ويواصل برنامج "المسافر"، الذي يبث على منصة "الجزيرة 360″، تجواله ويزور شوارع وأزقة العاصمة الرومانية بوخارست، في جولة استكشافية لمدينة تزخر بالتاريخ والفن والجمال.

ويحمل البرنامج مشاهديه عبر الزمان والمكان، ليعرفهم على كنوز هذه المدينة الساحرة التي تجمع بين عبق الماضي وإيقاع الحاضر، وتفتح أبوابها لزوارها بحفاوة وترحاب.

وتبدأ رحلة البرنامج من العاصمة بوخارست، التي تبسط جناحيها على ضفتي نهر دامبوفيتا، لتبدو كلوحة سحرية خارجة من عالم الحكايات.

هذه المدينة، التي لم تطمس الحداثة جمال ماضيها، تجمع في ثناياها شيئا من باريس وبرلين وموسكو، وترتدي عباءة معمارية زاخرة بالألوان والتنوع، حيث تتجاور المباني العصرية مع المباني التاريخية العتيقة، وتقف العمارة الشيوعية جنبا إلى جنب طرز معمارية متنوعة.

وحسب مقدم البرنامج حازم أبو وطفة، فإنه لا تمكن زيارة بوخارست من دون المرور بساحة الثورة الأيقونية، التي شهدت فصولا دراماتيكية من تاريخ الشعب الروماني.

قصر البرلمان

ففي هذه الساحة، ثار الرومانيون عام 1989 على الدكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو، الذي حكمهم بقبضة من حديد لعقود طويلة، ليسقط نظامه البغيض وتنتصر إرادة الشعب، فأضحت ساحة الثورة رمزا للحرية وشاهدة على كفاح الرومانيين من أجل نيل حقوقهم وكرامتهم.

ويتوسط الساحة نصب "عمود الثورة" التذكاري الشامخ، الذي يجسد بهيكله البسيط والقوي روح التضحية والنضال التي سطرها الشعب الروماني في هذا المكان التاريخي.

كما أفردت الحلقة فقرة للحديث عن قصر البرلمان الضخم الذي يقع على مقربة من ساحة الثورة، ويختزل تاريخا من القهر والاستبداد، إنه قصر البرلمان، الذي يعد ثاني أكبر مبنى إداري في العالم، والذي شيد خلال حقبة النظام الشيوعي ليكون تجسيدا لجنون العظمة.

ويوضح البرنامج كيف أن هذا الصرح الباذخ استنزف موارد الشعب الروماني لسنوات طوال، ويحوي ألف غرفة ومئات الأطنان من الرخام والكريستال والأخشاب الثمينة، وحتى سقفه الزجاجي المزخرف صمم لتهبط عليه مروحية الزعيم المفدى، في مشهد يرمز للهوس الأمني والخوف المرضي الذي كان يسيطر على الدكتاتور.

ولاستكشاف روح بوخارست الحقيقية، ينتقل "المسافر" إلى شارع كالي فيكتوري الشهير، الذي يعد شريان الحياة النابض في قلب العاصمة، هذا الشارع العريق، الذي يزدحم بالمارة والسياح في عطلات نهاية الأسبوع، ويجسد التناقضات الجميلة التي تميز بوخارست.

كنوز فنية

وعلى جانبي الشارع، تصطف المباني ذات الطراز المعماري الفريد، والتي تمزج بين فخامة الماضي وبساطة الحقبة الشيوعية، وتتناثر على طوله المقاهي والمتاجر العصرية التي يرتادها الناس من مختلف الأعمار والأذواق.

ويخيل إلى الناظر إليه كأن جادة الشانزليزيه الباريسية انتقلت بسحرها إلى بوخارست، لتمنحها لقب "باريس الصغيرة"، فمع كل خطوة في شارع كالي فيكتوري، يشعر الزائر وكأنه يسير في متحف مفتوح يروي قصة هذه المدينة العجيبة.

ودلفت كاميرا البرنامج إلى المتحف الوطني للفنون الذي يحتضن كنوزا إبداعية لا تقدر بثمن، تتوزع بين جناحين رئيسيين، الأول مخصص للفن الأوروبي، ويضم مجموعة نادرة من روائع عصر النهضة حتى القرن الـ19، أما الجناح الثاني، فهو احتفاء بالموروث الفني الروماني العريق عبر العصور.

وحين يطغى زحام المدينة وصخبها، تنقلنا الكاميرا إلى واحة خضراء تسرق الأنفاس، إنها حديقة هيراستروك، أكبر متنزهات بوخارست، التي تمتد على مساحة شاسعة تتجاوز 100 هكتار.

هوية أصيلة

وهنا، تنسج الطبيعة لوحة ساحرة من المسطحات الخضراء الفسيحة والبحيرات الصافية والمرافق الترفيهية المتنوعة، ويجد زوار الحديقة متعة لا تضاهى في التجول بين دروبها الغناء، سيرا على الأقدام أو على متن الدراجات، في أجواء تنسيك ضجيج العاصمة وتبعث في النفس السكينة.

ولأن الجمال الروماني لا تحده حدود بوخارست، يحط  المسافر رحاله في ربوع جنوب رومانيا، أرض التراث الشعبي العريق والفلكلور الأصيل، حيث تخطف الأزياء التقليدية بألوانها الزاهية وتفاصيلها المتقنة الأنظار، بينما ترقص الفرق الشعبية على أنغام الموسيقى التقليدية فتشعل المكان بهجة وحيوية.

وتروي كل حركة في الرقصات الشعبية الرومانية فصلا من حكاية هذا الشعب العريق، وتعكس تنوعه الثقافي وموروثه الإنساني الثري، وتنتقل هذه الكنوز الفلكلورية عبر المهرجانات والاحتفالات، لتؤكد على هوية رومانيا الأصيلة الضاربة في جذور التاريخ.

16/11/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

سوريا تستحق الحياة: دعوة لدعم الشعب واستعادة الاستقرار وتحذير من قوى الثورة المضادة

#سواليف

#سوريا تستحق الحياة: دعوة لدعم #الشعب واستعادة الاستقرار وتحذير من #قوى_الثورة_المضادة

بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة

جاء البيان الختامي لاجتماع لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا ليحمل أملاً جديداً للشعب السوري الذي عانى طويلاً من ويلات الحرب والتشريد والانقسام. هذا البيان الذي صاغته الدول العربية بروح المسؤولية والتضامن، يشكل لحظة فارقة تعيد التأكيد على الالتزام العربي بدعم سوريا في هذه المرحلة الدقيقة. إن الوقوف إلى جانب الشعب السوري واحترام إرادته وخياراته يمثل رسالة إنسانية وسياسية عميقة، تؤكد أن سوريا ليست وحدها، وأن أشقاءها العرب يقفون معها على طريق إعادة البناء واستعادة الكرامة الوطنية.

مقالات ذات صلة ما هي عقوبة عدم استخدام الغماز في الأردن؟ 2024/12/14

لا شك أن السنوات العصيبة التي مرت بها سوريا خلفت جروحاً عميقة في نسيجها الاجتماعي، وأثرت على كل مناحي الحياة فيها. ومع ذلك، فإن الشعب السوري أثبت على مر السنين قدرته على الصمود في وجه المحن، وتشبثه بحق العيش بحرية وكرامة في وطنه. اليوم، ومع صدور هذا البيان، تبدو الفرصة سانحة لإعادة الحياة إلى سوريا، وإطلاق عملية انتقالية سياسية شاملة تمثل كافة أطياف الشعب السوري، بما يضمن مشاركة عادلة للمرأة والشباب والمجتمع المدني. هذه العملية، التي ترتكز على مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254، تمثل حجر الأساس لبناء سوريا جديدة تستجيب لتطلعات شعبها، وتضع حداً لدوامة العنف والانقسام.

ومع هذا الأمل المتجدد، لا بد من التحذير من قوى الثورة المضادة التي تسعى لإجهاض حلم وأمل الشعب السوري وثورته التي دفع ثمنها غالياً من دمائه ومعاناته. إن أي محاولات لإعادة سوريا إلى الوراء أو فرض حلول تخدم مصالح ضيقة على حساب تطلعات الشعب لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والانقسام. إن الشعب السوري يستحق أن تُحترم تضحياته، وأن تُمنح الفرصة لقيادة سورية جديدة تثبت قدرتها على تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة.

إن الدعوة إلى دعم القيادة السورية الجديدة ومنحها فرصة لإثبات قدرتها على إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة الأمن والاستقرار تعكس فهماً عميقاً لحاجة سوريا إلى حلول عملية ومستمرة. ومع ذلك، فإن الفوضى ودخول سوريا في نفق مظلم لن يكون في مصلحة أحد، سواء داخل سوريا أو في المحيط الإقليمي أو الدولي. استقرار سوريا هو ركيزة لاستقرار المنطقة بأكملها، وأي تهديد لهذا الاستقرار يعني تبعات خطيرة تمتد إلى ما وراء حدود سوريا.

إن عودة اللاجئين والمهجرين إلى وطنهم هي إحدى الأولويات الملحة التي لا يمكن تجاهلها. ملايين السوريين يعيشون اليوم في ظروف قاسية بعيداً عن وطنهم، محرومين من أبسط حقوقهم في العيش بسلام وأمان. هؤلاء السوريون ينتظرون بشغف اللحظة التي يعودون فيها إلى ديارهم، ليشاركوا في بناء وطنهم واستعادة حياتهم الطبيعية. لذلك، فإن العمل على توفير الظروف المناسبة لعودتهم الطوعية، سواء من خلال ضمان الأمن والاستقرار أو تقديم الدعم الإنساني، هو واجب أخلاقي وإنساني يجب أن يلتزم به الجميع. التعاون مع منظمات الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تيسير هذه العودة وضمان حقوق اللاجئين.

إعادة الإعمار ليست مجرد عملية مادية لإعادة بناء ما دمرته الحرب، بل هي أيضاً عملية معنوية تستهدف استعادة ثقة الشعب السوري بنفسه وبوطنه. سوريا بحاجة إلى استثمار كبير في بنيتها التحتية، ولكنها بحاجة أيضاً إلى بناء مؤسسات قوية تحمي حقوق المواطنين وتخضع لمبادئ القانون والدستور. إن الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيز قدراتها يعد عاملاً أساسياً لمنع الانزلاق نحو الفوضى، وضمان أن تكون هذه المؤسسات في خدمة الشعب، لا أداة لقمعه أو تهميشه.

وفي سياق متصل، لا يمكن تجاهل التحديات الأمنية التي تواجه سوريا والمنطقة بأكملها. مكافحة الإرهاب يجب أن تبقى أولوية مشتركة، فالإرهاب لا يزال يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي. التصدي لهذا الخطر يتطلب تعاوناً عربياً ودولياً يضمن دحر التنظيمات المتطرفة، ويفسح المجال أمام سوريا لتستعيد استقرارها وتبني مستقبلاً آمناً بعيداً عن العنف والتطرف.

إن هذا البيان يعكس روح التضامن العربي مع سوريا، ويبعث برسالة واضحة إلى العالم بأن سوريا دولة عربية يجب أن تبقى مستقلة وموحدة. أي تدخلات خارجية أو محاولات للنيل من سيادة سوريا ووحدة أراضيها يجب أن تُرفض بشكل قاطع. السوريون وحدهم هم من يقررون مستقبلهم، وهم يستحقون الدعم الكامل لتحقيق طموحاتهم في وطن يحترم حقوقهم ويحتضن تنوعهم.

ختاماً، لا يمكن إلا أن نشيد بمخرجات هذا الاجتماع التي تعكس التزاماً حقيقياً بدعم سوريا وشعبها. هذه اللحظة تتطلب تضافر الجهود من الجميع، عربياً ودولياً، لتمكين الشعب السوري من تجاوز محنته والانطلاق نحو مستقبل أفضل. سوريا تستحق أن تعود حرة ومستقرة، دولة يحكمها القانون والعدالة، وتكون نموذجاً للأمل والصمود. الشعب السوري يستحق أن يعيش بكرامة وحرية في وطنه، بعيداً عن الخوف والمعاناة. لنمد أيدينا إلى سوريا، ولنكن جزءاً من هذا الحلم الذي طال انتظاره، مع الحذر من كل محاولات الالتفاف على إرادة الشعب السوري وثورته العادلة.

مقالات مشابهة

  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • وزارة المجاهدين تُدين السلوكات “المشينة” التي تمس برموز الثورة الجزائرية وتاريخها المجيد
  • الرسام إنييستا يودّع ملاعب الساحرة المستديرة
  • تعليم دمياط للمصارعة الرومانية يحصد المركز الأول على الجمهورية
  • معاوية الصياصنة.. الطفل الذي أشعل الثورة السورية يعيش فرحة انتصارها
  • الحكيم: الكوزة هي المحجبة العفيفة التي لا تتمكيج ولا …
  • سوريا تستحق الحياة: دعوة لدعم الشعب واستعادة الاستقرار وتحذير من قوى الثورة المضادة
  • ياسوريا عزك دام
  • مآلات ثورة ديسمبر كما توقعتها في عام ٢٠١٩
  • سعد الحريري يعلق على سقوط بشار الأسد: هذا هو اليوم الذي انتظرته منذ تلك الساعة السوداء