بعلبك تحت النار: قصف إسرائيلي يدمر معالم أثرية وتاريخية
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
البقاع – أنين الطفل هادي وهبي، الناجي الوحيد من بين أفراد أسرته التسعة، يحاكي وجع مدينته بعلبك وحجارة قلعتها، فكلاهما ضحية قصف إسرائيلي قاتل ومُدمر لم تشهد المدينة مثيلا له في تاريخها القديم والحديث، ووثق تقرير للجزيرة نت الأضرار التي تسبب بها القصف على تراث لبنان وآثاره وتاريخه المعماري.
فإسرائيل استهدفت البشر والحجر بعنف مفرط، وفق ما قال رئيس المجلس البلدي للمدينة مصطفى الشل.
آثار بعلبك تحت النار
وقال في حديث خاص للجزيرة نت "أصيبت القلعة بأضرار جزئية قرب مدخلها حيث سقطت حجارة من سورها الخارجي وتناثرت بعض أقسام من حائط آخر يفصل بين منطقة البساتين وحرم القلعة، وليس بعيدا من القلعة دمرت الغارات معلما أثريا سياحيا، هو قبة دورس التي أصيب بأضرار كبيرة".
"قبة دورس" أصيب بأضرار كبيرة (الأناضول)والتدمير الإسرائيلي لم يقتصر على مواقع ترجع إلى الحقبة الرومانية، بل شمل أحياء ومعالم تراثية وسياحية لها تأثير مهم في الحركة الثقافية والاقتصادية المحلية وحتى العالمية.
يقول الشل "المؤسف في سلة الخسائر التي أصابتنا ذلك الخراب الذي حل بمنشية بعلبك، والمنشية بناء أثري يرجع إلى الحقبة العثمانية، وهي كانت قبلة السائحين، توازي في دورها أهمية الحركة السياحية في القلعة".
وأضاف "من بين المعالم التراثية المستهدفة "أوتيل بالميرا" الواقع على مسافة أمتار من مدخل القلعة وثكنة غورو التي بناها الجيش الفرنسي مطلع القرن الماضي، مع العلم أن القصف الإسرائيلي لم يوفر أي موقع أثري في المدينة ومحيطها".
تضرر جزء من سور #قلعة_بعلبك الاثري
اثر غارات اسرائيلية عنيفة #لبنان #البقاع #بعلبك #بيروت #جنوب_لبنان pic.twitter.com/E04fI7pBQf
— Nada Andraos (@Nada_Andraos) October 29, 2024
ولكن ماذا عن دور المجلس البلدي في معالجة نتائج الغارات على هذا الصعيد؟ يجيب الشل:"من جهتنا نقوم بإجراءات ميدانية بُعيد كل إغارة من خلال تدخل عمال وشرطة البلدية لرفع الأنقاض بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية ومحافظة بعلبك الهرمل ولحماية أي قطعة أثرية أو تاريخية تتناثر بفعل القصف، وكل هذا يتم بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار، والأخيرة على اطلاع بالتفاصيل التي نقع عليها، لكن تقديرات الأضرار وتكلفتها رهن بتوقف الاعتداءات".
ماذا يقول خبراء الآثار عن حجم الدمار الذي لحق بالمواقع الأثرية؟ وما مدى تأثرها بالقصف غير المباشر أو القريب من محيطها؟وسط القلعة سليم
يؤكد خالد الرفاعي رئيس قسم الترميم والحفاظ على المواقع الأثرية في المديرية العامة للآثار بوزارة الثقافة اللبنانية عدم وجود أية أضرار ظاهرة للعيان وسط حرم قلعة بعلبك، وأوضح في حديث للجزيرة نت أن "عمليات القصف الجوي أحدثت انهيارات في أجزاء غير متينة في سور خارجي يقع ضمن منطقة الحماية وهو قريب من مدخلها".
وأبدى خشيته من استمرار القصف على مواقع قريبة من القلعة "لأنها تحدث ارتدادات تحت أرضية قد تتسبب بانهيارات لبعض الأجزاء ذات الإنشاءات الضعيفة أو تلك التي تحتاج إلى ترميم".
والاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر على مواقع أثرية وأبنية سكنية في المدينة، بل طالت أيضا كنائس للطائفة المسيحية تقع وسط ما يعرف ببعلبك القديمة، وعنها قال الرفاعي: "إسرائيل استهدفت المنشية التاريخية ومعها 3 كنائس للطوائف المارونية والأرثوذكسية والكاثوليكية وديرا مارونيا، وهي معالم أثرية مجاورة لأوتيل بالميرا وللمنشية ولمدخل القلعة، مما أدى إلى وقوع أضرار كبيرة".
حجارتها لا تُسرقووصف الرفاعي الحديث عن سرقة أحجار ذات قيمة تاريخية من المنشية المدمرة وبعض الأمكنة المتضررة بـ "الشائعات المغرضة" فحجارة بعلبك كبيرة ولا تُسرق، لأن المديرية العامة للآثار نقلت حجرا يحمل نقشا يؤرخ لتاريخ بناء المنشية عام 1922 وهو محفوظ اليوم داخل القلعة ولم يسجل أية عملية سرقة مع العلم أن القوى الأمنية وشرطة البلدية تحمي المواقع الأثرية وهذا الفعل معطوف على حرص البعلبكيين على تاريخهم وتراثهم".
وعن دور وزارة الثقافة والمديرية في إعادة بناء ما تضرر قال: "لدينا خبرة واسعة في مجال إعادة ترميم ما تهدمه الحروب من آثارات والمديرية قادرة على التعاطي مع هذه المشكلة فور انتهاء الاعتداءات".
لم تسلم المواقع السياحية في المدينة من التدمير أيضا، وهي قبل ذلك شكلت نقطة جذب للسائحين محليين وعربا وأجانب، ليتكامل دورها مع دور القلعة ومعالمها التاريخية.
يشير رئيس منتدى بعلبك الإعلامي حكمت شريف إلى "مرجة رأس العين" التي تضررت بالكامل. ويوضح: "المرجة هي حديقة بعلبك حيث نهر وبركة رأس العين وسط مساحات خلابة يقصدها أبناء المدينة وزوار من أرجاء لبنان وخارجه، هذا المتنفس الوحيد وإلى جواره عشرات المؤسسات السياحية من مقاه ومطاعم دمرت بالكامل".
وأضاف في حديث للجزيرة نت "قصفت طائرات العدو الإسرائيلي مرجة رأس العين وحي الشيقان حيث سقط 9 شهداء من عائلة واحدة ولم ينج منهم سوى الطفل هادي ابن السنة ونصف، وهو يرقد اليوم في مستشفى الريان لمتابعة علاجه من جروح خطرة أصابته، في حين بقي 3 شهداء من أفراد عائلته تحت الأنقاض حتى اليوم".
فإسرائيل لم تستهدف الحجر في بعلبك فقط "لقد صبت حممها على البشر والحجر في محاولة لتحويل مدينتنا إلى مدينة أشباح، لكنها ستفشل بفضل إرادتنا وتوقنا للحياة، ومثلما خرج هادي من تحت الأنقاض ستولد مدينتنا من جديد مهما غلت التضحيات وستسلم قلعتنا وحجارتها العصية على الزمن". ختم حكمت شريف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
قصف إسرائيلي يستهدف حيين وسط دمشق
قال التلفزيون الرسمي التابع للنظام السوري، إن قصفا إسرائيليا استهدف مبنيين داخل حيين منفصلين وسط العاصمة دمشق.
وأضاف الخميس، أن القصف الأول استهدف المزة والثاني حي قدسيا.
بدورها ذكرت وكالة "سانا" أن المعلومات الأولية تشير إلى أن القصف ضرب مبنيين سكنيين في منطقتي المزة وقدسيا، مما أسفر عن قتلى وإصابات.
ولم تتضح حتى ساعة نشر التقرير الأهداف التي طالها القصف.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورا وتسجيلات مصورة، أظهرت سحب دخان تتصاعد من أبنية سكنية قيل إنها في المزة وقدسيا.
وجاءت الضربتين بعد 3 ساعات من دوي انفجار سمع في أرجاء العاصمة السورية وتضارب الأنباء حول طبيعته.
وتتزامنان مع زيارة يجريها علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي إلى دمشق، حيث من المقرر أن يلتقي مسؤولين سوريين على رأسهم رئيس النظام، بشار الأسد.
وكانت إسرائيل صعدت من قصفها للأراضي السورية خلال الأشهر الماضية.
وطالت ضرباتها مواقع في حمص وسط البلاد وفي منطقة السيدة زينب التابعة لدمشق.
وتقول إسرائيل إنها تستهدف قادة في "حزب الله" وهو ما حصل في ضربة شهدتها السيدة زينب، قبل أسبوع، وأكدها الجيش الإسرائيلي في سلوك نادر.