ملوحا بها من شرفة مطعمٍ في باريس، أطل الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داود على الصحافيين مع روايته الحورِيات (Houris) بعد إعلان فوزها بجائزة غونكور التي تُمنح سنويا لأفضل عمل أدبي مكتوب بالفرنسية.

وتعد الرواية الصادرة عن دار غاليمار الثالثة لهذا الكاتب البالغ 54 سنة، وفيها يستعيد أحداث "العشرية السوداء في الجزائر" بين سنتي 1992 و2002.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الاستلزام الحواري.. أحد أبرز معالم النظرية التداوليةlist 2 of 2عن جدلية الأفضلية والأسبقية بين الشعر والنثرend of list

وفاز داود بالجائزة بعد حصوله على 6 أصوات من أصل 10 من المحكمين، وعاد منها صوتان للفرنسية إيلين غودي، وصوت واحد لكل من الفرنسية ساندرين كوليت والرواندي غاييل فاي الذي يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط الثقافية الفرنسية، بعد أن بيعت 173 ألف نسخة من روايته "جاكارندا" التي تتناول تفاصيل مجازر الإبادة الجماعية التي وقعت في بلاده.

وأثار تتويج داود جدلا واسعا بالجزائر حيث قسّم المتابعين إلى طرفين، أحدهما يعتبره "مكافأة على الجمالية والمتانة الفنية لروايات كمال وتكريما أدبيا للرواية الجزائرية" والآخر يتهم داود بتبني النظرة الفرنسية وترويج أطروحات نمطية ذات طابع استشراقي تدغدغ الكليشيهات الغربية عن العرب والمسلمين، خاصة بعد مقالاته التي تبنى فيها السردية الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتصريحه السابق بأنه فرنسي أكثر من الفرنسيين.

وقد اعتبرت أكاديمية غونكور التي تمنح الجائزة أنها بتتويج "الحوريات" فإنها تتوج كتابا تتنافس فيه القصائد الغنائية مع المأساة، ويعطي صوتا للمعاناة المرتبطة بفترة مظلمة في الجزائر، وخاصة النساء.

ولا يبدو مفاجئا تتويج داود الذي عايش حقبة التسعينيات في الجزائر وتعامل معها وقتئذ كصحفي، خاصة لدى بعض المتابعين الذين استبقوا الحدث وتنبؤوا بذلك معتبرين أن هناك عوامل سياسية تصب في مصلحة صاحب "ميرسو، تحقيق مضاد"، التي استلهمت رواية "الغريب" للروائي الفرنسي ألبير كامو الذي قتل فيها بطله شخصا جزائريا لم يزد على وصفه بـ"العربي"، ليسرد "التحقيق المضاد" حكاية القتل على لسان أخ الضحية.

تكريس النظرة النمطية تجاه الأفارقة

في كتابه "اختلاق الساحل" (L’invention du Sahel) الصادر سنة 2022، يخصص الكاتب الفرنسي جان-لو أمسيل حيزا لكشف العلاقة بين المثقفين المنحدرين من أفريقيا وبين النخب الثقافية الفرنسية. فعبر قراءة أعمال الأفارقة التي توجت سابقا بالجوائز الأدبية الفرنسية، وأبرزها غونكور، يحاول أمسيل كشف الخيط الناظم بينها.

ويرى الكاتب الفرنسي أن النجاح الذي لاقاه المشهد الفني لدول الساحل في فرنسا يرجع بالأساس إلى تنسيق أعمال أبرز ممثليه مع المفاهيم والقيم الغربية. ولعل العلاقة بين هؤلاء الكُتاب وبين النخب الثقافية والإعلامية الفرنسية الراغبة في إظهار مناهضتها للعنصرية -عبر الانفتاح على أشكال التعبير الغربية- ضبطت إيقاع إنتاجهم الأدبي ضمن قوالب معدة مسبقا من قبل فرنسا حددت مسار أعمالهم وما تتناوله من قضايا.

ولا ينفي أمسيل جودة هذه الأعمال ومهارة أصحابها، إلا أنها بالنسبة له تتبنى النظرة الفرنسية عن الأزمات السياسية والاجتماعية، وتكرس النظرة النمطية تجاه شعوب أفريقيا، في انسجام تام مع الإطار الفكري للدوائر الغربية والقضايا التي تدافع عنها، ارتباطا بمساعي تجميل باريس لماضيها وغض النظر عن الجرائم المرتكبة في مستعمراتها.

كتاب "اختلاق الساحل" لمؤلفه جان-لو أمسيل يشدد على عرقانية الجغرافيا التي أقامها الاستعمار واستصحابها تراتبية غامضة بين شعوب المنطقة (الجزيرة) هل القيمة الأدبية تكفي؟

وقد كان الطاهر بن جلون عضو أكاديمية الجائزة قد أكد -في تصريح لقناة فرانس 24 عقب إعلان فوز "الحوريات" بجائزة غونكور- أن اختيار هذه الرواية نابع من دوافع أدبية، مضيفا أن قرار اللجنة اتخذ بعد نقاش كبير عن قيمتها الأدبية، في حين ظلت المعايير السياسية هامشية.

غير أن بن جلون، الفائز سابقا بنفس الجائزة، لم يتناول الجوانب الفنية للرواية بقدر ما تحدث عن موقف الجزائر الرسمي تجاه تلك الحقبة الدامية من تاريخ البلاد، معتبرا داود معارضا سياسيا ومطالبا بحرية التعبير في بلده، على حد تعبيره.

غير أن البروفيسور الجزائري واسيني الأعرج لا يذهب بعيدا عن أطروحة أمسيل، متسائلا "هل القيمة الفنية هي المحدد الوحيد للجائزة أم موقف كمال داود من القضية الفلسطينية، اللغة العربية، ومما يحدث في بلده؟".

ويعدد الأعرج -في منشور له على فيسبوك- الكُتاب الجزائريين الفرانكفونيين الذين قضوا زمنا طويلا يجتهدون في الحصول على هذه الجائزة دون جدوى، بينهم الحاج حمو الذي يعد حسب الأعرج من مؤسسي الأدب المكتوب بالفرنسية بهوية وطنية وصاحب أول رواية فرانكفونية (زهرة زوجة المنجمي) ولم ينجح في الظفر بها، مثله مثل محمد ديب الذي يعتبره صاحب شرفات بحر الشمال "الأب الروحي الذي منح الأدب الفرانكفوني حق التمايز الوطني، ولا حتى كاتب ياسين الذي يقول واسيني إنه طور الرواية العالمية وليس فقط المغاربية، وكذلك آسيا جبار التي "بقيت في خلفية مشهد هذه الجائزة على الرغم من احتلالها كرسي الخالدين في الأكاديمية الفرنسية".

للنجاح ثمن باهظ

من جهته اعتبر الأكاديمي والناقد الجزائري لونيس بن علي أن للنجاح -في سياقنا العربي- ثمنا باهظا، إما من جهة سيادة ثقافة عدم الاعتراف بالناجح، أو من ناحية الكتابة لإرضاء لوبيات ثقافية أو إعلامية.

أستاذ الأدب المقارن بجامعة بجاية لونيس بن علي يرى أن داود ضحية لنجاح روايته الأولى (الجزيرة)

وفي حديثه للجزيرة نت، قال بن علي "أعتقد أن داود ضحية لنجاح روايته الأولى (ميرسو.. تحقيق مضاد، أو معارضة الغريب كما تمت ترجمتها إلى العربية) لكنه أيضا ضحية مواقفه من قضايا حساسة، يصعب طرحها في بيئة لا تقبل بالرأي المختلف، وترفض ممارسة التقويض الشامل للقناعات الراسخة حول الدين أو التاريخ".

ويضيف بن علي -أستاذ النقد الأدبي والأدب المقارن بجامعة بجاية- "فنيا، داود روائي تتمتع رواياته بقدر عال من الجمالية والمتانة الفنية والذكاء في مقاربة موضوعاته، سواء في روايته الأولى (ميرسو.. تحقيق مضاد) أو في روايته (فنان يلتهم امرأة) أو في رواية (زبور أو المزامير) ثم أنه لم يشذ عن أسلوبه في روايته الأخيرة (الحوريات/حور العين) التي فاز من خلالها بجائزة غونكور".

وتابع الناقد الجزائري "ما يكتبه داود يقف فوق أرض متحركة، لأنه يمارس خلخلة القناعات، ويتمرد على العقائد السياسية، لكن يتهمه الكثيرون بأنه يكتب تحت أجندة سياسية تخدم الغرب، خاصة موقفه من القضية الفلسطينية، أو من الدين، أو حرية المرأة، او العشرية السوداء في الجزائر".

وقبل أن ينهي حديثه يقول "لكن، لا يجب على البعض أن ينسى أنّ الكثير من مقالاته جلبت له العداء حتى في أوروبا نفسها، مما يعني أنه كاتب لا يعترف بالحدود، ويكتب بروح نقدية".

تتويج لواحد من أسئلة الكتابة

أما فتحية دبش الكاتبة والناقدة التونسية المقيمة في فرنسا، فقد أكدت -في حديث للجزيرة نت- أن ما يلفت انتباهها بشكل شخصي هو "هشاشة الكاتب العربي في المنفى بلسان غير عربي، وعدم قدرته على الاستفادة من موقعه في الخارطة الأدبية والفكرية -كما هو شأن داود في فرنسا- وعجزه على تعميم رفضه لكل أيديولوجيات القتل شرقا وغربا".

الكاتبة والناقدة التونسية فتحية دبش تلفت إلى "هشاشة الكاتب العربي في المنفى بلسان غير عربي" (الجزيرة)

وأضافت صاحبة رواية "ميلانين" أن فوز "الحوريات" سيراه البعض مكافأة لداود على سقوطه في أحضان الآلة الأيديولوجية الاستعمارية، بينما سيراه آخرون على أنه استحقاق لمن يكتب بالفرنسية ويجاهر بمواقفه من عشرية القتل باسم الدين في الجزائر". وتضيف "لكنه يظل -مهما كان موقفنا من موقف داود- فوزا لواحد من أسئلة الكتابة" وتسليطا للضوء عليها.

جدير بالذكر أن القيمة المالية لجائزة غونكور لا تتجاوز 10 يوروهات رمزية، لكنها تؤمن للحاصلين عليها شهرة كبيرة وتضمن بيع مئات الآلاف من النسخ، فضلا عن ترجمة أعمالهم إلى لغات أخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بجائزة غونکور فی الجزائر بن علی

إقرأ أيضاً:

معادلة ردع استباقي جديدة تُربِكُ حسابات العدوّ وتحبِطُ تحَرّكاته

يمانيون../
تواصلُ القواتُ المسلحة اليمنية تنفيذَ العمليات الصاروخية في عمق الاحتلال الصهيوني، مستهدفةً المواقع العسكرية التابعة للعدو في عمقه الحساس “يافا – تل أبيب”؛ ما يؤكّـد دخول اليمن بقوة في معركة تهشيم عظم العدوّ، وخلخلة قواه؛ بهَدفِ تعطيل القدر الممكن من تحَرّكاته العسكرية.
وفي عملية نوعية، تركت آثارًا غير مسبوقة، وفتحت معها الباب لمرحلة أقوى من التصعيد اليمني في مرحلته الخامسة، نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية صاروخية استهدفت هدفًا عسكريًّا للعدو الصهيوني في “يافا”، محقّقة مبتغاها، ومعها أَيْـضًا تحقّقت العديد من الاضطرابات في كامل المنظومة الداخلية للعدو.
وأعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، مساء الاثنين، في بيان عسكري، تنفيذ العملية بصاروخ فلسطين2 البالستي الفرط صوتي، مؤكّـدًا أن العملية – التي تأتي ضمن المرحلة الخامسة من التصعيد – حقّقت أهدافَها بنجاح.
وحمل البيانُ رسائلَ شديدة اللهجة أكّـدت استعداد اليمن التام لردع أية حماقة أمريكية صهيونية بريطانية، حَيثُ أكّـد العميد سريع أن “القواتِ المسلحةَ ومعها كافةُ أبناء الشعبِ اليمنيِّ العزيزِ المجاهدِ على استعداد لمواجهةِ أي عدوانٍ إسرائيليٍّ أمريكيٍّ يستهدفُ اليمنَ وذلك بمزيدٍ من العملياتِ العسكريةِ النوعيةِ والمؤثرة”.
وإذ جدّدت القوات المسلحة التأكيدَ على ثبات المعادلة بـ “مواصلةِ تنفيذِ عملياتِها العسكريةِ وضربِ كافةِ الأهداف التابعةِ للعدوِّ الإسرائيليِّ في الأراضي المحتلّةِ”، والتأكيد على أن “هذه العملياتِ لن تتوقفَ إلا بوقفِ العدوانِ على غزةَ ورفعِ الحصارِ عنها، فقد أكّـدت هذه العملية ثبوت وثبات الفشل الصهيوني الأمريكي في خط المواجهة، حَيثُ لم تقتصر أصداء العملية على صافرات الإنذار التي دوت في كامل “تل أبيب”، بل ذاع صيت الفشل المعادي إلى مناطقَ واسعة بما حملته العملية من تداعيات على مختلف المستويات، منها هروب الملايين للملاجئ وكان على رأسهم المجرم نتنياهو، وتعطل مطار بن غوريون، ورفع حالة الطوارئ”.
وبالتركيز على رسالة القوات المسلحة اليمنية بشأن الاستعداد التام والجهوزية العالية لتنفيذ العمليات القوية والمؤثرة على العدوّ الصهيوني باستهداف مراكز قواه العسكرية، فَــإنَّ هذا يشير إلى جاهزية اليمن لكل السيناريوهات القادمة، في ظل الحديث عن تصعيد صهيوني مرتقب.

مؤشراتٌ استباقية قد تخلطُ أوراقَ العدوّ وخططه:
بهذه العملية وضمن المرحلة الخامسة من التصعيد، تؤكّـد القوات المسلحة اليمنية قدرتها على فرض زخم ناري كبير يضاعف الضغوط على العدوّ الصهيوني، إلا أنها أَيْـضًا تدشّـن مسارًا جديدًا من الضربات الاستباقية اليمنية التي تسعى لتهشيم صفوف العدوّ وجيشه الذي يسعى لشن عدوان واسع على اليمن، وفق تقارير صهيونية أشَارَت لذلك.
ونشرت وسائل إعلام صهيونية ودولية أن سلاح الجو الصهيوني يسعى لتنفيذ أكبر عملية جوية، دون أن تحدّد المكان أَو الزمان، غير أن المؤشرات تؤكّـد سعي العدوّ الصهيوني لتنفيذ عمليات عدوانية على اليمن وإيران، في ظل رفعه لعناوين الصفقة وقرب وقف إطلاق النار في غزة؛ وذلك بغرض إرباك المشهد في جبهات الإسناد، وَأَيْـضًا تحقيق أكبر قدر من المكاسب العسكرية قبل أي نجاح للصفقة – في حال كانت نواياه حقيقية لإبرامها – غير أن هذه الخُدَعَ لا تنطلي على اليمن، خُصُوصًا في ظل الدعوات المُستمرّة التي يطلقها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي للتحَرّك المبكر في ضرب العدوّ قبل أن يأتي هو، منوِّهًا في أحد خطاباته إلى أن التحَرّك المبكر في هذا السياق يوفر الكلفة والوقت ويضعف أي هجوم من قبل العدوّ. وهو ما قد يتحقّق بعد العملية هذه اليمنية، وما قد يليها من عمليات، في ظل تصاعدها الصاروخي وَأَيْـضًا بالمسيرات التي نفذت خلال الأسبوع الفائت أربع عمليات في عمق العدوّ، منها ثلاث عمليات في ثلاثة أَيَّـام متتالية.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية والقناة الـ12 العبرية، تصريحات لمسؤولين صهاينة قولهم إن سلاح الجو “الإسرائيلي” يعمل لتنفيذ ما أسموها “المهمة الكبرى” مرجِّحةً أن تكون الضربة موجهة لإيران واليمن، مؤكّـدةً أن هذه الضربة تأتي بدعم كبير من ترامب؛ ما يشير إلى أنها كذلك في سياق الضغوط على المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات للجبهات المساندة، وَأَيْـضًا في سياق خلط الأوراق بين السلم والحرب لتمرير المكاسب والأهداف التي تسعى لها “إسرائيل”.
وفيما تناولت القناة العبرية تصريحات قالت فيها: إن “إسرائيل” أمام فرصة تاريخية لضرب المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية خلال هذه الفترة في ظل نشوة ترامب، فقد ذكرت بدورها صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية في تقرير لها أن جيش العدوّ الصهيوني ينظر باهتمام كبير لضرب الجبهة اليمنية، لافتةً إلى أن من أسمتهم “الحوثيين لم يتعرضوا لأية انتكاسة رغم الضربات الأمريكية البريطانية”، مضيفة “لقد تمتعت الجماعة عُمُـومًا بالقدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى إلى “إسرائيل” في وقت تخفي أسلحتها في أماكن تحت الجبال وأماكن أُخرى يصعب تحديدها”.
وبناء على ما جاء في التقرير، فقد أكّـدت “جيروزاليم بوست” – ضمنيًّا – أن فشل واشنطن ولندن عن ثني الموقف اليمني على مدار عام كامل من العدوان الذي انطلق في الـ12 من يناير الفائت، قد يدفع بالعدوّ الصهيوني لتنفيذ غارات واسعة على اليمن، غير أن هذا التوجّـه الصهيوني قد يصطدم بحتمية الفشل، سيما مع استباق صنعاء بهذه العملية، واحتمال شن عمليات أُخرى لاحقة لإفشال مخطّط العدوّ الصهيوني، كما أفشلت القوات المسلحة اليمنية في الـ12 من نوفمبر الماضي أكبر هجوم عدواني جوي على اليمن، وذلك باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية “إبراهام ليكنولن” ومدمّـرتين عسكريتين، في عملية استباقية أفشلت مخطّطَ واشنطن آنذاك، وأجبرتها على الهروب بالحاملة بعد عقود من الهيمنة البحرية؛ وهو ما ضاعف فضائح واشنطن، وكشف فشلَ كُـلّ خياراتها أمام اليمن.

ملايين الغاصبين يهربون.. نتنياهو على رأس الفارّين:
إلى ذلك أظهرت مقاطعُ مصوَّرة نشرها مستوطنون صهاينة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل إعلام صهيونية، لحظات مرور الصاروخ اليمني وفشل المنظومات الاعتراضية الصهيونية في التصدي له.
وأظهرت المقاطع المصورة، والأخبار والتقارير التي تناولتها وسائل إعلام العدوّ، أن صافرات الإنذار دوَّت بشكل كبير في يافا الفلسطينية المحتلّة التي يسميها العدوّ “تل أبيب”، جراء تشغيلِ جميع منظومات الدفاعات الصهيونية.
وقد أظهرت المقاطع حتمية الفشل الصهيوني الدفاعي، ورغم تمكّن منظوماته في رصد الصاروخ وتفعيل الصافرات ورفع الاستنفار لباقي المنظومات، إلا أن جميع الخطوط الدفاعية فشلت في اعتراض الصاروخ الذي وصل لهدفه بنجاح، فكانت مهمة تلك الدفاعات هي نشر حالة الرعب والخوف والهلع في صفوف المستوطنين الغاصبين بما سبّبته من ضجيج بعد تشغيلها لصفارات الإنذار.
كما أظهرت المقاطع المصورة لحظةَ الهروب الجماعي للمستوطنين، والذين فروا إلى الملاجئ بأعداد مليونية.
ووفق ما نشرته وسائل إعلام العدوّ، فقد دوّت صافرات الإنذار أَيْـضًا في قاعة المحكمة التي يدلي فيها المجرم نتنياهو بشهاداته، على خلفية محاكمته في قضايا فساد، وهو ما يضاعفُ التهديداتِ لمُجْرِمِ الحَرْبِ.
وقد أكَّـدَ إعلامُ العدوِّ أنَّ المُجْرِمَ نتنياهو وصل للمحكمة المركزية في “تل أبيب” للإدلاء بشهادته في مِلَفّات الاتّهام بالفساد الموجهة إليه لليوم الثالث في إطار جلسات الاستماع، مشيرةً إلى أن شهادته التي تتمحور حول القضية المعروفة بـ”الملف 4000″، قد تستمر “6 ساعات، ما لم يحدث طارئ” وفق القناة الـ12 العبرية؛ أي إن التأكيدات تشير إلى تواجد المجرم نتنياهو في تلك اللحظات خلال تفعيل صافرات الإنذار وتفشِّي حالة الرعب إلى كُـلّ المرافق “الإسرائيلية”؛ ما دفعه للهروب الطارئ والاختباء في مكان محصِّن في المحكمة.
وما يزيد فاعلية العملية في إرباك المجرم نتنياهو وجعل الرعب مقرونًا به، هو تصاعد مخاوفه من استمرار الزخم العملياتي اليمني، لا سيما أن مجرم الحرب قرّر عدم حضور المحكمة الثلاثاء؛ أي في اليوم التالي للعملية، ما يؤكّـد فعلًا أن الرعب اليمني بات يطال كُـلّ الغاصبين في فلسطين المحتلّة، سواء مستوطنين أَو مسؤولين.
وفي السياق ذاته سبَّبَ الصاروخُ اليمني حالةَ اضطراب كبيرة في أوساط العسكريين الصهاينة، حَيثُ أدلى متحدِّثُ جيش العدوّ بتصريحات أكّـد فيها وصولَ الصاروخ اليمني إلى هدفه وقد تسبب بحالةِ رعب كبيرة في “تل أبيب”، وزاد من إظهار التخبط عندما أكّـد أن جيش العدوّ وجَّه بجُملةٍ من الإجراءات للتحقيق في باقي التفاصيل عن وصول الصاروخ.
وأيضًا ذكر الإعلامُ الصهيوني أن الرحلات الجوية من وإلى “مطار بن غوريون” في يافا المحتلّة، توقفت بشكل مؤقت، مع تداعيات الضربة اليمنية؛ ما يؤكّـد أن هذه العملية قد أربكت كامِلَ المنظومة الصهيونية داخل “تل أبيب”.
الكثيرُ من الأحداث صاحبت العمليةَ اليمنية، وقبلها الكثير من التكهنات بشأن التحَرّكات الصهيونية، فكانت صنعاءُ على لسان قياداتها قد أكّـدت استعدادَها التام لمواكبة أي تحَرّك معادٍ، وأكّـدت هذا الاستعدادَ بصاروخ أربك المشهدَ الصهيوني داخليًّا، وقد يكون فاتحةً للمرحلة الجديدة القادمة الموازية للتحَرّكات “الإسرائيلية” المعادية، لتكونَ النتيجة هي معادلة يمنية إضافية تنهي زمنَ الجمود أمام الاعتداءات الإسرائيلية، بل أضافت هذه المعادلةُ رقمًا لم يسبق له مثيلٌ طيلة تاريخ الصراع مع هذا العدوّ، حَيثُ يتضمَّنُ هذا الرقمُ سُرعةَ السبق في ضرب الكيان وتكرار الصفعات؛ ما يجعلُه تائهًا بين خيارات متضائلة وملخبطة، تنوَّعت بين التفرج ثم تحريك الأدوات الدولية وتوكيلها، وُصُـولًا إلى إجباره على الخروج بعيدًا عن الوكالات السابقة، وقد بات خروجُه مريضاً من البداية بفعل توالي صفعات أيادي اليمن الطولى.

المسيرة – نوح جلّاس

مقالات مشابهة

  • مواعيد القطارات على خطي القنطرة شرق / بئر العبد وبشتيل/ كفر داوود/ السادات
  • مواعيد  القطارات على خطي القنطرة شرق / بئر العبد و بشتيل / كفر داوود /  السادات
  • السكة الحديد تعلن مواعيد القطارات على خطي القنطرة شرق - بئر العبد وبشتيل - كفر داوود - السادات
  • كاتب ياسين.. الروائي الجزائري الذي أخذ الفرنسية غنيمة حرب
  • الجزائر تفوز بجائزة مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب لعام 2024
  • ‏خارجية فرنسا: البعثة الفرنسية في دمشق قالت إن باريس مهتمة بقضايا الأمن التي تصب في صالح الجميع
  • نقل الكاتب الجزائري المعتقل في الجزائر بسبب آرائه الى المستشفى
  • معادلة ردع استباقي جديدة تُربِكُ حسابات العدوّ وتحبِطُ تحَرّكاته
  • عبدالله والمهري وداوود ضمن محاضري «النخبة الآسيوية»
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته