سودانايل:
2025-03-03@12:03:07 GMT

أسئلة الحرب وإجابات السلام

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

بقلم عمر العمر

قصيتنا المحورية لم تعد تتمثل في مساندة الجيش أو الانحياز إلى الجنجويد. محورُ القضية استرداد الدولة. فانتقاد قيادة الجيش يوازي نقد إدارة المصرف المركزي .كلاهما من مؤسسات الدولة. نقدهما لار يستوجب التجريم أو التخوين ، إذ غايته التقويم . انتقاد الجيش لا يستهدف هدم المؤسسة ،بل رجم قيادة فاشلة.

الرهان على بناء دولة ديمقراطية بمؤازرة الجنجويد ليس بِرهانٍ خاسر فقط بل كابوسٌ طينتُه الجهلُ بالتاريخ . قيادة أركان الجيش لم تخفق فقط في أداء مهامها المهنية ازاء تأمين سلامة السلطة والمواطن. بل هي شاهد إن لم تكن فاعلا في تفتيت الوحدة الوطنية و هيمنة الدولة المركزية .هي المسؤولة عن تسمين الوحش كاسر قيود الأخلاق والقيم الوطنية. مامن عاقل يُخيُّرنا بين البرهان وحميدتي .الرأي الغالب -إن لم يكن اجماعا- افتقارهما للحد الأدنى من كاريزما القيادة ،بل ربما القيم ، الوطنية.فلماذا يضعنا من يدفنون رؤوسهم في وسائد المنافع الخاصة بين خياري مساندة فاسدين كلاهما قاتل.؟ من لايرى في هذه الحرب غير صراع على السلطة والثروة فليحاسب رؤاه ،دماغه وضميره! هذا مستنقع دم تخالط فيها انحرافات الداخل أطماع الخارج . لا سودانيا يرغب في رؤية جيش مهزوم أمام ميليشيا لكن هل بانتصار هذه القيادة نسترد الدولة الحلم ؟بل هل نجد ذلك الجيش الوطني؟
*****

الوحدة الوطنية لا يتم التماسها أو تخليقها إبان الأزمات.هي قيمة خالدة تكرس قيادة الدولة وشعبها الجهود لغرسها ورعايتها بحيث تتحول تلقائيًا مكونا وطنياً في الواقع والوجدان . من ثم تصبح مكتسبا ينهض الجميع بغية الحفاظ عليه منتعشا فيتحول إلى قوة دينامكية تمنح الشعب طاقة البذل من أجل الارتقاء بالوطن.كما تولّد طاقة تلقائية للذود عن الدولة ضد كل عدوان . بما أن الوحدة الوطنية تشكل القاعدة الأساسية لبناء الدولة الحديثة فلا بد من إعلائها انتماءاً فوق كافة الولاءات . ربما تكون الشراكة بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة أفضل رافعة لإنجاز هذا المشروع. ثمة أعمدة أساسية لاستكمال بنيان الوحدة الوطنية ؛منها العدالة، الاستقرار، التسامح ، التعايش والاستقرار.فإلى أي مدى ساهم زبانية هذه الحرب في بناء و تعزيز الوحدة الوطنية كقيمة ثقافية أو حتى عسكرية ؟
*****

وفق القانون الدولي ؛الدولة كيان سياسي يعبر عن ذاته عبر حكومة تتمتع بالسيادة على الرقعة الجغرافية للدولة على أن تنعم الحكومة بولاء شعب مستقر داخل تلك الرقعة .كلنا نعلم انقلاب الإخوة الأعداء في اكتوبر لم يكن ضد الحكومة ، بل كان انقلابا على ثورة ديسمبر . بغض النظر عن مدى نجاح أو اخاق حكومة ما بعد الثورة . فالثابت كذلك ان الحكومة المشكلة بأمر الانقلاب ظلت وهماً سياسيا مما أفقدها ميزة اكتساب شعبية جماهير الثورة دع عنك التبجح زعماً بشعبية اوسع من سابقتها. أسوأ من ذلك سقوط الدولة برمتها في فخ التناحر حد الاحتراب على نحو أفضى إلى كارثة تحطيم الدولة وتشتيت الشعب.فعلى أي المتناحرين يمكن الرهان بغية استرداد ما يتبقى من الحطام!؟
*****

الدولة تستمد هيبتها من قدرتها على إنفاذ سلطة القانون.لكن ربما يستحيل الفصل بين سيادة الدولة وحفاظها على وحدة تراب الوطن.تحت سلطة الجيش وحلفائه على مدى الثلاثين العجاف يكابد تراب الوطن شر التجزئة .فبعد الخسارة الفادحة المتجسدة في جزع الوطن-الجنوب-عجزت قيادات الجيش في وقف تآكل ما تبقى من جنباته.فهناك مناطق خارجة بالفعل عن مظلة الدولة المركزية العاجزة المهترئة. فعبد العزيز -غير- الحلو يتملّك بوضع اليد على السلاح رقعة تتمتع بثروات ثرّة وكتلة بشرية تكفي مقوما لدولة أو هكذا يحاجج . على جبال النوبة يبسط عبد الواحد نفوذاً سياسياً خارج سلطة الدولة المركزية كذلك .في الغرب تكابد مساحات شاسعة بمن عليها العذاب اليومي بعيداً عن يد الدولة و خارج شمس العصر. في الشرق تتوغل قبائل من وراء الحدود فتزرع وتحصد وتتطلع بعد الانتفاع بخيرات الأرض إلى السكنى الدائمة وميليشيات متفاتة تغريها فوضى العجز على الابتزاز والإتكاء على الجوار.
*****

مصطلح الجيش انبثق مع القوة البرية. حتى بعد تعدد أفرع الجيش إلى قوات جوية وبحرية تظل القوة البرية عظم الجيش بغض النظر عن دينه ولغته .فالحديث عن اخفاق المشاة أمام الميليشيا يفضح عجز قيادة الأركان المتعاقبة لجيشنا إذ أضاعت - سلاح المشاة -عمد البنيان العسكري.أزمة هذه القيادة أنها لم تصر فقط على استبدال حلبة السياسة بميدان التدريب العسكري، بل ذهبت في بناء تحالفات أشبه بالرقص مع الذئاب . كل الجنرالات الضباط الإنقلابيين يتوهمون بعد استيلائهم على السلطة القضاء على المعارضة السياسية. بغية قمع المعارضة لجأ الحيش وحلفاؤه إلى تخليق الميليشيات .كل مواطن ينهض بالرأي الناقد أو الحجة يصبح في عين الانقلابيين عدواً خائنا للدولة يتعرض للتخوين ، التنكيل و التصفية.هكذا أضاعت شلة الانقلابيين الطريق والبوصلة إذ اصطدمت بقطاع عريض من جماهير الثورة. هم يتحملون اوزارا، أثقل من أُحد حينما نحاكم فعايل الجنجويد الدموية واللاخلاقية .
*****

تعرية عجز أركان الجيش وخطاياها لايعني مساندة الجنجويد.فالرهان على الميليشيا من أجل بناء الدولة الحلم رهان خايب لايقرأ أصحابه التاريخ والحاضر. تلك قناعة راسخة- ليست قراءة لاحقة- عبرت عنها غداة انفجار حرب الحلفاء الأعداء.فما من ميليشيا مسلحة نهضت بمهام بناء دولة معافاة من التوغل في القمع ،الارهاب والإذلال و الدم والافقار . مامن إنسان سوي لا تحمله ممارسات الجنجويد على ادانتهم بأقذع أشكال التجريم وفق سنن القانون الاخلاقي قبل القانون الدولي.لا أحد ممن يديرون عربات السياسة الخربة يبدو مهتما تجاه اتساع جحيم دانتي وكبح عمليات الإبادة الجماعية. لا أحد يقلقه مل هذا الدم المسفوك أو الارواح المزهقة.لا أحد يخالجه شيءٌ من ألمو أزاءتدفق أعداد المهجّرين. غريب انشغال أركان الجيش والدولة بتسعير آلية الحرب ولا يحاولون بحث آليات للسلام رغم كل هذ الدم والدمار والفشل الماحق .
*****

إذاً كيف نطفئ هذه الحرب حمّالة الشعب الأتعاب والأحزان فوق احتماله وصبره؟الرهان على تحقيق أي الفريق نصراًحاسماً يرفع سقف الزمن على فضاء المجهول فوق معاناة النازحين و اللاجئين . انتظار تصدع شبكات الجنجويد كما نفاد مخزونهم من الرجال والعتاد لايبشر بحكمة نافذة أو فهم موضوعي عميق . استنفار الشباب من قبل معسكر السلطة يعيد انتاج محرقة حرب الجنوب بما في ذلك شحنها الايديولوجي .القوى المدنية المعارضة لاتتمتع بموقومات صناعة لوبيات ضاغطة على فرق القتال الأربع؛الجيش ،القوات المستأنسة ، الكتائب المستنفرة وذئاب الجنجويد. ترقب حلول من الخارج يفتح الوطن أكثر أمام تقاطع المصالح الاقليمية والدولية مما يوسع جبهات الاقتتال وأنفاق المعاناة.
*****

إذاً متى نطفئ نار الحرب؟ بل كيف؟لعل الخيار المتاح رغم صعوبته على نحو يبدو كأنه مستحيلا هو القبول بابرام صفقات قد تبدو مؤلمة من شأنها كف انتشار لهيب الحرب ورمادها.فكيفما تداعت أوجاع تلك الصفقات فلن تكون أكثر إيلاما من إطالة أمد هذا الحريق ، التدمير والتهجير! فمع استشراء نار الحرب تزداد مخاطر ازدياد أخاديد الوحدة الوطنية ،تتعدد هتوك النسيج الاجتماعي خاصة تحت غبار التجييش القبلي وتجريف الأطر السياسية النخرة. كل ذلك يشكل تحريضا مغريا لجهات متربصة بغمس اسلحتها في اللحم السوداني وأياديها في خيرات الأرض بغية تحقيق مطامع لا تبدو كلها مرئية للقيادات العسكرية والسياسية العاجزة المرتبكة

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الوحدة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

لافروف: واشنطن ترغب في إنهاء الحرب لكن أوروبا تسعى لاستمرارها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم /الأحد/ إن الولايات المتحدة تتحدث علانية عن رغبتها في إنهاء الصراع في أوكرانيا، لكن في الوقت نفسه ترغب أوروبا في استمرار الحرب. وأشار لافروف - في تصريحات صحفية نقلتها وكالة أنباء "تاس" الروسية - إلى أنه "بعد ولاية (الرئيس الأمريكي السابق) جو بايدن، جاء أشخاص يريدون الاسترشاد بالحس السليم، يقولون علانية إنهم يريدون إنهاء جميع الحروب، ويريدون السلام".

واستطرد لافروف قائلا "من يدعو إلى استمرار الحرب؟ إنها أوروبا"، مضيفا أنه على مدار الخمسمائة عام الماضية، ولدت جميع مآسي العالم في أوروبا، ولم تلعب الولايات المتحدة دور المحرض.

وأكد "لا أريد أن أكون معاديا لأوروبا، لكن الوضع الحالي يؤكد الفكرة التي عبر عنها العديد من المؤرخين"، ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه شخص عملي يدير الأعمال تحت شعار "الفطرة السليمة".

وأوضح قائلا "ترامب شخص عملي، شعاره هو الفطرة السليمة، وهذا يعني الانتقال إلى طريقة مختلفة لإدارة الأعمال، لكن هدفه لا يزال جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، مضيفا "هذا يعطي السياسة طابعا إنسانيا حيويا، ولهذا السبب فهو مثير للاهتمام".

ووفقا للافروف، فإن فريق ترامب - بما في ذلك وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز - أشخاص معقولون تماما، لافتا إلى أنه رغم اعتراف موسكو وواشنطن خلال محادثات الرياض بأنهما لا تستطيعان التفكير بنفس الطريقة في جميع القضايا المدرجة على جدول الأعمال العالمي، لكن الجانبين ملزمان بمنع الحرب.

وأكد الدبلوماسي الروسي أن روسيا والولايات المتحدة "من ناحية، يمكنهما إيجاد مصالح مشتركة والعديد من الأشياء المفيدة للطرفين، ومن ناحية أخرى، فإنهما ملزمتان بعدم الذهاب إلى الحرب في حالة تباين مصالحهما".

وقال وزير الخارجية الروسي إنه على الجانب الآخر، فإن المناقشات في أوروبا حول قوات حفظ السلام في أوكرانيا تستمر في تحريض كييف على الحرب ضد روسيا، واصفا فكرة نشر قوات حفظ السلام في أوكرانيا بأنها "وقحة".

وقال لافروف "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتجول ببعض الأفكار، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.. يقولان إنه يتم تجهيز الآلاف من قوات حفظ السلام وسيتم توفير غطاء جوي.. هذه وقاحة"، مضيفًا: "خطة إدخال قوات حفظ السلام إلى أوكرانيا غرضها تحريض كييف على حرب ضدنا"، وأوضح أن نشر قوات حفظ السلام الأوروبية في أوكرانيا يعني أن أسباب الأزمة لن تختفي بالنسبة لروسيا.
 

مقالات مشابهة

  • المنصات ترفض تهديد إسرائيل لسوريا والتدخل من بوابة أزمة جرمانا
  • لافروف: واشنطن ترغب في إنهاء الحرب لكن أوروبا تسعى لاستمرارها
  • يديعوت: زامير يصعد إلى قيادة الجيش في فترة بالغة الصعوبة.. بين حربين
  • يديعوت: زامير يصعد إلى قيادة الجيش في فترة بالغة الصعوبة بينها حربان
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
  • برلمانية أوكرانية: لا نرغب إلا في السلام ووقف الهجمات على بلادنا
  • اليوم السبت .. الذكرى 69 لتعريب قيادة الجيش العربي
  • إسم يتقدّم لتولي قيادة الجيش.. من هو؟
  • في لفتة تعكس الوحدة الوطنية.. القمص يؤانس أديب يعلق زينة وفانوس رمضان داخل كنيسة الأقباط الكاثوليك بالغردقة
  • ميثاق نيروبي: ليكن لبنة في بناء الوحدة، لا بوابة للانفصال