دعوى قضائية خلال 2023
◄ تطوير الخدمات القضائية والعدلية واستحداث نظام المحاكمات المرئية عن بُعد
◄ إتاحة خيار الدفع الإلكتروني لطلبات التنفيذ بالمحاكم
◄ مواصلة العمل على مشروع بحيرة البيانات الرقمية
مسقط- الرؤية
أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي بمناسبة الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023: أن "مرفق القضاء يعد ركنًا أساسيًا من أركان الدولة، فقد حرصنا على تطوير منظومته، وتعزيزها بالقدرات البشرية، وهو يحظى باهتمامنا، كي يؤدي دوره الحيوي المنوط به، في تحقيق العدالة الناجزة، بكفاءةٍ واقتدار".
ومن هذا المنطلق والاهتمام السامي فإن مرفق القضاء يأخذ موقعه كأحد المكونات الأساسية الفاعلة لتحقيق رؤية عمان 2040، والتي جاءت بين أولوياتها أولوية التشريع والقضاء والرقابة الهادفة إلى بناء منظومة عدلية وقضائية متطورة ومرنة تكون مواكبة للمتغيرات العالمية.
ولقد حرص المجلس الأعلى للقضاء منذ إنشائه بالمرسوم السلطاني 35/2022على عاتقه زمام بناء نظام قضائي مستقل وفعال ناجز محوكم يحقق أعلى معايير العدالة والنزاهة والشفافية، ويعزز ثقة المجتمع والمستثمرين في القضاء، وإحداث نقلة نوعية لإجراءات التقاضي باستخدام تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بقدرات بشرية كفؤة تعمل في بيئة عمل نزيهة ومحفزة وقادرة على قيادة المنظومة القضائية باقتدار نحو العالمية.
الخطة الإستراتيجية 2024-2040
ولتأسيس مرحلة جديدة من مراحل التطوير والبناء من مراحل القضاء العماني واستشراف المستقبل، وتفعيل النهج الإستراتيجي دشن المجلس الأعلى للقضاء أول خطة استراتيجية للقضاء العماني لتكون خارطة طريق وإطارًا مرجعيًا يحدد أولوياته، ويؤطر خططه التشغيلية وبرامجه التنفيذية لتتواءم مع أهداف رؤية عمان 2040، وتسعى الخطة الإستراتيجية للمجلس الأعلى للقضاء 2024-2040 إلى توطين أفضل الممارسات العالمية في مجال القضاء والتحكيم، والسرعة في إنجاز المعاملات القضائية، والارتقاء بتصنيف القضاة العمانيين ضمن أفضل مراتب القضاة على المستوى الدولي، وتعزيز سيادة القانون في أوساط المجتمع، وتحقيق الأمان المجتمعي، ولتصنف سلطنة عمان على أنها ضمن أفضل دول العالم في مجال تطبيق معايير سيادة القانون، ولتكون سلطنة عمان مركزًا دوليًا للوسائل البديلة للقضاء.
وتستهدف الخطة الإستراتيجية مرفق القضاء والعدالة من خلال عدة مشاريع متكاملة كتطوير التشريعات والإجراءات القضائية ومواءمتها مع تقنيات المستقبل والذكاء الاصطناعي كالمحاكمات المرئية والتوثيق الإلكتروني، والتوجه نحو إيجاد قضاء متخصص ، والتوسع في مجلات القضاء البديل كالتهيئة القانونية للدعاوى والتحكيم، وتنظيم أعمال الخبرة لتواكب سرعة الفصل في الدعاوى.
وشهدتْ محاكم سلطنة عُمان خلال عام 2023 تداوُل 156 ألف دعوى قضائية، بزيادة تصل أكثر من 21 ألف دعوى مقارنة مع عام 2022، وتوزعت الدعاوى القضائية على 59 محكمة، مقسمةً على 45 محكمة ابتدائية، و13 محكمة استئناف، ومحكمة عليا واحدة، وبلغ عدد الطعون المتداولة في المحكمة العليا أكثر من 9 آلاف طعن ودعوى خلال العام 2023 وحكم في أكثر من 7 آلاف طعن بنسبة فصل بلغت 67% ، بينما تداولت محاكم الاستئناف خلال عام 2023 أكثر 50 ألف دعوى بزيادة أكثر من 17% عن عام 2022 الذي سجل أكثر 42 ألف دعوى، وبلغت نسبة الفصل بمحاكم الاستئناف في عام 2023 حوالي 60% وكان لمحافظة مسقط النصيب الأكبر منها بعدد يبلغ أكثر من 14 ألف دعوى، بينما شهدت محاكم عمان الابتدائية في العام ذاته تداول أكثر من 97 ألف دعوى ونسبة فصل 71% ، وفي الجانب الآخر بلغ عدد القضاة والقضاة المساعدين بالمجلس الأعلى للقضاء 351 قاضيًا، ويشكل القضاة العمانيون النسبة الأكبر، وأما في قطاع الكاتب العدل فتم إصدار أكثر من 269 ألف معاملة في عام 2023.
واستكمالاً لجهود المجلس الأعلى للقضاء لتحسين كفاءة الخدمات العدلية والقضائية بالمحاكم ودوائر الكاتب بالعدل، وكجزء من خطته في استخدام التقنيات الحديثة في تحسين خدمة المستفيدين وتقديم خدمات أفضل وأكثر فعالية، يتجه المجلس في إنجاز الوكالات بكافة أنواعها عن بُعد، عبر منصة توثيق الرقمية لخدمات الكاتب بالعدل والتي تتيح لكافة المستفيدين إنجاز معاملات الوكالات بسرعة وكفاءة دون الحاجة إلى مراجعة دائرة الكاتب بالعدل.
ويعكف المجلس كذلك على إحداث نقلة نوعية في إجراءات التقاضي من خلال استحداث نظام المحاكمات المرئية عن بُعد الذي يقوم على أساس تقني متطور يسمح للمتقاضين بحضور الجلسات من أي مكان في العالم دون الحاجة لزيارة المحكمة، وذلك عبر الاتصال المرئي المباشر الذي يسهم في اختزال الوقت والجهد والتكلفة، ويقلل أمد التقاضي ويسرع إجراءات البت في الدعاوى.
وانطلاقًا من جهود المجلس الأعلى للقضاء في تحسين جودة الخدمات وتقريب التقاضي والسرعة في تنفيذ الأحكام وحرصًا منه على تعزيز الشفافية والرقابة وتحسين تجربة المراجعين عبر تقليل الازدحام عند أقسام التنفيذ، أصبح الآن خيار الدفع الإلكتروني لطلبات التنفيذ بالمحاكم متاحًا على مدار الساعة عبر أجهزة الدفع الإلكترونية المتوفرة في مجمعات المحاكم والمراكز التجارية والمنافذ الحدودية، أو عبر تطبيق الهاتف لدفع المستحقات أو رفع الحجوزات بشكل مباشر .
ويعمل المجلس حاليا على مشروع بحيرة البيانات الرقمية كركيزة مهمة لتوظيف تقنيات المستقبل ومشاريع الذكاء الاصطناعي لتحسين الإجراءات القضائية والعدلية، وتنفيذًا لخطة التحول الرقمي الشامل للخدمات الحكومية الذي سيعمل على تحويل جميع الوثائق والمستندات الورقية إلى وثائق ومستندات رقمية بهدف تحسين إدارة المستندات والوثائق وتوفير الوقت والجهد في البحث عن المعلومات كالأحكام القضائية والصكوك والقرارات والإقرارات، حيث سيوفر المشروع بيئة معلوماتية متكاملة لمختلف شرائح المنظومة القضائية والعدلية كالقضاة والكتاب بالعدل والباحثين القانونيين والمحامين، كما سيستفيد أفراد المجتمع من خلال ميزة الذكاء الاصطناعي المدمجة في المشروع من خلال تقديم المعلومات القانونية بطريقة سريعة ودقيقة.
إن إقامة دولة يسودها العدل والقانون والمساواة هي إحدى اللبنات الأساسية الأولى التي قامت عليها سلطنة عمان الحديثة، فضمان استقلال القضاء كان نهجًا تاريخيًا على مر العصور، وإرثًا أصيلًا متوارثًا استمدته القيادة الحكيمة والنهضة المتجددة بقيادة حضرة صحاب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العدالة .. ركيزة الاستقرار والتنمية
لا يمكن تصور أي استقرار في أي مكان بمعزل عن العدل، والعدل هو أساس الحكم، وأحد أهم أسس بقاء الدول ورخائها يتمثل في العدل إن لم يكن هو السبب الأساسي وما يأتي بعده هو نتيجة عنه.
وقد جاء تأكيد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - على أهمية تحقيق العدالة الناجزة وترسيخ سيادة القانون خلال ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للقضاء ليجدد التزام عُمان بمبدأ العدالة بوصفه أساسا لكل تقدم وازدهار.
إن التوجيهات السامية بتحديث منظومة العدالة بما يتواكب مع متطلبات العصر، وتسريع إجراءات التقاضي، وتطوير البنية الرقمية للقطاع القضائي، تعكس «رؤية عُمان 2040» التي تسعى إلى بناء دولة مؤسسات حديثة، يكون فيها القضاء المستقل والعادل ضمانة لحماية الحقوق وتحقيق التنمية. فالعدالة ضرورة تمس حياة الأفراد والمؤسسات، وتؤثر بشكل مباشر في تعزيز الثقة بالدولة، وجذب الاستثمارات، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وأثبتت تجارب الدول المختلفة أن لا تقدم في أي مجتمع دون قضاء قوي ومستقل يضمن حماية الحقوق، ويسهم في تحقيق التوازن بين مختلف المكونات داخل إطار الدولة.. لذا، فإن إشادة جلالة السلطان بالتطور الذي شهده مرفق القضاء في عُمان، وملامسته لتطلعات المواطنين والمقيمين والمستثمرين، تؤكد أن العدالة من شأنها أن تؤثر على كل حراك في الدولة بما في ذلك الاستثمار وبناء الصورة الذهنية الدولية عن أي دولة فكلما كانت الدولة عادلة مع شعبها ومع المقيمين فيها وملتزمة بما تلزم نفسها به كانت صورتها أكثر نصاعة وتستطيع جلب استثمارات دولية كبرى.
لقد أكد جلالة السلطان - أبقاه الله - على ضرورة تسريع إجراءات التقاضي وتقليل المدد الزمنية للفصل في القضايا، وهي خطوة ضرورية لضمان عدم تعطيل حقوق الأفراد والمؤسسات، لذلك فإن تطوير البنية الرقمية في القطاع القضائي يعزز من كفاءة الأداء، ويسهم في تقديم خدمات عدلية أكثر فاعلية وشفافية.
وفي خطوة أخرى تعكس الرؤية المستقبلية لجلالة السلطان المعظم، جاءت التوجيهات السامية باستكمال إجراءات إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، التي ستكون إضافة نوعية للنظام القضائي العُماني. فوجود قضاء متخصص في النزاعات التجارية والاستثمارية يعزز من ثقة المستثمرين، ويسهم في إيجاد بيئة استثمارية جاذبة تضمن حقوق الأطراف كافة، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
إن اهتمام جلالة السلطان بتكثيف برامج التدريب والتأهيل للقضاة وأعضاء الادعاء العام يعكس إدراكه لأهمية بناء كفاءات قضائية قادرة على مواكبة التطورات القانونية والتكنولوجية. فالعدالة لا تُحقق فقط عبر القوانين، بل أيضًا من خلال قضاة مؤهلين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة.
إن تأكيد جلالة السلطان المعظم على استقلالية القضاء، ودعمه الكامل لترسيخ سيادة القانون رسالة واضحة تعيد تأكيد أن العدالة في عُمان منهج حكم وأساس للتنمية والاستقرار.