ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الشكر لله على إعلان قداسة الأخوة المسابكيين الموارنة في بازيليك سيدة لبنان - حريصا، في حضور الوزراء زياد المكاري وهنري خوري وجورج بوشيكيان وجورج كلاس، ونواب من مختلف الكتل النيابية، ممثل عن قائد الجيش وممثلين عن قادة الاجهزة الأمنية، وحشد من الفعاليات والمؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية.



بعد الإنجيل ألقى الراعي عظة بعنوان "كان زكريّا وأليصابات بارّين أمام الله" (لو 1: 6) قال فيها: "القدّيسون المسابكيّون الإخوة الثلاثة لم يصيروا قدّيسين ساعة استشهادهم فقط، بل كانوا متّصفين بالقداسة طيلة حياتهم. فقد نشأوا في عائلة مقدّسة من آل مسابكي، وتربّوا على الصلاة والفضائل والأخلاقيّة الرفيعة، وعلى مخافة الله والتقوى. فاستحقّوا أن يسفكوا دماءهم على مذبح حبّهم للدين المسيحيّ، وينالوا نعمة الإستشهاد الرفيعة.  فالقدّيس فرنسيس كان لطيف المعشر وطيّب الأخلاق، وذا اتّكال عظيم على الله، تعاطى تجارة الحرير فاكتسب ثروة واسعة بفضل جدّه ونشاطه واستقامته وحسن إدارته وتدبيره. وقد اعتمدته البطريركيّة وسواها من العائلات اللبنانيّة المعروفة في بيع حرير مواسمهم. وامتدّت تجارته إلى ساحل سوريا. وقد عُرف بسخائه وإغاثته الفقراء والمحتاجين. وكانت دارته الكبيرة والواسعة مضافة للغرباء. تزوّج من السيّدة إليصابات شيحا من طائفة اللاتين وكان له منها ثمانية بنين: ثلاثة ذكور وخمس إناث. فأكسبهم تربية صالحة بمثل حياته. يبكّر كلّ صباح إلى مناجاة ربّه بالصلاة مقدّمًا نهاره وأعماله لله، ثمّ يذهب إلى الكنيسة فيحضر الذبيحة الإلهيّة. وفي كلّ مساء كان يجتمع مع عائلته وعائلة أخيه عبد المعطي وأخيه رفائيل فيشكرون الله على نعمه، ويتلون جهارًا صلاة المسبحة، وفصلًا من كتاب روحيّ، ويمارسون رياضات شهر أيّار وشهر آذار. وكان حافظًا وصايا الله والكنيسة وكلّ ما يجب من صيام، وانقطاع عن الزفر، ويسهر على حفظ الرسوم الدينيّة بكلّ حرص. أمّا تعبّده للسيّدة العذراء فكان عزاء قلبه. وكان مرجعيّة مع بني قومه يرجعون إليه في المهمّات الصعبة. وكان ذا رأي سديد وحكمة واسعة".

تابع: "القدّيس عبد المعطي صرف حياته في التعليم والتربية في مدرسة الرهبان الفرنسيسكان، منقطعًا عن الدنيا، منصرفًا إلى مهنته والعناية بتهذيب أخلاق تلامذته. يصرف في الدير نهاره كلّه، ولا يغادره إلّا مساءً للإجتماع بعائلته. في تعليمه كان كثير الإهتمام بمبادئ الدين المسيحيّ وتحريض التلامذة على عبادة الله وتجنّب الخطيئة. وكان يكلّمهم عن نعمة الإستشهاد ناقلًا عنه أحدهم قوله: "إنّ أعظم سعادة للإنسان، وأفضل حظٍّ له وأجلّ نعمة يبتغيها هي نعمة الإستشهاد". في صباح كلّ يوم كان يذهب باكرًا إلى كنيسة الفرنسيسكان في دمشق مع إحدى بناته، حتى في أيّام الشتاء الباردة، ويحضر جميع ما يقام فيها من قدّاسات جاثيًا على ركبتيه. كان متزوّجًا وله خمسة أولاد، ذكران وثلاث بنات، ويعيشون جميعًا مع شقيقه فرنسيس في دارته الواسعة. كانوا كلّهم متمسّكين بالتقوى والإلفة والمحبّة".

أضاف: "أمّا القدّيس رفائيل صغير إخوته، فكان بتولًا حياته كلّها. كان مثابرًا على الصلاة والعبادة. كان يعيش مع شقيقيه فرنسيس وعبد المعطي، فقيرًا زاهدًا بحطام الدنيا متعبّدًا للعذراء، يقضي نهاره في دير الآباء الفرنسيسكان يساعدهم في كلّ شيء. كان غنيًّا بالله.  في ليل 9-10 تمّوز كان استشهادهم مع الآباء الفرنسيسكان حيث داهمهم المعتدون، وكانوا قد التجأوا إلى الدير، بعد أن اشتدّ الحريق في حارة النصارى. قبل منتصف الليل، دخلوا الكنيسة مع الآباء الفرنسيسكان، وتلوا طلبة جميع القدّيسين، واعترفوا بخطاياهم، وطلبوا شفاعة العذراء، وزيّحوا القربان المقدّس، وتناولوا جسد الربّ، زاد المسافرين وسلاح المجاهدين. وعند الساعة الأولى بعد منتصف الليل دخل الأعداء الدير، بأيديهم عصيّ وبلطات وخناجر ومشاعل، وطالبوهم بإنكار دينهم المسيحيّ واعتناق الدين الإسلاميّ. فكان جواب الإخوة المسابكيّين: "ليس لنا سوى نفس واحدة، فلسنا نهلكها بجحد إيماننا، نحن مسيحيّيون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيّين". فهجم عليهم المضطهدون بسلاحهم وبادروهم بالضربات القاتلة. فقدّموا أنفسهم الزكيّة حفاظًا على إيمانهم. وفي 10 تشرين الأوّل 1926 أعلنهم طوباويّين البابا بيوس الحادي عشر، وفي 20 تشرين الثاني الماضي أدرج البابا فرنسيس أسماءهم في سجلّ القدّيسين. فتعيّد لهم الكنيسة الجامعة في 10 تمّوز من كلّ سنة".

وتابع: "بشفاعتهم وشفاعة قدّيسيّ لبنان، من القدّيس شربل حتى الطوباويّ البطريرك اسطفان الدويهي، نلتمس من الله خلاص لبنان من ويلات الحرب الدائرة فيه، وما تخلّف من قتلى وجرحى ودمار منازل ومؤسّسات وتهجير شعب آمن، حتى بلغ عددهم مليون ونصف المليون. ونلتمس من الله تحريك ضمائر المتسببين بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنتين كاملتين، والذهاب إلى المجلس النيابيّ وتحمّل المسؤوليّة الوطنيّة المشرّفة بانتخاب الرئيس. فلا أحد يستطيع أن يحلّ محلّه، والمؤسّسات لا سيما الدستوريّة، وعلى الأخصّ المجلس النيابيّ ومجلس الوزراء، فاقدة صلاحيّاتها في هذا الظرف الدقيق".  (الوكالة الوطنية) 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

انتخاب رئيس وتأليف حكومة وإصلاح الإدارات ضرورات لإنجاح إعادة الإعمار

كتب معروف الداعوق في" اللواء": لوحظ انه فور الإعلان عن تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، تحركت الحكومة بمشاركة الادارات والهيئات الرسمية، لاطلاق ورشة إعادة اعمار ما هدمته الحرب.  ولكن السؤال المهم هو هل الحكومة قادرة على إطلاق عملية إعادة الاعمار بهذا الحجم، بالادارات والهيئات الرسمية المترهلة؟
ببساطة الجواب هو كلا، لأن الحكومة نفسها، منقسمة وغير مكتملة، وبصعوبة تجتمع لاتخاذ القرارات الضرورية والملحّة، وفشلت في وضع الحلول اللازمة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي وهيكلة المصارف، واطلاق الدورة الاقتصادية، ووضع حدٍ لمشكلة المودعين المستعصية، وهي غير قادرة على الحصول على المساعدات المالية من الدول العربية والصديقة والصناديق الدولية، لتمويل عملية اعادة الاعمار ، لعدم التزامها بوعود إجراء الاصلاحات المطلوبة لحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان.
وهذا الامر ينسحب على معظم الادارات والهيئات المعنية بتولي اعادة الاعمار التي تلوك سمعة بعض المسؤولين فيها شبهات التورط بالفساد، بالعديد من المشاريع والبرامج التي تولت تنفيذها او الإشراف عليها، ناهيك عن تغطية عدم التزام بعض المتعهدين بشروط العقود المنفذة، ما يشوب المشاريع المنفذة عيوباً وثغرات تلحق الضرر بمصالح المواطنين وتعرض حياتهم للخطر. 
 
وبالرغم من وعود الشفافية بطرح المشاريع على المناقصات وهيئة الشراء العام لتلزيم عملية ازالة الانقاض، وهذا مؤشر ايجابي لمنع التلزيم بالتراضي، وتقاسم المشاريع بين مافيات الملتزمين ومحاصصات السياسيين فيها، كما حصل بعد حرب تموز عام ٢٠٠٦.
الا ان اطلاق عملية اعادة الاعمار بعد ذلك، اصبحت متعذرة في الوقت الحاضر، اولا لضيق ما تبقى من عمر الحكومة المنقسمة والمستقيلة الحالية، في حال تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في التاسع من الشهر المقبل، وضرورة تاليف حكومة مكتملة تستطيع إجراء الاصلاحات المطلوبة.
 

مقالات مشابهة

  • اليوم.. نظر دعوى بطلان انتخاب رئيس حزب العربي الناصري
  • الراعي: لا شكّ لدينا انه سيصار لانتخاب رئيس للجمهورية في الـ٢٠٢٥
  • البطريرك الماروني اللبناني: انتخاب رئيس للبلاد في 2025
  • الراعي يلتقي نعمة افرام
  • انتخاب رئيس وتأليف حكومة وإصلاح الإدارات ضرورات لإنجاح إعادة الإعمار
  • انتخاب رئيس للاتحاد الإسباني لكرة القدم بعد عام من الفوضى
  • دريان: لبنان في وضع دقيق يتطلب الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية
  • حين يتحول المال من نعمة إلى نقمة..
  • البابا فرنسيس يشارك في ختام مؤتمر التقوى الشعبية في جزيرة كورسيكا
  • آن أوان الجد والعمل.. عودة: أملنا أن يتم انتخاب رئيس في أسرع وقت