اقتصاد المحافظات بين الاختيار والاختبار
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
محمد بن عيسى البلوشي
لا شك أنَّ تطلعات الحكومة وفق رؤيتها نحو "عُمان 2040" في أن تلعب المحافظات دورًا محوريًا في تنمية اقتصادها، هو أمر حميد ومطلب مجتمعي يضفي إلى اقتصاد قطري القدرة على صناعة الفرص واستثمار المقدرات والجهود الممكنة، ويتطلب ذلك وجود قيادات توجه الدفة الاقتصادية بكل تمكين وحرص، وتقتنص الفرص بعين ثالثة وفاحصة، وتعمل على ضبط الإجراءات بما يتوافق مع الرؤية الاقتصادية للمحافظة خاصة والسلطنة عمومًا.
والعمل الذي نتطلع أن تقوم عليه المحافظات خلال المرحلة المقبلة، هو النظر إلى مكامن القوة الاقتصادية والاستثمارية سواء على مستوى المشاريع العملاقة وتلك المتوسطة والصغيرة، وأن تضع يدها على إمكانيات المحافظة في جذب الاستثمارات المتنوعة، والتي ستوفر معها فرصاً متجددة للعمل في مختلف ولاياتها.
والدور التقليدي الذي تقوم به بعض المؤسسات الخدمية في المحافظات لا بُد أن يتطور ليواكب التوجه الاقتصادي العام، فليس من المعقول أن تظل البلديات تقدم خدمات التشجير والنظافة ومراقبة التصاريح المتعلقة بشأنها فحسب، بل هناك دور أكبر من المهم الالتفات إليه على مستوى المحافظة وهو استقراء الخدمات التي يتطلبها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والوقوف على احتياجات ومتطلبات أصحاب المصلحة (صناعيون، تجار، عقاريون، مستثمرون) وحل التحديات التي يواجهونها في مشاريعهم، ومراجعة الإجراءات وتبسيطها بما يتسق مع تطلعات الدولة نحو تحقيق رؤيتها الوطنية.
يتفق معي الاقتصاديون والمحللون والمراقبون على أن تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كل اقتصاد والوقوف على التحديات التي يواجهها أصحابها وحلها بالطرق المناسبة، هو أحد أسرار نجاح المشاريع وضمان نموها واستدامتها وتأثيرها الإيجابي في الاقتصاد الوطني؛ فعندما تقوم الجهات الحكومية بتلبية احتياجات هذا القطاع وتسخير كافة الإمكانات لذلك وتهيئة المناخ الاستثماري والتجاري والاقتصادي الصحي، فإنها بذلك تعزز الدور الذي تقوم به مؤسسات القطاع الخاص (الكبرى، المتوسطة،الصغيرة، أصحاب المصلحة) في اقتصادها القطري وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني.
إن المرحلة المقبلة من عمر نهضتنا المتجددة التي يقودها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه- يتطلب شحذ الهمم من أجل تمكين الملف الاقتصادي للمحافظات، وأيضا تعزيز مكاتب المحافظين بكفاءات اقتصادية ترسم خارطة الطريق نحو هذا الهدف الوطني الشامل، وتوجيه أصحاب القرار في دفع المسيرة الاقتصادية من أجل تمكين الدور الاقتصادي في الملفات الوطنية المستدامة ومنها ملف الباحثين عن العمل.
ونقترح في هذا الصدد وجود محافظين اقتصاديين 100% لقيادة دفة اقتصاد المحافظات إلى جانب مهاراتهم في الإدارة التنموية، وإنشاء مديرية عامة لاقتصاد المحافظة بمكتب المحافظ ليكون معملا تنفيذيا للمشاريع الاقتصادية والاستثمارية ومتابعة تنفيذها، وتمكين ذلك بكفاءات اقتصادية واستثمارية متحققة، وأيضا إيلاء الخدمات العامة (تنظيف، تشجير) إلى البلدية، على أن تحال بقية الخدمات (تصاريح، تصديق المعاملات التجارية، التجديد، خدمات ومتطلبات التطوير، مراجعة الإجراءات، احتياجات المؤسسات والشركات من الخدمات الأخرى) إلى المديرية العامة لاقتصاد المحافظة. وبهذا يمكن أن ننطلق برؤية متجددة وعزم أكبر نحو تحقيق رؤيتنا لـ"عُمان 2040" كما أراد لها قائدها ورآها بعين شعبه ومشورته الوطنية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شمّا بنت سلطان بن خليفة: علينا تمكين المجتمعات لمواجهة تحديات تغير المناخ
استعرضت الشيخة شمّا بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمُسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي (UICCA)، رؤيتها حول أهمية تطوير القدرات ونقل المعرفة، لا سيّما للنساء والمجتمعات المحلية، مؤكدةً على الحاجة إلى الاستفادة من الأبحاث العلمية لتطوير حلول قابلة للتطبيق لمواجهة تغير المناخ وتعزيز جهود التكيف.
جاء ذلك خلال زيارتها للمركز الدولي للزراعة الملحية "إكبا" للاطلاع على أبحاثه الرائدة والمبادرات الاستراتيجية، التي تهدف إلى معالجة التحديات الحرجة في الزراعة والاستدامة البيئية.وقالت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان: "إنه ولمواجهة التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ، ينبغي أن نحرص على تمكين المجتمعات، لا سيما النساء والقادة المحليين، بالمعرفة والموارد الضرورية للتكيف والازدهار، ويساهم الاستثمار في تنمية القدرات، وتبادل المعرفة في تمكين الأفراد والمجتمعات لاتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى أسس علمية".
واعتبرت أن البحث العلمي بعد ركيزة أساسية في هذا الإطار، حيث يدعمهم في ابتكار حلول فعّالة وقابلة للتوسع، تُسهم في تقليل مخاطر المناخ، وتعزيز المرونة على كافة المستويات، مشيرة إلى أن هدف المسرعات هو بناء قاعدة للتقدم المستدام، بمشاركة المجتمعات المحلية في صياغة الحلول، التي ستضمن مستقبلاً مشتركاً ومستداماً للجميع.
من جانبها استعرضت الدكتورة طريفة الزعابي، المدير العام لمركز إكبا، أمام الشيخة شمّا، الرؤية الاستراتيجية للمركز، مسلطةً الضوء على إسهامات إكبا في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، من خلال الأبحاث المبتكرة في الزراعة الملحية والشراكات الفعّالة.
وقالت إن زيارة الشيخة شمّا تسلّط الضوء على أهمية التعاون الاستراتيجي والجهود المشتركة في مواجهة تحديات المناخ، وتعزيز الزراعة المستدامة، سواء على مستوى دولة الإمارات أو على الصعيد العالمي، مؤكدة التزام "إكبا" بتطوير أبحاث مبتكرة وتعزيز شراكات استراتيجية لمعالجة التحديات في البيئات المالحة والجافة.
وتضمنت الزيارة جولة ميدانية في المرافق الرئيسية للمركز، مثل حقول النخيل والأعلاف، وبنك الجينات، ومتحف الإمارات للتربة، حيث تمّ استعراض المشاريع الميدانية والأبحاث الجارية، التي تؤكد التزام إكبا بتحسين الإنتاجية الزراعية، وتعزيز الاستدامة في البيئات الملحية والجافة.