حلول مقترحة لقضية اللاجئين السوريين في الأردن
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
وصلت معاناة اللاجئين السوريين، خاصة في دول الجوار، أي الأردن ولبنان وتركيا، مستويات غير مسبوقة. يبلغ عدد هؤلاء اللاجئين قرابة 7.5مليون نسمة، منهم 3.5 مليون في تركيا، و 1.5 مليون في لبنان و 1.4 مليون في الأردن حسب إحصائيات تلك الدول. سأتناول هنا قضية اللاجئين السوريين في الأردن تحديدا، وإن انطبقت حالتهم في أمور عدة على مثيلاتها في الدول الأخرى.
تتمثل المعضلة الأولى في أن حجم المساعدات الدولية لهؤلاء اللاجئين انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة تحويل الكثير من هذه المساعدات لأوكرانيا، إضافة إلى ظاهرة "إرهاق المانح" وهي ظاهرة معروفة في أوساط الدول المانحة، حيث يخف حماسها لتقديم مثل هذه المساعدات مع مرور الزمن. وقد بلغ هذا الانخفاض حدودا أصبح من الصعب معها حتى تقديم الغذاء للاجئين بعد فترة وجيزة.
تطلب الدول المانحة من الأردن أن يوفر العجز الكبير في هذه المساعدات من موازنته، وهو أمر صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلا. لقد قدم الأردن فوق ما يستطيع في هذا المجال، واستضاف عددا يقارب 15٪ من سكانه، وهذا عبء كبير لا تستطيع دول غنية القيام به، فما بالك دولة كالأردن فاق الدين العام فيها مائة بالمئة، و بلغ حجم البطالة فيها حوالي 23٪.
المعضلة الأخرى هي قصور القانون الدولي في هذا المجال. إذ أن بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بتنظيم أمور اللاجئين حول العالم، والذي اقر عام 1951، يفرض على الدول المضيفة المجاورة استقبال اللاجئين دون تحديد العدد، ولكنه لا يفرض على الدول المانحة أية مبالغ ملزمة لضمان حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين. بمعنى آخر، فإن المساعدات الدولية للاجئين هي "منة" من تلك الدول، تمنحها وتحجبها كما تشاء، بينما استضافة الدول المجاورة للاجئين "مسؤولية" لتلك الدول بغض النظر عن قدراتها المالية.
صحيح أن الأردن لم يصادق على هذا البروتوكول، ولكنه لا يمكنه إغفاله أيضا. وقد تقدم الأردن بخطط وطنية عدة للتعامل مع الاستضافة السورية، إلا أنه من الواضح أن قدراته لا تسمح بحال من الأحوال أن يفعل أكثر من ذلك.
هناك أمر ثالث لا يتم الحديث عنه بإسهاب، وهو أن ذات البروتوكول الأممي لا يسمح بالعودة غير الطوعية للاجئين، ومن يفعل ذلك من الدول يخالف القانون الدولي. ولقد خرج العديد من المسؤولين اللبنانيين والأتراك بوعود انتخابية لتنفيذ مثل هذه العودة القسرية، وكلها مخالفة للقانون الدولي. لم يفعل الأردن ذلك، فبالرغم من عدم مصادقته على البروتوكول المذكور، فإن طبيعة النظام الأردني الإنسانية لا تسمح بذلك، كما أن الأردن المتلقي للعديد من المساعدات الخارجية لا يستطيع الدخول بمثل هكذا مجازفة من شأنها أن تؤثر على مجمل علاقاته مع الدول المانحة.
هناك عامل هام جدا لا يتم تسليط الضوء عليه بما فيه الكفاية، وهو أن جل اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة طالما لم يضمن لهم النظام السوري عدم التعرض لهم. وقد أظهرت استطلاعات أخيرة للرأي أن 97٪ من اللاجئين السوريين في الأردن و 92٪ منهم في لبنان لا يرغبون بالعودة تحت الظروف الحالية. هذا بالإضافة إلى أن النظام السوري لا يرغب بعودتهم، لأن جلهم ضده، وقد هرب معظمهم من هذا النظام في أول سنوات الحرب.
تظهر الدراسات الدولية بوضوح أن عودة اللاجئين لبلادهم في كافة دول العالم تواجه مصاعب عدة، وهي عودة ليست مضمونة على الإطلاق، تدل على ذلك أمثلة عديدة كاللاجئين الفلسطينيين واللاجئين من الحرب الباكستانية الهندية، واللاجئين القبارصة من الأتراك واليونان. في الأردن، لم يعد اغلب اللاجئين العراقيين الى بلادهم حتى بعد مرور عشرين عاما على انتهاء الحرب.
إذن، تواجه الدول المضيفة، ومنها الأردن، وضعا صعبا للغاية، فهي لا تستطيع زيادة مساعداتها من مواردها المالية للاجئين، كما لا تستطيع ترحيلهم أيضا، كما أن استيعابهم في الاقتصاد المحلي يواجه صعوبات اقتصادية وسياسية، علاوة على أن استدامة وضعهم الحالي يخلق مشاكل إنسانية وسياسية واقتصادية وأمنية.
ما العمل إذا؟ هناك حاجة لحلول خلاقة من شأنها تلبية احتياجات كافة الأطراف، بما في ذلك الدول المضيفة. من هذه الحلول التي تستحق الدراسة بجدية من المجتمع الدولي هو النظر في إمكانية مقايضة الديون الأردنية يتم من خلالها تخفيض الديون المترتبة على الأردن للعالم الخارجي بنسبة معينة تتيح للأردن استخدام العائدات المتوفرة من خدمة الدين للإنفاق على اللاجئين والمجتمعات المحلية. وبهذا، يستفيد الأردن على المدى الطويل بتخفيض ديونه، كما تتوفر له موارد إضافية يستطيع استخدامها لرفع مستوى معيشة المجتمعات المحلية الأردنية وتوفير حياة كريمة للاجئين والاستفادة من بعض خبرات العمالة السورية، بشكل يكبر من حجم الاقتصاد الأردني ولا يؤثر على العمالة الأردنية.
إن اقتراحا كهذا يشكل أحد الحلول التي قد تعالج بعض عناصر المشكلة إن لم يكن كلها. بالطبع، يتعين على المجتمع الدولي تجاوز موقفه التقليدي بأن وضع الأردن الاقتصادي لا يتيح له تخفيض دينه. إن معضلة اللاجئين تحتاج لحلول جديدة، وقد يكون هذا أحدها. أما إصرار المجتمع الدولي على تحمل الأردن وحده الأعباء الناتجة عن تخفيض المساعدات الدولية المقدمة للاجئين دون تقديم فوائد له فلن يأتي بنتيجة.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاردن لجوء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی الأردن
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأردني: ندعم العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد
قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اليوم الإثنين إن بلاده تدعم العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد، مؤكدا أن الأردن ستساعد السوريين في عملية إعادة الإعمار.
الصفدي يدعو المجتمع الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة رئيس البرلمان العربي يهنئ الصفدي بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس النواب الأردنيوشدد الصفدي عقب لقائه أحمد الشرع قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا، على أن اللاجئين السوريين يريدون العودة إلى وطنهم ولكن لابد أن تكون العودة طوعية وآمنة.
وأشار الصفدي إلي أن إسرائيل تخلق صراعا في المنطقة بتوغلها في الأراضي السورية.
الصفدي يدعو المجتمع الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزةطالب وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، المجتمع الدولي، بممارسة كل أشكال الضغط الممكنة على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لتسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، الذي يشهد حرب إبادة إسرائيلية منذ أكثر من 14 شهرا.
جاء ذلك في كلمة للوزير الصفدي في "مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة" الذي تستضيفه العاصمة المصرية.
ويعقد المؤتمر ليوم واحد بعنوان "عام على الكارثة الإنسانية في غزة: احتياجات عاجلة وحلول مستدامة"، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشاركة نائبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أمينة محمد، و103 وفود لدول ومنظمات وهيئات دولية.
الناس في قطاع غزة جوعى
وفي المؤتمر، قال الصفدي: "الناس في قطاع غزة جوعى ولا بد من التحرك الآن".
ودعا المجتمع الدولي إلى "ممارسة كل أشكال الضغط الممكنة على إسرائيل لإدخال المساعدات" إلى قطاع غزة.
وأكد الصفدي أن "الأردن قام بكل ما في وسعه لإدخال المساعدات إلى غزة"، مشيرا إلى أنه "يجب تمكين الأمم المتحدة من توزيع المساعدات في القطاع".
وأضاف: "الأردن طوّر خطة لتقييم حجم المساعدات الانسانية المطلوبة في قطاع غزة، بما لا يقل عن 250 شاحنة يوميا".
وفي سياق آخر، قال الصفدي إن "المستعمرين يستهدفون الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهذا يدعو إلى مزيد من الدمار والتطرف".
وشدد على أن "حل الدولتين هو الحل الوحيد للأزمة، و(لكن) ليس هناك خطوات حقيقية على أرض الواقع لتطبيقه".