شح السيولة والحصار الإسرائيلي يعيدان غزة إلى عصر المقايضة
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
تعيد أزمة شح السيولة النقدية، بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر، إلى اعتماد أساليب المقايضة في البيع والشراء والتي انتهت مع ظهور النقود قبيل الميلاد بنحو 6 آلاف سنة.
الناشط عبد الله شرشرة واحد من كثيرين في غزة اضطرته الحرب الإسرائيلية وما ترتب عليها إلى اللجوء إلى نظام المقايضة.
ويكشف عبر حسابه في منصة فيسبوك أنه بسبب دين مالي لم يستطع سداده بسبب شح السيولة المالية، اضطر "لسداد المبلغ مقابل لترين من زيت القلي".
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، باتت أزمة السيولة المالية مشكلة يصعب حلّها، وتفاقمت مع خروج كافة الصرافات الآلية لعمليات السحب والإيداع عن الخدمة، باستثناء صراف وحيد يعمل بشكل غير منتظم في مخيم النصيرات وسط القطاع.
ولم تتمكن سلطة النقد الفلسطينية من فتح فروع المصارف ومقراتها بسبب القصف الإسرائيلي وانقطاع الكهرباء وخدمات الإنترنت.
وتعد المقايضة وسيلة للمواطنين للهروب من عمليات الابتزاز وارتفاع الأسعار التي ظهرت بفعل الأزمة، إذ يستغل بعض التجار أو أصحاب محلات صرافة المواطنين لتوفير سيولة نقدية مقابل نسبة وصلت حاليا إلى 25% على كل مبلغ يتم سحبه من حسابات الأفراد.
زمن المقايضة"نحن في غزة نعيش زمن المقايضة" هذا ما صرحت به الناشطة مها عوني، وتسترسل في منشور لها عبر فيسبوك قائلة "الناس بدأت تبديل حاجياتها بسبب الفقر وانعدام الأموال، مثل علبة جبنة مقابل رطل من الطحين، أو زجاجة زيت مقابل كيلو سكر (..)".
بينما يبدو سليمان أبو طعيمة ساخطا على الحال، قائلا "صدق أو لا تصدق، لقد بدأت عملية المقايضة في غزة، رطل سكر مقابل علبة نسكافيه أو علبة سمن مقابل كيلو طحين (دقيق)" ويتساءل "هل هناك أناس تعيش في اليوم على وجبة واحدة وينام أطفالها جوعى ونحن في القرن الواحد والعشرين؟".
بينما تصف رفيف عزيز -في منشور منفصل- ما آلت إليه أحوال سكان غزة وعودتهم إلى نظام المقايضة في الوضع "المرعب جدا".
مجموعات للمقايضةولا يشكّك سكان غزة بجدوى فكرة المقايضة زمن "المجاعة وعدم توفر السيولة وغلاء الأسعار وقلة السلع والرقابة عليها" كما يفعل أحمد المقيد الذي بادر لإنشاء مجموعة حديثة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت عنوان "سوق المقايضة الأول في قطاع غزة 2024".
وعند تصفح بعض المنشورات، يطلب ناشط "تبديل عجلة هوائية صغيرة مقابل أخرى أكبر تتناسب مع طفل يبلغ 12 سنة". ويريد آخر "استبدال بازلاء معلّبة مقابل أخرى من الفول".
ولأن شبح المجاعة يلف شمال غزة، يطلب أحمد خليفة "دجاجة لا تقل عن كيلوغرامين ونصف الكيلو مقابل نصف كرتونة بيض و50 شيكلا (الدولار يعادل 3.76 شياكل)" في منطقة الساحة غرب مدينة غزة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، وصل معدل البطالة في غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية إلى نحو 80%، وانكمش القطاع اقتصاديا بنحو 83.5%، وفق بيانات منظمة العمل الدولية.
وتشير تقديرات دولية إلى أن قطاع غزة فقد أكثر من 201 ألف وظيفة بسبب الحرب.
وتسبب إغلاق معبر رفح وسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي عليه أوائل مايو/أيار الماضي، في نقص حاد في وصول المساعدات الغذائية والإغاثية لقطاع غزة.
ورغم تحذيرات منظمات دولية وأممية من إعلان المجاعة شمال غزة، وسط أزمة حقيقية تلوح وسط وجنوب القطاع، تتهم منظمات إغاثية إسرائيل بالتقاعس في تلبية معايير الولايات المتحدة للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكدة أن الظروف في القطاع أسوأ من أي وقت مضى.
وبدعم أميركي وعلى مرأى ومسمع من العالم جميعه، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة، خلفت نحو 147 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، بإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية عالميا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
"إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ193 على التوالي
غزة - صفا
تواصل القوات الإسرائيلية، يوم الجمعة، احتلال معابر غزة وإغلاقها، ومنع سفر الجرحى والمرضى للعلاج أو إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع لليوم الـ193 على التوالي.
ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري رفح البري وكرم أبو سالم، رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، ولإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مليوني فلسطيني بقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية، مدمرة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، معربًا عن قلقه إزاء تقليص حجم عمليات تقديم المساعدات لغزة.
وقال متحدث المنظمة الأممية طارق يساريفيتش إن "هناك أكثر من 10 آلاف شخص بحاجة إلى الإجلاء، وتلقي الرعاية الطبية خارج غزة".
وشدد يساريفيتش على ضرورة إعادة فتح معبر رفح وأي معبر حدودي آخر لإخراج المرضى والجرحى حتى تظل حياتهم آمنة.
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم وإدخال المساعدات والبضائع وإنهاء حرب الإبادة الجماعية المستمرة للشهر العاشر على التوالي.
وأشار المكتب إلى أن شبح المجاعة يُهدد حياة المواطنين بشكل مباشر، مما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع خاصة بين الأطفال، حيث بات 3,500 طفل يتهددهم الموت بسبب سوء التغذية وانعدام المكملات الغذائية والتطعيمات التي أصبحت في إطار الممنوعات من الدخول إلى قطاع غزة.
وكانت وزارة الصحة قالت، إن نحو 20 ألف جريح ومريض في غزة حاليًا بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، مؤكدة عدم تمكن أي منهم من مغادرة القطاع منذ احتلال القوات الإسرائيلية للمعابر، ما يعرض حياة الآلاف منهم للمضاعفات والموت.
وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من التأثير الكارثي والوضع المزري الذي يواجهه أطفال غزة بسبب إغلاق المعابر التي تمر منها المساعدات، والعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في القطاع.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا همجياً على قطاع غزة خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، معظمهم أطفال ونساء.