في المغرب.. أول استخدام جنائزي لنبات الإفيدرا الطبي قبل 15000 سنة
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
يشتهر نبات الإفيدرا بخصائصه الطبية في الوقت الحاضر، حيث يستخدم تقليديا لعلاج أمراض الجهاز التنفسي، كما يستخدم كمقبض للأوعية الدموية، وهو ما قد يكون مفيدا في تقليل فقدان الدم أثناء العمليات الجراحية، مثل خلع الأسنان.
غير أن فريقا بحثيا دوليا، يضم باحثين من إسبانيا وبريطانيا والمغرب، توصل في دراسة نشرتها دورية "ساينتفيك ريبورتس"، إلى ما يعتقدون أنه "أقدم استخدام لهذا النبات في الأغراض الجنائزية"، وذلك في منطقة مغارة الحمام (تافوغالت) شمال المغرب.
ويقول الأستاذ بمعهد الآثار بجامعة أكسفورد البريطانية، والباحث المشارك بالدراسة، نيك بارتون، في تصريح خاص للجزيرة نت "يُعد موقع تافوغالت أحد المواقع الأثرية الأكثر شهرة في شمال أفريقيا، حيث شهد العديد من الحفريات والاكتشافات التي ساعدت في تكوين فهم أعمق للحياة في العصر الحجري، وتقع المغارة في منطقة جبلية جافة، مما جعلها بيئة مثالية للحفاظ على بقايا النباتات، لكن العامل الأكثر أهمية في حفظ نبات الإفيدرا المكتشف في الموقع كان عملية الحرق".
وفي العادة، تتحلل النباتات بمرور الوقت، ولكن في هذا الموقع، وجد الباحثون أن بقايا الإفيدرا تعرضت للحرق الذي ساهم في الحفاظ على بقايا النباتات متفحمة لأكثر من 15 ألف سنة.
حيث تؤدي عملية الحرق إلى تحول المادة العضوية إلى فحم، وهذه العملية، المعروفة بـ"الكربنة"، حمت النبات في مغارة الحمام من التحلل الطبيعي بفعل البكتيريا والفطريات التي تتغذى عادة على المواد العضوية.
مغارة الحمام مقصد دائم للباحثين في أسرار الإنسان البدائي في العصر الحجري (الفريق البحثي) لماذا تم ترجيح الاستخدام الجنائزي؟وكان الفريق البحثي قد اكتشف بين عامي 2005 و2015، العديد من المدافن البشرية في المغارة، وكان أبرزها المدفن المشار إليه باسم (الفرد 14)، والذي لا يشمل فقط بقايا بشرية، ولكن أيضا عناصر فريدة مثل عظام الحيوانات ومناقير الطيور وبقايا النباتات، بما في ذلك نبات الإفيدرا.
ومن بين البقايا، وجدوا 23 ورقة مخروطية محترقة من نبات الإفيدرا، وأكد التأريخ المباشر -بالكربون المشع (طريقة علمية تستخدم لتحديد عمر المواد العضوية بقياس كمية الكربون المشع 14 التي تحتويها)- أن بقايا الإفيدرا والدفن البشري كانا متزامنين، مما يشير إلى أن النبات كان يستخدم عمدا بالتزامن مع ممارسات الدفن.
والإفيدرا هو نبات معمر معروف بخصائصه الطبية، ويستخدم في الطب التقليدي في العديد من الثقافات حول العالم حتى يومنا هذا، ومن خلال معرفة العلماء الحديثة، يُعتبر نبات الإفيدرا غنيا بالمركبات الكيميائية التي تستخدم في الأدوية لعلاج مجموعة من الحالات الصحية، مثل مشاكل التنفس، والتهابات المفاصل، وحتى كمنشط للجهاز العصبي.
وفي العصور القديمة، كان من الممكن أن يكون للنبات استخدامات غذائية أيضا، حيث يحتوي على نسبة عالية من البروتين والدهون، وقد يكون الإنسان القديم قد استخدم أوراقه أو سيقانه إما كطعام يتم تناوله بشكل مباشر أو تم تحضيره في صورة شاي أو مشروب طبي، وهذا الاستخدام المزدوج، كغذاء ودواء، يشير إلى دور محتمل للنبات في الأنشطة الطقسية والطبية التي كانت تُمارس في الموقع.
ورجح الباحثون أن الاستخدام في الأنشطة الجنائزية ربما يكون عائدا لخصائص النبات العلاجية، التي قد تتعلق بتخفيف الألم أو المساعدة في شفاء الأمراض، إذ ربما كان يُستخدم في طقوس تهدف إلى رعاية الموتى أو التحضير للآخرة، مما يجعله أقدم استخدام معروف لنبات الإفيدرا، كما يوضح بارتون.
وبينما لا توجد أدلة حتى الآن على استخدام الإفيدرا في سياقات جنائزية أو طقوسية لدى حضارات أخرى، يقول بارتون إن "هذا الاكتشاف يفتح أبوابا جديدة لفهم كيفية استيعاب البشر القدماء للفوائد العلاجية للنباتات".
بقايا بشرية تم العثور عليها في مغارة الحمام (الفريق البحثي) فهم أعمق لدور النباتاتوتعتمد العديد من الدراسات الحديثة للنباتات القديمة على أدوات تحليلية متطورة، حيث حلل الباحثون بقايا الإفيدرا باستخدام طرق علمية متنوعة، منها التحليل المجهري والتحليل الكيميائي للبقايا المتفحمة.
ومع ذلك، لم يتمكن الباحثون حتى الآن من تحديد المركبات الكيميائية الدقيقة المتبقية في النبات بسبب تعرضه للحرق، وبدلا من ذلك، اعتمد الفريق البحثي على المعرفة العلمية المعاصرة حول الخصائص الطبية لنبات الإفيدرا.
ويقول بارتون "ليس هناك سبب بيولوجي للاعتقاد أن الإفيدرا في مغارة الحمام كان مختلفا عن الأنواع الحديثة، فنحن نعلم من خلال العلم الحالي أن للإفيدرا تطبيقات طبية متنوعة، ومن المعقول أن نفترض أن الناس في الماضي قد استخدموه لأغراض مشابهة، ويعد اكتشاف بقاياه خطوة مهمة نحو فهم أعمق لدور النباتات في حياة الإنسان القديم".
ويُشير هذا الاكتشاف إلى أن الإنسان البدائي لم يكن يعتمد فقط على الصيد وجمع الغذاء، بل كان أيضا على دراية بخصائص النباتات واستخداماتها في مجالات الطب والطقوس.
ويضيف بارتون "هذه النتائج تدفعنا لإعادة النظر في الأنماط الثقافية والطقوس التي كانت تمارس في العصر الحجري، وربما تلهم المزيد من الدراسات في مواقع أخرى في المغرب وشمال أفريقيا".
استكشاف المزيد من المواقعولا يزال البحث في مغارة الحمام قائما، حيث يستمر فريق العلماء في إجراء حفريات جديدة في الموقع، كما يخطط الباحثون لدراسة مواقع أثرية أخرى في شمال المغرب، حيث يمكن أن تكشف هذه الحفريات عن بقايا نباتية مشابهة.
وتعتبر هذه الأبحاث جزءا من مشروع أكبر يهدف إلى فهم كيفية تفاعل الإنسان البدائي مع بيئته الطبيعية، وكيف استخدم النباتات ليس فقط كمصدر غذاء، بل أيضا كأدوات طبية وطقسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الفریق البحثی العدید من
إقرأ أيضاً:
استشهاد أسيرين في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي.. وحماس تعلق
أفادت مؤسستان حقوقيتان فلسطينيتان، الجمعة، باستشهاد أسيرين فلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد نقلهما إلى المستشفى إثر تدهور حالتهما الصحية، في حين شددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على أن استشهاد الأسيرين نتيجة الإهمال الطبي "وصمة عار" تضاف إلى "مسلسل الاحتلال الإجرامي".
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في بيان مشترك، إن الأسيرين سميح سليمان عليوي (61 عاما) من نابلس بالضفة الغربية المحتلة، وأنور شعبان اسليم (44 عاما) من قطاع غزة، استشهدا بعد نقلهما إلى المستشفى عقب تدهور حالتهما الصحية.
وأضافتا، أن الأسير عليوي استشهد في السادس من تشرين الثاني /نوفمبر الجاري، بعد نقله من عيادة سجن الرملة إلى مستشفى "أساف هروفيه"، رغم معاناته من مشاكل صحية مزمنة نتيجة ورم حميد في الأمعاء.
وكان عليوي قد اعتقل إداريا في 21 تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، ويعاني من وضع صحي متدهور نتيجة الإهمال الطبي المستمر في السجون الإسرائيلية، وذلك استنادا لزيارة أجراها محامي هيئة الأسرى له في تاريخ 21 آب /أغسطس الماضي، حيث ذكر أنه يُعاني قبل اعتقاله من عدة مشاكل صحية نتيجة إصابته بورم حميد في الأمعاء قبل سنوات.
أما الأسير اسليم، الذي كان معتقلا منذ 18 كانون الأول /ديسمبر عام 2023، فقد استشهد في 14 تشرين الثاني /نوفمبر الجاري بعد نقله من سجن النقب إلى مستشفى "سوروكا" إثر تدهور مفاجئ في حالته الصحية، وذلك بالرغم من أنه لم يكن يعاني من أية مشاكل صحية قبل اعتقاله، وفقا للبيان.
"وصمة عار"
من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس إن "ارتقاء الأسير القائد سميح عليوي من نابلس، والأسير أنور اسليم من غزة شهيدين داخل سجون الاحتلال، هو انعكاس لجرائم الاحتلال المتصاعدة بحق الأسرى، واستمرار لسياسة القتل البطيء والممنهج بحقهم عبر الإهمال الطبي وممارسة كل أساليب التعذيب والتنكيل".
وأضافت في بيان، "إننا إذ ننعى الشهيدين، لنؤكد أن ما يعانيه أسرانا وأسيراتنا داخل السجون والذي أدى إلى استشهاد عدد منهم، يمثل وصمة عار تضاف لمسلسل الاحتلال الإجرامي، ومخالفاته الصارخة لكل القوانين والتشريعات والقيم الإنسانية، وعدم اكتراثه بكل الاتفاقيات الدولية".
وشددت حماس، على أن "ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال، من قمع وتنكيل وحرمان، يستدعي التحرك العاجل على كافة المستويات لإنقاذهم من حكومة الاحتلال الفاشية الإجرامية التي تسعى بشكل علني لإعدامهم".
ودعت الشعب الفلسطيني وذوي الأسرى وكافة المؤسسات الحقوقية والقانونية والإنسانية إلى "تصعيد جهدها لإسناد الأسرى ودعمهم بشتى السبل وعلى كافة الصعد".
"سياسة القتل البطيء والتصفية"
وفي تفاصيل الزيارة التي تمت للأسير عليوي، فقد ذكر للمحامي أنه "كان يعاني أوضاعا صحية صعبة قبل اعتقاله، وقد خضع لعدة عمليات جراحية، خلالها تم استئصال جزء من أمعائه جراء إصابته بورم حميد في حينه، وكان من المفترض أن يجري عملية جديدة في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، إلا أنها لم تتم بسبب اعتقاله، الأمر الذي فاقم من وضعه الصحي".
وأكد عليوي في حديثه للمحامي، "تعرضه كما العديد من الأسرى لعمليات تنكيل، واعتداءات متكررة خاصة خلال عملية نقله إلى العيادة، وعلى الرغم من مرضه وحالته الصحيّة الصعبة، إلا أنهم كانوا يخرجونه للعيادة مقيد، ويتم التنكيل به".
وقال إنه "فقد من وزنه حتى تاريخ الزيارة أكثر من 40 كغم، ولم يعد قادرا على تناول لقيمات الطعام التي تقدم لهم، كما أنه لم يحصل على أي علاج بالمطلق منذ اعتقاله"، حسب البيان.
وأشار عليوي الذي سبق أن أمضى ما مجموعه في سجون الاحتلال نحو عشر سنوات، إلى أنه "ورغم تدخل مؤسسات حقوقية مختصة في الداخل للضغط على إدارة السجون لتوفير العلاج له إلا أن ذلك لم يتم".
وعليوي هو متزوج وأب لتسعة من الأبناء، كذلك الأسير اسليم فهو متزوج وأب لأربعة من الأبناء، وفقا لبيان المؤسستين الحقوقيتين الفلسطينيتين.
وحملت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية استشهاد الأسيرين، وأشارت إلى أن الأسيرين الراحلين تعرضا لجريمة ممنهجة تعد جزءا من سياسة القتل البطيء والتصفية التي ينتهجها الاحتلال بحق الأسرى.
ولفتت المؤسستان إلى أن الاحتلال "ينتهج سياسة القتل البطيء والتصفية بحق الأسرى الفلسطينيين على مدار عقود طويلة، عبر سلسلة من الجرائم والسياسات الثابتة، أبرزها جريمة التعذيب، والجرائم الطبية، وجريمة التجويع"، وأوضحتا أن "هذه الجرائم شكلت الأسباب المركزية لاستشهاد العشرات من الأسرى والمعتقلين منذ بدء حرب الإبادة" على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023.
وأشارتا إلى أنه باستشهاد الأسيرين "يرتفع عدد الشهداء الأسرى المعلومة هوياتهم منذ عام 1967، إلى 280، إلى جانب عشرات الشهداء الأسرى الذين يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم وظروف استشهادهم، ومعتقلين آخرين تعرضوا للإعدام، ومن العدد الإجمالي لشهداء الحركة الأسيرة فإن عدد الشهداء الأسرى بعد تاريخ السابع من أكتوبر ارتفع إلى 43 ممن تم الإعلان عن هوياتهم من قبل المؤسسات المختصة".
ووفقا للبيان، فإن "عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين اعترفت بهم إدارة السجون حتى بداية الشهر الجاري، بلغ أكثر من 10 آلاف و200، فيما تواصل فرض جريمة الإخفاء القسري بحق المئات من معتقلي غزة في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال".
ومن بين الأسرى في سجون الاحتلال 96 أسيرة وما لا يقل عن 270 طفلا و3443 معتقلا إداريا بينهم 31 من النساء و100 طفل، حسب المؤسستين الفلسطينيتين.