حزب الله يقلب المعادلة: مقاومة استثنائية تُفشل تقدم العدو
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
يمانيون – متابعات
كان لافتًا ومفاجئًا للجميع، وخاصة لرئيس هيئة أركان جيش العدو (هاليفي)، ما طرحه وزير حرب العدو الجديد “يسرائيل كاتس”، بإضافته إلى أهداف العدوان “الإسرائيلي” الواسع على لبنان نزع سلاح حزب الله كهدف أساسي، وباعتباره شرطًا ضروريًا لوقف حربه على لبنان، ورد فعل هاليفي الغاضب من خلال تعابير وجهه، والتي أظهرته مصدومًا، جاءت لتعبّر بشكل كامل عن غرابة إضافة هذا الهدف بهذه الطريقة العشوائية والانفعالية وغير الطبيعية من قبل وزير الحرب.
طبعًا، استغراب هاليفي وامتعاضه الواضح، لم يكن بتاتًا لأنه لا يريد نزع سلاح حزب الله، فهذا حلم طالما راوده مثلما راود كل من سبقه في رئاسة أركان العدو وضباطه، بالإضافة لمسؤولي الكيان السياسيين كافة، إنما جاء هذا الاستغراب من الأخير، لأنه كان واضحًا أن الأمر لم يكن منسقًا مع الجيش المعني الأول بالتنفيذ، لكون هاليفي هو أكثر من يعلم عمليًا استحالة تنفيذ هذا الهدف، وكونه أيضًا هو الأخبر بمسار المواجهة الحالية وبصعوبتها، وبمعضلة تزايد خسائر جيشه الكبيرة فيها، والأهم أنه الأكثر دراية بما يعانيه جيش العدو اليوم في طريقه لتحقيق الأهداف الموضوعة للعملية، والمتعلقة بإعادة مستوطني الشمال ومنع استهداف داخل الكيان بالصواريخ والمسيرات.
فكيف يمكن فهم تفاصيل عملية العدو البرية اليوم؟ وإلى أين يمكن أن تصل ضمن هذه المواجهة مع حزب الله؟
عمليًا، أطلق العدو مؤخرًا ما أسماها المرحلة الثانية من عمليته البرية في لبنان، والتي حددها قادته العسكريين بفرض منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية بعرض بين ١٢ و١٥ كلم، والسيطرة عليها بعد تدمير بنية حزب الله العسكرية فيها ونزع قواعده الصاروخية والمسيرة منها.
في متابعة لنقاط الاشتباك الحالية بين وحدات العدو وبين المقاومة، يمكن تحديد ثلاثة أهداف عملانية سيحاول العدو تحقيقها، لتكون نقاط ارتكاز منتجة من أجل تنفيذ فرض هذه المنطقة العازلة التي ادعى بأنه سيعمل على احتلالها، وهذه الأهداف العملانية هي:
– التقدم شرقًا من اتجاهات مركبا والعديسة وغرب الخيام نحو الطيبة، والتي تعطيه من خلال السيطرة عليها، مفتاحًا ميدانيًا بأكثر من اتجاه للتقدم نحو وادي الحجير حتى الليطاني.
– التقدم من اتجاهات عيترون ومارون الراس – يارون وعين إبل باتجاه بنت جبيل، والتي تمنحه السيطرة عليها إمكانية ميدانية واسعة نحو شقرا وبرعشيت ونحو تبنين، والتي تؤمن له بدورها التمدد الميداني باتجاه بلدات صور وباتجاه البلدات المشرفة على الليطاني والحجير من اتجاه الغرب.
– التقدم من اتجاهات شيحين والجبين ووادي حامول نحو طيردبا وشمع، واللتين تعطيه السيطرة عليهما إمكانية واسعة لبسط سيطرته غرباً نحو صور وبلداتها.
عمليًا، هذه هي المحاور التي من المفترض للعدو أن يتقدم منها لإقامة المنطقة العازلة المذكورة، ولكنْ للمقاومة رأي آخر، يمكن تحديده بالآتي:
استنادًا لأكثر من مواجهة قاتلة لوحدات العدو – يسمونها داخل الكيان بالحدث الصعب- إن كان في مرحلة التوغل الأولى للعدو، في اللبونة ومثلث عيتا راميا القوزح أو في مارون الراس أو في العديسة والخيام، أو في المرحلة الأخيرة التي أطلقها العدو، ومنها كمين مثلث التحرير بين عيترون وعيناتا وبنت جبيل، من الواضح أن مجاهدي حزب الله ينفذون خطة دفاعية محضرة ومدروسة، تشمل السيطرة بالنار ( بين العبوات والمضاد للدروع) على كل المحاور التي يفترض بالعدو اعتمادها للتقدم، بالإضافة لاعتمادهم مناورة استدراج وحدات العدو إلى نقاط حساسة، يعتبر العدو السيطرة عليها ضرورية لحماية محاور تقدمه، والعمل من خلال هذا الاستدراج على الإجهاز على تلك الوحدات، من خلال نسفيات محضّرة مسبقًا.
بالمقابل، وبالتوازي مع مناورة المقاومة الدفاعية، والتي يشكل فيها إسقاط أكبر عدد من جيش العدو هدفاً رئيسيًا وإنجازاً أساسياً، تتابع مناورة الاستهداف الصاروخي والمسير داخل الكيان، حيث تطّورت هذه المناورة يومًا بعد يوم، سواء لناحية إدخال صواريخ ومسيرات نوعية جديدة، أو لناحية توسيع وتعميق مروحة الأهداف واختيار الأهم منها، والتي لها طابع عسكري – إستراتيجي.
من هنا، ومن خلال ما أثبتته المقاومة حتى اليوم من تطور في الأداء والسيطرة والتحكم في كامل مفاصل ومراحل المواجهة، ومن خلال ما تؤكده يومًا بعد يوم من ارتفاع في مستوى قدراتها، القتالية العملانية أو الصاروخية والمسيرة، يمكن القول إن عملية العدو البرية ستكون بدون أفق لناحية الأهداف الموضوعة لها، ويمكن من الآن استنتاج ما سوف يسقط للعدو من خسائر بشرية، لن يقوى على تجاوز تداعياتها، الأمر الذي سيفرض عليه التخلي عن الأهداف المستحيلة التي وضعها لها، والعودة إلى مربعالتسوية الوحيدة والتي تقوم على تطبيق القرار ١٧٠١بكامل مندرجاته دون زيادة ولا نقصان.
——————————–
موقع العهد الاخباري – شارل أبي نادر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السیطرة علیها حزب الله من خلال
إقرأ أيضاً:
إسرائيل بَقِيَت في 5 نقاط.. كيف سيكون ردّ حزب الله؟
بعد انتهاء مهلة 18 شباط المُحدّدة لانسحاب قوّات العدوّ الإسرائيليّ من الأراضي الجنوبيّة، قرّرت إسرائيل البقاء في خمس نقاط استراتيجيّة في جنوب لبنان، بحجة تأمين سلامة أراضيها عبر مُراقبة كلّ حركة في البلدات اللبنانيّة لمنع "حزب الله" من شنّ هجمات جديدة على مستوطناتها.وكما هو واضحٌ، فإنّ الحكومة الإسرائيليّة تكون قد خرقت إتّفاق وقف إطلاق النار بإبقاء جنودها في تلال الحمامص والعزية وجبل بلاط والعويضة واللبونة، من دون أنّ تدفع اللجنة المكلفة مُراقبة إتّفاق وقف إطلاق النار تل أبيب إلى الإنسحاب الكامل من داخل الأراضي اللبنانيّة.
أمّا عن موقف "حزب الله"، فقد انكشف بعد اتّفاق وقف إطلاق النار، بحيث أسند إلى الحكومة اللبنانيّة ورئيس الجمهوريّة التعامل مع موضوعيّ إنسحاب العدوّ الإسرائيليّ وإعادة الإعمار، مُحمّلاً مسؤوليّة بقاء القوّات الإسرائيليّة إلى الدولة، التي شدّدت من خلال بيانها الوزاريّ الذي أتى ليُترجم خطاب قسم الرئيس جوزاف عون، على تحرير الأراضي الجنوبيّة وتطبيق القرار 1701.
ومن خلال إسناد مهمّة العمل الديبلوماسيّ لحكومة نواف سلام وللرئيس عون، يتريث "حزب الله" في اتّخاذ أيّ قرار يُؤدّي إلى توتير الأوضاع الأمنيّة من جديد في جنوب لبنان. فـ"الحزب" يُريد تمرير يوم 23 شباط بسلام، للإشارة إلى إسرائيل وللدول الغربيّة أنّ جمهور "المُقاومة" لا يزال كبيراً، وهو يُؤمن بقضيّة إخراج العدوّ وبحرب الإسناد التي شنّها في 8 تشرين الأوّل 2023، وحتّى لو كلفته كثيراً وخصوصاً بعد استشهاد السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
كذلك، فإنّ "حزب الله" سيُعطي الحكومة الوقت للتعامل مع مُشكلة إحتلال التلال الخمس في الجنوب، وإذا ما كانت قادرة على التفاوض على استرجاعها مع النقاط السابقة التي كان لبنان يُطالب بها آموس هوكشتاين، لترسيم الحدود البريّة تماماً كما حدث في موضوع الحدود البحريّة.
ويبدو بحسب المعطيات الميدانيّة، أنّ "الحزب" غير قادر حاليّاً على شنّ حربٍ جديدة، وهو مُلزمٌ باحترام ما سيقوم به لبنان الرسميّ لعدّة أسباب. فأوّلاً، لا يستطيع "حزب الله" إسترجاع النقاط الخمس بالقوّة العسكريّة، لأنّ السكان عادوا إلى بلداتهم الجنوبيّة ومنازلهم مُدمّرة، وبدأ بصرف التعويضات لهم وينتظر وصول المُساعدات من الخارج لإطلاق عجلة الإعمار، ولا يستطيع المُخاطرة بتهجير الأهالي من جديد، وزيادة نسبة الدمار جراء أيّ عملٍ عسكريّ.
ثانيّاً، يجد "حزب الله" نفسه مُحاصراً، ففي الداخل نجحت المُعارضة وحكومة نواف سلام ورئيس الجمهوريّة في إعطاء الشرعيّة للجيش للإنتشار في الجنوب وحماية الحدود والسيطرة على أيّ مستودع أسلحة أو نفق يجده، أيّ أنّ هناك صعوبة لدى "الحزب" في إعادة الإنتشار في جنوب الليطاني، لعدم المُخاطرة باستئناف العدوّ الإسرائيليّ الحرب على لبنان، في حين لا يقدر هذه المرّة على عدم إحترام بنود القرار 1701، مع مُطالبة أغلبيّة الكتل النيابيّة والأحزاب بتطبيقه حرفيّاً، وتعزيز الجيش لتأمين وحماية الحدود الجنوبيّة.
أما ثالثاً، فيجد "الحزب" نفسه مُحاصراً عبر تعليق الرحلات الجويّة من إيران وإليها، ما يُوقف تدفق الأموال الإيرانيّة إليه، بعدما سيطرت "هيئة تحرير الشام" على سوريا وأسقطت نظام بشار الأسد، وأحكمت سيطرتها على الحدود مع لبنان، واستولت على مخازن ومستودعات الأسلحة التي كانت لـ"حزب الله" في المدن السوريّة، إضافة إلى قطعها طريق إمداد "المُقاومة" بالسلاح والعتاد العسكريّ والمحروقات والمال والمواد الغذائيّة، الآتية من طهران إلى المرافئ في سوريا.
وأمام ما تقدّم، يجد "حزب الله" نفسه في وضعٍ صعبٍ لا يسمح له بالتصرّف عسكريّاً لاسترجاع التلال الخمس اللبنانيّة، ولا يسعه سوى الصبر وإعطاء الحكومة الوقت للتصرّف مع العدوّ الإسرائيليّ ديبلوماسيّاً، ودفعه إلى الإنسحاب الكامل من جنوب لبنان. أمّا إذا فشلت الديبلوماسيّة في تحقيق الهدف المنشود، فسيستغلّ "الحزب" هذا العامل سياسيّاً للترويج إلى أهميّة "المُقاومة" في حماية السيادة، كما يحصل حاليّاً عبر تحرّكات طريق المطار "الرافضة للإملاءات الخارجيّة" على حدّ قول حارة حريك.
المصدر: خاص لبنان24