الجزيرة:
2025-02-19@19:43:55 GMT

تدهور أوضاع الصحفيين و الإعلام بالسودان في ظل الحرب

تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT

تدهور أوضاع الصحفيين و الإعلام بالسودان في ظل الحرب

الخرطوم- بعد أكثر من 18 شهرا على الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، استمر تدهور أوضاع الإعلاميين في البلاد الذين فقد أكثرهم مصدر رزقه واقتحم بعضهم مجالات جديدة لكسب المال، ولا تزال الصحافة الورقية غائبة، في حين صدرت مئات المواقع والمنصات الرقمية التي يقوم معظمها على جهود فردية.

ودمرت الحرب المؤسسات الإعلامية وبنيتها، وتوقفت الصحف الورقية بصورة كاملة للمرة الأولى منذ أكثر من 120 عاما، مما ترك نحو 90% من العاملين في القطاع بلا عمل، وصمتت "إذاعة أم درمان القومية" وهو ما لم يحدث منذ تأسيسها سنة 1940 قبل أن تعاود البث مؤخرا.

ويعاني الصحفيون داخل البلاد من عدم استقرار خدمات الاتصالات والإنترنت وحجبها أحيانا في مناطق النزاع، مما يمنعهم من أداء مهامهم ويعرقل حصولهم على الحقائق والوصول إلى المصادر ويحرم المواطنين من الحصول على المعلومات، الأمر الذي يؤدي لانتشار الشائعات.

صحافة مترنحة

يقول الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات عبد العظيم عوض إن تدهور الصحافة في البلاد بدأ منذ أواخر عهد الرئيس المعزول عمر البشير واستمر في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وجاءت الحرب و"وجهت لها رصاصة الرحمة".

وفي حديث للجزيرة نت، يوضح عوض أن عدد الصحف تراجع من 49 صحيفة سياسية ورياضية واجتماعية، إلى 12 صحيفة قبل الحرب، وكانت غالبيتها متعثرة وانخفضت الكمية المطبوعة وتقلص عدد العاملين، مما اضطر المجلس إلى عدم التمسك بمطالب إصدار الصحف حسب القانون الذي ينظم صدورها.

وحسب المتحدث، تراجع توزيع الصحف بنسبة كبيرة جراء ارتفاع كلفة التشغيل والطباعة حتى عجزت صحف كثيرة عن الالتزام بدفع أجور الصحفيين الذين بات معظمهم يمارسون المهام من منازلهم، واتجهت الصحف إلى تقليص الكمية المطبوعة للحد الأدنى وتنشيط مواقعها الإلكترونية.

وتوقع عوض أن تستأنف عدد من الصحف الصدور عقب وقف الحرب خصوصا الصحف التاريخية منها، وانتعاش الصحف والمواقع الإلكترونية، مستدركا أنه لا يوجد في البلاد قانون ينظم صدور الصحافة الرقمية رغم إعداد مشروع قانون جديد يستوعب النشر الإلكتروني وتسليمه إلى مجلس الوزراء منذ سبتمبر/أيلول2021.

انفجار إلكتروني

دفعت الحرب أكثر من 500 صحفي للجوء إلى دول الجوار غالبيتهم في مصر وإثيوبيا وأوغندا وكينيا، كما نزح حوالي 700 إلى الولايات الآمنة في داخل البلاد معظمهم في بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، إلى جانب ولايتي نهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا.

واتجه بعض الصحفيين النازحين إلى مهن أخرى بعد توقف مؤسساتهم الإعلامية فدخلوا في أعمال تجارية صغيرة بالأسواق لكسب قوت يومهم في مناطق النزوح، بينما أنشأ آخرون مواقع إلكترونية بإمكانات محدودة وغالبيتها منصة الصحفي الواحد تحريرا ونشرا.

يقول عضو المكتب التنفيذي للجمعية السودانية للصحافة الإلكترونية عماد السنوسي إن عدد الصحف والمواقع الإلكترونية بدأ يتصاعد قبل الحرب بعد ضمور الصحافة الورقية، لكنه انفجر بعدها وبلغ أكثر من 800 موقع.

ووفق حديث السنوسي للجزيرة نت، لا يتجاوز عدد المواقع الفاعلة 100، والأخرى "خاملة" وتعتمد على إعادة تحرير الأخبار من المصادر المفتوحة لأنها ليست مؤسسة ومرتبطة بظروف أشخاص، وتفتقر لإمكانات مادية وتم إنشاؤها بعد الحرب.

ويفيد بأن نحو 80% من المواقع والمنصات الإلكترونية تدار من خارج السودان في بلاد مهجر الصحفيين الجديد، وبعضها يعمل من الداخل لكن يواجه الصحفيون مصاعب في عدم استقرار خدمات الاتصالات والإنترنت وصعوبة التواصل مع المصادر والوصول إلى مواقع الأحداث.

متاعب الصحفيين

وعن أوضاع الصحفيين، يقول الأمين العام للاتحاد العام للصحفيين السودانيين صلاح عمر الشيخ إن الاتحاد يضم 2500 عضو من العاملين في المؤسسات الصحفية والإعلامية وأجهزة الدولة والشركات الخاصة، وجد 90% منهم أنفسهم بلا عمل بعد انطلاق الرصاصة الأولى للحرب، فضلًا عن مراسلي الوكالات والفضائيات الأجنبية.

ووفقا لتصريح الشيخ للجزيرة نت، نزح العدد الأكبر من الصحفيين من الخرطوم مركز ثقل الإعلام إلى الولايات الآمنة، وعاود بعضهم العمل في مؤسسات الدولة الإعلامية مثل وكالة السودان للأنباء (سونا) وهيئة الإذاعة والتلفزيون، وبحث آخرون عن مصادر رزق جديدة.

ويبين أن الاتحاد سعى لمساعدة الصحفيين في الداخل عبر روابطهم وجمعياتهم التي نشأت في مدن النزوح ولا يزال بعضهم عالقين في مناطق المواجهات العسكرية ولم يستطيعوا مغادرة الخرطوم، كما ساهم في إجلاء عدد منهم الأسبوع الماضي وقدم مساعدات نقدية وعينية للاجئين، واصفا أوضاع الصحفيين بـ"القاسية والمزرية".

من جهتها، أفادت نقابة الصحفيين السودانيين، التي نشأت في أغسطس/آب 2022، بأن الحرب الدائرة في البلاد تسببت في مقتل 13 صحفيا من بينهم صحفيتان، وتعرَض 11 آخرون -بينهم 3 صحفيات- لاعتداءات جسدية وإصابات، بالإضافة إلى حالة اعتداء جنسي واحدة.

وذكرت النقابة -في تقرير حديث- أن 30 صحفيا، بينهم 10 صحفيات، تعرضوا إلى إطلاق نار وقصف. كما وثقت 60 حالة اختطاف واحتجاز قسري، بينها 9 صحفيات، و6 بلاغات تعسفية تعيق عمل الصحفيين وتقيد حركتهم. وسُجلت 58 حالة تهديد شخصي منها 26 ضد صحفيات، إضافة إلى 27 حالة اعتداء جسدي ونهب ممتلكات بينها 3 ضد صحفيات.

من جانبه، يقول وزير الثقافة والإعلام الأسبق فيصل محمد صالح صورة، خلال مائدة مستديرة نظمتها رابطة الصحفيين السودانيين بالعاصمة الأوغندية كمبالا الأربعاء الماضي، إن الصحفيين في الداخل يواجهون مخاطر جسدية وتهديدات تشمل العنف من قبل الأطراف المتحاربة، مثل الاختطاف والتعذيب والإجبار على الكشف عن المصادر أو المنع من نشر معلومات حساسة.

ويضيف أن الصحفيين السودانيين في "المنفى" يواجهون أيضا صعوبات مالية في بلدان جديدة حيث لا يتمكنون من الحصول على دخل ثابت أو تصاريح للعمل، إلى جانب الصدمات الناتجة عن الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی البلاد أکثر من

إقرأ أيضاً:

السودان.. ماذا نعرف عن الميثاق التأسيسي لتشكيل حكومة موازية؟

أثارت خطوة الإعلان عن ميثاق سياسي تأسيسي في السودان، يؤدي لتشكيل حكومة مدنية موازية للحكومة القائمة بقيادة الجيش في بورتسودان، جدلا كبيرا، وأدت إلى انقسام بين القوى المدنية، فما هي الخطوة ومبرراتها ولماذا ترفضها بعض القوى المدنية؟

كشفت المجموعة الداعمة لمشروع الميثاق السياسي التأسيسي المؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية تحت مسمى "حكومة السلام والوحدة"، عن أن الخطوة جاءت لمناهضة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب ووضع الأسس اللازمة لبناء سودان موحد جديد يقوم على احترام التنوع العرقي والإثني والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وينهي سيطرة تنظيم الإخوان على السلطة وتفكيك تمكينه على مفاصل الدولة.

ووجدت الخطوة قوة دفع كبيرة بعد مشاركة فضل الله برمة ناصر، رئيس حزب الأمة القومي، اكبر الأحزاب السياسية في البلاد، وعبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، التي تسيطر على أجزاء واسعة من غقليمي كردفان في غرب البلاد والنيل الأزرق في جنوب شرق البلاد.

لكن حلفاء سابقين للمجموعة المؤيدة للخطوة داخل تحالف "تقدم" الذي تم حله مؤخرا يرفضون الخطوة وسط مخاوف من أن تعقد الأوضاع المتردية في السودان.

ووفقا لتسريبات أولية فإن الميثاق الذي سيتم توقيعه يتكون من 30 بندا ويحتوي على ديباجة تؤكد على إيقاف الحرب وحل جذور الأزمة، بالإضافة إلى التأكيد على وحدة السودان كدولة ديمقراطية ووحدة الجيش، كما ينظم الميثاق أسس وهياكل تشكيل حكومة سلام يكون مقرها العاصمة الخرطوم.

وأكد رئيس الجبهة الثورية، رئيس حركة تحرير السودان، المجلس الانتقالي، الهادي إدريس يحيى، اكتمال الترتيبات للتوقيع على الميثاق مشددا على حرص المجموعة الداعمة على وقف الحرب ووحدة السودان، مشيرا الى حصولهم على ضمانات من عدة دول للاعتراف بحكومتهم المقرر إعلانها عقب توقيع الميثاق.

انقسام القوى المدنية

أثارت خطوة تشكيل حكومة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، في ظل وجود حكومة يقودها الجيش في بورتسودان جدلا كبيرا وأدت الى انقسام في التحالف المدني المؤيد لوقف الحرب الذي كان يعرف بتحالف "تقدم"، وتشكيل تحالف جديد سمي بتحالف "صمود" بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك الذي اعلن وقوف التحالف الجديد في موقف الحياد.

واوجد التباين داخل "تقدم" موقفين يرى أحدهما مواصلة النضال بوسائل العمل المدني الديمقراطي دون تشكيل حكومة وتبنته المجموعة التي انضوت تحت "صمود"، وآخر يرى أن تشكيل حكومة هو أحد الأدوات المطلوبة وهو الموقف الذي تبنته المجموعة المجتمعة حاليا في نيروبي.

وأعلنت نحو 60 من الأجسام السياسية والمهنية والأهلية والشخصيات المكونة لتحالف "صمود" في بيان الثلاثاء رفضها لمقترح تشكيل الحكومة الموازية، وقالت إنها ستلتزم طريقاً مستقلاً لا ينحاز لأي من أطراف الحرب ولا ينخرط فيها بأي شكل من الأشكال، وأكدت أنها ستتصدى لكل فعل أو قول يهدد وحدة البلاد ويمزق نسيجها الاجتماعي.

ورأت مجموعة "صمود" إن الخطوة ستعقد اوضاع البلاد التي تمر بحرب "إجرامية خلفت أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا زالت رحاها تدور بشكل وحشي يتزايد يوماً بعد يوم، ليدفع ثمنها ملايين السودانيين الأبرياء، ويتكسب منها دعاة الحرب وعناصر النظام السابق الذين يريدون تصفية ثورة ديسمبر واحكام الهيمنة على البلاد، وإعادة إنتاج نسخة أكثر توحشاً من نظامهم الفاشي الإجرامي صاحب الباع الإرهابي الطويل في زعزعة الإستقرار والمجرب ومعروف النتائج والأثار في محيط جوارنا الإقليمي والدولي".

مخاوف التقسيم
في ظل الأوضاع الميدانية الحالية وتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على العاصمة الخرطوم، أثارت الخطوة مخاوف من احتمال ان تؤدي إلى تقسيم السودان، لكن ابراهيم الميرغني عضو اللجنة المنظمة أكد خلال افتتاح مؤتمر توقيع الميثاق بالعاصمة الكينية نيروبي يوم الثلاثاء، أن الحكومة المقترحة ستعمل على ضمان وحدة السودان.

وأوضح الميرغني أن الحرب التي أشعلها عناصر النظام السابق أوجدت واقعا جديدا وهددت وحدة السودان مما تطلب ضرورة إيجاد معالجات منها الوصول إلى ميثاق جديد لحكم البلاد وإقامة حكومة تنهي التجاوزات التي ارتكبتها حكومة بورتسودان المدعومة من تنظيم الإخوان.

مقالات مشابهة

  • التايمز: السودان يقترب من الانقسام على الطريقة الليبية بعد عامين من الحرب
  • خالد سلك.. لايمكن حسم الحرب عسكريا مهما طال أمدها
  • في شهرها  الـ 23 المخرج من خطر التقسيم
  • مراسلون بلا حدود: ليبيا في المرتبة 143 في مؤشر حرية الصحافة
  • في شهرها ال ٢٣ المخرج من خطر التقسيم
  • احتفالية نيروبي وخيبة الامل الكبري في وقف الحرب وانقاذ البلاد
  • تأجيل جائزة الطيب صالح بسبب أوضاع الحرب في السودان
  • السودان.. ماذا نعرف عن الميثاق التأسيسي لتشكيل حكومة موازية؟
  • لا استثني منّا أحدا!
  • في شهرها الـ ٢٣ وقف الحرب وحماية السيادة الوطنية