الإنفاق الحكومي على النازحين يفجّر جدلًا.. ما حقيقة استخدام أموال المودعين؟
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
من تصريف الأعمال على مدى أكثر من عامين، إلى تصريف تبعات الحرب المدمّرة، انتقلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي تكافح منذ ما قبل الثامن من تشرين 2023، لتبقى صامدة بوجه عواصف الداخل والخارج، وقادرة على إدارة شؤون وشجون البلاد، وهي آخر المعاقل الدستوريّة العاملة في البلاد، بفعل استمرار الفراغ في موقع رئاسة البلاد الذي دخل عامه الثالث، وتعطّل السلطة التشريعيّة المكبّلة بالفيتوات الانتخابيّة وهواة التعطيل.
رغم أنّ الحكومة لم تكن شريكة في قرار الحرب، تواجه اليوم ضغوطات سياسيّة من فريقين متقابلين، فريق يدفع باتجاه زيادة الإنفاق لتمويل حاجات النزوح المليوني، من خلال استعمال الأموال المتوافرة في حساب الدولة لدى المصرف المركزي أي الحساب 36، أو حتّى استعمال الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان. وفريق آخر، قوامُه عدد من الكتل النيابيّة يعارض بشدّة، متسلّحًا بالمادة 27 من قانون المحاسبة العامة التي تنظّم نفقات الدولة، ولا تجيز صرف نفقات من دون إدراجها مسبقًا في الموازنة. تضيف الكتل النيابية المعارضة إلى "مقاربتها القانونيّة" أبعادًا سياسيّة، فتصوّب سهامها على الفريق الذي تفرّد بقرار الحرب، وتُحمّله ومن خلفه إيران مسؤوليّة وتبعات جرّ البلاد إلى حربمدمّرة. القانون لا يتيح الإنفاق
من الناحية القانونية، تتركّز إشكاليّة الإنفاق من خلال ثلاثة أبعاد، يقول المحامي فؤاد الأسمر في اتصال مع "لبنان 24" الأول عدم إمكانيّة الإنفاق من خارج إقرار قانون في البرلمان يجيز ذلك، وهو متعذّر اليوم بظل مجلس نيابي معطّل. البعد الثاني متعلّق بالحكومة، كونها حكومة تصريف أعمال ولا تملك الوضعيّة القانونيّة التي تخولّها أن تنفق من خارج الدائرة الضيقة، وإنفاقها هو بالحد الأدنى لتغطية رواتب الموظفين والحاجات الصحيّة والخدماتيّة الأساسيّة، والمجلس النيابي لم يمنحها حق إصدار مراسيم اشتراعيّة. أمّا البعد الثالث، فظاهره السياسي لا يلغي مرتكزه القانوني يقول الأسمر "هنا نتحدّث عن المسؤوليّة عن فعل الغير، بحيث يتمّ تحميل الدولة والمواطن مسؤوليّة إجراء لم يتخذه أيّ منهما، علمًا أنّ الدولة ممثّلة بالحكومة والمجلس النيابي لم تُستشر ولم تمنح موافقتها على جبهة الإسناد، ولم تكن ماليّة الدولة جاهزة لتحمّل النتائج. أمّا الشعب فلم يُسأل رأيه عن طريق استفتاء. بالتوازي الأموال في خزينة الدولة هي أموال عامة وملك الشعب اللبناني، متأتيّة من الضرائب والرسوم التي يدفعها المواطن اللبناني، ولا يمكن التصرّف بها. لذلك كله لا يجوز تحميل الدولة والشعب نتائج قرارات وأفعال الغير. من ناحية أخرى هناك واقع مالي، مفاده أنّ الدولة عجزت عن القيام بتأمين الخدمات وتصحيح الرواتب قبل الحرب، فكيف الحال بنفقات باهضة جرّاء موجات النزوح الكبيرة والتي تفوق قدرة الدولة؟". ماذا عن أموال الاحتياطي هل يمكن استخدامها لتمويل نتائج الحرب؟
منذ بدء ولاية حاكم مصرف لبنان بالإنابة، اتخذ المركزي قرارًا بعدم تمويل الدولة، وتمكّن بفضل ذلك من زيادة موجوداته من العملات الأجنبيّة بما يقارب 2 مليار دولار. وقد سمح ذلك، معطوفًا على تقليص حجم الكتلة النقديّة بالليرة،بثبات سعر صرف الدولار الذي حافظ على مستواه ما دون التسعين ألف ليرة رغم الحرب. هذه الأموال التي كوّنها المركزي ليست ملكه، بل هي ما تبقّى من أموال المودعين، والمركزي ملزم بإعادتها لهم. وبالفعل بدأ مصرف لبنان باستخدامها في زيادة السحوبات ومضاعفة الدفعات الشهريّة وتوسعة التعاميم. كما أنّ احتياطي المركزي يشكّل ركيزة جوهرّية في استعادة أموال المودعين في أيّ خطّة للنهوض تتخذها الحكومة. ماليّة الدولة منهكة ولا استدانة
قبل أن تستعر الحرب بدءًا من الثامن عشر من أيلول الماضي، وتنقلب إلى تصعيد عدواني، يطال بالدمار والقتل والتشريد ثلث مساحة لبنان، كانت الحكومة بوضع مالي لا تُحسد عليه، تحاصرها مطالب موظفي القطاع العام،لا سيّما العسكريين المتقاعدين، الذين لجأوا إلى الشارع مرارًا وقادوا تحرّكات احتجاجيّة. لم يكن أمام الحكومة الكثير من الخيارات لإعادة الاعتبار إلى رواتب العاملين في القطاع العام، بظل لاءات عديدة رُفعت في وجهها، من قبل مصرف لبنان وإصرار حاكمه بالإنابة الدكتور وسيم منصوري على عدم تمويل الدولة، تفاديًا لتكرار خطيئة سلفه، ومن قبل الجهات الدائنة التي لا زالت تنتظر جدولة ديونها منذ توقّف حكومة دياب عن الدفع في آذار 2020. أمام استحالة الاستدانة من الداخل والخارج، لم يعد أمام الحكومة من مصدر سوى إيراداتها الذاتيّة، ونظرا للايرادات المتواضعة عجزت الحكومة عن تلبية كل المطالب، رغم إقرارها بأحقّيتها، وأعطت ضمن امكاناتها. هذا الواقع المعقّد قبل عدوان أيلول، زاد حراجة مع اتساع موجات النزوح، وتخطّيها عتبة المليون و200 ألف نازح. وقد عملت الحكومة منذ اللحظة الأولى على مواجهة التحدّيات الكبيرة، وتمويل الإنفاق خصوصًا بشقّه الصحي لمعالجة جرحى العدوان، وتأمين مراكز لإيواء مئات الآف النازحين، كما عمل رئيسها ولا زال على قيادة جهود دبلوماسية جبّارة مع عواصم القرار لوقف العدوان من جهة، وتغطية نفقات العدوان من جهة ثانية، وقد أثمرت الجهود في تخصيص 800 مليون دولار في مؤتمر باريس، ينتظر لبنان ترجمتها العملانيّة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مصرف لبنان ة الدولة
إقرأ أيضاً:
احتجاجات ضد نتنياهو: أهالي الأسرى يتهمون الحكومة بالتخلي عن أبنائهم
يمانيون../
كشفت وسائل إعلام العدو الصهيوني، مساء اليوم السبت، عن احتشاد مئات الصهاينة أمام منزل رئيس دولة الكيان المحتل يتسحاق هرتسوغ في “تل أبيب”، احتجاجا على صمته تجاه “تخريب صفقات الأسرى” والتخلي عنهم من قبل حكومة بنيامين نتنياهو.
وستقام مظاهرة ومسيرة أيضا في ساحة باريس بالقدس، وفي بئر السبع ستقام مظاهرة في ساحة “المشكان” للفنون المسرحية، بينما لن تكون هناك مظاهرة كبيرة في حيفا هذا الأسبوع أيضا بسبب توجيهات قيادة الجبهة الداخلية.
كما تم إلغاء المظاهرات التي كانت تُعقد مساء كل سبت بالقرب من منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيساريا، حيث قرر منظموها نقل النشاطات الرئيسية إلى القدس.
وقبيل المظاهرات الأسبوعية مساء اليوم، أدلى أقارب الأسرى الإسرائيليين بتصريحات للصحافة أمام بوابة بيغن التابعة لمجمع “الكرياه” في تل أبيب.
ودعت عيناف تسينجاوكر، والدة مَتّان، المحتجز في غزة منذ 407 أيام، في حديثها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى “التدخل” والمساعدة في الترويج لاتفاقية.
وقالت: “هذا هو اليوم الـ407 الذي يقبع فيه أحباؤنا أسرى في جحيم غزة بسبب نتنياهو. نُشر أمس أن إسرائيل قدمت اقتراحا لإنهاء الحرب في لبنان. كيف يمكن أن يتم تقديم اقتراح لإنهاء الحرب في الشمال بينما لا توجد أي مبادرة لإنهاء الحرب في الجنوب؟”.
وأضافت: “كيف يمكن أنه حتى بعد هزيمة حماس، يرفض نتنياهو إنهاء الحرب في غزة مقابل صفقة؟ كيف يمكن أن يتوقف الكابينت عن مناقشة قضية المختطفين؟ لقد تخلّى نتنياهو منذ زمن عن المختطفين، وهو الآن يضحي بهم وبالجنود بينما يواصل شركاؤه المتطرفون السعي لإقامة مستوطنات في غزة”.