مخاوف إسرائيلية من تبعات التعديلات القضائية على الاستخبارات والجيش
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
ما زالت التبعات المترتبة على التعديلات القضائية تترك آثارها على جيش الاحتلال، لاسيما شعبة الاستخبارات، خصوصا الوحدة 8200 النوعية، المكلفة بجمع أكبر معلومات استخباراتية، مما يثير مزيدا من المخاوف الرئيسية لكبار المسؤولين في هيئة الأركان العامة للجيش.
ورغم أن الوحدة تعمل بكامل قوتها حالياً، ولا يوجد أي تراجع في نشاطها العملياتي، أو الاستعداد للحرب، لكن مسؤولين في جيش الاحتلال أكدوا أنه يوجد داخل الوحدة عدد كبير من مراكز المعرفة الاحتياطية التي سيكون من الصعب جدًا العمل بدونها.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع ويللا، نقل عن "كبار الضباط في جهاز الاستخبارات أنهم لن يعينوا الجنود والضباط الذين قد يحصلون على تناوب في حالة الحرب، لأنهم يعتقدون أن الحكومة اتخذت قرارًا خاطئًا، مما يعني أن جنود الاحتياط في التشكيل الاستخباري سيفاجئون قيادة الجيش بمدى مشاركتهم في الاحتجاجات ضد الحكومة، مما يعني تراكم الأضرار التي لحقت بأداء التشكيل الأمني".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "التبعات السلبية شملت سلاح المشاة، حيث يخشى استدعاء جنود الاحتياط على نطاق واسع دون داع، لتجنب حوادث الرفض والاستفزازات والاحتجاجات أثناء التدريبات والأنشطة التدريبية والعملياتية، إلا إذا كانت حالة طارئة، ويدرك كبار المسؤولين في الجيش أن السياسة يجب أن تخضع لتحديث استعدادًا لفترة التدريب والتمارين القادمة مع نهاية الإجازات الصيفية، صحيح أنه في هذه المرحلة لا يوجد ضرر فعلي للاستعداد التشغيلي، باستثناء أحداث محددة للغاية، لكن تعليمات رئيس الأركان تشمل المراقبة المستمرة لكبار أركان القيادة، والنخبة والوحدات الخاصة، وتعزيز المقاتلين في الاحتياطيات".
ونقل عن ضابط كبير في الذراع البرية قوله: "لا نرى أي حضور مرتفع لأيام التدريب على خدمة الاحتياط، بما في ذلك التوظيف التشغيلي".
وأشار إلى أن "التراكمات المضرّة لحقت بسلاح البحرية، ففي هذه المرحلة فإن الضرر اللاحق بالاستعداد التشغيلي وكفاءة الفيلق واضح بشكل رئيسي في مجال مقر العمليات والتخطيط والتشكيل والمدربين، ولكن ليس بطريقة تمنع الفيلق من تنفيذ عمليات خاصة ونشاط عملياتي واسع، لذلك أوعز قائد الفيلق اللواء دافيد سيلمى أنه في ضوء الأوضاع السائدة في الجيش، وإعلان كبار الضباط السابقين، بأنهم لن ينخرطوا في خدمة الاحتياط، لزيادة المراقبة والمحادثات بشكل رئيسي حول مراكز المعرفة والمواقع الفريدة في التشكيلات المختلفة، والتركيز على فرق كاملة مثل الأسطول الثالث عشر في قاعدتي أسدود وحيفا".
وأكد أن "النيابة العسكرية لحقتها أضرار بسبب الانقلاب القانوني، وهناك تخوف حقيقي من موجة من المحامين العسكريين الذين يغادرون الصفوف".
وتؤكد هذه المعطيات أن المستوى السياسي الإسرائيلي يتجاهل التداعيات السلبية للانقلاب القانوني على الجيش والأمن، ويرفض معظم الوزراء الاستماع للجنرالات الذين يحذرون مما يواجهه الجيش من صعوبات ستعيق تصدّيه للحرب القادمة في الشمال وغزة، فيما تمعن الحكومة في دفن رأسها في الرمال؛ لأن التدريبات ستكون فارغة، حيث سيحضر 60-70 في المائة من الجنود في أحسن الأحوال، وكفاءة الجيش باتت منخفضة المستوى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة التعديلات القضائية الاحتلال احتلال فلسطين نتنياهو صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
يحدث في أرقى العائلات: لا يوجد عالم بلا جريمة
خلال هذا الأسبوع تناقلت وسائل الإعلام خبرًا أثار الانتباه، مفاده أن وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، كريستي نويم، تعرضت لسرقة حقيبتها الشخصية من داخل مطعم، وكانت تحتوي على بطاقة دخول حساسة ومبلغ مالي كبير. هذه الحادثة، رغم بساطتها، تفتح بابًا واسعًا للتأمل في حقيقة راسخة: لا توجد بيئة في العالم، مهما بلغت من الرقي والتنظيم وقوة مؤسسات الدولة، تخلو من الجريمة.
قد يظن البعض أن الجريمة ظاهرة ترتبط بالفقر أو الفوضى أو ضعف الدولة، لكن التاريخ والواقع والعلوم الجنائية تثبت العكس. منذ أن كانت الأرض لا يسكنها سوى سيدنا آدم و أمنا حواء وأبناؤهما، وقعت أول جريمة في التاريخ، حين قتل قابيلُ أخاه هابيل. هذا يعطينا قاعدة ثابتة: لا يوجد عالم بلا جريمة، والجريمة جزء من التجربة البشرية منذ نشأتها.
من هذا المنطلق، فإن النقاش حول الجريمة لا ينبغي أن يكون عاطفيًا أو انطباعيًا، بل علميًا وموضوعيًا. فوجود الجريمة في حد ذاته ليس فشلًا، لكن الفشل الحقيقي يكمن في طريقة فهمها، إدارتها، والتعامل معها. هنا يبرز دور الأداة الأهم في التقييم الأمني والجنائي التقرير الجنائي السنوي.
التقرير الجنائي السنوي، الذي تعده الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية، يُعَد خلاصة عام كامل من الرصد والتحليل والتوثيق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يُستفاد من هذا الجهد في صناعة القرار الأمني والعدلي؟ هل يُحوّل إلى سياسات واقعية وبرامج للتصدي للجريمة أو تعديل في القوانين الإجرائية و العقابية؟
إنّ التقرير الجنائي ليس مجرد سجل لتوثيق عام مضى، بل هو مرآة لما جرى، وبوابة لعام قادم. ويمكن تعظيم فائدته بتحويله إلى قاعدة بيانات قابلة للتحليل الذكي، واستخدام نتائجه في التخطيط الأمني والمالي والبشري، ورفعه إلى صناع القرار السياسي لإبراز التحديات الأمنية الحقيقية. صحيح أن بعض تفاصيله تتطلب درجة من السرية، حمايةً للتحقيقات أو لخصوصية الضحايا، لكن مشاركة بياناته الإحصائية العامة تعزز الشفافية، وتزيد ثقة المواطنين، وتشجع المشاركة المجتمعية في منع الجريمة.
بالتالي، فإن أي تقييم موضوعي للحالة الأمنية والجنائية وأداء الشرطة السودانية يجب أن يستند إلى ما يحويه التقرير الجنائي السنوي من معلومات وإحصائيات وأرقام، لا إلى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو جلسات تجاذب أطراف الحديث، حيث تسود الانطباعات وتغيب الموضوعية.
قد يرى البعض أن الحديث عن هذه القضايا الآن ضربٌ من الترف، في ظل ما تمر به البلاد من تحديات. لكن العكس هو الصحيح. فنحن في مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الشرطة، ولا يمكن لهذا البناء أن يكتمل إن لم يستند إلى تحليل علمي ومعطيات دقيقة، تنطلق من تقارير موضوعية لا من اجتهادات شخصية.
نحن بحاجة إلى الانتقال من ثقافة الأرشيف إلى ثقافة التحليل، ومن الورق إلى البرمجيات، ومن السرية المفرطة إلى الشفافية الذكية. فالتقرير الجنائي السنوي يمكن أن يصبح حجر الأساس لبناء أمن مجتمعي مستدام، وسياسة جنائية فاعلة تستشرف المستقبل.
ختامًا، الجريمة، كما بدأنا، تحدث في أرقى العائلات. ولكنها ليست نهاية العالم، بل دعوة للتفكير والعمل من أجل بيئة أكثر أمنًا، ومجتمع أكثر وعيًا، ومؤسسات أكثر قدرة على التعامل مع هذا التحدي الأزلي.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٤ أبريل ٢٠٢٥م