ماذا تريد تونس وليبيا من أفريقيا؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
ماذا تريد تونس وليبيا من أفريقيا؟
على ليبيا وتونس أن تطرحا اليوم سؤالاً جوهرياً على نفسيهما، ماذا تريدان من أفريقيا تحديداً؟
يهدف مشروع الممر التجاري القاري إلى إرساء شراكة فعالة ثلاثية الأبعاد تونسية ليبية أفريقية، وبحث تنفيذ الخطط التي تقود إلى ذلك فعلياً.
كانت ليبيا ملجأ آلاف أفارقة جنوب الصحراء وآلاف التونسيين الذين يتوجهون إليها باحثين عن الرزق.
واليوم أصبحت للأسف منطلقاً لهجرة أخرى نحو أوروبا.
إذا لم تفهم تونس وليبيا أنهما بحاجة إلى سند يحمي الظهر، وهو ما تؤكده جغرافيا القارة، فيسخسران كثيراً من الوقت والجهد والثروة ولا يبدو هناك وعياً حقيقياً بذلك.
ثمة أسئلة كثيرة مطروحة على البلدين، سياسية واقتصادية بالضرورة، لكنها أخلاقية قبل كل شيء؛ فالبلدان متهمان بسوء معاملة المهاجرين الأفارقة، خاصة في الأسابيع الأخيرة.
* * *
أُعلن الخميس الماضي في تونس عن استحداث الممر التجاري القاري التونسي الليبي نحو بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، بإشراف وزيرة التجارة وتنمية الصادرات التونسية كلثوم بن رجب، ووزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد علي الحويج. ويهدف المشروع إلى إرساء شراكة فعالة ثلاثية الأبعاد تونسية ليبية أفريقية، بحسب الوزيرين، وبحث تنفيذ الخطط التي تقود إلى ذلك فعلياً.
يطرح توقيت هذا الإعلان أسئلة كثيرة على البلدين، سياسية واقتصادية بالضرورة، ولكنها أخلاقية قبل كل شيء؛ فالبلدان متهمان معاً بسوء معاملة المهاجرين الأفارقة، في الأسابيع الأخيرة بشكل خاص.
ووثّقت المنظمات الدولية والجمعيات الإنسانية خلال السنوات الأخيرة العديد من التجاوزات بحق الأشقاء الأفارقة، بالإضافة إلى الخطاب الرسمي في البلدين، الذي يضيق بالمهاجرين الأفارقة، ويرقى أحياناً إلى تمييز واضح.
مرّ زمن طويل منذ كانت ليبيا ملجأ آلاف أفارقة جنوب الصحراء، وآلاف التونسيين، الذين يتوجهون إليها مهاجرين باحثين عن الرزق. واليوم أصبحت للأسف منطلقاً لهجرة أخرى نحو أوروبا.
ومرّ كذلك زمن طويل منذ كانت تونس قادرة على احتضان الهاربين إليها، تؤويهم وتخفف آلامهم. غير أن كل ذلك تغيّر اليوم، صحيح أن الأزمات في البلدين لا تنتهي، وعدم الاستقرار في كليهما لا يرقى إليه شك، والظروف الاقتصادية متردية للغاية.
لكن على ليبيا وتونس ألا ينسيا أن أولئك الأفارقة ساهموا في إعمار ليبيا على مدى عقود، وقد كشفت الأرقام الأخيرة في تونس أنهم أيضاً وراء تحويلات مالية كبيرة إليها، حاولت السلطة أن تثبت أنها مبعث للشك، وقد يكون الأمر صحيحاً، ولكنه رقم اقتصادي مهم.
ولكن على ليبيا وتونس أن تطرحا اليوم سؤالاً جوهرياً على نفسيهما، ماذا تريدان من أفريقيا تحديداً؟
أخطأ العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عندما تغلغل في أفريقيا وحاول أن يكون وصياً على بعض الدول بقوة المال، وأخطأ الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ومن بعده الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، عندما فعلا العكس تماماً وأدارا الظهر لأفريقيا.
اليوم يريد البلدان ربح كل شيء من قارة تنمو بقوة وتتوجه إليها أنظار العالم كله، بينما يرفضان دفع أي ثمن مقابل ذلك، بل ويمعنان في خطابات تُبيّن أنه ليس هناك احترام حقيقي وعميق للأشقاء، أو على الأقل للشركاء.
وإذا لم تفهم تونس وليبيا أنهما بحاجة إلى سند يحمي الظهر، وهو ما تؤكده جغرافيا القارة، فيسخسران كثيراً من الوقت والجهد والثروة. ولا يبدو أن هناك وعياً حقيقياً بذلك، لأن النقاش لم يُطرح بعمق في كلا البلدين إلى اليوم.
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تونس ليبيا أفريقيا جنوب الصحراء معمر القذافي الحبيب بورقيبة تونس ولیبیا من أفریقیا
إقرأ أيضاً:
التايمز: اتفاق الهجرة بين إيطاليا وليبيا يواجه تحديات جديدة مع تزايد أعداد المهاجرين
أفادت صحيفة “التايمز” البريطانية بأن أعداد المهاجرين القادمين إلى إيطاليا من ليبيا ارتفعت بنسبة 63% هذا العام، رغم الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني مع السلطات الليبية العام الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن المهربين في ليبيا أصبحوا يعتمدون على قوارب سريعة لتجنب اعتراض خفر السواحل الليبي، الذي يتلقى تمويلاً من إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
ونقلت الصحيفة عن وكالة فرونتكس قولها إن أغلب المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا هذا العام جاءوا من بنغلاديش وباكستان عبر ليبيا، حيث يدفع المهاجرون ما يصل إلى 8000 يورو للعبور، مستفيدين من ثغرات في تنفيذ الاتفاق بين ليبيا وإيطاليا.
ورغم الإشادة التي حظيت بها ميلوني العام الماضي بعد انخفاض الهجرة بنسبة 58%، فإن هذا الارتفاع الجديد يضع الاتفاق بين إيطاليا وليبيا تحت ضغط سياسي متزايد, وفقا لما نقلته الصحيفة.
هذا ونقلت الصحيفة عن المحلل في الشأن الليبي, جلال حرشاوي, قوله إن ميلوني أقنعت خليفة حفتر في عام 2023 بوقف رحلات القوارب الكبيرة من طبرق، لكنه استمر في تسهيل وصول المهاجرين إلى بنغازي، حيث يسافرون منها إلى غرب ليبيا للإبحار من مدن مثل زوارة والزاوية.
وأضاف حرشاوي أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، لمّح مؤخرًا إلى مسؤولية حفتر عن تدفق المهاجرين من الشرق إلى الغرب، معتبرًا أن ذلك يزيد من تعقيد جهود إيطاليا في كبح الهجرة غير الشرعية.
وقالت فرونتكس إن العديد من البنغاليين وصلوا إلى ليبيا بشكل قانوني بفضل اتفاقيات العمل بين بنغلاديش وليبيا.
وقال أحد المحللين لصحيفة “التايمز” إن العديد من البنغاليين كانوا يسافرون جواً إلى ليبيا عبر بنغازي، التي تخضع لسيطرة حفتر.
المصدر: صحيفة التايمز
الهجرةرئيسي Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0