وكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن قضية الدعوة الإسلامية يجب أن يحمل علماء الأمة جميعا همومها، وأن يتكاتفوا حولها؛ فما تواجهه الدعوة الإسلامية يدعونا إلى إجراء دراسة متأنية لمستقبلها في ظل ما تواجهه الأمة من تحديات، ولعل الحوار الحضاري الذي يعني في مجمله عملية تبادل الأفكار والقيم والمعارف بين الحضارات والشعوب المختلفة، بهدف تحقيق التفاهم المتبادل والتعايش السلمي، أعمق من مجرد نقاش، فهو بناء لجسور التواصل بين الثقافات، والعمل على إيجاد أرضية مشتركة تجمع بين البشرية كلها.
وأضاف وكيل الازهر خلال المؤتمر الدولي الرابع لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، والذي جاء بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية، تحت عنوان: «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية»، أن حوار الحضارات تمس فيه مجالات علمية كثيرة، المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كما يتداخل فيه البعد المحلي والدولي، والقديم والحديث؛ ومن ثم فإن طرح «الحوار الحضاري» كموضوع للمناقشة ينبغي أن يكون طرحا شموليا، يعكس الترابط بين الحقول المعرفية المختلفة، والتي يظن البعض أنها منعزلة أو مستقلة، إضافة إلى ضرورة فهم أن الحضارة الإنسانية من إنتاج كل البشر، على تفاوت في أنصبة إسهامات الشعوب والأمم في بنائها، على عكس ما يراد من تقزيم البعض وتضخيم البعض الآخر لاعتبارات أيديولوجية أو سياسية تختبئ وراء شعارات علمية.
وأوضح الدكتور الضويني أن من الواجب أن يتجاوز المؤتمر التنظير للحوار الحضاري من ناحية المفهوم وتاريخ نشأته ومن تكلم عنه من العلماء والمفكرين إلى وضع مسارات عملية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية حقيقية تقرب بني الإنسان، وتجمعهم على أصول حقيقية لا تنكر، مبينا أن الحضارات في ذاتها لا تحاور، ولا تحاور، وإنما الذي يحاور هو الإنسان، هو الذي يرسل ويتلقى، ويسأل ويسأل، ويوافق ويعارض، ونقل هذه المعاني من الإنسان إلى الحضارة يسمونه «أنسنة الحضارة»؛ بمعنى إضفاء الصفات البشرية على الحضارة.
وبيّن فضيلته أن المثاقفة فعل بشري، يجري بين بني الإنسان، تنتقل فيه عادات وتقاليد، وأنماط ثقافية، واتجاهات فكرية، وليس لدى بني الإنسان فرصة الاختيار في هذه المثاقفة؛ خاصة أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة، وأصبح الناس أشبه بسكان عمارة واحدة، وربما يجعلهم المستقبل وما يحمله سكان شقة واحدة، إذا طرقها طارق سمع صوته جميع من فيها، إلا من اختار أن ينعزل، فحوار بني الإنسان اليوم أكثر سهولة ويسرا من أي وقت مضى، وتكفي ضغطة أو لمسة من أصغر الأنامل ليكون الإنسان في الصين أو في الهند أو في أميركا، يطالع المكتبات العالمية ويشارك في الفعاليات الثقافية المختلفة، ولكن العجيب حقا أن ترى بني الإنسان مع هذه الفرصة الكبيرة كلما ازدادوا قدرة على التواصل ازدادوا عصبية وانعزالا، وازدادت الفوارق بينهم!
وتسائل وكيل الأزهر عن موقف الهويات من هذا الحوار الذي يديره الآن طرف يملك من مقومات الحياة شيئا ما، ويتغافل هذا الطرف عمدا عن حقيقة الحضارة، ومقوماتها، وأنها كما تحتاج إلى المادة فإنها تحتاج إلى الروح، وكما تثق في المحسوس فإنها لا تستغني عن المعنى! وهل يقتضي الحوار الحضاري منا ونحن نملك تاريخا ثريا، وعلوما أضافت إلى الحياة ما أضافت مما كتب عنه المسلمون والعرب والأعاجم، ومنه كتاب: «أثر العرب في الحضارة الأوربية» للكاتب المفكر عباس محمود العقاد، ومنه كتاب: «شمس العرب تسطع على أوربا» للمستشرقة زيجريد هونكه، وغير ذلك؛ هل يقتضي هذا أن نعيد النظر في موقفنا الحضاري؟ وأن نكون فاعلين في إدارة حوار حضاري لا يتغافل عمدا عن ديننا وقيمنا وعلومنا وتراثنا وهويتنا؟ وهل المثاقفة الحضارية الموجودة الآن -والتي تدار وفق أيديولوجية خاصة- هل تستدعي القلق والخوف على شبابنا وهم أمل أمتنا؟
وأكد الدكتور الضويني أن هذا المؤتمر ليس تثقيفا باهتا، ولا فلسفة مغرقة في التنظير، ولكنه يضع أيدينا على آلام وآمال ينبغي أن تكون نصب أعيننا، ويكشف -إن أمعنا النظر- عن المعوقات الحقيقية التي تحول دون الأمة ودون العطاء الحضاري لها، والذي ينطلق من خيريتها التي منحها لها رب العالمين، مبينا أن بعض الأمم والشعوب يراد لها بإجراءات تربوية وثقافية واقتصادية وسياسية؛ أن تكون تابعة أبدا، ومؤدلجة أبدا، ومغلوبة أبدا، ومنهوبة أبدا؟!
واختتم وكيل الأزهر كلمته بتوجيه خمس رسائل حول أهمية دور الحوار الحضاري وهي:
الرسالة الأولى: إن وحي السماء ما نزل إلا ليرسم للإنسان طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويعلمه قيم الرحمة والحق والخير، ويحفظ دمه وماله وعرضه؛ وبأنوار هذا الوحي تستطيع البشرية أن تنهض من كبوة العنصرية وسفك الدماء وقتل الإنسان، ويصان إنسان غزة كما يصان أي إنسان على ظهر الأرض.
الرسالة الثانية: إن فلسفة القرآن الكريم لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين؛ ولذا فإن لفظ «السلام» ومشتقاته يملأ جنبات القرآن في آياته وسوره، حتى أصبح الإسلام والسلام وجهين لعملة واحدة إن صح هذا التعبير، ويكفي للتدليل العاجل على هذا أن نقارن بين كلمتي السلام والحرب في القرآن؛ لندرك شيوع السلام في أوامر الإسلام، وأن مبدأ «السلام» أصل في معاملة المسلمين وعلاقاتهم مع الكون من حولهم بكل ما فيه من موجودات، وبهذا تفتضح اتهامات المدلسين ممن لا يتوانون عن ظلم الإسلام وأهله لأدنى شائبة!
الرسالة الثالثة: إن الحوار الحضاري بين بني الإنسان ضرورة يقتضيها التنوع والاختلاف في الألسنة والألوان، والثقافات والعلوم، وإنما يكون الحوار بين بني الإنسان فيما اتفقوا عليه من مشتركات، وما أكثرها بينهم! ولا يتصور أن يؤدي التنوع إلى شر وكراهية وتهميش وإقصاء، كما يدعي بنو صهيون!
الرسالة الرابعة: إن الواجب علينا أن نعيد قراءة ذواتنا، ونفهم طبيعة أمتنا، وندرك الرسالة التي أخرجت بها الأمة للناس؛ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتملك أسباب الدنيا وتنير طريق الآخرة.
الرسالة الخامسة: إن أمتنا وأوطاننا أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها –أفرادا ومؤسسات، وشعوبا وحكومات- وبكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المؤتمر الدولي وكيل الأزهر الشريف الدعوة الإسلامیة الحوار الحضاری وکیل الأزهر بنی الإنسان
إقرأ أيضاً:
شرطة دبي.. الدوريات السياحية نموذج للحداثة الأمنية والترويج الحضاري
دبي-وام
بأسطول يضم بعضاً من أرقى وأندر المركبات الفارهة في العالم، تقدم شرطة دبي نموذجاً فريداً في الدمج بين الحداثة الأمنية والترويج الحضاري، من خلال قسم الدوريات السياحية الذي بات عنصراً لافتاً في المشهد السياحي والأمني للإمارة.
وقال العميد حارب محمد سعيد الشامسي، مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»، إن قسم الدوريات الأمنية السياحية، التابع لإدارة الشرطة السياحية، والذي تأسس عام 2014، يشكل إحدى أبرز واجهات شرطة دبي الحضارية في عيون السياح والمقيمين، مشيراً إلى أن القسم يمتلك دوريات فارهة تمثل طرازات عالمية فريدة، تعكس ريادة الإمارة في دمج الأمن بالتكنولوجيا والابتكار.
وأضاف أن القسم تأسس، بهدف تعزيز الوجود الشرطي في المناطق السياحية وأماكن التجمعات الكبرى، والمساهمة في ترسيخ صورة شرطة دبي مؤسسة أمنية عصرية، من خلال آليات عمل متقدمة وأساليب تعامل راقية تعتمد على حسن الاستقبال، والاحترام المتبادل مع جميع الجنسيات والثقافات.
وأوضح أن شرطة دبي، ومن خلال شراكتها الاستراتيجية مع وكلاء شركات السيارات العالمية في الإمارة، عملت على تطوير أسطول متكامل من المركبات الفارهة، يشمل طرازات نادرة ومميزة منها لمبرجيني أوروس وبيرفورمنتي، وأودي R8، وتيسلا سايبر تراك، وألفا روميو، ومنصوري مرسيدس G63، ولوتس الترا R، وبنتلي كونتيننتال GT، وبوجاتي فيرون، وأستون مارتن فينتاج، إلى جانب طرازات أخرى تواكب أحدث ما توصلت إليه صناعة السيارات الرياضية والفاخرة عالمياً.
وأشار إلى أن مهام الدوريات لا تقتصر فقط على الوجود الميداني في المناطق الحيوية، بل تشمل كذلك المشاركة في الفعاليات والمناسبات الوطنية والرسمي، وتمثيل شرطة دبي في المعارض والمنتديات الأمنية المحلية والدولية، والوجود في الفعاليات الرياضية الكبرى، والأنشطة البرية والشاطئية، إضافة إلى دعم المبادرات الحكومية والسياحية من خلال تعزيز الأمن السياحي. وكشف أن الدوريات الأمنية السياحية مثلت دولة الإمارات في العديد من المحافل الخارجية، وكان أبرزها مشاركتها في سباق الألف ميل للسيارات الكلاسيكية في إيطاليا عام 2021، والذي أهلها لاحقاً للفوز بجائزة «أفكار الإمارات» ضمن فئة «تمثيل الدولة في الخارج»، والتي تنظمها مجموعة دبي للجودة.
وأكد العميد الشامسي أن هذه المبادرة تسهم في تعزيز العلاقات الإيجابية مع الزوار، حيث يلتزم أفراد الشرطة ضمن هذه الدوريات بأسلوب راقٍ في التعامل، يجعل من الابتسامة والاحترام عنواناً أساسياً، إلى جانب تقديم المساعدة الفورية وتوفير المعلومات والخدمات بأعلى معايير الجودة والاحترافية.
وشدد على أن تجربة شرطة دبي في مجال الدوريات الأمنية السياحية، أصبحت نموذجاً يحتذى على مستوى العالم، حيث توازن بين القوة الأمنية والبعد الإنساني، وتعكس مكانة دبي واحدة من أكثر المدن أماناً وجاذبية في السياحة العالمية.