يسري نصر الله.. رحلة مخرج متمرد بوزن السينما العالمية
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
حالة استثنائية شكلها المخرج المصري يسري نصر الله في السينما، بقدرته على التقاط جوهر المجتمع المصري عبر لغة سينمائية، يمكن وصفها بالواقعية السحرية التي منحت أعماله حالة من التفرد، لم يكتف بالعمل ضمن الإطار التقليدي للسينما التجارية، بل صنع أفلامه وكأنها دعوة للتفكير العميق في قضايا شائكة وهامة، تجاوزت الحدود في كثير من الأحيان فشارك في فعاليات على مستوى العالم، كما أثارت أفلامه الكثير من التساؤلات حول الهوية والقيم وحقائق الحياة اليومية.
المخرج الحائز مؤخرا على جائزة الإنجاز الإبداعي عن مسيرته في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، ولد في الـ26 من يوليو/تموز 1952 في اليوم نفسه الذي خرج فيه الملك فاروق في مصر عقب ثورة يوليو، وهو التغيير الذي صاحب حياته منذ البداية فيحكي في كتاب "سينما يسري نصر الله.. حكايات ترغب في احتضان العالم" الصادر عن المهرجان، أن عائلته اعتادت في يوم ميلاده أن تسأل ماذا سيفعل بهم جمال عبد الناصر هذه المرة؟.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الممثلة التونسية درة: "وين صرنا" يسلط الضوء على الإبادة المستمرة في غزةlist 2 of 2"أسد الصحراء" وإحياء إرث مصطفى العقاد في ندوة بمهرجان القاهرة السينمائيend of listكان فيلمه الأول "سرقات صيفية" مستوحى من الطفولة حول تجمع العائلة للاستماع لخطاب عبد الناصر، حتى إنه كتب في موضوع إنشاء مدرسي عن الإصلاح الزراعي ولكنه رسب بعد أن كتب ما يستمع له في المنزل، مما عرضه للضرب من الأم التي خافت أن يتم إلقاء القبض عليهم.
انجذب نصر الله بالسينما في السادسة من عمره، حين ذهب للمرة الأولى إلى السينما لمشاهدة فيلم مع والده وشقيقته، وهو فيلم "رحلة إلى مركز الأرض" وفي هذه اللحظة عرف أن السينما هي أكثر ما يحبه في العالم، وبدأ يسأل عن هوية صانع الفيلم حتى إنه كان يسجل في دفاتره المدرسية شعار "سينما سكوب" إخراج يسري نصر الله، وكان ينتظر أسبوعيا الذهاب إلى السينما.
شكلت تجربة أخرى جزءا من طفولته، عندما شاهد إعلانا ترويجيا لفيلم "نفوس معقدة" لهيتشكوك، الذي كان مخصصا للكبار فقط. ظل لسنوات يتخيل أحداث الفيلم، مما جعل علاقته بالسينما ترتبط بما يحلم برؤيته، ليصبح الخيال بوابته لعالم السينما.
في طفولته، تأثر يسري نصر الله بالمخرج الكبير شادي عبد السلام، الذي كان يسكن في الطابق الأول من نفس البناية بحي الزمالك العريق. شكلت هذه العلاقة نافذة أولى لتحقيق حلمه السينمائي. يروي يسري في كتابه أن وجود شادي عبد السلام أضفى سحرا خاصا على حياته، حيث كان يسارع بالركض نحوه ليستقل سيارته حتى نهاية الشارع، مستمتعا بأحاديثه عن السينما. لم تقتصر العلاقة على الأحاديث فقط، بل أجرى يسري حوارات مع شادي نُشرت في مجلة مدرسته الألمانية، كما كتب مقالا مطولا عن فيلم "المومياء"، أرفقه بصور ورسومات حصل عليها من شادي.
لاحقا، أصبح يسري يزور مكتب شادي عبد السلام بانتظام، حيث تعرف على رموز سينمائية بارزة مثل رأفت الميهي، داود عبد السيد، وعاطف الطيب.
أما دراسته الأكاديمية، فقد التحق يسري بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إذ لم يكن معهد السينما في ذلك الوقت يقبل الطلاب إلا بعد حصولهم على مؤهل جامعي. وبعد عام التحق بالمعهد، لكنه سرعان ما قدم استقالته، متمردا على قيود شعر بأنها تحدّ من خياله السينمائي. عاد بعدها لإكمال دراسته في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
لكنه اعتبر لاحقا أن يوسف شاهين هو المدرسة التي تعلم من خلالها السينما ومعنى الإخراج فقال عنه: "يوسف شاهين علمني أن أبحث عن الحقيقة حتى لو كانت غير مريحة.. لكنني أردت أن أخلق طريقي الخاص، طريقا يمتزج فيه حب الواقع والسحر".
عمل نصر الله في البداية مع شاهين مُنقح سيناريو في "وداعا بونابرت"، قبل أن يعمل مساعدا للإخراج في "إسكندرية كمان وكمان"، وعلى الرغم من تأثره بشاهين لكنه اختار أن يكون له مسارات خاصة ومختلفة وأفلام تحمل بصمته.
أطفال فلسطين.. حكايات لم تُروَ بعدلم يكن فيلم "باب الشمس" المحطة الوحيدة التي سعى فيها المخرج صاحب الـ72 عامًا لتوثيق ما يحدث في فلسطين، إذ تجسد اهتمامه بالقضية الفلسطينية منذ بداياته المهنية. في عام 1978، لبّى دعوة صديقته الفلسطينية ريما سالم، التي كانت تعيش في القاهرة، للسفر إلى بيروت بهدف إنتاج فيلم عن الأطفال الفلسطينيين بمناسبة "عام الطفل".
وعدته ريما بالحصول على تمويل من منظمة التحرير الفلسطينية، وهناك انخرط في تجربة فريدة، حيث عمل لفترة كمعلم في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، يدرس الأطفال الرياضيات واللغة الإنجليزية. خلال تلك الفترة، اقترب بشكل وثيق من عالمهم، محاولا نقل قصصهم عبر فيلم عن أطفال مخيم تل الزعتر، إلا إن المشروع لم يكتمل.
في تلك الفترة، كان يسري نصر الله يعمل أيضًا ناقدا سينمائيا في إحدى المجلات المرموقة، يكتب عن أفلامه المفضلة، التي شملت أعمال فيليني، وودي آلان، يوسف شاهين، ومحمد خان. هذا المسار قاده للتعرف على الكاتب إلياس خوري، الذي ألف رواية "باب الشمس"، والتي أصبحت لاحقا أساس فيلمه المميز المكون من جزأين: "باب الشمس: العودة" و"باب الشمس: الرحيل والعودة".
عن تجربته مع القضية الفلسطينية، يقول نصر الله: "أردت تقديم الفلسطينيين ليس كرموز سياسية فقط، بل كبشر لهم حياتهم، أحلامهم وآلامهم. سعيت لخلق صورة إنسانية تتجاوز مجرد نقل الأخبار والأحداث".
قضايا جدليةفي سينما نصر الله قدم مواضيع جدلية وعبر من خلال أفلامه عن حقائق حياتية وطرح أسئلة تثير العقل، وطرح من خلالها قضايا إنسانية كبرى، منذ أول أفلامه "سرقات صيفية" عام 1988، مرورا بـ"مرسيدس" 1993 و"صبيان وبنات" 1995 و"المدينة" 2000 و"جنينة الأسماك" 2008 وبعدها بعام قدم "احكي يا شهرزاد" و"بعد الموقعة" وآخر تجاربه في السينما "الماء والخضرة والوجه الحسن"، قبل أن يشارك في تجارب درامية وهى "نمرة اثنين" و"منورة بأهلها".
ففي فيلم "المدينة" تناول حلم الهجرة لدى الشباب من خلال رؤية تجمع القسوة والأمل، وفي "مرسيدس" قدم بطلا يحمل نوعا من الهوس المجتمعي بالسلطة والمال ليعبر عن طبقات مصر المتداخلة، وفي "احكي يا شهرزاد" سلط الضوء على القضايا النسائية وكيف تتعامل النساء مع القهر المجتمعي بطرق مختلفة.
وشاركت أفلام يسري نصر الله في مهرجانات عالمية أبرزها مهرجان كان السينمائي ومهرجان برلين، كما نالت أعماله تقديرا واسعا من حيث تأثيرها الذي جعله أحد أهم الصناع في السينما المصرية رغم قلة أعماله التي لم تتجاوز الـ14 عملا، لكنه تمتع بمكانة كبيرة بسينماه التي عبرت عن قضايا الهوية والحرية والإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما شادی عبد السلام یسری نصر الله باب الشمس
إقرأ أيضاً:
المخرج من دائرة الجهل التي تتميز بها دول العالم الثالث وتتجلي في الحروب الأهلية
المخرج من دائرة الجهل التي تتميز بها دول العالم الثالث وتتجلي في الحروب الأهلية ... المخرج هو التعليم والتعليم والتعليم !!..
ابننا العزيز المهذب الجنتلمان الأستاذ علي شندوق الشاعر والرياضي المطبوع الذي جمع بين المساقين العلمي والأدبي في بوتقة نادرة وعبر بها الي دنيا الابداع .
اولا السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
اطلعت اليوم علي ورقة صادرة منكم تحوي صيغة السؤال الاول لمادة الرياضيات للجالسين لامتحان الشهادة الابتدائية .
طالما أن العمل صادر منك ونحن نثق فيك كل الثقة في علمك وادبك وأسلوب حياتك ولا بد أن هذا العمل الهام سيكون إن شاء الله سبحانه وتعالى فأل حسن وطريق معبد للنجاح والفلاح في هذه المادة التي استعصت مؤخرا علي الكثيرين وانا منهم وقد استعصت علي من زمان حتي قبل أن تتحور الي كائن جديد يخيل الي أنه ليس فيه غير س و صاد والدالة ورسومات احيانا اراها مثل الكتابة الهيروغلوفية أو المسمارية ودائما اتحسر علي علم الحساب وثمن رطل السكر والملح وحساب المثلثات والجبر والهندسة والرسم البياني ورغم كل ماكانت تحويه حديقة الرياضيات من كل روض زهرة ومن كل ماء قطرة ولم يحدث أن رسبت في هذه المادة مطلقا لكن كان بيني وبينها بعد المشرقين وكنت اهرب من حصة الرياضيات واتعلل بأي سبب رغم أن الأساتذة الذين درسوها في حنتوب كانوا علماء بها نالوا تدريبهم الخارجي في بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس .
ابننا الأستاذ العزيز المهذب الجنتلمان علي شندوق هل هذه الرياضيات الحالية التي تدرس في بلادنا في مرحلة التعليم العام هل هي بديل للرياضيات التقليدية ؟!
ولماذا أسموها الرياضيات الحديثة لأنها كما وضعوا لها حيثية أنها عمود فقري لعلوم الكمبيوتر وفيما بعد للذكاء الاصطناعي ؟!
طيب اذا كان أمثالي ليس بينهم ود لا بالقديم ولا الجديد من الرياضيات فهل ستكون لنا مدارس خالية من لغة الأرقام هذه خاصة ونحن لسنا من أنصار الكمبيوتر ولا الموبايل ونري أن هذه الأجهزة مهمة في بعض الأحيان ولكن ليس في كل الوقت وقد أصبح الانشغال بها أكثر من العمل بالشيء المفيد وربما عند البعض صارت مضيعة للوقت ووصلت بالكثيرين الي درجة الإدمان مما استدعي فتح مشافي لعلاج هذه الحالات المستحدثة في تطور البشر الذين كانوا ينعمون بالهدوء والسكينة فقلب الموبايل مواجعهم وسلب النوم من جفونهم وجعلهم يعيشون في عزلة مجيدة !!..
شكرا ابننا العزيز المهذب الجنتلمان علي شندوق فجزاكم الله سبحانه وتعالى خيراً علي مساهماتكم المقدرة في كافة المساقين العلمي والأدبي وتفوقكم في الشعر وقد قرأت لأحد الفلاسفة والمفكرين أن الشاعر هو خير من يجيد في ميادين البحث والاستقصاء فهنيئا لك بهذه النعمة ونتمني لكم دائما دوام الصحة والعافية والسرور وراحة البال وراحة الضمير .
ودمتم في رعاية الله وحفظه .
عمكم حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com