أضاء عالم الكوميديا بطلته العفوية وابتسامته التي لا تُنسى، فمنذ اللحظة التي يظهر فيها على الشاشة يرسم البسمة على وجه الجمهور قبل أن ينطق بأي كلمة، إنّه الفنان عبد المنعم إبراهيم، الذي رغم لعبه لأدوار الرجل الثاني، استطاع أن يصبح أحد أبرز نجوم الكوميديا في تاريخ السينما المصرية.

ومع مرور 37 عامًا على رحيله، لا يزال إرثه الفني حيًا في قلوب محبيه.

. وخلف هذه البسمة الساحرة، كانت هناك حياة مليئة بالتحديات والمواقف المأساوية، عاشها بروح قوية وعزيمة لا تلين.

أسرار في حياة عبد المنعم إبراهيم 

على الرغم من بشاشة وجهه ونشر روح الدعابة والكوميديا في السينما المصرية، فإنّ حياة الراحل عبدالمنعم إبراهيم كان لها وجهًا مأساويًا، إذ قام خلال حياته بتربية 14 ابنا منهم أولاده وآخرين أبناء إحدى زوجاته وغيرهم أبناء شقيقته، فكان مسؤولًا عن رعاية جميع الصغار، حسبما كشفت ابنته في لقاء تلفزيوني سابق.

وقالت «سمية»، ابنة الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم، إن حياة والدها كانت سهلة للغاية وبعيدة تمامًا عن التعقيد، وعلى الرغم من عيشه صدمات كبيرة إلا أنه تغلب عليها بقوة.

محطات في حياة عبد المنعم إبراهيم 

وُلد عبد المنعم إبراهيم محمد حسن الدُغبشي الذي ترجع أصوله لقرية ميت بدر حلاوة بالغربية، في مدينة بني سويف، وحصل على دبلومة المدارس الصناعية ببولاق، وعمل بإحدى ورش الميكانيا، قبل أن يتم اكتشاف موهبته التمثيلية التي تقلب حياته رأسًا على عقب.

بعد اكتشاف موهبته، اتجه عبد المنعم إبراهيم للدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ومن ثم تخرج فيه حاصلا على درجة البكالوريوس في عام 1949، وسرعان ما انضم إلى فرقة المسرح الحديث على يد أستاذه في المعهد الفنان الراحل زكي طليمات.

ترك المسرح والاتجاه للسينما 

بعد تألقه في المسرح والمشاركة في العشرات من المسرحيات حتى عام 1955، انضم عبدالمنعم إبراهيم إلى فرقة إسماعيل ياسين، وبعد ذلك تألق في السينما المصرية في عشرات الأدوار المساعدة، لكن يبقى دوره الأهم في بطولته لفيلم «سر طاقية الإخفاء» الذي كان سببًا في لقبه فيما بعد بـ«عصفور السينما المصرية».

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عبد المنعم إبراهيم ذكرى عبد المنعم إبراهيم وفاة عبد المنعم إبراهيم سر طاقية الإخفاء عبد المنعم إبراهیم السینما المصریة

إقرأ أيضاً:

عبد المنعم قناوي.. سيرة بطل مصريٍّ أجهض خططًا معادية وحظى بـ«تكريم رئاسي»

عبد المنعم قناوي، اسم قد لا يتردد كثيرًا في الإعلام، لكنه محفورٌ في الوجدان.. شريكٌ في ذاكرة معارك كبرى خاضتها مصر، صاغت الشجاعة ملامحه، لكن بعض قصص البطولات ومحطاتها المتألقة في الميدان قد تتحول إلى ذكريات باهتة في زوايا النسيان.

من يعرفه سيقول على الفور، ودون تردد: «يا ريت أكون زيه.. ده الشرف كله».. ومن يجهله، لأن مفهوم «البطولة» فقد جزءًا كبيرًا من معناه في زمن الولاءات العابرة للحدود، سيقول بحيرة: «مين، عبد المنعم قناوي»؟!

الشريحة الأخيرة، يجب أن تقرأ عن مصريٍّ قلبه حديد.. نسج عالمه الخاص وسط آتون المعارك وصوت الطلقات.. أفعاله بطولات.. أنشطته الميدانية أجهضت خططًا معادية، ثم بعد صولات وجولات، عاش مواطنًا عاديًا في السويس حتى الممات.

رحلة عبد المنعم قناوي حتى وفاته، مؤخرًا، كانت استثنائية.. عنوانًا لمجتمع يعتز بالقيم والتقاليد، وترجمة عملية لروح شعبنا المصري العظيم، الذي يؤمن بأن للأرض قدسية، وأن حمايتها فرض عين على كل الفئات، مهما كانت التحديات والتضحيات.

كان لحرب «الألف يوم- الاستنزاف»، منذ يوليو 1967م، وقعٌ خاصٌّ في حياة عبد المنعم قناوي.. حياة داخل الحياة.. ذكريات شخصية ووطنية. نفّذ مهام نوعية ضد إسرائيل، ليلاً ونهارًا، حتى عام 1970م، ثم واصلها قبل وبعد حرب أكتوبر 1973م.

يشغلني سؤال: ما الذي جعله يندفع إلى قلب الخطر، في سن الـ22 عامًا، وهو يدرك أنه قد لا يعود؟ هل فطرة البطولة؟ أم ظروف قاسية صنعت منه مقاتلاً شرسًا؟ أين النماذج المشابهة، الآن، التي تؤازر المؤسسات في الدفاع عن الأرض، والعِرض؟

عاش عبد المنعم قناوي 86 عامًا، تخللتها مغامراتٌ ومغارات.. كهوفٌ ومطاردات.. إخفاقاتٌ وانتصارات، لكنه مات على سريرٍ بأحد المستشفيات، مؤمنًا بأن الروح لا يأخذها إلا خالقها، وأنه رغم جبروت العدو وأجهزته وأدواته، فالنصر ينحاز لمصر.

وحدهما: التقدم في العمر وسطوة المرض، انتصرا على عبد المنعم قناوي.. هاجمته أزمة صحية طارئة قبل شهور من رحيله- لم تكن كما سبقها منذ 2009م- تنقل بين مجمع السويس الطبي وأحد مستشفيات القاهرة، تخللتها فترة شفاء عابرة.

لكن لأن القدر قال كلمته، فقد تدهورت حالته الصحية.. مضاعفات القدم السكري- التهابات خطيرة، وضعف التئام الجروح نتيجة ضعف الدورة الدموية- وأوجاعٌ أخرى تغلبت على جسد «الفدائي» صاحب السيرة والمسيرة.. رحل.

تذكير رئاسي

مسيرة عبد المنعم قناوي تطرح سؤالاً آخر: كيف تتعامل الدولة مع هذه الشريحة بعد انتهاء مهامها؟ (كان في الحرب مليون مقاتل) هل تُطوى صفحاتهم بمجرد انتهاء المهام والعمليات؟ هل أنصفناه وغيره؟ أم أننا سلطنا الأضواء على أسماءٍ بعينها؟

ليس سرًّا أن كثيرين ممن قدّموا أرواحهم على أكفّهم وجدوا أنفسهم بعد انتهاء المعارك في زوايا التهميش، كأنهم لم يكونوا يومًا خط الدفاع الأول عن الوطن. لسنواتٍ كان الحال كذلك، إلى أن جاء زمن التكريم بأثرٍ رجعي.

كانت رسالة بالغة الدلالة، يوم 25 أبريل 2017م، (الذكرى الـ44 للنصر).. الرئيس عبد الفتاح السيسي يقف مُرحبًا بالبطل عبد المنعم قناوي.. يصافحه بودٍّ وتقدير، خلال مؤتمر الشباب بالإسماعيلية.. كان التقدير متبادلاً.

رئيس الجمهورية يحتفي بـ«الفدائي».. يؤكد له خلال حديثٍ سريع أن «البطولات لا تسقط بالتقادم».. في المقابل، يقف عبد المنعم قناوي أمام قائدٍ أنقذ مصر وشعبها من مصيرٍ كارثي، قبل سنوات، عندما توحشت جماعات الإرهاب وتحالف الشر.

الإرهاب دق باب عبد المنعم قناوي شخصيًا.. نجله كان أحد الضحايا، تعرض لبترٍ في إحدى قدميه، نتيجة إصابته في تفجيرات ضربت منطقة شرم الشيخ، بجنوب سيناء، خلال تسعينيات القرن الماضي.

كان تكريم عبد المنعم قناوي «تذكيرًا رئاسيًا» بمحطاتٍ مهمة في حياة «الفدائي».. أليس هو من أنقذ مقر قيادة الجيش الثالث الميداني، ثاني أكبر تشكيل قتالي تعبوي في الشرق الأوسط، من التدمير خلال حرب أكتوبر؟!

مهام نوعية

منذ 14 سبتمبر 1973 (قبل 22 يومًا من الحرب)، كانت مهمته استطلاع تحركات إسرائيل لتحديث المعلومات العسكرية المصرية. رصد ما يحدث في الطرق والخطوط الخلفية التعبوية للعدو، ووثق خريطة الدعم قبل العبور العظيم في 6 أكتوبر.

أنجز مهمته، قبل أن يعود بطريقة مثيرة في 14 أكتوبر 1973م، لكنه اختير مجددًا لمهام استطلاع اعتبارًا من 19 أكتوبر، ليستمر في مهمته حتى 29 يناير 1974م. ولطبيعة العملية، لم يكن يحمل سلاحًا، بل مجرد آلة تصوير!

كان يحمل نظارة ميدان وجهاز لاسلكي يزن نحو 20 كيلوجرامًا. طوال حصار السويس (25 أكتوبر 1973م- 2 فبراير 1974م)، ظل عبد المنعم قناوي كامِنًا أعلى جبل عتاقة بالسويس، مستغلاً وعورة الطبيعة للبقاء حيًّا، وتنفيذ المهمة.

استفاد من موهبته في التصوير، إذ كان يمتلك محلاً متخصصًا، وكانت معظم صور أهل المدينة الباسلة ممهورة بتوقيعه على ظهرها. كما استفاد من مهارته في الرماية، التي برزت بقوة خلال البطولات التي شارك فيها أثناء دراسته وبعدها.

فوق جبل عتاقة، كان عبد المنعم قناوي وجهًا لوجه مع الموت.. في إحدى المرات، بادرت خمس طائرات هليكوبتر إسرائيلية بفتح رشاشاتها، النصف بوصة، على مخبئه، لكن صخور الجبل انتصرت لابن مدينتها، فكتبت له النجاة بأعجوبة.

في طريقه إلى قيادة الجيش الثالث الميداني، لاحظ أن إسرائيل لديها نقطة مراقبة متقدمة قريبة، وعندما وصل إلى مكتب قائد الجيش، اللواء أركان حرب عبد المنعم واصل، وتأكدت المعلومات، تم تنفيذ إجراء استباقي سريع لإنقاذ الموقف.

كان الجنرال الراحل عبد المنعم واصل ثعلبًا عسكريًا.. اختياره لقيادة الجيش الثالث الميداني خلال حرب أكتوبر كان له ما يدعمه. خلال العدوان العسكري الإسرائيلي عام 1967م، كان برتبة عميد.

كان يقود أحد اللواءات المدرعة وسط سيناء، ورفض الاستسلام للعدوان.. أدار معركة قوية كبدت القوات الإسرائيلية- باعترافهم- حوالي 47 دبابة، و6 عربات مجنزرة، قبل أن يشارك لاحقًا في إعادة بناء القوات المسلحة، وتحقيق نصر أكتوبر.

سألت عبد المنعم قناوي، قبل سنوات من وفاته، عما حدث حينها، فقال: «كنت أقوم باستطلاع تحركات القوات المعادية، كمصدر لتدفق المعلومات العسكرية وتحديثها.. لاحظت عملية الرصد الإسرائيلي لمقر قيادة الجيش».

كان يشعر بسعادة بالغة، وهو يقول: «بمجرد وصول معلوماتي عن الاستهداف المرتقب، بادر قائد الجيش الثالث بتطبيق خطة التحرك الاحتياطية، التي لا تقل أهمية عن الخطط الأساسية.. تم نقل مقر القيادة إلى موقع تبادلي، ففشلت مهمة إسرائيل في قصفه».

نعم.. فدائيون

خلال حرب الاستنزاف (1967م-1970م) كان عبد المنعم قناوي يتقدم المتطوعين لحماية المنشآت الحيوية، وحراستها في السويس ومحيطها.. وقع عليه الاختيار لمساعدة القوات المسلحة. متطوعون مميزون التحقوا بمنظمة «سيناء العربية»، وكان أحدهم.

خضع الفدائيون لتدريبات مكثفة: استخدام الألغام، والمتفجرات، والقنابل، ومهارات القتال المتلاحم.. تلقى الفدائيون تدريبات متنوعة على أيدي خبراء من المخابرات، وقوات الصاعقة، والمهندسين العسكريين، وغيرهم.

منحتهم التدريبات مهارات قتالية واستخباراتية متقدمة.. كانت معظم العمليات على الضفة الشرقية لقناة السويس. قدمت القبائل السيناوية دعمًا لوجستيًا بالغ الأهمية لأبطال منظمة «سيناء العربية»، بعدما وفّرت لهم الإيواء، والإسناد، والإعاشة.

تعددت مهام أبطال المنظمة: العمل خلف خطوط العدو، الحصول على معلومات ذات طبيعة خاصة، وتنفيذ عمليات أخرى.. كانت المنظمة إحدى أذرع المقاومة المسلحة، وأُسست تحت إشراف مدير المخابرات الحربية الراحل اللواء محمد أحمد صادق.

اضطلعت عناصر المنظمة بتنفيذ عمليات الاستطلاع، وتصوير المواقع الإسرائيلية، وتدمير المنشآت العسكرية والأمنية، وزرع الألغام لتعطيل التحركات المعادية. لعب عبد المنعم قناوي دورًا بارزًا ضمن عمليات المنظمة ضد العدو.

ضمت المنظمة تشكيلاً خاصًّا من وحدة عسكرية إلى جانب مجموعة من الفدائيين المدنيين الذين تلقوا تدريباتهم على أيدي ضباط المخابرات الحربية. المجاهد محمد محمود اليماني كان من الكوادر العسكرية ذات الدور المحوري في استقطاب أبناء سيناء.

نجح اليماني في تنسيق التعاون مع المخابرات المصرية لتعزيز عمليات عناصر الاستطلاع.. تشكلت منظمة «سيناء العربية/ جمعية مجاهدي سيناء، لاحقًا»، التي انضم للعمل تحت مظلتها عبد المنعم قناوي.

شارك فدائيو المنظمة في عمليات قتالية إلى جانب القوات المسلحة خلال المحطات البطولية لحرب الاستنزاف، جنبًا إلى جنب مع المجموعة 39 قتال بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي.. نفذوا مهام نوعية ناجحة.

خلال إدارة عمليات المنظمة عبر مكتب مخابرات جنوب القناة، يظل اسم اللواء الراحل فتحي عباس (عقيد أثناء الحرب) حاضرًا في الإشراف، خاصة معارك حصار السويس.. كانت العناصر هدفًا رئيسيًا للقيادة العسكرية الإسرائيلية بعدما أحرجوها ميدانيًا.

حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت اندلاع حرب أكتوبر، واصلت عناصر المنظمة تنفيذ مهامها الحيوية.. تمكنت من جمع معلومات دقيقة حول تحركات القوات الإسرائيلية، ونقل الموقف الميداني بشكل لحظي.

كانت تلك الجهود تتم بالتوازي مع عمليات الاستطلاع الجوي، والاستطلاع اللاسلكي المصري، الذي نجح في اختراق شبكات الاتصالات الإسرائيلية، مما أسهم في رسم صورة واضحة لتحركات العدو قبل بدء المعركة.

لقب شعبي

حصل عبد المنعم قناوي على لقب شعبي.. ظل يُوصف حتى الرمق الأخير بـ«صقر السويس».. تشهد كهوف ومغارات الجبال، من سيناء إلى عتاقة بالسويس، كيف كان من أهل الثغور، وكيف شارك في تحويل الظلام إلى نور.

أهل «الثغور» هم الحُراس المرابطون على حدود البلاد، الذين يفنون أعمارهم في صدّ الغزاة، وتأمين الثغور من أي اعتداء خارجي.. يعيشون في مواجهة دائمة مع الخطر، متسلحين بالصبر والقوة، لا تُلهيهم زخارف الدنيا عن واجبهم المقدس.

يرسلون الإشارات الأولى عند اقتراب العدو.. حياتهم ليست مجرد قتال، بل مزيج من العبادة والرباط.. مجاهدون يقدّرون قيمة أوطانهم، تتعلق قلوبهم بالله، فتصبح ساحات القتال محرابًا، وكلهم مستعدون للتضحية والفداء.. هكذا كان عبد المنعم قناوي.

خلال حصار السويس في أكتوبر 1973م، جمعت القوات الإسرائيلية بين الغارات الجوية والعمليات النفسية لإجبار الأهالي البواسل على الاستسلام: قطعوا المياه، والكهرباء، والاتصالات، ومنعوا الإمدادات الغذائية والطبية، لكن الصمود حوّل الحصار إلى ملحمة.

كانت هذه الأجواء حاضرة خلال تشييع الآلاف من أهالي السويس لجثمان الفدائي عبد المنعم قناوي إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة، بالروض الجديد- على طريق القاهرة السويس- تظلّلها مشاعر الفخر، وهي تحمل جثمانًا نحيلًا لبطل عظيم.

أسلوب حياة

بين مولده في 21 فبراير 1945م، في السويس وحتى وفاته مطلع فبراير الجاري، جسّد عبد المنعم قناوي الشجاعة والنضال، لكنه اختار أن يعيش كمواطن عادي، رغم أنه كان أحد أسباب بقاء الوطن حصنًا منيعًا لا يُخترق.

انطلق شابًا في ميادين الجهاد الوطني، مؤازرًا للقوات المسلحة التي رأت فيه طاقة استثنائية، فعملت على صقل مهاراته.. كان يرى في الدفاع عن الأرض أسمى أشكال الإخلاص، ولم يتراجع يومًا عن أداء واجبه.

كل محطة في حياته كانت اختبارًا للإرادة، جمع بين الجرأة والحكمة.. أتقن فن اتخاذ القرار في اللحظات المصيرية.. صنعته التجربة العملية والعطاء الإنساني، فكان نموذجًا نادرًا للصمود والتضحية.

لم تتوقف عظمته عند ساحات القتال، بل امتدت إلى فلسفة حياته بعد الحرب، حيث عاد إلى مجتمعه متواضعًا، بعيدًا عن الأضواء، مؤمنًا بأن البطولة ليست في البحث عن المجد، بل في أن تعود الحياة إلى طبيعتها من جديد.

حتى وفاته، ظل عبد المنعم قناوي نموذجًا للنضال الحقيقي في كل تفاصيل الحياة، مؤكدًا أن الوطنية ليست لحظة عابرة، بل روح نابضة في كل قلب يتوق إلى الكرامة والحرية.. كان يرى أن الحفاظ على مصر قمة المسئولية.

كان يحث الشباب على الوعي بتاريخهم، والاقتداء بمن ضحوا من أجلها.. كانت رسائله واضحة: تفاءلوا، تسلحوا بالأمل، احذروا الشائعات، اجتهدوا في العمل، وسيروا على الطريق الصحيح لاستكمال مسيرة البناء والتنمية.

الجيل الحالي يواجه معارك أخرى، ليست على خط النار فقط، بل في ميادين كالاقتصاد والتكنولوجيا، والصراع من أجل البقاء وسط تعقيدات العصر، لكن هل يملك هذا الجيل نفس الاستعداد للتضحية؟ أم أن البطولة الفردية تتقدم على الإيثار الجماعي؟

عند الحديث عن أبطالٍ كعبد المنعم قناوي، نصبح بحاجةٍ إلى إعادة تعريف البطولة.. هل ترتبط بالسلاح وحده؟ أم أن التضحية اليوم يمكن أن تأخذ أشكالًا أخرى؟ ثم إذا لم تحتفِ الشعوبُ بأبطالها، وتحفظ لهم مكانتهم، فهل تجد نفسها يومًا بلا أبطال؟!

أخيرًا، قولوا لأطفالكم، أو أحفادكم المبهورين بـ«سوبر مان، وباتمان»: البطولات الحقيقية تتم في ظروف صعبة، وبأدوات بسيطة، وإرادة كبيرة، وليست عبر الإنتاج التلفزيوني الضخم لتسويق بطولات وهمية.. رحم الله الفدائي، عبد المنعم قناوي.

مقالات مشابهة

  • تامر عبدالمنعم وعلي الحجار في البروفات النهائية لحفل عيد الحب
  • «مرصد الأزهر» يُحذر من زواج الإنترنت: ظاهرة متزايدة تحمل مخاطر خداع واستغلال
  • محمود الجارحي يكتب: سفاح المعمورة الوجه الآخر لسفاح الجيزة
  • إيرادات السينما المصرية.. أحمد مالك ينافس بقوة ومنة شلبي تقترب من 3 آلاف جنيه
  • ارجع مصر.. أحمد شوبير يوجه نصيحة لـ محمد عبد المنعم
  • 48 ساعة .. عبد المنعم سعيد: ترامب لم يتحدث عن التهجير لانشغاله بالأزمات الداخلية
  • والدته جالها شلل بسببه … حكايات عن باشا السينما المصرية زكي بيه رستم
  • رئيس «نداء مصر»: الخطة المصرية لإعمار غزة توفر حياة كريمة للشعب الفلسطيني
  • خد شنطك وروح .. رسالة مثيرة من شوبير لنجم الأهلي السابق
  • عبد المنعم قناوي.. سيرة بطل مصريٍّ أجهض خططًا معادية وحظى بـ«تكريم رئاسي»