في تصريح مهم، أكد رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا أنه على الرغم من تَكرار توقيعه على قوانين لا يوافق عليها شخصياً، إلا أنه ملزم بذلك طالما كانت القوانين قد تم التصديق عليها من قبل البرلمان، ما لم تكن هناك شبهة دستورية واضحة. وأوضح أن مسؤوليته تقتضي التوقيع على القوانين ما لم تتعارض بشكل صريح مع الدستور، مضيفاً: "الشك الوحيد لا يكفي لرفض قانون".

جاءت هذه التصريحات خلال مشاركته في حدث "25 عاماً من المرصد الدائم للشباب والناشرين" في روما، حيث أشار إلى أهمية احترام التوازن بين السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعية، والقضائية)، محذراً من أن كل سلطة يجب أن تعرف حدود اختصاصاتها، مشدداً على أن الدستور يفرض التعاون بين هذه السلطات دون أن تكون بمثابة "حصون متقابلة".

ماتاريلا أكد أيضاً على دور رئيس الجمهورية كـ "حكم محايد" يروج لوحدة البلاد، مشيراً إلى أن التنوع السياسي يجب أن يُمارس ضمن إطار من التعاون والاحترام للمصلحة العامة. وأشار إلى القلق المتزايد بشأن تراجع المشاركة الانتخابية، خاصة بين الشباب، وهو ما وصفه "بالإشارة المقلقة" التي تتطلب اهتماماً أكبر من كافة القوى السياسية.

وفيما يتعلق بالقضايا العالمية، أبدى ماتاريلا قلقه من التحديات التي تفرضها التحولات التكنولوجية الكبرى، مثل الذكاء الاصطناعي، داعياً إلى ضرورة التأكد من أن هذه التقنيات تُستخدم بما يعزز الحرية ولا يقلل من الوعي البشري. وفيما يخص الهجرة الخارجية للشباب، شدد على ضرورة تحسين الظروف الداخلية لضمان عدم اضطرار الشباب للهجرة بحثاً عن فرص أفضل.

تحديات الديمقراطية والمشاركة السياسية في إيطاليا: خطاب ماتاريلا يثير النقاش حول مستقبل البلاد

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رئيس الجمهورية الإيطالية ماتاريلا قوانين القوانين البرلمان

إقرأ أيضاً:

حرب لا يمكن الفوز بها.. وواشنطن تضع نهاية "اللعبة" في أوكرانيا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حذّر الكثيرون منذ وقت مبكر من أن الحرب الأوكرانية لا يمكن لأي طرف الفوز فيها وأن الجميع خاسر، بل ذهب صمويل شارب إلى أكثر من ذلك؛ وهو عضو فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة أوباما ومؤلف مشارك لكتاب "الجميع يخسر: الأزمة الأوكرانية والمسابقة المدمرة لأوراسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي". وقد تنبأ "شارب" قبل ثلاث سنوات بنهاية قد تكون صادمة للحرب في أوكرانيا بسبب غموض الهدف والخطة. يقول: "كان الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 لحظة فارقة للولايات المتحدة وحلفائها، وكانت أمامهم مهمة عاجلة وهي مساعدة أوكرانيا في الرد على روسيا، لكن دون أن يكون هناك وضوح لكيفية وموعد وقف الحرب".

ولعل من يتأمّل موقف واشنطن داخل مربع الحرب الأوكرانية يضع يده على الفور على سمة من سمات التحرك الأمريكي الخارجي وهي الغموض، وهذا لا يقع تحت بند ارتكاب أخطاء سياسية بل هو غموض مقصود ومتكرر، ومن يفحص الحروب التي أعلنتها وشاركت فيها الولايات المتحدة خلال القرن الأخير يتأكد أن الغموض حول نهاية المهمة كان سمة دائمة لتلك التدخلات. الحرب الأفغانية وحرب العراق نموذجان مليئان بالدروس المشابهة، ومن قبلهما حرب فيتنام التي تحولت إلى كابوس للأمريكيين وفشل ذريع للتدخل الأمريكي الخارجي.

وقد اتفق مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في يونيو 2022، مع ما قاله شارب، عندما أشار إلى أن الولايات المتحدة "امتنعت في الواقع عن وضع ما تعتبره نهاية اللعبة؛ لقد ركزنا على ما يمكننا القيام به اليوم، وغدًا، والأسبوع المقبل، لتقوية يد الأوكرانيين في ساحة المعركة إلى أقصى حد ممكن.. وكان مسار الحرب بعيدًا عن الوضوح في تلك المرحلة. ومع امتداد المعارك وزيادة الخسائر أصبح من الصعب على الولايات المتحدة التحدث عن وجهة نظرها بشأن هدف الحرب التي لا تخوضها قواتها". 

صحيح أن التوقعات بانتهاء "اللعبة"-كما وصفها سوليفان-تفترض أن يقرر الأوكرانيون متى يتوقفون، لأنهم هم من يموتون من أجل بلدهم، بغض النظر عما قد تريده واشنطن. لكن كييف ظلت تبحث عن النصر المزعوم رغم تعاظم الخسائر. وجاء قرار وضع حدّ للسيناريو الأسوأ مع وصول ترامب للبيت الأبيض، لأن الولايات المتحدة ضجرت من دفع المزيد من التمويلات بالمليارات دون جدوى، خاصة بعد أن أوضحت سنوات القتال أن أيًا من الطرفين لا يملك القدرة-حتى بمساعدات خارجية-لتحقيق نصر عسكري حاسم على الطرف الآخر. 

ومن الواضح أن العوامل المؤدية إلى صراع مدمر كانت مؤهلة للاستمرار لسنوات مقبلة دون نتيجة نهائية. وظل العالم ينظر ويتأسى ويتأسف لأنه مجرد رقم صغير في هذه الحرب. والجميع يعلم في الحرب والسلم أن الأرقام الصغيرة لا تحدد نهاية اللعبة، وبالتالي قررت الولايات المتحدة البدء في توجيه الحرب نحو نهاية تفاوضية في القريب العاجل، ولا يهمها الآن الاستراتيجية المستقبلية لحلفائها الأوروبيين أو حتى موقف كييف. ولن يكون أمام الجميع خيار الانتظار بعد تضاعف تكاليف الحرب البشرية والمالية والعسكرية. كما أنه لا مجال الآن لأي دور لمن كانوا يروجون للعكس بعد أن أهلكت تداعيات الحرب التماسك الغربي وتضررت بشكل عميق الاقتصادات الأوروبية، خاصة مع تبخّر الأمل لدى العواصم الغربية من تحقيق كييف لمكاسب في ساحة المعركة، من شأنها أن تجبر بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. 

كما اتضح لواشنطن أيضا أن رغبة أوكرانيا هي الاستمرار في القتال حتى لو كانت ستقودها للخسارة. وقد كشف التاريخ أن الدول قد تختار الاستمرار في القتال على الرغم من الاعتراف بحتمية الهزيمة، وألمانيا كانت خير مثال لذلك إبان الحرب العالمية الأولى. باختصار، لن تؤدي المكاسب أو الخسائر في ساحة المعركة بالضرورة إلى إنهاء الحرب.

الجميع يتذكرون ما قاله الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، عن الرئيس بوتين، وبثقة منقطعة النظير: "هذا الشخص لا يمكن أن يظل في السلطة". كان ذلك بعد شهر من اندلاع الحرب في فبراير 2022؛ وها هو بايدن اليوم يجلس في نادي المتقاعدين، بينما بوتين مازال في مركزه يدير دفة الحكم بل وارتفعت شعبيته لأن الناس يلتفون حول الزعيم والعلم في أوقات الحرب. وهذا في حد ذاته مؤشر على أن الولايات المتحدة كثيرا ما تندفع في الحروب دون قدرة على حسمها. وجاء ترامب وسعى إلى التراجع وكانت عملية إخراج القرار على طريقته الدرامية، وشاهد العالم المؤتمر الصحفي الذي حاول خلاله مع نائبه إهانة حليفهما زيلينسكي بشكل متعمد حتى يستسلم لقرار وقف الحرب. بينما فشل الافتراض السابق لدول حلف الناتو وأوكرانيا بأن العلاقات بين روسيا والغرب لا يمكن أن تتحسن طالما ظل بوتين في منصبه. لكنها تتجه إلى التحسن رغما عنهم ولأن ترامب يريد ذلك!

وسيثبت أن هناك معادلة أخرى في العالم –وهي أدوات السلم وليس الحرب-وشرط الرحيل ربما كان أحد السيناريوهات التي تجول في ذهن الحكام الغربيين –ويحلمون بها لتخليصهم من الكابوس-عندما كان بايدن في الحكم لكن سجلُّ التحولات السياسية التي أعقبت خروج بايدن وفريقه لم يوفر مساحة للتفاؤل الأوروبي لأن الطريق إلى روسيا "أفضل"، من وجهة نظر المصالح الغربية، اختفى تماما! 

مقالات مشابهة

  • كيف يمكن فهم استراتيجية ترامب الخارجية؟
  • القوانين الانتخابيّة الىمقبرة اللجان بعد اعتراضات مسيحية على مشروع خليل
  • حرب لا يمكن الفوز بها.. وواشنطن تضع نهاية "اللعبة" في أوكرانيا!
  • تغييرات في رئاسة ثلاث مؤسسات دستورية بالمغرب.. منها رسالة لتونس
  • حوار وزارة الصحة والنقابات.. زيادات في الأجور و تعديل القوانين
  • مفاجئة سياسية.. عمارة وزير البيجيدي السابق يترأس مؤسسة دستورية
  • تطور جديد بالأزمة السياسية التي تعصف في كوريا الجنوبية
  • العربدة الإسرائيلية وانهيار القوانين الدولية
  • تركيا.. رئيس بلدية إسطنبول يدلي بشهادته أمام المحكمة بينما يتحدى المتظاهرون في جميع أنحاء الدولة القوانين
  • مصطفى بكري: التحديات التي تواجه مصر تتطلب الوقوف خلف القيادة السياسية.. ومتمسكون برفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه