لجريدة عمان:
2025-01-18@04:55:04 GMT

المنجز الثقافي والاندماج الشبابي

تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT

الأسبوع المنصرم، اتجهت أنظار المشهد الثقافي في عُمان تجاه الإعلان عن الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وذلك عن دورتها الحادية عشرة، والجائزة إذ تكمل هذه الدورة لتترك من خلفها إرثًا من التأصيل والعناية بالمشهد الثقافي والمثقفين، باتساع مفهوم الثقافة وأبعادها، فقد أبرزت الكتّاب في مختلف الأشكال الكتابية، والرواة، والشعراء، وصناع الأفلام والسينما، والباحثين في العلوم الإنسانية بتفرعاتها، والفاعلين الإعلاميين، وكرّمت مسيرة جملة من الفاعلين الثقافيين العرب، في الوقت ذاته الذي توّجت وأبرزت فيه أسماء لامعة ومشتغلة اشتغالًا جادًا بالفعل الثقافي المحلي، ولعل أهم ما يميز الجائزة -علاوة على قيمتها المادية والمعنوية والاسم الذي تحمله- هو التجديد في مجالاتها، والنظر الموزون حسب المجالات، إما إلى الابتكار في الأعمال المقدمة، أو الإرث الذي قدمه المشارك، وخاصة فيما يتعلق بالجائزة التقديرية، إضافة إلى التزامها بإثراء المشهد الثقافي من خلال المعايير العملية التي تحددها لشكل الإنتاج الثقافي الذي يستحق أن يُكرّم ويُخلّد.

أما فيما يتصل بالأسماء التي حازت الجائزة في دورتها الحالية، فقد امتازت بكونها أسماء شبابية خالصة، من المبدعين في الفعل الثقافي العماني، فقد حاز الإعلامي أحمد الكلباني عبر برنامجه «شاهد فوق العادة» على الجائزة عن «فرع الفنون» وفي مجال البرامج الإذاعية، فيما حصلت الشاعرة شميسة النعمانية على الجائزة عن «فرع الآداب» وفي مجال الشعر العربي الفصيح.

ولعلي متابع للمنتج الفائز عن مجال البرامج الإذاعية، وقد وجدت فيه ثلاث سمات أساسية، أولها محاولة البرنامج إضفاء التجديد والابتكار على نمط البرامج الإذاعية، وذلك من خلال المزج بين السرد الإذاعي والتمثيل، وثانيها أن البرنامج يحاول التقاط مشهد الحياة اليومية، ولكن بالطريقة التي تجعل المتلقي أيضًا في حال التساؤل وتكرار ذلك التساؤل، وثالثها أن البرنامج يوازن ذاته بين الطرق المبتكرة في إنتاج البودكاست وبين كونه برنامجًا يصلح للعرض والبث على الإذاعة بصورتها التقليدية، وهذا نموذج في تقديري يحفز على أن يكون الفعل الثقافي مبتكرًا، ومجددًا، ومنافسًا، وهو ترجمة أصيلة لتحقيق أحد أهم أهداف الجائزة والمتمثل في «غرس قيم الأصالة والتجديد لدى الأجيال الصاعدة، من خلال توفير بيئة خصبة قائمة على التنافس المعرفي والفكري، وفتح أبواب التنافس في مجالات العلوم والمعرفة القائم على البحث والتجديد».

ويجد المتتبع للدورات السابقة من الجائزة أن الأعمال والأسماء الفائزة فيها تؤكد على أربع قيم أساسية في حقل الاشتغال الثقافي، في تقديري هي الاشتغال الجاد، والالتزام بأصول الحرفة وتأصيلها المعرفي، ومحاولة الابتكار والتجديد، والقيمة المضافة للحقل أو المجال الذي ينشط فيه الفاعل الثقافي.

ولنا أن نستذكر من قائمة الفائزين فرقة مسرح الدن للثقافة والفن، التي قدّمت أعمالًا مسرحية رائدة في مجال الفرق المسرحية، وكان لها الدور في بروز أسماء لامعة في المسرح العُماني، وحظيت أعمالها وعروضها بشعبية وحضور في مختلف المحافل لما تحمله من تركيز على رسالة النص، وعلى الالتزام بمعايير الأداء المتميزة لممثلي عروضها.

ولنا أن نستذكر أيضًا فوز المكرم الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي في مجال دراسات الإعلام والاتصال، فعوضًا عن تجربته الأكاديمية الواسعة وتخرج أسماء بارزة في حقل الصحافة على يده؛ فقد قدّم الكندي كذلك دراسات معمقة لحقل الدراسات الاتصالية، سواء عبر تتبع تاريخ الصحافة العُمانية وروادها وتأثيرها، أو البحث والتحليل في السياسات الإعلامية، أو تتبع التغطيات الصحفية للحروب والأزمات.

هذه نماذج لأسماء مهمة ونشطة قدّمتها الجائزة وقدّرتها، وهي امتداد لأسماء أخرى في مختلف دوراتها ومجالاتها.

إذن، تقدّم الجائزة عنصرًا مهمًا من عناصر تجويد الفعل الثقافي في عُمان، ولكن هناك سؤالان مزدوجان تفرض الحالة الثقافية طرحهما، لماذا نحتاج إلى توسعة الفعل الثقافي في عُمان اليوم؟ وما الذي يحتاجه الفعل الثقافي ليؤدي دوره الوظيفي المنشود في المجتمع؟

الفعل الثقافي، في وظائفه المختلفة، إنما هو في تقديرنا فعل تأصيل، وفعل ترويح، وفعل تنوع، وفعل حفظ للذاكرة، وفعل استنهاض، وفعل استشعار، وفعل تخييل، وما أحوج المجتمع اليوم إلى هذه المعادلة المهمة، فبالفعل الثقافي نؤصل القيم والأخلاقيات المهددة، ومعه يروح المجتمع عن ضغوطات الواقع المعاش، وعن تعقيد الحياة وتراكماتها، وهو حفظ لأصل التنوع في المجتمع ومحفز للاندماج بشكل أكبر بين مكوناته وأطيافه، وتأكيد على انصهاره، وهو كذلك فعل حفظ لذاكرتنا التاريخية والثقافية واللحظية، ونقل تلك الذاكرة عبر الأجيال بفنون وأفعال مختلفة، وهو استنهاض للواقع واستشعار لما يعتريه من مشكلات خافتة وأزمات بائنة وغير بائنة، كما أنه فعل تخييل للمستقبل، وللواقع المرجو والمتصور والمأمول؛ ولكن لكي تتحقق كل تلك الأدوار والوظائف للفعل الثقافي، فإنه مطالب اليوم بأن يكون أكثر قربًا من مجتمعه، وأكثر تلامسًا مع الحياة المعيشية، فالمسرح اليوم يجب أن يجوب كل الولايات العُمانية، ويتخذ من المسارح المفتوحة والمتلاقية مع حياة الشارع نهجًا ليستمر ويؤثر، وكذا يسري ما يسري على القصيدة، والرواية، والفيلم، والدراسة العلمية، والفن الشعبي، والتصوير، والرسم، والنحت، والتشكيل، ومختلف أنواع الفعل الثقافي.

إن جزءًا من التنمية المحلية في تقديرنا ينبغي أن يُوجَّه اليوم إلى الكيفية التي يمكن من خلالها أن يكون الفعل الثقافي حاضرًا في كل بقعة ومستمرًا، وليس مقتصرًا على المهرجانات الكبرى أو على الفعاليات المركزية، وليس بالضرورة أن يكون فعلًا غارقًا في المؤسسية، بل إن يكون من الناس ومتفاعلًا معهم، يضفي لحياتهم المعنى المنشود، ويحقق في ذاته الرسالة الأصيلة للثقافة والفعل الثقافي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفعل الثقافی أن یکون فی مجال

إقرأ أيضاً:

أبرز ردود الفعل الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. ترحيب واسع

بعد إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار اليوم الأربعاء بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بوساطة مصرية قطرية وأمريكية، جاءت العديد من ردود الفعل الإيجابية على دور الدول المشاركة في التوصل إلى هذه الاتفاقية.

مسؤولون أمريكيون يشيدون بالجهود المبذولة

في الوقت الذي رحب فيه البيت الأبيض باتفاق وقف إطلاق النار، أشار المسؤولون الأمريكيون إلى دورهم في دعم جهود الوساطة المصرية والقطرية، وأشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بجهود مصر مؤكدا أهمية الحفاظ على الهدوء وإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما دعا إلى ضرورة بناء تفاهمات أكثر استدامة بين الأطراف المعنية لتحقيق سلام دائم، حسب ما نشرته القاهرة الإخبارية.

ترحيب عالمي

ومن جانبه، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا «أنها جاءت لتخفيف المعاناة الهائلة الناجمة عن هذا الصراع»، أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قال إن وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يسمح بزيادة هائلة في المساعدات الإنسانية.

ألمانيا هناك أمل

وفي ألمانيا، أشادت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك بالجهود المبذولة في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وصرحت بأن «هناك أملا في إطلاق سراح الرهائن أخيرا وأن ينتهي سقوط القتلى في قطاع غزة».

المرحلة الأولى

وبحسب ما نشرته «القاهرة الإخبارية» فإن المرحلة الأولى من الاتفاق تمتد لـ42 يومًا وتسمح بعودة النازحين إلى منازلهم بدون عوائق خاصة إلى مناطق شمال القطاع، مشددة على أن مصر تستعد لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى قطاع غزة لدعم أهالي القطاع.

وبذلت مصر وقطر والولايات المتحدة جهودًا كبيرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الصراع المستمر منذ 15 شهرًا، وإطلاق سراح المحتجزين المتبقين الذين تحتجزهم حماس قبل أن يترك الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه.

وأكدت صحف عالمية أن دور مصر في هذا الاتفاق كان محوريًا، حيث ساهمت بشكل كبير في التوسط بين الأطراف المتنازعة، ما يعكس التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية، حيث صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة توصلت إلى هذا الاتفاق بمساعدة مصر وقطر.

حرية الحركة للسكان

وفي اليوم السابع من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار يضمن انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي كليًا من شارع الرشيد شرقًا إلى شارع صلاح الدين، كما يتضمن أيضًا تفكيك المواقع والمنشآت العسكرية الإسرائيلية في منطقة شارع الرشيد، وفي اليوم نفسه؛ يتم البدء في عودة النازحين داخليًا إلى مناطق سكنهم، وأوضحت  أنه في اليوم السابع من المرحلة الأولى يتيح للسكان الحركة بحرية بجميع مناطق القطاع ودخول المساعدات الإنسانية عبر شارع الرشيد من أول يوم، وفي اليوم الـ22 تنسحب قوات الاحتلال من وسط قطاع غزة خاصة من محور نتساريم ومحور دوار الكويت شرق طريق صلاح الدين لمنطقة بمحاذاة الحدود.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. "السلام للتنمية وحقوق الإنسان" تنظم جلسة حوار "قراءة أولية في تقارير أصحاب المصلحة"
  • جائزة الأمير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تعلن بدء التسجيل والترشح لدورتها الـ 38
  • مكتب نتنياهو يحدد اليوم الذي يمكن فيه إطلاق سراح رهائن حماس إذا وافق مجلس الوزراء على اتفاق غزة
  • عاجل | حماس: تم فجر اليوم حل العقبات التي نشأت بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار
  • قائد الثورة: الشعب اليمني سيتحضر لأي جولة قادمة لإسناد فلسطين بمستوى أداء وفعل أكثر تأثيراً
  • جامعة العلوم والتكنولوجيا بمأرب تقيم اليوم العلمي الأول لطب الأسنان بمأرب
  • ردود الفعل الدولية الأولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • أبرز ردود الفعل الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. ترحيب واسع
  • أبرز ردود الفعل الدولية على اتفاق غزة
  • متى يكون القرض حلالاً؟ دار الإفتاء تحدد الحالات الجائزة شرعاً