بهذه الطريقة وحدها يكون لبنان قويًا
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
سؤال وفرضية كان مؤسس حزب "الكتائب اللبنانية" الشيخ بيار الجميل يردّدهما في استمرار من دون أن يلقى جوابًا شافيًا عن سؤاله "أي لبنان نريد"، وبقيت فرضية أن "قوة لبنان بضعفه" تتفاعل حتى أدخل "حزب الله" لبنان واللبنانيين في حرب لا هوادة فيها، وهي مستمرّة لليوم الخامس والخمسين كأنها بدأت بالأمس القريب. ومع كل يوم يمرّ تكثر الخسائر البشرية والمادية، حتى أن بعض الذين يتوقعون أن تطول الحرب إلى ما بعد 20 كانون الثاني المقبل يقولون بأن إسرائيل مصمّمة على ألا يبقى في لبنان حجر على حجر على رغم الضربات الموجعة التي توجّهها "المقاومة الإسلامية" في العمق الإسرائيلي.
فأضرار هذه الحرب الطويلة كثيرة، زمنًا ونتائجَ ومضاعفاتٍ واستنزافًا، وهي ترهق كاهل الدولة بكل مؤسساتها، التي تحصر همّها في كيفية البقاء واقفة على رجليها وتأخير انهيارها بالكامل. فالتطورات الميدانية لا توحي بأن التسوية الشاملة قد نضجت، خصوصًا أن من يراقب عنف الضربات الإسرائيلية لمواقع تدّعي تل أبيب بأنها مستودعات ذخيرة أو معامل تصنيع المسيّرات يستنتج تلقائيًا أن الحرب لا تزال في بداياتها، وذلك قياسًا إلى السقف العالي للأهداف الإسرائيلية، وهي أهداف يتبيّن للقاصي والداني أنها تتخطّى حدود ضرب ترسانة "حزب الله". والدليل على أن هذه الأهداف لا تقتصر على ضرب عصب "المقاومة الإسلامية"، هو أنها تطال كل لبنان، الذي أصبح كما يصف وضعه مراقبون دوليون بلدًا منكوبًا بكل ما يتضمّنه هذا التوصيف من واقع يصعب تجاوزه حتى ولو توقفّت الحرب اليوم قبل الغد.
وعلى رغم الضربات الموجعة التي توجهها "المقاومة الإسلامية" للعمق الإسرائيلي فإن انعكاسات الحرب هي أضعافٌ مضاعفة على لبنان، الذي كان يعاني في الأساس من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية لا عدّ لها ولا حصر، خصوصًا أنه متروك من دون رئيس للجمهورية منذ ما قبل عملية "طوفان الأقصى"، وما قبل "حرب الاسناد والمشاغلة"، وما قبل الحرب التدميرية الشاملة.
من هنا، يستنتج هؤلاء المراقبون من فرضية بيار الجميل الجدّ بأن "قوة لبنان بضعفه" ما يمكن تسميته اليوم "الحياد الإيجابي". فلو أن لبنان كان بلدًا محايدًا، بتوافق جميع أبنائه وبغطاء دولي، لما انجّر إلى حرب غير متكافئة الإمكانات والنتائج السلبية بغياب أي أفق للعودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول 2023. أمّا وقد وجد اللبنانيون أنفسهم في قلب جحيم المعركة غصبًا عنهم فليس أمامهم سوى حلّ من أثنين: إمّا التأقلم مع وضعيتهم الاستنزافية حتى آخر الرمق الاقتصادي الأخير، وإمّا التسليم بالأمر الواقع ووقف الحرب، التي يسقط فيها كل يوم مئات الشهداء والجرحى، وتُزال قرى عن "بكرة أبيها" بلحظات جنونية.
وفي رأي هؤلاء المراقبين أن مقولة أن الحديد لا يفّله سوى الحديد، وأن الإسرائيليين لا يفهمون سوى لغة النار والبارود، لم تعد صالحة بالقدر الذي يمكن تصوّره في ضوء ما تتعرّض له معظم المناطق الجنوبية والبقاعية وأحياء وشوارع الضاحية الجنوبية لبيروت من دمار وتهجير يزداد يومًا بعد يوم. ويعترف هؤلاء بأن ليس لدى "حزب الله" ما يخسره، وهو الذي لا يخاف من الموت، كما يعلن ويصرّح المسؤولون فيه، ولكن مجرد إعطاء الإسرائيليين المزيد من الحجج والذرائع لتنفيذ ما يحلو لهم من مخطّطات باتت مكشوفة هو كمن يصارع الدب بيديه العاريتين.
ويخلص هؤلاء إلى التأكيد على أن قوة لبنان بعلاقاته الديبلوماسية مع مختلف دول العالم، ولكن هذه العلاقات تحتاج إلى محفزّات تحاكي مصالح هذه الدول، وذلك انطلاقًا من كون لبنان قيمة مضافة لكل هذه الدول مجتمعة، سواء أكانت تُعتبر شقيقة أو تلك التي تُعتبر صديقة، خصوصًا أن مؤتمر باريس 1 والقمة العربية الإسلامية أظهرا مدى تعّلق دول العالم بأسره بهذه الظاهرة الفريدة التي أسمها لبنان، ولكن شرط أن يثبت اللبنانيون أنفسهم أنهم أهل لهذه الثقة الدولية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ما قبل
إقرأ أيضاً:
الحملة المشتركة لوقف الحرب: «مليشيات الحركة الإسلامية» ارتكبت «جرائم مروعة» ضد المدنيين في ودمدني
الحملة أكدت أن الانتهاكات بدأت بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش استعادة السيطرة على المدينة، حيث ارتكبت مليشيات متحالفة معه وأخرى تابعة للحركة الإسلامية جرائم وصفتها بأنها “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
الخرطوم: التغيير
أتهمت الحملة المشتركة لوقف الحرب في السودان ما أسمتها “مليشيات الحركة الإسلامية والمليشيات المتحالفة مع الجيش” بارتكاب جرائم مروعة ضد المدنيين في مدينة ود مدني تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع.
وأوضحت الحملة في بيان اليوم الثلاثاء، أن سكان ولاية الجزيرة استبشروا بعودة الجيش إلى مدينة ود مدني بعد انسحابه منها لمدة عام كامل، مع الأمل في أن يمثل ذلك بداية لمرحلة جديدة تعلي من قيمة الإنسان وتؤسس لدولة المؤسسات وحكم القانون.
إلا أن الحملة أكدت في بيانها أن الانتهاكات بدأت بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش استعادة السيطرة على المدينة، حيث ارتكبت مليشيات متحالفة معه وأخرى تابعة للحركة الإسلامية جرائم وصفتها بأنها “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار البيان إلى أن الانتهاكات تضمنت القتل خارج إطار القانون، الذبح، بقر البطون، إلقاء المواطنين في النيل، وإطلاق النار عليهم، بالإضافة إلى استخدام ألفاظ مسيئة مع صيحات التكبير والتهليل، ما يعكس خللاً بنيوياً في العقيدة القتالية للقوات المشاركة في هذه الحرب.
وأكدت الحملة رفضها وإدانتها الشديدة لهذه الجرائم، مطالبة بإجراء تحقيق عادل وشفاف لتحديد المسؤولين عنها، مشيرة إلى أن هذه الجرائم لا يمكن اعتبارها تصرفات فردية بل هي جزء من استراتيجية تهدف إلى إجهاض أي فرصة لإقامة دولة مدنية في السودان.
كما دعت الحملة إلى تبني خيار حماية المدنيين الذين أصبحوا هدفاً مشروعاً للأطراف المتحاربة، تحت ذرائع مختلفة تؤدي إلى حرمانهم من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حقهم في الحياة.
الوسومآثار الحرب في السودان الحملة المشتركة لوقف الحرب في السودان انتهاكات الجيش السوداني انتهاكات الجيش السوداني بولاية الجزيرة مدينة ود مدني ولاية الجزيرة