مؤشرات وحوادث ومخاوف .. هل يمكن تكرار زلزال ذمار المدمر؟ (تقرير)
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
في ظهيرة يوم الاثنين، 13 ديسمبر العام 1982م شهدت اليمن زلزالًا مدمرًا هز أرجاء محافظة ذمار - 100 كم جنوب العاصمة صنعاء - في بضع ثوانٍ، انهارت منازل ومباني وتحولت بعض الأحياء إلى أنقاض، تاركة وراءها مشهدًا مأساويًا لا يُنسى.
بلغت قوة زلزال ذمار نحو (6) درجات على مقياس ريختر، ما أسفر عن وفاة أكثر من 2800 شخص، وإصابة الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف، وخلّفت الهزات الأرضية أضرارًا جسيمة طالت المباني والمنشآت العامة والخاصة، وأثرت بشكل كبير على الحياة اليومية لسكان المنطقة.
"كانت المنازل مهدمة، بعضها فوق بعض، وكان المشهد أشبه بيوم القيامة" يتذكر علي محمد رسام، تفاصيل ذلك اليوم قائلاً: كنت عائدًا إلى المنزل من متجر والدي بسوق الربوع وسط مدينة ذمار، وكنت في الشارع عندما بدأت الأرض تهتز من تحت قدمي، تبعها انهيار للمنازل والمتاجر، وكل ما هو قائم سقط وتهاوى".
أُصيب والده بجروح بعد انهيار سقف المتجر، إلا أن أسرته لم تصب بأضرار بالغة، فقد كان منزلهم من طابق واحد، وسقط جدار إحدى الغرف فقط. طالت الأضرار المنازل والمدارس والمساجد، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية، ما أثر على الحياة اليومية للسكان في ذمار ومحيطها لسنوات، حيث لم تكن المنطقة مهيأة لتحمل الزلازل.
مع كل خبر جديد عن الزلازل، تستعيد ذاكرة رسام ذلك الرعب والتشرد والخوف الذي عاشه، ويظل زلزال ذمار من أقوى الزلازل في تاريخ اليمن الحديث.
منذ عام 1982، تشهد اليمن سنويًا مئات الهزات الأرضية، ومعظمها غير محسوسة، لحدوثها في أعماق طبقات الأرض أو في أعناق البحار والمحيطات.
حوادث متكررة
وبحسب المهندس محمد حسين الحوثي، رئيس المركز الوطني لرصد ودراسة الزلازل والبراكين في ذمار، أن الزلازل ما زالت تحدث بين الفينة والأخرى في اليمن، نتيجة انفتاح خليج عدن والبحر الأحمر والأخدود الأفريقي، حيث تتحرك القشرة الأرضية بحوالي خمسة سنتيمترات سنويًا، ما يسبب نشاطًا زلزاليًا ملحوظًا في المنطقة.
وأضاف الحوثي في تصريحه لـ "الموقع بوست" إن اليمن يقع ضمن منطقة جيولوجية نشطة تتأثر بالحركات التكتونية، وهو ما يجعلها عرضة للهزات الأرضية المتفاوتة الشدة.
تأسس مركز رصد ودراسة الزلازل والبراكين بمحافظة ذمار عام 1990 لرصد وتحليل الهزات الأرضية ودراستها، لكنه تعرض للتدمير الشامل في مايو 2015 إثر غارات جوية لطائرات التحالف العربي بقيادة السعودية استهدفت المبنى، ما أدى إلى تدميره وفقدان بيانات قيّمة كانت تسهم في تحليل النشاط الزلزالي.
ويؤكد الحوثي أن المركز لا يقتصر دوره على رصد الزلازل، بل "يمتد إلى دراسة البراكين والموجات الزلزالية الناتجة عن انفجارات نووية أو شبه نووية". ففي عام 2015، رصد المركز موجات زلزالية ناجمة عن قنابل يُشتبه أنها نيوترونية استهدفت جبل نقم، وأُثبتت قوتها بما يعادل 3 درجات على مقياس ريختر، حسب وصفه.
استحالة التنبؤ
يؤكد الحوثي أنه من المستحيل تحديد موعد وقوع الزلازل بدقة، إذ لم يصل العلم إلى هذه القدرة بعد. ولكن يمكن للعلماء تقديم مؤشرات أولية واستراتيجيات للتخفيف من آثار الزلازل عبر بناء منشآت مقاومة وتقوية البنية التحتية وفق علوم حديثة ومتطورة. وأضاف: تساعد هذه الجهود في التخفيف من الأضرار، وإن كانت لا تمنع وقوع الزلازل.
الزلازل في ذمار
بين فترة وأخرى، تشهد محافظة ذمار نشاطًا زلزاليًا، وأبرزها كان سلسلة من الزلازل الأرضية في مديرية عتمة ومغرب عنس عام 2016، التي وصلت قوتها إلى نحو 3 درجات بمقياس ريختر، دون تسجيل ضحايا. ويرجع مركز دراسة الزلازل هذه الأنشطة التكتونية إلى "الحركات الأرضية الطبيعية الناتجة عن انفتاح خليج عدن والبحر الأحمر".
تاثير سد النهضة
أثارت تحليلات الحوثي فرضية تأثير سد النهضة الإثيوبي في زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة، مشيرًا إلى أن المياه المتجمعة في السد تُحدث ضغطًا على القشرة الأرضية. إلا أن الدكتور فهد الضلعي، رئيس قسم الجغرافيا بجامعة ذمار، يخالف هذا الرأي قائلًا: سد النهضة قد يسبب زلازل مستحثة، ولكن ليس له تأثير مباشر على النشاط الزلزالي في اليمن. موضحا أن السد – سد النهضة- يقع في منطقة غير نشطة زلزاليًا، وإذا زاد الضغط على الصدوع المجاورة، فقد يحدث زلازل خفيفة.
تشققات نجران
تحولت تصدعات صغيرة ظهرت منذ سنوات في مديرية جهران بمحافظة ذمار إلى شقوق عميقة تثير قلق السكان.
ويُرجع مركز الرصد الزلزالي سبب هذه الظاهرة إلى "الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية، الذي يؤدي إلى انخفاض التربة وتشقق الأرض". كما يسهم النشاط الزلزالي المستمر وانفتاح البحر الأحمر وخليج عدن في حدوث هذه التصدعات.
وأجرت الهيئة العامة للموارد المائية دراسة فنية أكدت فيها تأثير السيول والتشققات على منازل ومزارع مدينة معبر وبعض القرى المحيطة.
وبينت الدراسة أن "التشققات تؤدي إلى تسرب مياه الفيضانات والسيول إلى خزانات المياه الجوفية، مما يهدد جودة المياه ويثير المخاوف من تفاقم المشكلة وتأثيرها السلبي على الزراعة والحياة اليومية".
وفي الوقت الذي يزداد فيه القلق بين السكان من احتمالية تفاقم هذه التشققات وحدوث انهيارات أرضية، يستبعد المهندس الحوثي أن تكون هذه الشقوق مؤشرًا على زلزال وشيك.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: زلزال ذمار الزلازل في اليمن هزات أرضية النشاط الزلزالی سد النهضة
إقرأ أيضاً:
تقاعس حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن الاستعداد لزلزال مدمر رغم التحذيرات المتكررة
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، مقالا، للباحث الأول بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أريئيل هيمان، جاء فيه أنّ: "التقديرات الاسرائيلية بوقوع زلزال قوي ومدمر بالدولة باتت مسألة وقت، وأصبح السؤال الحقيقي ليس ما إذا كان سيحدث، بل متى وكيف، وهو سيناريو يتم الحديث به منذ 25 عامًا وأكثر".
وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أن: "وقوع زلزال قوي سيكون بمثابة كارثة من شأنها أن تعرض الأمن القومي لدولة الاحتلال للخطر بشكل كبير، وإن تعافيها من مثل هذا الحدث سوف يستغرق عقوداً من الزمن، إن لم يكن أكثر".
وأكد أنه: "رغم أن جميع الإسرائيليين، من رئيس الوزراء إلى آخر إسرائيلي، يفهمون خطورة هذه المسألة، لكن الدولة لا تفعل إلا القليل جداً حيالها، إن فعلت شيئاً على الإطلاق، لأنها لو استوعبت التهديد والخطر، لكان عليها أن تتعامل مع القضية بجدية".
"من خلال الإعداد، وتعزيز البنى، وإعداد الأنظمة المختلفة والسكان، لكن الحكومة مشغولة بالانقلاب القانوني، وليس لديها بعض الوقت للتعامل مع الاستعداد للزلازل" بحسب المقال نفسه الذي ترجمته "عربي21".
وأضاف أنه: "بعد الزلزال المميت في تركيا فبراير 2023، تقرر إعادة تشكيل اللجنة الوزارية لمواجهة الزلازل، وعقد اجتماع لها، وإجراء مناقشة حولها، ومرت ستة أشهر قبل انعقاد المناقشة التي تقرر فيها تشكيل لجنة من المدراء العامين برئاسة مدير عام وزارة الحرب لصياغة قرار مقترح بحلول نوفمبر 2023 يتضمن مناقشة خطة لتعزيز الهياكل، وتحديد الميزانيات، وآليات التنفيذ، وتقليص الفجوات في استعدادات الوزارات الحكومية والسلطات المحلية استعدادا للزلزال".
وكشف أن "اللجنة عملت مع كافة الأطراف، وأعدت مقترحاً للجنة الوزارية والحكومة، لكنها لم تجتمع حتى اليوم، ولم يتم إجراء تمرين عام كان يفترض أن يحدث في نوفمبر 2023، بسبب الحرب، ولا يوجد موعد محدد لإقامته حتى الآن".
واسترسل: "مع أنه في 17 أبريل 2024، تم وضع تقرير استعداد الحكومة لإعادة الإعمار على المدى الطويل بعد الزلازل على مكتب الحكومة، وهذا تقرير نتاج عمل خمسة فرق وزارية مشتركة بقيادة مكتب رئيس الوزراء واللجنة التوجيهية الوزارية للاستعداد للزلازل، ولم يتم إنجاز سوى القليل حتى الآن".
وأشار إلى أنّ: "لجنة ناغال لفحص ميزانية وزارة الحرب، نشرت استنتاجاتها مؤخرا بأن تتراوح ميزانية الدفاع في السنوات المقبلة بين 96 و100 مليار شيكل، أكثر بنحو 30 مليار شيكل من المخطط له، باستثناء عام 2025، عندما ستكون الميزانية أعلى بكثير لدفع نفقات الحرب، وتعويض العجز، مع بقاء ميزانية تقييم الزلازل صفر كبير".
"لم يتم تخصيص حتى مليار شيكل واحد سنوياً للاستثمار في الاستعداد للزلازل، رغم أن نسبته 1% من ميزانية الدفاع الإجمالية، و0.16% من ميزانية الدولة لعام 2025" بحسب المقال نفسه.
وأشار إلى أن "إهمال الحكومة لموضوع الزلازل يتزامن مع قناعتها بأن الأمر يتعلق بتهديد وجودين ويقع في صلب الأمن القومي للدولة، والمليار المطلوب في السنوات القادمة لتقوية المباني العامة والمستشفيات والمدارس والبنية الأساسية والجسور، والعناية بالتجمعات الاستيطانية على خط النزوح على طول الصدع المتوقع من إيلات جنوبا إلى كريات شمونة شمالا، وتثقيف السكان، وإجراء التدريبات، وإعداد الأنظمة المختلفة، وكل ذلك بهدف التهيؤ لما قد تشهده دولة الاحتلال من زلزال هائل وشيك".