الأردن يدين قصف غزة وبيت لاهيا ويعتبره خرقا فاضحا للقانون الدولي
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
أدانت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم الأحد 17 نوفمبر 2024، قصف إسرائيل مدرسة أبو عاصي التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا " في مخيم الشاطئ بمدينة غزة ، ومنزلاً في بيت لاهيا في قطاع غزة، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من 60 شخصا، وإصابة العشرات معظمهم من النساء، والأطفال.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتور سفيان القضاة، أن ما يجري يشكل خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي، وخاصة اتفاقية "جنيف"، بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، وإمعان في الاستهداف الممنهج للمدنيين، ومراكز إيواء النازحين.
وشدد على إدانة المملكة واستنكارها المطلق لاستمرار إسرائيل انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ما يعكس غياب رد دولي فاعل وحازم يلجم العدوانية الإسرائيلية، ويجبرها على احترام القانون الدولي ووقف عدوانها على غزة، وما يخلّفه من قتل، ودمار، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وشدد السفير القضاة على ضرورة ضمان حماية المدنيين، والمنشآت الحيوية التي تقدم الخدمات الأساسية للأشقاء الفلسطينيين، والمرافق الإنسانية، ومراكز الإيواء، بموجب القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.
وجدد دعوته للمجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، إلى ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته، وإلزام إسرائيل وقف عدوانها على غزة بشكل فوري، وانتهاكاتها المتواصلة، والمستمرة، للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة المسؤولين عنها.
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
موقف ترامب من فلسطين في ميزان القانون الدولي
د. عبدالله الأشعل **
لا بُد من الإشارة إلى جريمة الولايات المتحدة في إبادة السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، لكي نفهم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الأراضي العربية المحتلة.
والواقع أن ترامب يُعبِّر عن أجهزة الدولة الأمريكية؛ فقد سبق أن أصدر الكونجرس الأمريكي قانونًا في شهر نوفمبر 2024 يُهدد قضاة الجنائية الدولية بالعقوبات إن هم أقدموا على تجريم قادة إسرائيل، فلمَّا تصدى هؤلاء القضاة للولايات المتحدة وأصدروا أمرًا بالقبض على بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المُقال، تحديًا لها في ديسمبر 2024، أصدر الكونجرس قانونًا بمعاقبة قضاة المحكمة بالفعل، وحذر الدول الأعضاء من القبض على نتنياهو عند زيارتها. لكن الدول الديمقراطية غير الخاضعة للتوجهات الأمريكية أعلنت أنها سوف تُنفِّذ أمر المحكمة عند زيارة نتنياهو لها مثل ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا؛ بل إن المحكمة العليا في هولندا في أكتوبر 2024 أبطلت قانونا كان قد سنَّه البرلمان الهولندي بأن تُصَدِّر الحكومة الهولندية الأسلحة لإسرائيل وبالفعل عقدت الحكومة الهولندية عدة اتفاقيات لتنفيذ لهذا القانون ولكن منظمات حقوق الإنسان رفعت دعوى أمام المحكمة العليا الهولندية طالبت إبطال هذا القانون وهذه المعاهدات، على أساس أن هذه الأسلحة تستخدم في إبادة الفلسطينيين. ويترتب على ذلك أن هولندا شريكة لإسرائيل في الإبادة فلما دفعت الحكومة الهولندية دفعا عن موقفها بنظرية أعمال السيادة رفضت المحكمة هذا الدفع، وقالت إن أعمال السيادة لا بد أن تنسجم مع القانون الدولي علما بأن أعمال السيادة يتم التوسع فيها بانتهاك السيادة في الدول المتخلفة مثل دول العالم العربي وأبطلت المحكمة العليا الهولندية المعاهدات والقانون الذي تفرعت عنه هذه المعاهدات، وكان ذلك فتحا جديدا في نظرية أعمال السيادة التي نادرا ما تدفع بها الحكومات الديمقراطية.
معنى ذلك أن ترامب أول صهيوني بالوراثة على أساس أن الصهيونية تعني إبادة السكان الأصليين وأن يحل محلهم على الأرض من اللصوص الذين يزعمون ملكية هذه الأرض، ونجح هذا العمل في الولايات المتحدة منذ آواخر القرن الخامس عشر.
أرادت الولايات المتحدة تطبيق هذه النظرية في فلسطين والمنطقة العربية عمومًا على اساس النظرة الاستعمارية الاستعلائية وهذا قسم جديد في الاستعمار الأوروبي، فقد ألف العالم أن الاستعمار يأتي بجيوشه لكي يستعبد الشعوب الأخرى التي لا يعترف بها ولكن الاستعمار لم يدع مطلقا تبعية الأرض له. فقد احتلت فرنسا الجزائر 150 عامًا وقتلت الآلاف، ولكنها لم تدع أن الجزائر جزء من فرنسا وإن كانت فرنسا كانت تطمح فوق طموح المستعمر التقليدي بالقول إن الفرنسيين المستوطنين للجزائر لهم الحق في حماية الدولة الفرنسية لولا صمود الشعب الجزائري وتضحياته التي بلغت المليون ونصف من الشهداء حتي اقتنع شارل ديجول بعدم جدوى هذه النظرية واتخذ قراراه الجريء بمنح الجزائر الاستقلال في اليوم الأول من يوليو 1962 وسحب القوات الفرنسية العاملة في الجزائر.
عناصر موقف ترامب
يشمل موقف ترامب ثمانية عناصر:
الأول: تهجير سكان غزة وإفراغ غزة من أهلها حتى تستولي عليها الولايات المتحدة وتخلص أمريكا إسرائيل من المقاومة.
الثاني: إنشاء أمريكا لمنتجع سياحي عالمي في غزة حتى يمكن أن يخصص دخله لدعم إسرائيل.
الثالث: اقتطاع الجولان السوري المحتل لإسرائيل.
الرابع: القضاء على المقاومة خدمة لإسرائيل.
الخامس: الموافقة على قرار إسرائيل بإلغاء وكالة الأونروا، ومنطقه أن الوكالة نشأت بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وهم سوف يُهجَّرون إلى مصر والأردن أو دول أخرى.
السادس: السكوت؛ بل الموافقة على إبادة الشعب الفلسطيني وهو خط أمريكي دائم بغض النظر عن اسم الرئيس.
السابع: أن الفلسطينيين يهجرون إلى مصر التي طلب ترامب أن تخصص لهم سبعة آلاف كيلو متر مربع شمال سيناء وطلب من الأردن استيعاب الضفة الغربية.
الثامن: أنه وافق ضمنيًا على استيطان غزة والضفة الغربية.
موقف القانون الدولي من عناصر موقف ترامب:
أولًا: إن تهجير الفلسطينيين يعتبر قسريًا وفي ميثاق روما يمثل جريمة حرب.
ثانيًا: إن استيلاء الولايات المتحدة على غزة يعد احتلالًا غير مشروع بالقوة حتى تحت غطاء تطوير قطاع غزة وتعميره.
ثالثًا: إعطاء الجولان السوري لإسرائيل عملٌ ينتهك تمامًا قرارات الأمن التي تؤكد أنها أراض سورية محتلة.
رابعًا: نقل السفارة الأمريكية من القدس الغربية إلى القدس الشرقية المحتلة عمل متعمد ينتهك جميع قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن بدءًا من قرار التقسيم عام 1947 ومرورًا بقرارات مجلس الأمن خاصة القرار رقم 478 الذى قدمت مشروعه الولايات المتحدة وصدر في 20 أغسطس 1980، وكان بتوجيه مباشر من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بناءً على اتصال من الرئيس المصري أنور السادات مع كارتر، وحصل هذا القرار على إجماع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين، وهذا القرار أبطل القانون الإسرائيلي بضم القدس الشرقية، خلافًا للقرار الذى صدر عام 1967 ورقمه 242 والذى وصف القدس الشرقية بالأراضي المحتلة، وهذا الموقف تنظره محكمة العدل الدولية في دعوى منذ 2018 في ولاية ترامب الأولى وهذه الدعوى رفعتها الدولة الفلسطينية ولا تزال منظورة أمام المحكمة العالمية.
خامسًا: القضاء على المقاومة جريمة مُركَّبة من عدد جرائم: جريمة مصادرة الحق في المقاومة، وجريمة حصانة المقاومة في القانون الدولي بصفتها حركة تحرر وطني، وجريمة مصادرة حق الشعب في تقرير مصيرة، وجريمة المجاهرة بانتهاك القانون الدولي الذي يحمي المقاومة.
سادسًا: إلغاء الأونروا، وهذه الوكالة نشأت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 على أساس مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى. ومما يذكر أن قرار مجلس الأمن 242 نظر إلى الشعب الفلسطيني كله على أنه قضية لاجئين فألغى نتنياهو الأونروا إيذانًا بتهجير اللاجئين بصفة نهائية وإفراغ فلسطين منهم.
سابعًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو الخاطئ يضع نفسه مع المُخطئ ضد المجتمع الدولي كله، فلا يجوز إلغاء قرار الجمعية العامة من جانب إحدى الدول، خاصة إن كانت دولة عظمى تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وينظر إليها على أنها حامية للقانون الدولي.
ثامنًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو بإلغاء الأونروا معناه مصادرة حق الحياة للشعب الفلسطيني، ومصادرة حق العودة إلى وطنه وأرضه، وانتهاك لجميع القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة بشأن حق العودة وخاصة القرار 194 وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948.
تاسعًا: المشاركة في إبادة الشعب الفلسطيني المُتمَسِّك بأرضه وقد اعترف ترامب بهذه الجريمة، عندما قال إن غزة لا يمكن العيش فيها بعد تدمير إسرائيل لها؛ فكأن التدمير والابادة يُمهِّدان للتهجير والإبادة جريمة من جرائم النظام الدولي العام ووردت في ميثاق روما وكذلك في اتفاقية الأمم المتحدة لإبادة العرق البشري عام 1948.
الخلاصة.. إن ترامب بموقفه من فلسطين كلها يحاول أن ينصر الباطل على الحق ويهدر تراث البشرية في قواعد القانون الدولي ويفلت إسرائيل من العقاب. ويقع المُعلِّقون العرب في خطأ فادح وهو التمييز في مواقف الجمهوريين والديمقراطيين من إسرائيل؛ فكلهم على مذهب واحد وهم صهاينة قبل أن تظهر الصهيونية الحديثة، كما أن إسرائيل تجتذب ضحايا المشروع الصهيوني الوهمي، ولا فرق بين متطرف ومعتدل؛ فكلهم يتبعون المشروع الصهيوني، ولا علاقة لهم باليهودية، كما أن قادة الولايات المتحدة يتبعون الصهيونية الأساسية، وخاصة عبثهم بالمسيحية فأطلقوا اسم الصهيونية المسيحية على أمثالهم والمسيحية منهم براء.
وأخيرًا.. أرجو أن نلفت نظر كبار المحاميين الدوليين الذين ينتصرون للحق بالحق أن يقدموا ترامب وزمرته إلى الجنائية الدولية بناءً على هذا التحليل وإسنادًا بمواد قانونية محددة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر