د. قاسم بن محمد الصالحي
يلخص عنوان مقالنا تجديف قارب تحالف القوى الإقليمية والدولية في مناخ الطوفان.. قارب الحق يتيم لا سند له في التجديف، يتعرض للعقاب من حلف قارب القوة والمال والنفوذ، بموازاة الفوضى التي أرادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في المنطقة والإقليم، لزعزعة ثوابت الموقف العربي والإسلامي من الحق في القضية الأولى فلسطين.
وما أفرزه تجديف التحالف الصهيوني دليل على اختلال مسار قارب الحق والتوازن، وانطواء تجديف قارب أصحاب المنطقة على درجة عالية من الفرقة والهشاشة، وعدم قدرة النظام الإقليمي على معالجة التحديات بالاعتماد على القدرات الذاتية.
واتساع رقعة الصراع مع الكيان اللقيط، وازدياد مجازره الدامية في غزة أبرز المرامي المباشرة في التحالفات الصهيونية الغربية، ومعالجاتها لسباق التجديف بين قارب باطلهم وقارب الحق في المنطقة، في ظل التكلفة الكبيرة التي تدفعها دول وشعوب المنطقة.. إذ عاد التحالف الصهيوني تجديفه الجديد القديم، تمثل في اتفاقات تطبيعية، برعاية عسكرية أمريكية، ودعم غربي.. وأعلنت الولايات المتحدة عن إنشاء تحالف لمواجهة تجديف قارب المقاومة في غزة، لبنان، اليمن، إيران، سوريا، لكن المقاومة "متحدة" أجبرت قارب تحالف الباطل على الملاحة في البحر الأحمر، ومنعت مركزية هيمنة الكيان اللقيط، وأفشلت مخططات التطبيع، ودفنت الاتفاق الإبراهيمي.
يمكننا رصد أنماط لتحالفات قارب الباطل في فترات بعيدة وقريبة، خصوصاً تلك الأنماط التي تتصل بمنطقة الشرق الاوسط.. حيث تكرس مفهوم هذه التحالفات في معاهدات استراتيجية امريكية اوروبية، واتفاقات تكميلية أو وظيفية مع دول المنطقة، تتضمن تدابير عسكرية وأمنية معينة، باتفاق رسمي، معلن أو غير معلن، تتعاون الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها مع كل دولة على حده في مجال التجديف المشترك للقدرات العسكرية الأمريكية من خلال قاعدتها المتقدمة "الكيان اللقيط"، والقواعد المنتشرة في المنطقة وحاملات الطائرات في اعالي البحار، بهدف تعزيز مركز قوة قارب الباطل.. ادى تجديف هذه التحالفات الى تغيير موازين القوى في المنطقة لصالح هيمنة الكيان اللقيط وغطرسته.. كاستجابة للتحدي الذي فرضه الكيان اللقيط في المنطقة، سعت دول المقاومة الى تكوين "محور"، وهو المحور الذي ضم إيران، العراق، لبنان، سوريا، اليمن، والمقاومة في الداخل الفلسطيني المحتل، بعد أن توافرت الشروط الموضوعية اللازمة.
انطلقت عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023م، في حالات الفوضى الإقليمية ظهرت قابلية كبيرة لإقامة وحدة للساحات العسكرية.. مع الصفعة التي تلقاها الكيان اللقيط يوم 7 اكتوبر، زادت حدة التدخلات الدولية والإقليمية، وتعمقت حالة عدم توازن القوى، وهي الحالة التي أغرت الصهيونية العالمية بتعظيم مصالح الكيان اللقيط للعب أدوار اوسع وأكثر تأثيرا في المنطقة.
لم يكن أمام محور المقاومة، بعد ان اختل التوازن، إلا تعزيز الساحات "وحدة تجديف قارب الحق" وإضافة قوة العديد والعتاد لاستنزاف الكيان اللقيط، وسحب قوة حلفائه من رصيده.. حققت القوة العظيمة للإرادة والتحدي موجة كبيرة من التجديف، دفعت قارب الحرية للتحرك، وذكرت الأمة الإسلامية بأن تحالفات تجديف قارب الباطل مهما عظمت لا تحد من إمكانات وحدة تجديف قارب الحق.. إذا كانت الأمة مصممة على تحقيق الاعتصام بحبل الله، فإن محور المقاومة أكد ويؤكد أنه يمكن تحويل التحديات الى فرص للاستقلال والنمو والتطور، فوحدة ساحات المقاومة- وحدة التجديف- تعكس القوة الروحية والإرادة القوية في جسد الأمة، وتلهمنا جميعا بالوحدة لمواجهة أحلاف قارب الباطل، التي تعمل ضد قارب الحق، بغض النظر عن الصعوبات التي تواجهها.. لقد كانت الحضارة الإسلامية تمزج بين العقل والروح، والحرية الفكرية مقبولة تحت ظلال الإسلام.. امتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وتطرق أبوابه بالعدل الذي هو منهج القرآن وأساس سيرة رسول الإسلام "صلى الله عليه وسلم"، ومسؤولية الإنسان على امتداد وجوده على هذه الأرض.
قد قيل قديما: الكفر يدوم والظلم لا يدوم.. وساحات المقاومة "تحالفت" على محاربة الظلم والطغيان، والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، في قضية تشخصها العقول النيرة، والمشاعر الإنسانية النبيلة، كما تشخصها الشرائع الدولية والأديان.. لقد سجل لنا التاريخ مواقف عملية لرسول هذه الأمة في المرحلة الجاهلية لنصرة المظلوم والمضطهد، قرأناها في موقفه من "حلف الفضول"، كما نقرأها في موقفه العملي من أبي جهل في بداية الدعوة.. يوم كان عليه الصلاة والسلام مضطهدا محاربا مستضعفا فلم يمنعه وضعه السياسي والاجتماعي المحاصر آنذاك من الانتصار للمظلوم، والمطالبة بحقه من أعتى طواغيت عصره، وأكثرهم عداوة وخصومة له.
إن علاقة الكيان اللقيط وتجديفه وحلفائه عكس اتجاه الحق والحقيقة إلى درجة انهم اخترعوا ما اسموه بالحقائق البديلة، وهي تلك التي تصدر عن "نهام" المجدفين في المنطقة "الكيان اللقيط"؛ وأعوانه مهما كنت حجة مجدفي قارب الحق- تجديفهم متفرق- لأن القول ما قاله نهام المتحالفون.. حان للأمة أن تتعامل مع "نهام" قارب المقاومة، لتتحرك في التجديف كالصاعقة، لأن أمة المقاومة تعرف قدراتها، وساحاتها عرت قدرات العدو وكشفت وهنه، وما بات رجالها في الميدان يخشون أفعاله الدالة على يأسه والانهاك، وخواء رأس كيانه اللقيط، الذي يقوده بتهور إلى الدمار، ويستأثر من جرائم الإبادة وضرب المدنيين قواعد تجديفه للباطل.. في حين ساحات المقاومة بتركيبتها مع بعضها تنتج تجديفا وحدويا لقارب الحق، به لا تبتلع طعما قدمه ويقدمه تحالف قارب الباطل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد- عاجل
بغداد اليوم - بغداد
كشف السياسي العراقي المقيم في واشنطن نزار حيدر، اليوم الأحد (15 كانون الأول 2024)، عن أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد منذ أيام.
وقال حيدر لـ"بغداد اليوم"، إن "ما يشهده العراق من زيارات مكوكية من والى العاصمة بغداد، واهمها زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن واجتماعه برئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، تتمحور حول نقطة جوهرية واحدة فقط وهي؛ أن يضبط العراق نفسه فيما يخص الملف السوري فلا يتصرف خارج المألوف أو يشذ عن إجماع دول الجوار والمنطقة والمجتمع الدولي".
وأضاف، أنه "لهذه الرسالة المحورية سبب واضح جدا وهو أن بغداد تتعرض لضغط مهول من قبل ايران لإعادة النظر بقرار اغلاق الحدود المشتركة بين العراق وسوريا، لإعادة تكرار تجربة المقاومة التي قادتها وقتها الحليفتين المقربتين لبعضهما طهران ودمشق على الأراضي العراقية عندما غزت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا العراق واسقطتا نظام صدام حسين".
وتابع، أن "هذا الهدف الذي تعمل على تحقيقه طهران لم يعد خافياً على أحد، فلقد أكد عليه المرشد الايراني في خطابه الأخير الذي شرح فيه ما جرى وسيجري في سوريا متوعداً بتكرار تجربة المقاومة العراقية لمنع أي نفوذ للولايات المتحدة في سوريا بعد سقوط حليفه الأسد".
وأردف، أن "الهدف السامي من وجهة نظر طهران لا يمكن أن يتحقق الا إذا قرر العراق فتح حدوده مع سوريا، فهي المنفذ الوحيد لعبور الجهاديين اليها والبدء بمشروع المقاومة كما كانت".
وأكد أن "العراق من جانبه يعرف ان تراجعه عن قرار اغلاق حدوده مع سوريا بمثابة تهور واللعب بالنار، خاصة وان انقرة تراقب من كركوك الى زاخو، فيما اشترطت واشنطن على بغداد لالتزامها بما أعلن عنه الرئيس بايدن الأسبوع الماضي من أنه سيحمي (العراق والاردن واسرائيل) من أي تطورات سلبية في سوريا قد تضر بهم، اشترطت على بغداد ان تلتزم بالتعليمات اذا كانت تنتظر مساعدتها من أي مخاطر محتملة سواء من قبل انقرة أو تل أبيب أو الإرهاب".
وتابع السياسي العراقي المقيم في واشنطن، أنه "حتى الميليشيات يبدو لي أنها تعلمت الدرس واستوعبت التجربة وأصغت لنداء العقل والمنطق الذي أطلقه الوطنيين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم فأخفت سهامها في أكنانها وتلاشت عن الساحة ولو الى حين على امل ان يقنعها القائد العام للقوات المسلحة بالدستور والقانون وفتوى المرجع الاعلى بوجوب تسليم سلاحها الى الدولة وتفكيك تنظيماتها المسلحة والاندماج بمؤسسات الدولة والعمل بمبدأ (العراق أولا)".
لكن رئيس المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية علي الصاحب، يرى في الزيارات المكثفة للمسؤولين الأجانب إلى العاصمة العراقية دلالة على أهمية العراق ودوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة.
وقال الصاحب لـ "بغداد اليوم" السبت (15 كانون الأول 2024)، إن "العاصمة بغداد شهدت خلال الايام القليلة الماضية زيارات مكثفة لعدد من المسؤولين الأجانب آخرها يوم أمس وزير الخارجية الامريكي وهذا ما يدل على أهمية العراق ويؤكد دوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة".
وأضاف، أن "العراق اتخذ في الكثير من الازمات التي مرت على المنطقة موقف الحياد وهذا ما عزز دوره الإقليمي والدولي وجعله عنصرا أساسيا في حل الإشكاليات عبر الأطر الدبلوماسية والسياسية ونتوقع أن العراق سيكون فاعلا ومؤثرا في المنطقة والعالم خلال المرحلة المقبلة بعد نجاحاته في العلاقات الخارجية".
وكان وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، قد وصل الى العاصمة بغداد، يوم الجمعة (13 كانون الأول 2024)، في زيارة غير معلنة، التقى خلالها برئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني.
وبحسب المكتب الاعلامي لمكتب رئيس مجلس الوزراء، فأن السوداني شدد خلال اللقاء "على ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها، كما أكد أنّ العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا".
وأكد السوداني بحسب البيان "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية، من أي جهة كانت، وشدد على أنّ ذلك يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة".