عربي21:
2024-06-30@00:27:32 GMT

حلول مقترحة لقضية اللاجئين السوريين في الأردن

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

وصلت معاناة اللاجئين السوريين، خاصة في دول الجوار، أي الأردن ولبنان وتركيا، مستويات غير مسبوقة. يبلغ عدد هؤلاء اللاجئين قرابة 7.5مليون نسمة، منهم 3.5 مليون في تركيا، و 1.5 مليون في لبنان و 1.4 مليون في الأردن حسب إحصائيات تلك الدول. سأتناول هنا قضية اللاجئين السوريين في الأردن تحديدا، وإن انطبقت حالتهم في أمور عدة على مثيلاتها في الدول الأخرى.



تتمثل المعضلة الأولى في أن حجم المساعدات الدولية لهؤلاء اللاجئين انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة تحويل الكثير من هذه المساعدات لأوكرانيا، إضافة إلى ظاهرة "إرهاق المانح" وهي ظاهرة معروفة في أوساط الدول المانحة، حيث يخف حماسها لتقديم مثل هذه المساعدات مع مرور الزمن. وقد بلغ هذا الانخفاض حدودا أصبح من الصعب معها حتى تقديم الغذاء للاجئين بعد فترة وجيزة.

تطلب الدول المانحة من الأردن أن يوفر العجز الكبير في هذه المساعدات من موازنته، وهو أمر صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلا. لقد قدم الأردن فوق ما يستطيع في هذا المجال، واستضاف عددا يقارب 15٪ من سكانه، وهذا عبء كبير لا تستطيع دول غنية القيام به، فما بالك دولة كالأردن فاق الدين العام فيها مائة بالمئة، و بلغ حجم البطالة فيها حوالي 23٪.

المعضلة الأخرى هي قصور القانون الدولي في هذا المجال. إذ أن بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بتنظيم أمور اللاجئين حول العالم، والذي اقر عام 1951، يفرض على الدول المضيفة المجاورة استقبال اللاجئين دون تحديد العدد، ولكنه لا يفرض على الدول المانحة أية مبالغ ملزمة لضمان حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين. بمعنى آخر، فإن المساعدات الدولية للاجئين هي "منة" من تلك الدول، تمنحها وتحجبها كما تشاء، بينما استضافة الدول المجاورة للاجئين "مسؤولية" لتلك الدول بغض النظر عن قدراتها المالية.

صحيح أن الأردن لم يصادق على هذا البروتوكول، ولكنه لا يمكنه إغفاله أيضا. وقد تقدم الأردن بخطط وطنية عدة للتعامل مع الاستضافة السورية، إلا أنه من الواضح أن قدراته لا تسمح بحال من الأحوال أن يفعل أكثر من ذلك.

هناك أمر ثالث لا يتم الحديث عنه بإسهاب، وهو أن ذات البروتوكول الأممي لا يسمح بالعودة غير الطوعية للاجئين، ومن يفعل ذلك من الدول يخالف القانون الدولي. ولقد خرج العديد من المسؤولين اللبنانيين والأتراك بوعود انتخابية لتنفيذ مثل هذه العودة القسرية، وكلها مخالفة للقانون الدولي. لم يفعل الأردن ذلك، فبالرغم من عدم مصادقته على البروتوكول المذكور، فإن طبيعة النظام الأردني الإنسانية لا تسمح بذلك، كما أن الأردن المتلقي للعديد من المساعدات الخارجية لا يستطيع الدخول بمثل هكذا مجازفة من شأنها أن تؤثر على مجمل علاقاته مع الدول المانحة.

هناك عامل هام جدا لا يتم تسليط الضوء عليه بما فيه الكفاية، وهو أن جل اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة طالما لم يضمن لهم النظام السوري عدم التعرض لهم. وقد أظهرت استطلاعات أخيرة للرأي أن 97٪ من اللاجئين السوريين في الأردن و 92٪ منهم في لبنان لا يرغبون بالعودة تحت الظروف الحالية. هذا بالإضافة إلى أن النظام السوري لا يرغب بعودتهم، لأن جلهم ضده، وقد هرب معظمهم من هذا النظام في أول سنوات الحرب.

تظهر الدراسات الدولية بوضوح أن عودة اللاجئين لبلادهم في كافة دول العالم تواجه مصاعب عدة، وهي عودة ليست مضمونة على الإطلاق، تدل على ذلك أمثلة عديدة كاللاجئين الفلسطينيين واللاجئين من الحرب الباكستانية الهندية، واللاجئين القبارصة من الأتراك واليونان. في الأردن، لم يعد اغلب اللاجئين العراقيين الى بلادهم حتى بعد مرور عشرين عاما على انتهاء الحرب.

إذن، تواجه الدول المضيفة، ومنها الأردن، وضعا صعبا للغاية، فهي لا تستطيع زيادة مساعداتها من مواردها المالية للاجئين، كما لا تستطيع ترحيلهم أيضا، كما أن استيعابهم في الاقتصاد المحلي يواجه صعوبات اقتصادية وسياسية، علاوة على أن استدامة وضعهم الحالي يخلق مشاكل إنسانية وسياسية واقتصادية وأمنية.

ما العمل إذا؟ هناك حاجة لحلول خلاقة من شأنها تلبية احتياجات كافة الأطراف، بما في ذلك الدول المضيفة. من هذه الحلول التي تستحق الدراسة بجدية من المجتمع الدولي هو النظر في إمكانية مقايضة الديون الأردنية يتم من خلالها تخفيض الديون المترتبة على الأردن للعالم الخارجي بنسبة معينة تتيح للأردن استخدام العائدات المتوفرة من خدمة الدين للإنفاق على اللاجئين والمجتمعات المحلية. وبهذا، يستفيد الأردن على المدى الطويل بتخفيض ديونه، كما تتوفر له موارد إضافية يستطيع استخدامها لرفع مستوى معيشة المجتمعات المحلية الأردنية وتوفير حياة كريمة للاجئين والاستفادة من بعض خبرات العمالة السورية، بشكل يكبر من حجم الاقتصاد الأردني ولا يؤثر على العمالة الأردنية.

إن اقتراحا كهذا يشكل أحد الحلول التي قد تعالج بعض عناصر المشكلة إن لم يكن كلها. بالطبع، يتعين على المجتمع الدولي تجاوز موقفه التقليدي بأن وضع الأردن الاقتصادي لا يتيح له تخفيض دينه. إن معضلة اللاجئين تحتاج لحلول جديدة، وقد يكون هذا أحدها. أما إصرار المجتمع الدولي على تحمل الأردن وحده الأعباء الناتجة عن تخفيض المساعدات الدولية المقدمة للاجئين دون تقديم فوائد له فلن يأتي بنتيجة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاردن لجوء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی الأردن

إقرأ أيضاً:

"هيومن رايتس ووتش" تدعو العراق إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين قسرا لبلادهم

أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يوم الخميس، بأن السلطات العراقية في بغداد وكذلك في إقليم كردستان تقوم باعتقال وترحيل اللاجئين السوريين بشكل تعسفي إلى بلادهم.

وقالت المنظمة الحقوقية، والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها، إنها وثقت حالات قامت فيها السلطات العراقية بترحيل سوريين على الرغم من أن لديهم إقامة قانونية أو أنهم مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتفيد تقارير بأن السوريين تم اعتقالهم خلال مداهمات على أماكن عملهم أو في الشوارع، وفي حالتين بمكاتب الإقامة أثناء محاولتهم تجديد تصاريحهم.

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يستضيف العراق ما لا يقل عن 260 ألف لاجئ سوري، يقيم قرابة 90% منهم في إقليم كردستان شمالي العراق. ويقيم زهاء 60% منهم في مناطق حضرية، بينما يقيم الباقون في مخيمات اللاجئين.

إقرأ المزيد لبنان بين أزمتي نزوح.. داخلية وسورية

وتحدثت ”هيومن رايتس ووتش” إلى سبعة سوريين في أربيل وبغداد في الفترة بين 19 و26 أبريل، كان يجري ترحيلهم، بينهم أربعة في مطار أربيل في انتظار وضعهم على متن رحلة جوية.

وفي السياق، قالت سارة صنبر، الباحثة المتخصصة في شؤون العراق في ”هيومن رايتس ووتش”، إن المنظمة لم تتمكن من تحديد العدد الإجمالي للسوريين المرحلين.

وذكرت المنظمة أن عمليات الترحيل جعلت السوريين في العراق يعيشون في خوف.

واضافت سارة صنبر أنه ”من خلال إعادة طالبي اللجوء قسرا إلى سوريا، فإن العراق يعرضهم للخطر عن عمد”.

ولم يرد متحدث باسم الحكومة العراقية حتى الساعة على طلبات التعليق التي أرسلتها الأسوشيتدبرس.

كما زادت السلطات العراقية من العراقيل أمام السوريين للبقاء بشكل قانوني في البلاد.

فقامت حكومة اقليم كردستان العراق– بناء على طلب بغداد – بتعليق إصدار تأشيرات دخول للمواطنين السوريين، في اطار جهود أوسع لتنظيم العمالة الأجنبية في العراق، ما حد من قدرة السوريين على دخول إقليم كردستان للعمل أو اللجوء.

ويوظف العديد من الشركات في العراق عمالا سوريين دون تسجيلهم قانونيا، ما يجعلهم يعملون لساعات طويلة مقابل أجور منخفضة.

وتتطلب القواعد الجديدة في إقليم كردستان العراق من الشركات تسجيل العمال السوريين، وسداد اشتراكات الضمان الاجتماعي لهم. إلا أن بعض الشركات تجبر موظفيها على دفع نصف رسوم الضمان الاجتماعي من رواتبهم.

وقال عامل سوري في إقليم كردستان للأسوشيتدبرس إن رسوم الحصول على تأشيرة لمدة شهر واحد للسوريين تبلغ 150 دولارا، ويمكن تمديدها لمدة تصل إلى عام، مشترطا تكتم هويته خشية ترحيله.

وأضاف أنه يجب الآن على السوريين التسجيل برقم الضمان الاجتماعي الذي يوضح أن صاحب العمل يسددها عنهم، وإلا فلن يتمكنوا من تجديد تأشيراتهم.

وفي بغداد، تبلغ تكلفة تأشيرة العمل لمدة عام والتي تصدر بشرط وجود رقم الضمان الاجتماعي، 2000 دولار.

وتضغط الدول المضيفة التي آوت اللاجئين السوريين بشكل متزايد من أجل عودتهم إلى ديارهم، حيث توقفت الى حد كبير الحرب في بلادهم، بينما ترى الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان أن العودة الى سوريا لا تزال غير آمنة.

المصدر: أ ب

مقالات مشابهة

  • المتحدث باسم الجيش المصري: نفذنا بالتعاون مع الأردن ودول بالتحالف الدولي إنزال عشرات الأطنان من المساعدات لسكان قطاع غزة
  • مستندات لازمة للحصول على تصريح الإقامة للاجئين.. اعرف التفاصيل
  • الأمم المتحدة تُشدد على الالتزام بالمسؤولية الجماعية لدعم من أجبروا على مغادرة ديارهم وأوطانهم
  • زعيم المعارضة التركية: لا يجب أن يصبح نصف سكان تركيا من السوريين
  • هيومن رايتس تدعو لوقف اعتقال وترحيل اللاجئين السوريين من العراق
  • "هيومن رايتس ووتش" تدعو العراق إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين قسرا لبلادهم
  • تهريب اللاجئين.. تجارة مربحة تستثمر في أوجاع السوريين
  • قطاع اللاجئين يُنظم ندوة توعوية حول مخاطر التحرش
  • احتراق 51 مأوى للاجئين الأفارقة في مخيم للنازحين بمأرب
  • حلول مقترحة لمساعدة طلاب الثانوية على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء