الراعي: نلتمس من الله تحريك ضمائر المتسببين بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الشكر لله على إعلان قداسة الأخوة المسابكيين الموارنة في بازيليك سيدة لبنان - حريصا، في حضور الوزراء زياد المكاري وهنري خوري وجورج بوشيكيان وجورج كلاس، ونواب من مختلف الكتل النيابية، ممثل عن قائد الجيش وممثلين عن قادة الاجهزة الأمنية، وحشد من الفعاليات والمؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية.
بعد الإنجيل ألقى الراعي عظة بعنوان "كان زكريّا وأليصابات بارّين أمام الله" (لو 1: 6) قال فيها: "القدّيسون المسابكيّون الإخوة الثلاثة لم يصيروا قدّيسين ساعة استشهادهم فقط، بل كانوا متّصفين بالقداسة طيلة حياتهم. فقد نشأوا في عائلة مقدّسة من آل مسابكي، وتربّوا على الصلاة والفضائل والأخلاقيّة الرفيعة، وعلى مخافة الله والتقوى. فاستحقّوا أن يسفكوا دماءهم على مذبح حبّهم للدين المسيحيّ، وينالوا نعمة الإستشهاد الرفيعة. فالقدّيس فرنسيس كان لطيف المعشر وطيّب الأخلاق، وذا اتّكال عظيم على الله، تعاطى تجارة الحرير فاكتسب ثروة واسعة بفضل جدّه ونشاطه واستقامته وحسن إدارته وتدبيره. وقد اعتمدته البطريركيّة وسواها من العائلات اللبنانيّة المعروفة في بيع حرير مواسمهم. وامتدّت تجارته إلى ساحل سوريا. وقد عُرف بسخائه وإغاثته الفقراء والمحتاجين. وكانت دارته الكبيرة والواسعة مضافة للغرباء. تزوّج من السيّدة إليصابات شيحا من طائفة اللاتين وكان له منها ثمانية بنين: ثلاثة ذكور وخمس إناث. فأكسبهم تربية صالحة بمثل حياته. يبكّر كلّ صباح إلى مناجاة ربّه بالصلاة مقدّمًا نهاره وأعماله لله، ثمّ يذهب إلى الكنيسة فيحضر الذبيحة الإلهيّة. وفي كلّ مساء كان يجتمع مع عائلته وعائلة أخيه عبد المعطي وأخيه رفائيل فيشكرون الله على نعمه، ويتلون جهارًا صلاة المسبحة، وفصلًا من كتاب روحيّ، ويمارسون رياضات شهر أيّار وشهر آذار. وكان حافظًا وصايا الله والكنيسة وكلّ ما يجب من صيام، وانقطاع عن الزفر، ويسهر على حفظ الرسوم الدينيّة بكلّ حرص. أمّا تعبّده للسيّدة العذراء فكان عزاء قلبه. وكان مرجعيّة مع بني قومه يرجعون إليه في المهمّات الصعبة. وكان ذا رأي سديد وحكمة واسعة".
تابع: "القدّيس عبد المعطي صرف حياته في التعليم والتربية في مدرسة الرهبان الفرنسيسكان، منقطعًا عن الدنيا، منصرفًا إلى مهنته والعناية بتهذيب أخلاق تلامذته. يصرف في الدير نهاره كلّه، ولا يغادره إلّا مساءً للإجتماع بعائلته. في تعليمه كان كثير الإهتمام بمبادئ الدين المسيحيّ وتحريض التلامذة على عبادة الله وتجنّب الخطيئة. وكان يكلّمهم عن نعمة الإستشهاد ناقلًا عنه أحدهم قوله: "إنّ أعظم سعادة للإنسان، وأفضل حظٍّ له وأجلّ نعمة يبتغيها هي نعمة الإستشهاد". في صباح كلّ يوم كان يذهب باكرًا إلى كنيسة الفرنسيسكان في دمشق مع إحدى بناته، حتى في أيّام الشتاء الباردة، ويحضر جميع ما يقام فيها من قدّاسات جاثيًا على ركبتيه. كان متزوّجًا وله خمسة أولاد، ذكران وثلاث بنات، ويعيشون جميعًا مع شقيقه فرنسيس في دارته الواسعة. كانوا كلّهم متمسّكين بالتقوى والإلفة والمحبّة".
أضاف: "أمّا القدّيس رفائيل صغير إخوته، فكان بتولًا حياته كلّها. كان مثابرًا على الصلاة والعبادة. كان يعيش مع شقيقيه فرنسيس وعبد المعطي، فقيرًا زاهدًا بحطام الدنيا متعبّدًا للعذراء، يقضي نهاره في دير الآباء الفرنسيسكان يساعدهم في كلّ شيء. كان غنيًّا بالله. في ليل 9-10 تمّوز كان استشهادهم مع الآباء الفرنسيسكان حيث داهمهم المعتدون، وكانوا قد التجأوا إلى الدير، بعد أن اشتدّ الحريق في حارة النصارى. قبل منتصف الليل، دخلوا الكنيسة مع الآباء الفرنسيسكان، وتلوا طلبة جميع القدّيسين، واعترفوا بخطاياهم، وطلبوا شفاعة العذراء، وزيّحوا القربان المقدّس، وتناولوا جسد الربّ، زاد المسافرين وسلاح المجاهدين. وعند الساعة الأولى بعد منتصف الليل دخل الأعداء الدير، بأيديهم عصيّ وبلطات وخناجر ومشاعل، وطالبوهم بإنكار دينهم المسيحيّ واعتناق الدين الإسلاميّ. فكان جواب الإخوة المسابكيّين: "ليس لنا سوى نفس واحدة، فلسنا نهلكها بجحد إيماننا، نحن مسيحيّيون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيّين". فهجم عليهم المضطهدون بسلاحهم وبادروهم بالضربات القاتلة. فقدّموا أنفسهم الزكيّة حفاظًا على إيمانهم. وفي 10 تشرين الأوّل 1926 أعلنهم طوباويّين البابا بيوس الحادي عشر، وفي 20 تشرين الثاني الماضي أدرج البابا فرنسيس أسماءهم في سجلّ القدّيسين. فتعيّد لهم الكنيسة الجامعة في 10 تمّوز من كلّ سنة".
وتابع: "بشفاعتهم وشفاعة قدّيسيّ لبنان، من القدّيس شربل حتى الطوباويّ البطريرك اسطفان الدويهي، نلتمس من الله خلاص لبنان من ويلات الحرب الدائرة فيه، وما تخلّف من قتلى وجرحى ودمار منازل ومؤسّسات وتهجير شعب آمن، حتى بلغ عددهم مليون ونصف المليون. ونلتمس من الله تحريك ضمائر المتسببين بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنتين كاملتين، والذهاب إلى المجلس النيابيّ وتحمّل المسؤوليّة الوطنيّة المشرّفة بانتخاب الرئيس. فلا أحد يستطيع أن يحلّ محلّه، والمؤسّسات لا سيما الدستوريّة، وعلى الأخصّ المجلس النيابيّ ومجلس الوزراء، فاقدة صلاحيّاتها في هذا الظرف الدقيق". (الوكالة الوطنية)
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الفاتيكان تدخل في حداد رسمي وفاة البابا فرنسيس.. وبدء إجراءات انتخاب بابا جديد
في صباح الاثنين، 21 أبريل 2025، أعلن الفاتيكان رسميًا وفاة البابا فرنسيس، أول بابا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يأتي من أمريكا اللاتينية، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد اثني عشر عامًا قضاها على رأس المؤسسة الدينية الأكبر في العالم.
وجاءت وفاة البابا بعد صراع طويل مع المرض، قضى خلاله أسابيع في المستشفى للعلاج من التهاب رئوي، قبل أن يظهر علنًا لمرة أخيرة في السادس من أبريل على كرسي متحرك، خلال قداس عام اليوبيل. ومع هذا الظهور، خيّم شعور وداعي على ساحة القديس بطرس، تهيأت معه قلوب المؤمنين لما هو قادم.
وأطلق رحيل البابا فرنسيس فترة حداد رسمي تدوم تسعة أيام، وأدخل الكنيسة مرحلة انتقالية دقيقة تُعرف بـ "الفراغ الرسولي"، حيث تبدأ التحضيرات لانتخاب بابا جديد في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أسابيع. وهي لحظة محورية يتابعها العالم بأسره، فيما تترقب أعين أكثر من مليار كاثوليكي مستقبل قيادتهم الروحية.
وفاة البابا فرنسيس
أُعلن خبر وفاة البابا فرنسيس في بيان مصوّر بثّه الفاتيكان صباح الاثنين، تلاه الكاردينال كيفن فاريل بقوله:
"أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ببالغ الحزن والأسى، أُعلن وفاة البابا فرنسيس. عند الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما فرنسيس إلى بيت الأب".
وكان فرنسيس قد غادر مستشفى جيميلي في روما في 23 مارس الماضي، بعد تلقيه العلاج من التهاب رئوي مزدوج. ومنذ خروجه، لم يظهر علنًا إلا مرة واحدة في السادس من أبريل، ما زاد القلق حول صحته.
لقاءه أخير
قبل يوم واحد فقط من وفاته، عقد البابا اجتماعًا خاصًا مع نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الكاثوليكي الذي لطالما اختلف مع البابا في مواقفه السياسية خصوصًا المتعلقة بالهجرة. اللقاء جرى في مقر إقامة البابا وتخلله تبادل للتهاني بعيد الفصح.
وفي اليوم نفسه، أطل البابا لفترة وجيزة من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، حيث قُرئت رسالة باسمه دعا فيها إلى "وقف إطلاق النار الفوري في غزة"، واصفًا الوضع هناك بـ "المأساوي والمؤسف"، كما دعا حركة حماس لإطلاق سراح ما تبقى من المحتجزين. الرسالة، وإن لم يقرأها بنفسه، عبّرت عن التزامه بقضايا السلام حتى في أيامه الأخيرة.
الفراغ الرسولي
مع الإعلان الرسمي عن الوفاة، دخلت الكنيسة مرحلة يُطلق عليها اسم "الفراغ الرسولي" أو Papal Interregnum، وهي مرحلة فاصلة تستمر من وفاة البابا وحتى انتخاب خليفة له. وتمتد فترة الحداد المعروفة باسم Novendiales لتسعة أيام، يُقام خلالها قداس يومي، ويُعرض خلالها جثمان البابا في كاتدرائية القديس بطرس لتمكين المؤمنين من وداعه.
وبحسب التقاليد، يجب دفن البابا بين اليوم الرابع والسادس من وفاته، وسط ترتيبات خاصة يحددها مجلس الكرادلة.
نحو انتخاب بابا جديد
بعد انتهاء الحداد، يبدأ الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عامًا في التجمع داخل الفاتيكان لعقد المجمع المغلق لانتخاب البابا الجديد. هذه العملية التاريخية قد تستغرق من أسبوعين إلى ثلاثة، وربما أكثر إذا لم يتم التوافق سريعًا.
وقد أوضحت شبكة CNN أن الجدول الزمني العام لهذا الانتقال معدّ سلفًا وفق القواعد البابوية، وهو يحظى بمتابعة حثيثة من الملايين حول العالم، بانتظار معرفة مَن سيكون الزعيم الروحي التالي للكنيسة الكاثوليكية.