عربي21:
2025-03-04@11:46:41 GMT

حلول مقترحة لقضية اللاجئين السوريين في الأردن

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

وصلت معاناة اللاجئين السوريين، خاصة في دول الجوار، أي الأردن ولبنان وتركيا، مستويات غير مسبوقة. يبلغ عدد هؤلاء اللاجئين قرابة 7.5مليون نسمة، منهم 3.5 مليون في تركيا، و 1.5 مليون في لبنان و 1.4 مليون في الأردن حسب إحصائيات تلك الدول. سأتناول هنا قضية اللاجئين السوريين في الأردن تحديدا، وإن انطبقت حالتهم في أمور عدة على مثيلاتها في الدول الأخرى.



تتمثل المعضلة الأولى في أن حجم المساعدات الدولية لهؤلاء اللاجئين انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة تحويل الكثير من هذه المساعدات لأوكرانيا، إضافة إلى ظاهرة "إرهاق المانح" وهي ظاهرة معروفة في أوساط الدول المانحة، حيث يخف حماسها لتقديم مثل هذه المساعدات مع مرور الزمن. وقد بلغ هذا الانخفاض حدودا أصبح من الصعب معها حتى تقديم الغذاء للاجئين بعد فترة وجيزة.

تطلب الدول المانحة من الأردن أن يوفر العجز الكبير في هذه المساعدات من موازنته، وهو أمر صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلا. لقد قدم الأردن فوق ما يستطيع في هذا المجال، واستضاف عددا يقارب 15٪ من سكانه، وهذا عبء كبير لا تستطيع دول غنية القيام به، فما بالك دولة كالأردن فاق الدين العام فيها مائة بالمئة، و بلغ حجم البطالة فيها حوالي 23٪.

المعضلة الأخرى هي قصور القانون الدولي في هذا المجال. إذ أن بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بتنظيم أمور اللاجئين حول العالم، والذي اقر عام 1951، يفرض على الدول المضيفة المجاورة استقبال اللاجئين دون تحديد العدد، ولكنه لا يفرض على الدول المانحة أية مبالغ ملزمة لضمان حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين. بمعنى آخر، فإن المساعدات الدولية للاجئين هي "منة" من تلك الدول، تمنحها وتحجبها كما تشاء، بينما استضافة الدول المجاورة للاجئين "مسؤولية" لتلك الدول بغض النظر عن قدراتها المالية.

صحيح أن الأردن لم يصادق على هذا البروتوكول، ولكنه لا يمكنه إغفاله أيضا. وقد تقدم الأردن بخطط وطنية عدة للتعامل مع الاستضافة السورية، إلا أنه من الواضح أن قدراته لا تسمح بحال من الأحوال أن يفعل أكثر من ذلك.

هناك أمر ثالث لا يتم الحديث عنه بإسهاب، وهو أن ذات البروتوكول الأممي لا يسمح بالعودة غير الطوعية للاجئين، ومن يفعل ذلك من الدول يخالف القانون الدولي. ولقد خرج العديد من المسؤولين اللبنانيين والأتراك بوعود انتخابية لتنفيذ مثل هذه العودة القسرية، وكلها مخالفة للقانون الدولي. لم يفعل الأردن ذلك، فبالرغم من عدم مصادقته على البروتوكول المذكور، فإن طبيعة النظام الأردني الإنسانية لا تسمح بذلك، كما أن الأردن المتلقي للعديد من المساعدات الخارجية لا يستطيع الدخول بمثل هكذا مجازفة من شأنها أن تؤثر على مجمل علاقاته مع الدول المانحة.

هناك عامل هام جدا لا يتم تسليط الضوء عليه بما فيه الكفاية، وهو أن جل اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة طالما لم يضمن لهم النظام السوري عدم التعرض لهم. وقد أظهرت استطلاعات أخيرة للرأي أن 97٪ من اللاجئين السوريين في الأردن و 92٪ منهم في لبنان لا يرغبون بالعودة تحت الظروف الحالية. هذا بالإضافة إلى أن النظام السوري لا يرغب بعودتهم، لأن جلهم ضده، وقد هرب معظمهم من هذا النظام في أول سنوات الحرب.

تظهر الدراسات الدولية بوضوح أن عودة اللاجئين لبلادهم في كافة دول العالم تواجه مصاعب عدة، وهي عودة ليست مضمونة على الإطلاق، تدل على ذلك أمثلة عديدة كاللاجئين الفلسطينيين واللاجئين من الحرب الباكستانية الهندية، واللاجئين القبارصة من الأتراك واليونان. في الأردن، لم يعد اغلب اللاجئين العراقيين الى بلادهم حتى بعد مرور عشرين عاما على انتهاء الحرب.

إذن، تواجه الدول المضيفة، ومنها الأردن، وضعا صعبا للغاية، فهي لا تستطيع زيادة مساعداتها من مواردها المالية للاجئين، كما لا تستطيع ترحيلهم أيضا، كما أن استيعابهم في الاقتصاد المحلي يواجه صعوبات اقتصادية وسياسية، علاوة على أن استدامة وضعهم الحالي يخلق مشاكل إنسانية وسياسية واقتصادية وأمنية.

ما العمل إذا؟ هناك حاجة لحلول خلاقة من شأنها تلبية احتياجات كافة الأطراف، بما في ذلك الدول المضيفة. من هذه الحلول التي تستحق الدراسة بجدية من المجتمع الدولي هو النظر في إمكانية مقايضة الديون الأردنية يتم من خلالها تخفيض الديون المترتبة على الأردن للعالم الخارجي بنسبة معينة تتيح للأردن استخدام العائدات المتوفرة من خدمة الدين للإنفاق على اللاجئين والمجتمعات المحلية. وبهذا، يستفيد الأردن على المدى الطويل بتخفيض ديونه، كما تتوفر له موارد إضافية يستطيع استخدامها لرفع مستوى معيشة المجتمعات المحلية الأردنية وتوفير حياة كريمة للاجئين والاستفادة من بعض خبرات العمالة السورية، بشكل يكبر من حجم الاقتصاد الأردني ولا يؤثر على العمالة الأردنية.

إن اقتراحا كهذا يشكل أحد الحلول التي قد تعالج بعض عناصر المشكلة إن لم يكن كلها. بالطبع، يتعين على المجتمع الدولي تجاوز موقفه التقليدي بأن وضع الأردن الاقتصادي لا يتيح له تخفيض دينه. إن معضلة اللاجئين تحتاج لحلول جديدة، وقد يكون هذا أحدها. أما إصرار المجتمع الدولي على تحمل الأردن وحده الأعباء الناتجة عن تخفيض المساعدات الدولية المقدمة للاجئين دون تقديم فوائد له فلن يأتي بنتيجة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاردن لجوء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی الأردن

إقرأ أيضاً:

ليبيا: تدفقات هائلة للاجئين السودانيين إلى مدن جنوب البلاد وتوقعات بوصول عشرات الآلاف خلال العام

طرابلس – «القدس العربي»: تؤثر التصعيدات المتواصلة في السودان التي تشارك ليبيا حدودها، على الوضع المحلي في البلاد، خاصة مع استمرار تدفق اللاجئين لمدن الجنوب الليبي التي تعاني من تردي في الخدمات على مختلف المستويات.
وترجح منظمة إنترناشيونال ميديكال كوربس غير الحكومية النشطة في الإغاثة، وصول 160 ألف لاجئ سوداني هارب من حرب الجنرالين، حسب وصفها، في العام 2025 إلى الأراضي الليبية.
وتسببت الحرب المميتة في السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 في نزوح أكثر من 11 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من مليوني شخص لجأوا إلى الدول المجاورة، مع وصول 215 ألف شخص إلى ليبيا بنهاية العام 2024.
وحسب أحدث بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصل عدد اللاجئين السودانيين في ليبيا إلى 215 ألفًا بحلول نهاية العام 2024، متوقعة بلوغ الإجمالي إلى 375 ألفًا بحلول نهاية العام الجاري.
ورغم التحديات المستمرة في التسجيل والتتبع، فقد أكدت السلطات الليبية أنها تلقت مئات طلبات التسجيل من اللاجئين السودانيين كل يوم. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تدفق مستمر للاجئين الجدد، حيث يصل ما يقرب من 450 إلى 500 شخص إلى المخيمات غير الرسمية يوميًا، حسب المنظمة الدولية ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكدت المفوضية الأممية استمرار معاناة مدينة الكفرة من نقص في موظفي الرعاية الصحية المطلوبين لتشغيل مرافق متعددة، وخاصة في مركز القبول والعلاج الصحي للاجئين الذي جرى إنشاؤه حديثًا ومستشفى الشهيد عطية اللذين يعملان كوجهات أساسية لكل من المجتمع المضيف واللاجئين السودانيين الذين يسعون إلى الحصول على رعاية داخلية. وتعاني كلتا المنشأتين من نقص في الممرضات والفنيين المؤهلين في الأقسام الطبية والعناية المركزة.
ووفق إنترناشيونال ميديكال كوربس، يحتاج مستشفى الشهيد عطية بشكل عاجل إلى ثلاثة أطباء تخدير وعشرة أطباء طوارئ لتلبية الطلبات المتزايدة. وفي الوقت نفسه، يحتاج مركز قبول وعلاج اللاجئين إلى زيادة كبيرة في عدد الموظفين، بما في ذلك 14 طبيبًا و20 ممرضًا وفنيًا، بالإضافة إلى اثنين من المتخصصين في الأمراض المعدية وأخصائي واحد في طب الطوارئ، لضمان العمليات الفعالة ورعاية المرضى الجيدة.
وفي الاجتماعات الأخيرة، دعت السلطات الصحية في الكفرة جميع المنظمات الإنسانية النشطة للمساعدة في تلبية متطلبات التوظيف، لضمان استمرارية الخدمات الصحية الأساسية لكل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
بالإضافة إلى ذلك، تفتقر 85% من المرافق الصحية التي جرى تقييمها في الكفرة إلى الأدوية النفسية الأساسية، فيما يجبر المرضى على السفر لأكثر من 1000 كيلومتر إلى بنغازي أو طرابلس لتلقي العلاج المتخصص، مع الطرق المهترئة والتكاليف المرتفعة التي تحد من الوصول.
وخلفت الحرب منذ قرابة 22 شهرًا بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع حمدان دقلو، آلاف القتلى والنازحين داخليًا وإلى دول الجوار في إطار صراعهما على كرسي السلطة. وبينما يحتدم القتال منذ أيام بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، سيطر تحالف قوات الدعم السريع والحركة الشعبية للمرة الأولى على عدة بلدات في ولاية النيل الأزرق بجنوب البلاد، وذلك وسط تحذيرات من الأمم المتحدة من خطر سقوط البلاد في الهاوية.
وفي أواخر شباط/فبراير الماضي، أعربت مجموعة أ3+ بمجلس الأمن الدولي عن قلقها العميق إزاء الانعكاسات السلبية التي خلفتها الأزمات في السودان وسوريا، والتي كان لها تأثير على الوضع في ليبيا.
ودعت كارولين رودريغيز، ممثلة غيانا في مجلس الأمن، المتحدثة باسم مجموعة أ3+ الجزائر والصومال وسيراليون وغيانا خلال جلسة إحاطة مساء الأربعاء غي نيويورك، كل المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة للانسحاب الفوري وغير المشروط من ليبيا، ودعت لاحترام سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
وفيما يتعلق بالوضع الأمني، عبرت عن ارتياحها فيما يخص احترام وقف إطلاق النار المتفق عليه في ليبيا، محذرة، من جهة أخرى، من كل حركة أحادية الطرف يمكن أن تزيد من الانشقاقات بين الليبيين وتعزز الانقسامات بين مؤسسات البلد.
وشددت رودريغيز أن مجموعة أ3+ مقتنعة تماماً بأن الاستقرار في ليبيا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل المستمر والهادف الذي تقوم به اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 من أجل التوصل إلى حلول ملموسة، حسب بيان لها.
وأشادت المجموعة بالجهود التي تبذلها الحكومة الليبية من أجل مكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر والمتاجرة بالأسلحة وتأمين الحدود وحمايتها من الشبكات الإجرامية.
وفي المجال السياسي، ترى مجموعة أ3+ أنه بالرغم من تحسن الوضع المسجل في ليبيا، فإنها تشعر بالقلق إزاء التقدم الضئيل المحرز فيما يتعلق باعتماد قانون انتخابات يسمح بإجراء انتخابات وطنية في البلاد، مؤكدة أن هذه الانتخابات تعد عنصراً أساسياً لإخراج ليبيا من الطريق المسدود، بغية ضمان استشارة الشعب الليبي بالكامل وتمكينه من تحديد مستقبله.
وفي شباط/فبراير الماضي، أظهرت بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ارتفاع أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا إلى أكثر من 240 ألف لاجئ، مشيرة إلى وصول ما يقرب من 500 لاجئ بشكل يومي عبروا الحدود الجنوبية للبلاد.
وأوضح التقييم الأخير لوضع اللاجئين السودانيين في ليبيا، نشرته المفوضية الإثنين، أن 240 ألف لاجئ سوداني وصلوا ليبيا منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان منتصف العام 2023، بينهم 61 ألفاً و126 لاجئاً فقط مسجل لدى مقر المفوضية في طرابلس.
كما رصدت وصول ما يتراوح بين 400 و500 لاجئ سوداني إلى جنوب ليبيا بشكل يومي، 95% منهم يدخلون ليبيا عبر نقاط العبور غير الرسمية عند الحدود مع مصر وتشاد.
وأظهرت البيانات أن 60% من اللاجئين السودانيين في ليبيا هم من الرجال و40% من النساء. وتتراوح أعمار غالبيتهم بين 18 و59 عاماً، مع نسب بسيطة من الأطفال الذي تقل أعمارهم عن 12 عاماً.  

مقالات مشابهة

  • ليبيا: تدفقات هائلة للاجئين السودانيين إلى مدن جنوب البلاد وتوقعات بوصول عشرات الآلاف خلال العام
  • الأردن تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • الأردن يدين قرار وقف العدو الصهيوني إدخال المساعدات الإنسانية لغزة
  • الأردن تعلق على قرار وقف إدخال المساعدات إلى غزة
  • الأردن: وقف إدخال المساعدات لغزة يهدد بتفجير الأوضاع
  • الأردن يدين وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • هل تحسم زيارات اللاجئين السوريين الاستطلاعية لبلادهم قرار عودتهم؟
  • «الأونروا»: التخلص من الوكالة لن ينهي قضية اللاجئين
  • الرئيس المشاط يهنئ قادة الدول العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
  • الرئيس المشاط يهنئ قادة الدول العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان