لجريدة عمان:
2024-12-18@08:21:48 GMT

المنجز الثقافي والاندماج الشبابي

تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT

الأسبوع المنصرم، اتجهت أنظار المشهد الثقافي في عُمان تجاه الإعلان عن الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وذلك عن دورتها الحادية عشرة، والجائزة إذ تكمل هذه الدورة لتترك من خلفها إرثًا من التأصيل والعناية بالمشهد الثقافي والمثقفين، باتساع مفهوم الثقافة وأبعادها، فقد أبرزت الكتّاب في مختلف الأشكال الكتابية، والرواة، والشعراء، وصناع الأفلام والسينما، والباحثين في العلوم الإنسانية بتفرعاتها، والفاعلين الإعلاميين، وكرّمت مسيرة جملة من الفاعلين الثقافيين العرب، في الوقت ذاته الذي توّجت وأبرزت فيه أسماء لامعة ومشتغلة اشتغالًا جادًا بالفعل الثقافي المحلي، ولعل أهم ما يميز الجائزة -علاوة على قيمتها المادية والمعنوية والاسم الذي تحمله- هو التجديد في مجالاتها، والنظر الموزون حسب المجالات، إما إلى الابتكار في الأعمال المقدمة، أو الإرث الذي قدمه المشارك، وخاصة فيما يتعلق بالجائزة التقديرية، إضافة إلى التزامها بإثراء المشهد الثقافي من خلال المعايير العملية التي تحددها لشكل الإنتاج الثقافي الذي يستحق أن يُكرّم ويُخلّد.

أما فيما يتصل بالأسماء التي حازت الجائزة في دورتها الحالية، فقد امتازت بكونها أسماء شبابية خالصة، من المبدعين في الفعل الثقافي العماني، فقد حاز الإعلامي أحمد الكلباني عبر برنامجه «شاهد فوق العادة» على الجائزة عن «فرع الفنون» وفي مجال البرامج الإذاعية، فيما حصلت الشاعرة شميسة النعمانية على الجائزة عن «فرع الآداب» وفي مجال الشعر العربي الفصيح.

ولعلي متابع للمنتج الفائز عن مجال البرامج الإذاعية، وقد وجدت فيه ثلاث سمات أساسية، أولها محاولة البرنامج إضفاء التجديد والابتكار على نمط البرامج الإذاعية، وذلك من خلال المزج بين السرد الإذاعي والتمثيل، وثانيها أن البرنامج يحاول التقاط مشهد الحياة اليومية، ولكن بالطريقة التي تجعل المتلقي أيضًا في حال التساؤل وتكرار ذلك التساؤل، وثالثها أن البرنامج يوازن ذاته بين الطرق المبتكرة في إنتاج البودكاست وبين كونه برنامجًا يصلح للعرض والبث على الإذاعة بصورتها التقليدية، وهذا نموذج في تقديري يحفز على أن يكون الفعل الثقافي مبتكرًا، ومجددًا، ومنافسًا، وهو ترجمة أصيلة لتحقيق أحد أهم أهداف الجائزة والمتمثل في «غرس قيم الأصالة والتجديد لدى الأجيال الصاعدة، من خلال توفير بيئة خصبة قائمة على التنافس المعرفي والفكري، وفتح أبواب التنافس في مجالات العلوم والمعرفة القائم على البحث والتجديد».

ويجد المتتبع للدورات السابقة من الجائزة أن الأعمال والأسماء الفائزة فيها تؤكد على أربع قيم أساسية في حقل الاشتغال الثقافي، في تقديري هي الاشتغال الجاد، والالتزام بأصول الحرفة وتأصيلها المعرفي، ومحاولة الابتكار والتجديد، والقيمة المضافة للحقل أو المجال الذي ينشط فيه الفاعل الثقافي.

ولنا أن نستذكر من قائمة الفائزين فرقة مسرح الدن للثقافة والفن، التي قدّمت أعمالًا مسرحية رائدة في مجال الفرق المسرحية، وكان لها الدور في بروز أسماء لامعة في المسرح العُماني، وحظيت أعمالها وعروضها بشعبية وحضور في مختلف المحافل لما تحمله من تركيز على رسالة النص، وعلى الالتزام بمعايير الأداء المتميزة لممثلي عروضها.

ولنا أن نستذكر أيضًا فوز المكرم الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي في مجال دراسات الإعلام والاتصال، فعوضًا عن تجربته الأكاديمية الواسعة وتخرج أسماء بارزة في حقل الصحافة على يده؛ فقد قدّم الكندي كذلك دراسات معمقة لحقل الدراسات الاتصالية، سواء عبر تتبع تاريخ الصحافة العُمانية وروادها وتأثيرها، أو البحث والتحليل في السياسات الإعلامية، أو تتبع التغطيات الصحفية للحروب والأزمات.

هذه نماذج لأسماء مهمة ونشطة قدّمتها الجائزة وقدّرتها، وهي امتداد لأسماء أخرى في مختلف دوراتها ومجالاتها.

إذن، تقدّم الجائزة عنصرًا مهمًا من عناصر تجويد الفعل الثقافي في عُمان، ولكن هناك سؤالان مزدوجان تفرض الحالة الثقافية طرحهما، لماذا نحتاج إلى توسعة الفعل الثقافي في عُمان اليوم؟ وما الذي يحتاجه الفعل الثقافي ليؤدي دوره الوظيفي المنشود في المجتمع؟

الفعل الثقافي، في وظائفه المختلفة، إنما هو في تقديرنا فعل تأصيل، وفعل ترويح، وفعل تنوع، وفعل حفظ للذاكرة، وفعل استنهاض، وفعل استشعار، وفعل تخييل، وما أحوج المجتمع اليوم إلى هذه المعادلة المهمة، فبالفعل الثقافي نؤصل القيم والأخلاقيات المهددة، ومعه يروح المجتمع عن ضغوطات الواقع المعاش، وعن تعقيد الحياة وتراكماتها، وهو حفظ لأصل التنوع في المجتمع ومحفز للاندماج بشكل أكبر بين مكوناته وأطيافه، وتأكيد على انصهاره، وهو كذلك فعل حفظ لذاكرتنا التاريخية والثقافية واللحظية، ونقل تلك الذاكرة عبر الأجيال بفنون وأفعال مختلفة، وهو استنهاض للواقع واستشعار لما يعتريه من مشكلات خافتة وأزمات بائنة وغير بائنة، كما أنه فعل تخييل للمستقبل، وللواقع المرجو والمتصور والمأمول؛ ولكن لكي تتحقق كل تلك الأدوار والوظائف للفعل الثقافي، فإنه مطالب اليوم بأن يكون أكثر قربًا من مجتمعه، وأكثر تلامسًا مع الحياة المعيشية، فالمسرح اليوم يجب أن يجوب كل الولايات العُمانية، ويتخذ من المسارح المفتوحة والمتلاقية مع حياة الشارع نهجًا ليستمر ويؤثر، وكذا يسري ما يسري على القصيدة، والرواية، والفيلم، والدراسة العلمية، والفن الشعبي، والتصوير، والرسم، والنحت، والتشكيل، ومختلف أنواع الفعل الثقافي.

إن جزءًا من التنمية المحلية في تقديرنا ينبغي أن يُوجَّه اليوم إلى الكيفية التي يمكن من خلالها أن يكون الفعل الثقافي حاضرًا في كل بقعة ومستمرًا، وليس مقتصرًا على المهرجانات الكبرى أو على الفعاليات المركزية، وليس بالضرورة أن يكون فعلًا غارقًا في المؤسسية، بل إن يكون من الناس ومتفاعلًا معهم، يضفي لحياتهم المعنى المنشود، ويحقق في ذاته الرسالة الأصيلة للثقافة والفعل الثقافي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفعل الثقافی أن یکون فی مجال

إقرأ أيضاً:

رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية

مضى إلى الدار الباقية
رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية وأخلف الله على أهله وأحبابه وإخوانه ووطنه من بعده بخير كثير
*مصابيح التنوير شخوص ورموز
الدكتور محمد خير الزبير
ولد محمد خير الزبير في شمبات ، ولد في العام 1945 ونشأ بها ودرس مراحله الاولى بشمبات. التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد ونال بكالريوس الإقتصاد في العام 1968
دكتوراة الاقتصاد – جامعة ويلز – المملكة المتحدة 1983م .
ماجستير الاقتصاد المالي جامعة ويلز – المملكة المتحدة 1976 .
بكالوريوس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية – جامعة الخرطوم 1968 . عمل بوزارة المالية قسم التخطيط الإقتصادي وابتعث في دورة تدريبية
إلى معهد التنمية الاقتصادية – نايلي – ايطاليا لمدة ستة اشهر حول التنمية و التخطيط الإقتصادي. ثم دورة تدريبية في التخطيط في مصر في العام 1973في معهد التخطيط القومي.
بعدها ابتعث في العام 1973 – 1975 لفترة دراسية للتحضير لدرجة الماجستير في الاقتصاد المالي – جامعة ويلز- المملكة المتحدة. وعاد للعمل بوزارة المالية بادارة القروض والمعونات الأجنبية في الفترة من 1975الى1979 ثم
وتسنى له أن يواصل في ذات جامعة ويلز 1979 – 1983 للحصول على درجة الدكتوراة في الاقتصاد المالي فحصل عليها من ذات الجامعة جامعة ويلز-المملكة المتحدة ثم عاد للمالية وبعث بعدها لتلقي دورة
في معهد القانون الدولي – واشنطن – الولايات المتحدة الأمريكية حول مفاوضات الاستثمار في العام 1979 وعاد يعمل بالمالية بالتخطيط الإقتصادي ثم حصل إبان ذلك على دورة تجريبية في معهد هارفارد للتنمية
الدولية – جامعة هارفرد بوسطن.
وعين مديرا لأدارة لأدارة العون السلعي في 1983 ثم مديرا القروض والمنح الخارجية في العام 1986. وشغل منصب وكيل أول التخطيط في الفترة 1988الى1993 وأعتذر عن وكالة وزارة المالية بعد الإنقاذ في العام 1990
ثم عين في1993 – 1996 وزيرا للدولة للتخطيط – وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي عمل بعدها في العام 1996 – 1998 رئيسا لمجلس الإدارة – ومديرا عاما امؤسسة التنمية السودانية واعيد تعيينه وزير دولة للمالية من 1998الى 2001 ثم عين نائبا لمدير بنك الساحل والصحراء( بنك إقليمي رئاسته في ليبيا) من 2002 حتى 2009.
وعين في مارس 2011 رئيسا لمجلس ادارة ومحافظ بنك السودان المركزي . وأعيد محافظا مرة أخرى في سبتمبر في العام 2018. وكان شغل بحكم المنصب رئاسات. وعضوية مجالس أدارات
منها رئيس مجلس ادارة مطابع السودان للعملة
رئيس مجلس ادارة شركة السودان للخدمات المالية
رئيس مجلس ادارة اكاديمية السودان للعلوم المصرفية
وكذلك على المستوى الإقليمي شغل منصب العضو بمجلس ادارة الاكاديمية العربية للعلوم المصرفية بالاردن
والمحافظ المناوب بالبنك الاسلامي للتنمية جدة
وعضو مجلس ادارة شركة سكر كنانة
وعضو مجلس الخدمات المالية الاسلامية بماليزيا وعضو مجلس إدارة الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي .
وعضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للزيوت النباتية .
عضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للزراعة الآلية بالنيل الأزرق .
وعضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للإنتاج والتصنيع الزراعي
محافظ السودان وشارك بحكم عمله محافظا لبنك السودان في اجتماعات و مؤتمرات البنك الدولي للإنشاء والتعمير .
وصندوق النقد الدولي .
وبنك التنمية الأفريقي .
والبنك الإسلامي للتنمية .
والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي .
وصندوق النقد العربي .
والمصرف العربي للتنمية الاقتصادي في أفريقيا .
والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) محافظ مناوب .
وبنك التجارة التفضيلية لدول شرق ووسط أفريقيا .
ورغم طبيعة جدول أعماله المزدحم فله مؤلفات ودراسات ومطبوعات :
منها دراسة حول الحوافز الممنوحة للاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية تجربة السودان ورقة مقدمة لورشة عمل نظمتها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار – تونس – مارس 1997م .
وورقة حول إدارة الديون الخارجية في السودان ورقة مقدمة للمؤتمر القومي للإصلاح الاقتصادي في السودان 1986م .
ودراسة حول القروض والمعونات الدولية أثرها على التنمية الاقتصادية . تجربة السودان 1960 – 1980 هي رسالته للدكتوراة.
وورقة تقديم المشروعات في قطاع النقل . بحث مقدم لجامعة ويلز المملكة المتحدة بحث مكمل لدرجة الماجستير 1976م.
القروض والمعونات الدولية – أثرها على التنمية الاقتصادية – وله كتاب تجربة السودان في نصف قرن . 1956 – 2006 – صدر في عام 2008.
تعكس دراسات وخبرات الدكتور محمد خير الزبير صورة لخبير إقتصادي إجتمعت لدية علوم وخبرات عملية واسعة وكان أحد شهود تجربة إسلام الإقتصاد في السودان وشارك بخبرات في المجال الإقليمي والدولي ووجد تقديرا عاليا ربما لم يحظ به في موطنه. وإلى جانب تخصصه الإقتصادي نشط د محمد خير الزبير في العمل الإسلامي داخل وخارج السودان إبان دراسته هناك. و لا يزال ينشط بوصفه استشاريا وخبيرا على المستوي الوطني و الإقليمي… مد الله في أيامه ونفع بعمله و كسبه وبارك فيه لنفسه ووطنه العزيز.


أمين حسن عمر عبد الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محافظ مسقط يرعى حفل تسليم جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب.. الأربعاء
  • بتكليف سامٍ.. محافظ مسقط يرعى اليوم حفل تسليم جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب
  • تلفزيون "بريكس" يسلط الضوء على الطفرة السياحية التي حققتها دبي في 2024
  • بلدية دبي تحصل على 3 شهادات مواصفات دولية جديدة منها شهادة معالجة الحمأة التي تمنح لأول مرة على مستوى العالم في 2024
  • البرلمان العربي يشيد بالجهود والإنجازات التي حققتها سلطنة عمان في مجال حقوق الإنسان تحت قيادة السلطان هيثم
  • جامعة أسوان تستضيف فعاليات اليوم الثقافي لدولة الهند
  • مخالفات المرور.. تعرف على حالات إلغاء تراخيص السيارات طبقا للقانون
  • هشام يونس: معرفة التشريعات التي تواجه الصحفي في مجال عمله أمر لانقاش فيه
  • رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته